مبروك عطية.. امسك عليك لسانك

الخميس، 07 يناير 2021 04:33 م
مبروك عطية.. امسك عليك لسانك
مصطفى الجمل

لا خلاف على أن الدكتور مبروك عطية، يمتلك من البساطة في توصيل المعلومة الكثير والكثير، مما مكنه من اعتلاء، في أوقات، عدة تريندات مواقع التواصل الاجتماعي، التي ليس من مفصلاتها في الأساس الحديث عن الفقه وأصوله. 
 
الكوميديا التي يجيد الشيخ مبروك عطية توظيفها لشد المشاهد فترات طويلة، وإعادة تدوير مادته العلمية على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تصبح في لحظة من اللحظات كالسحر الذي انقلب على الساحر، إذا كانت المعلومة المقدمة أصابها الخلل والتسرع وخرجت كالقذيفة تحت شهوة لفت الأنظار واحتلال بقع الضوء، بعد الإحساس بالبهتان وعدم الاهتمام المعتاد. 
 
الشيخ مبروك عطية وله كل التقدير والإجلال، وقع في هذا الفخ ليلة أمس عندما قال في حوار تليفزيوني على إحدى القنوات الفضائية، إن الوفاة الناتجة عن الإصابة بوباء ليست شهادة وإنما أسوأ ميتة. 
 
قال أستاذ الشريعة «نصاً»: «الموت إذا جاء لشخص سليم أو أكثر وعملوا حادث وتوفى على أثر تلك الحادثة فهم شهداء، ما لم يكونوا هم السبب في انتحارهم ومخالفة قواعد المرور، إنما الوفاة عن طريق كارثة أرضية أو وباء يصيب البشرية في وقت واحد لا تكون شهادة أبدا بقراءات القرآن الكريم كله، وإنما وباء وانتقام وأسوأ ميتة، فكأنهم قوم لوط، أو كأنهم قوم نوح الذين أغرقهم الله، ويجب أن نتوب إلى الله توبة نصوحة».  
 
تناقلت المواقع الإخبارية تصريح مبروك عطية، كعادتها في تغطية أخباره وتصريحاته المثيرة للجدل في أوقات كثيرة، وهنا حضرت نوبة استفاقة الشيخ، وأدرك أن ما قاله على الهواء ولم يكن هناك فرصة للتراجع عنه، خطأ ساذج منه لا يمكن أن يخرج عن طالب في صفوف الثانوي الأزهري الأولى، وليس واحد من أكبر أساتذة جامعة الأزهر، كما يدعي هو بنفسه. 
 
كان ينتظر الجميع أن أستاذ جامعة الأزهر، الذي يعي جيداً حرمانية الكذب عند الله، أن يعتذر، ولكن الشيطان كان حاضراً أمامه بسيناريو آخر، وهو نفي ما قاله والتنصل منه، متناسياً أن ما ينفيه موثق بفيديو موجود على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، ليس ذلك فقط، بل راح ليخص الزميلة اليوم السابع، بلي عنق الحقيقة والتقول عليه بما لم ينطقه، وتكفلت الزميلة برد اعتبارها وتوضيح الحقيقة لمتابعيها، ولكن هذا لم يغلق القصة التي تستحق التوقف كثيراً أمامها. 
مكمن الكارثة ليس في تراشق شيخ أزهري مع جريدة زميلة، ولكن الكارثة الحقيقية، في أن شيخاً في عام 2021، يرى أن الأبرياء الذين قتلوا بسبب انتشار جائحة ككقوم لوط الذين خالفوا تعليمات الرب ومجرى الطبيعة، ومارسوا أبشع أنواع الرذائل. 
 
كارثة حقيقية أن أزهرياً يرى أن موتنا متأثرين بالوباء ميتة سيئة، بل من أسوأ أنواع الموت، ونحمد الله أن الشيخ لم يزد ويذكر أن الميت بالوباء كالميت على الكفر أو الشرك. 
 
هل حسب الشيخ كيف سيكون شعور مصاب بفيروس كورونا في درجاته المتأخرة، عندما يشاهده وهو يقول إنه إذا مات متأثراً بهذا المرض ستكون ميتته سيءة، وقتها سيكون الأزهري المبجل شريكاً في موت المصاب، الذي قالت كافة المنظومات الصحية إنه في حاجة ماسة لمن يرفع من روحه المعنوية ويؤكد له أنه قادر على التخطي، وليس معرضاً لأن يصنف من هؤلاء الذين ماتوا غير مرضيين عنهم. 
 
قطعاً أن الكذب الصريح على جريدة كبيرة كاليوم السابع كارثة أكبر من إصدار فتوى لا تستند على سند علمي، ولا مصدر من مصادر الفتوى، فضلاً عن أنها تكشف سذاجة قطعاً ستنفر كثيرين من متابعيه فيه، ولا سيما أننا بتنا في عصر محركات البحث فيه لا تترك شاردة ولا وواردة إلا وتوثقه وتحفظه حتى نهاية العالم، ليس حتى 24 ساعة فقط، التي كادت أن تكتب نهاية المعمم مبروك عطية. 
 
لا زال الباب مفتوحاً أمام الشيخ ليصلح ما أفسده ويعتذر عن الخطأين، ويرتدي ثوب الشجاعة ويقول إنه أخطأ بدلاً من المرة مرتين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق