اعترافات "محمود عزت" تفتح مغارة "الإخوان" المالية

السبت، 19 ديسمبر 2020 09:00 م
اعترافات "محمود عزت" تفتح مغارة "الإخوان" المالية
محمود عزت
رضا عوض

القبض علي مالك التوحيد والنور وجهينة وشركات الأقطان يكشف عمليات تمويل الجماعة الإرهابية السرية

السويركي نقل أموال لأعضاء الجماعة في الداخل والخارج.. وصفوان ثابت مول اعتصامي رابعة والنهضة..  سمير تحسين يدير حصة من استثمارات التنظيم

 
"فلوس الإخوان دخلت القفص".. هذا هو ملخص عملية القبض علي القيادي الهارب محمود عزت الملقب بـ"الزئبق" والصيد الثمين، التي تبعها القبض علي عدد من رجال الأعمال الإخوان ممن كانوا يقومون بإدارة الجماعة وعملياتها الإرهابية وتحركاتهم ماليا بشكل سري، وهي المعلومات التي أزاح الستار عنها "عزت" في التحقيقات التي استمرت معه طوال الشهور الماضية ليتم القبض علي 4 من كبار رجال الأعمال المعروفين – حتي الأن –، ممن كانوا يقدمون الدعم المالي للجماعة الإرهابية، لعل أشهرهم سيد السويركي مالك سلسلة محلات التوحيد والنور، وصفوان ثابت رئيس مجلس إدارة شركة جهينة، وخالد الأزهري، وسمير تحسين.
 
التحقيقات التي استمرت مع "عزت" كشفت عن الشبكة السرية من رجال الأعمال التي تخدم الجماعة، وكيف كانوا ينفقون عليها ويديرون عملياتها ماليا من وراء الستار، وهو الدعم الذي استمر إلي أن أزاح عنهم "عزت" الستار ليتم القبض عليهم بناء علي معلومات وتحريات أثبتت صدق المعلومات التي أدلي بها أثناء التحقيقات.
 
الأغرب ما كشفت عنه التحقيقات بأن تنظيم الإخوان حاول إيجاد طرق وبدائل للحفاظ على ما تبقى من أمواله ومنشآته الاقتصادية، أبرزها تهريب الأموال السائلة من العملات الأجنبية خارج البلاد للإضرار بالاقتصاد القومي، وتقويض خطط الدولة للتنمية، وتكليف عدد من عناصره بتهريب الأموال من خلال الشركات التابعة للتنظيم وعناصره بنظام المقاصة مع رجال الأعمال المنتمين للتنظيم والغير مرصودين أمنيا، منهم تلك المجموعة التي تم القبض عليها والتي ضمت السويركي وصفون وتحسين وخالد الأزهري.
 
وأكدت التحريات والتحقيقات ضلوع قيادات الإخوان داخل البلاد بالتعاون مع قيادات الجماعة الهاربين بالخارج، في توفير الدعم اللوجيستي والمبالغ المالية بصفة شهرية للإنفاق على الأنشطة والعمليات الإرهابية التي تنفذها عناصر الحراك المسلح للجماعة وأذرعها بالداخل، وتسهيل حصول عناصرهم على الأسلحة، وتصنيع المتفجرات، وتدبير مأوى وملاذ آمن لاختباء العناصر، وأخرى لتدريبهم عسكريا.

بداية تفكيك الشبكة المالية السرية 
بداية الكشف عن خيوط الشبكة السرية التي تضم عدد من رجال الأعمال حسبما كشفت التحقيقات كان بسؤال المحققين لمحمود عزت عمن كان يساعده في عمليات الهروب طوال السنوات السبع، ويدفع له الأموال اللازمة للتخفي وإيجار الشقة التي يقيم فيها، فأجاب في البداية بأنها مساعدات من فاعلي خير، وعقب ذلك قامت أجهزة الأمن بتعقب فواتير الكهرباء والماء التي كان يتم دفعها للشقة التي كان يتخفي فيها عزت، وتوصلت التحريات إلى أن ثابت والسويركي كانا من بين مجموعة من رجال الأعمال قاموا بسداد الفواتير.

رجب السويركي شهريار الجماعة
كان لقب " شهريار " الإخوان هو اللقب الأنسب لسيد رجب السويركي صاحب محلات والتوحيد والنور، الذي تم القبض عليه بعد أن أثبتت التحريات وأقوال واعترافات محمود عزت وقيامه بدور الممول للجماعة الإرهابية، وأنه أحد أبنائها السريين الذي ظلوا يعملون خلف الستار لسنوات عديدة 
الغريب أنه قبل 4 سنوات تم اتهام رجل الأعمال رجب السويركي، بإهانة علم مصر، ووضعه على الأحذية التي يبيعها بالمحلات، وهو الأمر الذي قوبل بحالة من الجدل حينها، لكن محكمة جنح العجوزة برأت "السويركي" من تهمة إهانة العلم وأسدل الستار على القضية.
 
رجب السويركي من مواليد 1945 بدأ نشاطه التجاري في أواخر السبعينيات بعد أن قدم إلي القاهرة من المطرية بمحافظة الدقهلية، حيث اشتهر بسلسلة المحلات التي تبيع الملابس العادية والرياضية والتي جني من وراءها ثروة ضخمة سخرها لخدمة الجماعة الإرهابية.
 
وشغل السويركي الرأي العام قبل سنوات بعد القبض عليه بتهمة  الجمع بين 5 زوجات بالمخالفة للشريعة الإسلامية، علاوة علي زيجاته المتعددة التي وصلت لـ 30 فتاة أغلبهم من الفتيات القصر، ولم تكن زيجاته تستمر وقتا طويلا ، حيث كان يقضي مع الفتاة القاصر أسابيع قليلة ثم يقوم بتطليقها ومنحها مبلغ مالي كبير، وكانت أسرع زيجة له تلك التي استمرت 6 ساعات فقط وهو ما كشفته التحقيقات بعد ذلك ليتم تقديمه للحاكمة ليصدر ضده حكما بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمة الجمع بين 5 زوجات في وقت واحد، بالإضافة إلى تزوير في قسيمة زواج والطلاق من خلال مأذونين شرعيين.
 
وكشفت تحقيقات النيابة عن أن جهاز الأمن الوطني ألقى القبض عليه في منتصف الأسبوع الماضي، في منطقة التجمع الخامس، ومنذ ذلك اليوم يتم التحقيق معه، خاصة أن هناك مخالفات تتعلق بغسل الأموال والاتجار في العملة والتهرب الضريبي، وتمويل الجماعة الإرهابية، كما كشفت التحريات أن السويركي مول أنشطة الجماعة بملايين الجنيهات خلال السنوات الماضية، كما ضخ أموالًا في حسابات قيادات الجماعة أعضاء مكتب الإرشاد في الداخل والخارج، وأنه من الأصدقاء المقربين إلى خيرت الشاطر.

صاحب شركة جهينة
تأسست جهينة عام 1983، وهي شركة تعمل في مجال إنتاج الحليب والزبادي والعصائر، وتصديرها إلى أسواق في الشرق الأوسط وأميركا والدول الأوروبية، وعندما أسس خيرت الشاطر، ورجل الأعمال حسن مالك، رجلي البيزنس الأشهر في جماعة الإخوان الإرهابية، جمعية "ابدأ" لتقديم الاستشارات الاقتصادية، عقب ثورة يناير، واعتلاء جماعة الإخوان الحكم والتي كان الغرض منها تجميع كل رجال الأعمال بغرض السيطرة عليهم، كان صفوان ثابت في مشهد افتتاح "ابدأ" التي ضمت أغلب رجال أعمال الجماعة.
 
المعروف أن هذه الأزمة ليست الأولي التي يواجهها صفوان ثابت وشركته، ففي أغسطس 2015 قررت لجنة حصر وإدارة أموال الحجز علي أمواله، حيث قال وقتها المستشار عزت خميس، رئيس لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان المسلمين عام 2015،: "صفوان ثابت كادر إخواني كبير، ومهم، ليس مجرد أحد المتعاطفين مع الإخوان، وليس أيضًا لأنه كما يشاع أنه صهر المستشار مأمون الهضيبي المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين"، مضيفا: "حظر أموال ثابت جاء بناءًا على تحريات لا يشوبها الخطأ، والتحفظ يحدث لكي لا تستغل أموال " ثابت " في أي أعمال مخالفة للقانون، أو أي أعمال عنف، أو دعم للعنف".
 
صفوان ثابت لعب دوراً خلال فترة حكم الإخوان، التي امتدت لمدة عام، بين 2012 إلى 2013، في تمويل أنشطة الجماعة، سواء الاجتماعية أو السياسية، إضافة إلى دعم اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين، بعد ثورة 30 يونيو.
 
وكان صاحب شركة جهينة أحد القيادات المسئولة عن إدارة أموال الإخوان خلال السنوات السابقة، وبدأ دوره في وجود خيرت الشاطر نائب المرشد المسجون حالياً، وحيث شارك "صفوان" تحت قيادة الشاطر في عدد من الجمعيات والأنشطة الخاصة بالجماعة.
 
المثير في الأمر أن هناك 7 مليارات جنيه لا تزال فى يد الإخوان رغم القبض علي صفوان ثابت، وهو ما يضع احتمال لتدفق حصة من تلك الأموال للجماعة، أو إسهام القائمين عليها فى تمويل مخططاتها، حيث تعد هذه الأموال هي محصلة الموقف فى شركة "جهينة"، عملاق صناعة الألبان فى مصر، والتى تعود ملكية حصة الأغلبية فيها إلى عائلة إخوانية معروفة، وتجمعها بمرشد الإخوان علاقة مصاهرة، فضلا عن محطات وشبهات عديدة حول إخفاء جزء من أموال الجماعة داخل المجموعة، أو أنها كانت واحدة من الأذرع الاقتصادية للتنظيم إلى جانب شركات خيرت الشاطر وحسن مالك وغيرهما من قادة وأعضاء الجماعة الإرهابية.
 
تاريخ صفوان ثابت وعلاقته بجماعة الإخوان تم الكشف عنه في عام 2012، عندما تعرضت شركة جهينة لاتهامات بالاحتكار بقيمة 2 مليار جنيه، حيث تدخل وقتها تدخل وزير الاستثمار فى حكومة هشام قنديل الإخوانية، يحيى حامد، الذى كان مُجرد موظف فى إحدى شركات الاتصال قبل أن تضعه الجماعة على رأس دولاب الاستثمار فى مصر لإنهاء هذه الأزمة.

مليارات الرجل الخفي سمير تحسين 
 ظهر علي السطح وجه إخواني جديد لم يكن معروفا لدي أجهزة الأمن، حيث كان يعمل من خلف الستار، أنه سمير تحسين عبدالحليم عفيفي الذي كان من أهم ممولي جماعة الإخوان الإرهابية مع سيد السويركي وصفوان ثابت، حيث كان المتهم يدير أنشطة واستثمارات تقدر بنحو 3 مليارات جنيه.
 
يمتلك رجل الأعمال الإخواني نسبة كبيرة في إحدى شركات الأقطان، ولديه شركة للوجستيات المتطورة حصلت على حق تنفيذ بعض المشروعات في ميناء الدخيلة، حيث استمر في عمله إلي أن وقع خلافا بينه وبين الحكومة عند تنفيذ مشروع تصميم وإنشاء وتشغيل وصيانة محطة الصب غير النظيف بسبب إخلالها بالبنود التعاقدية ورفضها لملاحظات مجلس الدولة، كما كانت تنتظر تنفيذ بعض المهام في ميناء شرق بورسعيد لكن حدثت خلافات أيضا مع الحكومة أدت لتعثر التنفيذ.
 
وكشفت المعلومات أن رجل الأعمال ينتمي فعليا لجماعة الإخوان ويدير حصة من استثمارات التنظيم، وكان من بين الخلايا التي لم يكشف عنها الستار من قبل، ولكن كشفت تحريات أجهزة الأمن المصرية ضلوعه في توظيف أموال الإخوان مقابل نسبة تتجاوز20%.
 
وفور التأكد من المعلومات قامت لجنة التحفظ وإدارة أموال الإخوان بإصدار القرار رقم 5 لسنة 2020 بتجميد أمواله وممتلكاته، ومنعه وأولاده من التصرف في أموالهم العقارية والمنقولة والسائلة والأسهم والسندات المسجلة بأسمائهم لدى البورصة المصرية، وجميع الحسابات المصرفية والودائع والخزائن والسندات وأذون الخزانة المسجلة بأسمائهم في البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي المصري أو حساباتهم بالبريد.

3 شركات " إخوانية " تعمل من خلف الستار
كشفت التحريات أيضا أن هناك 3 شركات أخرى تستحوذ جماعة الإخوان على حصص مالية بها وتستخدم عائداتها في الإنفاق على أنشطة التنظيم وعناصره، وأسر المحتجزين والهاربين منهم، وأكدت المعلومات قيام جماعة الإخوان بعملية غسيل أموال ضخمة عن طريق يوسف ندا لتوفير وسائل تمويل للتنظيم من خلال تأسيس المنظمات الخيرية والجمعيات الإغاثية لتلقي التبرعات، والتلاعب في إعلانات الصحف والمجلات المملوكة للجماعة مثل مجلة الدعوة وصحيفة "آفاق" عربية ومجلة المختار الإسلامي، حيث أسس الإخوان نحو 450 جمعية خيرية وإسلامية ومنظمة حقوقية في مصر، جرى تمويلها من خلال وسائل خلفية، وكانت بمثابة وعاء لتلقي التبرعات والتمويلات الخارجية القادمة للجماعة ومن خلالها جرى تمويل العمليات الإرهابية في سيناء.
 
وأسس الإخوان مئات الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإغاثية لتلقي التبرعات والهبات الخارجية، وكلها كانت واجهة لعمليات غسيل أموال يجري من خلالها توفير تمويل ضخم للجماعة، حيث تبين أن الإخوان أسسوا في محافظة القاهرة وحدها نحو 28 جمعية، وفي المنيا 78 جمعية، وفي الغربية 67 جمعية، وفي الإسماعلية 10 جمعيات، وفي بورسعيد 5 جمعيات، بينما احتلت محافظة الشرقية مسقط رأس محمود عزت القائم النصيب الأكبر بنحو 130 جمعية.
 
من ناحية أخري كشفت جريدة الاتحاد الإماراتية، أن هناك أسماء رجال أعمال تورطوا في عمليات تنظيم الإخوان الإرهابي، مؤكدة أن رجال أعمال مارسوا أدوارهم السرية في تنظيم الإخوان بأسماء وهمية، لافتة إلى أن الإخوان الهاربون إلى تركيا بدأوا بضخ استثمارات كبيرة فى ليبيا، موضحة أن تحقيقات مصرية ستؤدى إلى القبض على المزيد من عناصر الإخوان، بعد الكشف عن مخطط إخوانى لإقامة مشاريع فى الخليج، وكذلك تشكيل عناصر شديدة الخطورة فى الخليج.
 
كما نقلت قناة "العربية" عن مصادر قولها أن القاهرة أبلغت دولا خليجية بمعلومات دقيقة عن تحركات الإخوان، وأن عناصر إخوانية رحلت من الكويت كشفت عن تنسيق مع الإخوان فى تركيا، حيث كشفت التحقيقات المصرية اختراق الإخوان للجاليات العربية بأوروبا، ونقل الإخوان أموالهم إلى إيران مؤخرا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق