حكم استخراج المومياوات وعرضها بالمتاحف..جدل مستمر.. والإفتاء: لامانع شرعاً من إخراجها

الأحد، 07 فبراير 2021 12:00 ص
حكم استخراج المومياوات وعرضها بالمتاحف..جدل مستمر.. والإفتاء: لامانع شرعاً من إخراجها

حالة من الجدل أثيرت مؤخراً حكم استخراج المومياوات وعرضها بالمتاحف، وذلك بعد تصريحات من الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، حول حرمة استخراج المومياوات بحجة الكشف الأثري وهو ما جعل دار الإفتاء تخرج بفتوى شرعية أكدت فيها أنه لا مانع شرعًا من قيام الهيئات المختصة بدراسة الآثار عن طريق إخراج المومياوات القديمة، وعرضها فى المتاحف، مع الاحتياط التام فى التعامل معها مما لا يُخِلُّ بحقوق الموتى فى التكريم، وهو ما تقوم به الجهات المختصة في المتاحف وغيرها.

وأوضحت: ومَن ثَمَّ تتَحقَّق الاستفادة مما وصل إليه أصحاب الحضارات القديمة الذين بَسَطوا العمران في الأرض، ولجأوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيًّا وسياسيًّا وحَرْبيًّا نقوشًا ورسومًا ونَحْتًا على الحجارة؛ فقد حَثَّ القرآن الكريم في كثيرٍ من آياته إلى لفت النَّظَر إلى السَّيْر في الأرض، ودراسة آثار الأمم السابقة، والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار؛ قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 11]،  وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ [الروم: 9].
 
كما أشار القرآن الكريم إلى ضرورة أخذ العبرة والعظة مما حَدَث لبعض الأمم السابقة، فيقول تعالى في شأن فرعون -وهو أحد ملوك مصر القدماء-: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ [يونس: 92]؛ فإذا كان الاعتبارُ بما حَدَث في الأمم السابقة أمرًا جائزًا شرعًا؛ فإنَّ الانتفاع بما تركوه من علومٍ نافعةٍ ونحو ذلك أولى بالجواز.

من جانبه رد الدكتور أحمد كريمة، على دار الإفتاء، قائلا: أجمع المسلمون على أن بنى آدم أفضل من كل المخلوقات لقول الله – تعالى - : " لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم " – الآية 4 من سورة التين -، و"لقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " – الآية 70 من سورة الإسراء ، وقول سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - : " ما شئ أكرم على الله من بنى آدم " – صحيح مسلم ، وأجمعوا على أن المثلة – أى تشويهه وإهانة جسده حيا أو ميتا حرام شرعا، واتفقوا على أن مقصود الشرع من الخلق خمسة : أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم.

وتابع: من المقرر شرعاً : دفن الآدمى دون اعتداد بديانة أو جنسية أو لغة ، قال الله – عز وجل فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوأة أخيه " وفى السنة النبوية : قوله – صلى الله عليه وسلم - : احفروا وأوسعوا وعمقوا " ، للمسلمين ولغيرهم فقد قال – صلى الله عليه وسلم- لعلى – رضى الله عنه – لما مات أبو طالب : " اذهب فواره " ، ودفن قتلى بدر من المشركين : واتفق العلماء على أن المقبرة مكان للدفن للإنسان أى موضع دفن الموتى لكل البدن أو بعضه حسب الظروف والأحوال.

واستطرد أنه من المقرر شرعاً: احترام القبر توقيرا للإنسان لأنه مسكنه بعد موته وله حرمة كحرمة داره حال حياته، ولما ثبت أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى أن توطأ القبور:  وحرمة الجلوس عليها ، والتخلى (قضاء الحاجة من بول وغائط ونحوه عليها أو بينها) .

وقال: اتفق الفقهاء على منع نبش القبر إلا لعذر وغرض صحيح واتفقوا على أن من الأعذار التى تجيز نبش القبر كون الأرض مغصوبة أو سقط مال فى القبر أو استدراك شعائر الجنائز من تغسيل وتكفين واستقبال قبلة.

وتابع: مما تقرر شرعاً أن نبش القبر قبل البلى لغير ضرورة حرام لما فيه من هتك لحرمة الميت : ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز نبش القبر من أجل نقل الميت إلى مكان آخر – إلا لبقعة خبر من بقعته التى دفن فيها : يستثنى النبش لأخذ مال فى القبر دون إخراج جثمان الميت منه لخبر أبى رغال : " كان دليلا لأبرهة والأحباش الذين توجهوا إلى مكة لهدم الكعبة ، فمات فى الطريق : حيث قال – صلى الله عليه وسلم - : " هذا قبر أبى رغال وآية ذلك أن معه – عنده – غصنا من ذهب إذ أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه فاتبدره الناس فاستخرجوا الغصن ".


واستكمل: تأسيسا على ما ذكر وما يناظره وما يشابهه :
نبش قبور موتى فى الأزمنة الغابرة حرام شرعا ، وكذلك استخراج جثامين ( موميات ) من قبورها ، وجعلها فى صالات عرض وفرجة لناظرين من المحرمات بلسان الشرع المطهر ولاعتبارات منها :
أ ) مناهضة ذلك لما تقرر من التكريم الإلهى لبنى آدم .
ب ) هتك حرمات الموتى .
ج ) الكسب الخبيث بها ، فجسد الآدمى ليس محلا للتمول النقدى .
د ) حرمان الموتى من مكان استقرارهم .
هـ ) التطويح بنصوص شرعية وقواعد وأحكام فقهية مستقرة .
وعليه :
أولاً : لما كان الدستور المصرى السارى فى مادته 2 ( من الباب الأول الدولة ينص : الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع .
والمادة 65 : حرية الفكر والرأى مكفولة ، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول ، أو الكتابة ، أو بالتصوير ، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر .
وينص فى المادة 51 : الباب الثالث :الحقوق والحريات والواجبات العامة : الكرامة حق لكل إنسان ، ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها .
وينص فى المادة 60 : الباب الثالث : الحقوق والحريات والواجبات العامة : لجسد الإنسان حرمة ، والاعتداء عليه ، أو تشويهه ، أو التمثيل به ، جريمة ، يعاقب عليها القانون ، ويحرم الاتجار بأعضائه .
والمادة 66 : حرية البحث العلمى مكفولة ، وتلتزم الدولة برعاية الباحثين.
والمادة 89 : تحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان ، وتجارة الجنس ، وغيرها من أشكال الإتجار فى البشر ، ويجرم القانون كل ذلك .


ثانيا : تلتزم الدولة بمؤسساتها المعنية وفق ما ذكر من نصوص شرعية وقواعد وأحكام فقهية ، ومواد دستورية رد جثامين موتى إلى قبورهم وحظر عرضها وانتهاك حرمات موتى أيا كانوا وحرمة الإتجار والتكسب بها .

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق