هل يحتفل شيخ الأزهر أحمد الطيب بعيد ميلاده؟

الأربعاء، 06 يناير 2021 12:01 م
هل يحتفل شيخ الأزهر أحمد الطيب بعيد ميلاده؟
منال القاضي

في مصادفة لا تقل بريقا عن تعامل المسلمين في مصر مع الأخوة الأقباط، يتزامن يوم ميلاد شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب مع احتفالات الأخوة الأقباط بعيد الميلاد المجيد.

ويكمل شيخ الأزهر في السادس من يناير عامه الـ75، وولد بقرية القُرَنة في مدينة الأقصر عام 1946م، ووالده من أهل العلم والصلاح، نشأ ببلدته ثم تعلم في الأزهر؛ فحفظ القرآنَ وقرأ المتون العلميَّةَ على الطريقة الأزهرية الأصيلة، ثم التحَقَ بشُعبة العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بالقاهرة، حتى تخرَّج فيها بتفوق عام 1969م، وصولا إلى لقبه بإمام السلام نظراً لإعادته العلاقات بين الأزهر والفاتيكان، وتوقيعه وثيقة الأخوة الإنسانية بحضور بابا الفاتيكان، وفى التقرير التالى نستعرض السيرة الذاتية لشيخ الأزهر الـ48.


هل يحتفل شيخ الأزهر بعيد ميلاده وكيف يحتفل به؟!!

الأكيد في الأمر والثابت أن شيخ الأزهر لم يحرم الاحتفال بأعياد الميلاد، ولم يرد في جملة من المواقف واللقاءات أنه اعترض على احتفال الأشخاص بأعياد ميلادهم، بل حثهم على التقرب من الله بالدعاء في هذه المناسبات وطاعته وأداء الفرائض.

وأكد مصدر مقرب من شيخ الأزهر، في تصريح خاص لـ"صوت الأمة" أنه يكتفى بخلوة فى عبادة الله والتضرع بالدعاء، ثم يتلقى التهانى من كبار العلماء والقادة، ويفضل التواجد في مسقط رأسه وسط أبنائه وأحفاده في ساحة الطيب بالأقصر.
 

والثابت أيضا عن شيخ الأزهر التأكيد على فتاوى لا مانع من الاحتفال بعيد ميلادك شرعًا؛ لما فيه من تذكر نعمة الله على الإنسان بالإيجاد، على ألا يعد ذلك عيدًا ولا يسميه بذلك، وعلى أن يكون الاحتفال خاليًا من المحرمات كالاختلاط المحرم وكشف العورات ونحو ذلك مما لا يجوز شرعًا، ويستأنس لذلك بقوله تعالى حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وَلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَياًّ﴾ [مريم: 333]، وبما رواه مسلم في “صحيحه” عن أبى قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين؟ فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ- أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ-»، فأشار بذلك إلى المعنى الذي يقتضي الحكم أن يوم مولد الإنسان هو يوم نعمة توجب الشكر عليها، كما أشار الحديث إلى جواز الاحتفال بأيام النعم كلها، فيوم المولد ويوم نزول الوحي والبعثة الشريفة نعمتان توجبان الشكر في ذلك اليوم، ويستأنس لإظهار الفرح بكل نعمة من باب شكر الله تعالى عليها بعموم قوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 59].
 
ويجوز لأقارب صاحب المناسبة وأصحابه المشاركة في الاحتفال؛ لما فيه من إدخال السرور على قلبه، وذلك من الأمور المستحبة شرعًا، فقد أخرج ابن شاهين في “الترغيب” بإسناد لا بأس به عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «تُدْخِلُ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمُهُ خُبْزًا»، ويشهد له ما أخرجه الطبراني في “الأوسط” بإسناد ضعيف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً»، وما أخرجه ابن وهب في “جامعه” عن محمد بن مسلم -وهو الطائفي- أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ»، وأخرج ابن أبي شيبة وابن الجعد بإسناد فيه ضعف عن ابن المنكدر أنه سئل: أي العمل أحب إليك؟ قال: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، قَالَ: فَمَا بَقِيَ مِمَّا يُسْتَلَذُّ؟ قَالَ: الْإِفْضَالُ عَلَى الْإِخْوَانِ.
 
وإذا اندرج الاحتفال بتلك المناسبات الخاصة تحت أصل شرعي كشكر النعمة والتحدث بها وتذكر أيام الله، وإدخال السرور على المؤمن، فقد انسحب حكم ذلك الأصل عليها، وخرج عن أن يكون بدعة مذمومة على ما قرره الفقهاء والأصوليون وجرى عليه عمل الأمة سلفًا وخلفًا في مفهوم البدعة.
 
رأي شيخ الأزهر في تهنئة الأقباط في أعياد الميلاد
 
وبالانتقال إلى المناسبة الأخرى التي تتزامن مع ميلاد الطيب فإن شيخ الأزهر قد قطع الطريق أمام جماعات التطرف التي اعتادت كل عام تقرييا الظهور بعدد من الفتاوى التحريمية لتهنئة المسيحيين بعيدهم، تلك الفتاوى التي تصدى لها المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي قبل المؤسسات الدينية في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف.
 
في لقاء شهير لشيخ الأزهر أثناء زيارته للكاتدرائية لتهنئة البابا تواضروس قطع به الطريق على أفكار التطرف بخصوص تهنئة الأخوة الأقباط في أعيادهم، قال الإمام أحمد الطيب إن "المعايدات والتهنئة بالأعياد من البر، دعكم من خطابات تضليل الناس، ومحاولة الإيقاع بين المصريين، كلنا أخوة وديننا سمح جميل، هذه الخطابات التي لا يعرفها الإسلام تريد أن تختطف عقول الناس وتضللهم".

سيرة ومسيرة
 
عقب تخرجه في جامعة الأزهر، عمل الإمام أحمد الطيب معيدا بقسم العقيدة والفلسفة من 2 سبتمبر 1969، ثم مدرسا مساعدا للعقيدة والفلسفة من 5 أكتوبر 1972، ثم مدرسا للعقيدة والفلسفة من 24 أغسطس 1977، ثم عمل أستاذا مساعدا من 1 سبتمبر 1982، ثم أستاذا من 6 يناير 1988. 
 
بعد ذلك انتدب الدكتور أحمد الطيب ليكون عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا، اعتبارا من 27 أكتوبر 1990 حتى 31 أغسطس 1991، ثم انتدب عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بأسوان فى الفترة من 15 نوفمبر 1995، وتجدد انتدابه عميدا للكلية نفسها من 9 نوفمبر 1997 حتى 3 أكتوبر 1999، بعدها عين عميدا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان فى العام الدراسى 1999 - 2000.
 
فى عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك، تقلد الطيب منصب مفتى جمهورية مصر العربية من 10 مارس 2002 حتى 27 سبتمبر 2003، وفى 28 سبتمبر 2000، عين رئيسا لجامعة الأزهر، واستمر فى هذا المنصب حتى صدر القرار الجمهورى فى 19 مارس 2010، بتعيينه شيخا للأزهر، خلفا لفضيلة الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى.
 
وتولى الشيخ الطيب عددا من المهام الأزهرية الأخرى، منها رئيس اللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتليفزيون، وعضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضو الجمعية الفلسفية المصرية.أحمد الطيب
 
 
اشتهر فضيلة الإمام الأكبر بعلمه الغزير فى مجال العقيدة والفلسفة، حيث أصدر عددا من المؤلفات منها:
 
- الجانب النقدى فى فلسفة أبى البركات البغدادى.
 
- مباحث الوجود والماهيَّة من كتاب المواقف- عرض ودراسة، "القاهرة 1402هـ 1982".
 
- مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والماركسية "بحث" القاهرة سنة 1982م.
 
- مدخل لدراسة المنطق القديم -القاهرة- 1407هـ1987م.
 
- مباحث العلة والمعلول من كتاب المواقف - عرض ودراسة "القاهرة 1407 هـ 1982".
 
- بحوث فى الفلسفة الإسلامية بالاشتراك مع آخَرين، جامعة قطر، "الدوحة 1414 هـ 1993".
 
- تعليق على قسم الإلهيات من كتاب تهذيب الكلام للتفتازانى -القاهرة- سنة 1997.
 
كما أن للشيخ أحمد الطيب بعض الأبحاث المنشورة فى مجلات علمية محكمة، مثل:
 
- أسس علم الجدل عند الأشعرى "بحث منشور فى حولية كلية أصول الدين - القاهرة - العدد الرابع - 1987م"، التراث والتجديد - مناقشات وردود "بحث منشور فى حولية كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية بجامعة قطر العدد الحادى عشر 1414هـ 1993 - أصول نظرية العلم عند الأشعرى "بحث" القاهرة 1407 هـ1982.
 
مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الماركسية .. تحقيق رسالة "صحيح أدلة النقل فى ماهية العقل" لأبى البركات البغدادى، مع مقدمة باللغة الفرنسية، نشر بمجلة المعهد العلمى الفرنسى بالقاهرة، الترجمـة، ترجمة المقدمات الفرنسية للمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى، نشر بمجلة مركز بحوث السيرة والسنة، جامعة قطر، العدد الأول 1414 هـ1998م.
 
- ترجمة كتاب: Osman Yahya، Histoire et classification de l'oeuvre d'Ibn Arabi من الفرنسية إلى العربية بعنوان: مؤلفات ابن عربى تاريخها وتصنيفها، القاهرة 1413هـ 1992م. - ترجمة كتاب: Ptophetie et saintete dans la doctrine d'Ibn Arabi،Chodkiewiez من الفرنسية إلى العربية بعنوان: الولاية والنبوة عند الشيخ محيى الدين بن عربى، دار القبة الزرقاء للنشر، مراكش- المغرب، 1419هـ1998.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق