بعد البراءة.. هل يعود «ترامب» للحياة السياسية مرة أخرى؟

الخميس، 18 فبراير 2021 12:00 م
بعد البراءة.. هل يعود «ترامب» للحياة السياسية مرة أخرى؟

على الرغم من هزيمته في الانتخابات الرئاسية، يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان على موعد هام مع «انتصار» جديد، يبقى أهم من المعترك الانتخابى، بعدما فشل الديمقراطيون في عزله من منصبه، على خلفية اتهامه بالتحريض على العنف، إثر قيام الآلاف من أنصاره، باقتحام الكونجرس تزامنا مع جلسة التصديق على خليفته جو بايدن، فى مشهد غير مسبوق، يمثل انعكاسا لشعبيته الكبيرة بين قطاعات كبيرة من المواطنين، في ظل خطابه الشعبوى، بالإضافة إلى سياساته التي تلامست مباشرة مع القضايا الملحة في عقل المواطن، على غرار موقفه من الهجرة، ونجاحه في تضييق حجم البطالة، ناهيك عن معارضته الشرسة لسياسة الانغماس في المستنقعات العسكرية في العديد من مناطق العالم، والتي كلفت واشنطن مليارات الدولارات، بالإضافة إلى خسارة ملايين الأرواح من الجنود.
 
وعلى الرغم من أن فشل محاولة عزل ترامب، ليس الانتصار الأول من نوعه الذى يحققه الرئيس السابق، إلا أنه يبقى الأهم، في ضوء العديد من المعطيات الهامة، أبرزها الإجراء جاء هذه المرة بعد خروجه من المنصب، بينما كان محاصرا بين منصات إعلامية مناهضة له من جانب، وسياسات الحجب التي تبنتها مواقع التواصل الاجتماعى بصدده، من جانب آخر، ناهيك عن حالة الاستئثار المطلق بالسلطة في الولايات المتحدة من قبل الديمقراطيين، بعد نجاحهم في الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى سيطرتهم على الكونجرس بشعبتيه، مما يساهم بصورة كبيرة في تمكينهم من الإطاحة به، وتقويض مستقبله السياسى هذه المرة، أكثر سهولة إذا ما قورنت بالمرات السابقة، عندما كان الرجل يعتلى عرش البيت الأبيض، على خلفية اتهامات عدة، أهمها التخابر لصالح روسيا.
 
ترامب
 
ولعل فشل الديمقراطيين في عزل ترامب، يعد بمثابة مدخلا مهما للرئيس السابق، للعودة إلى الحياة السياسية، وهو الأمر الذى تحدث عنه الرجل عدة مرات قبل الرحيل من البيت الأبيض، بشكل غير مباشر في الكثير من الأحيان، متعهدا بـ«عودة قريبة» إلى الواجهة السياسية من جديد، وهو ما يثير التكهنات، حول ما إذا كان ينتوى الترشح من جديد في انتخابات الرئاسة المقبلة، والمقررة في 2024، أم أنه سيحاول العودة من وراء الكواليس عبر تقديم الدعم لأحد المؤمنين بأفكاره، لقيادة البلاد، بعد معارك محتملة مع إدارة بايدن، ربما تبدأ مع اقتراب انتخابات التجديد النصفى للكونجرس والتي ستنطلق في نوفمبر من العام المقبل.
 
ورغم أن العودة إلى الواجهة السياسية أمرا غير مسبوق في المشهد السياسى الأمريكي، من الناحية النظرية، إلا أن الواقع العملى ليس كذلك تماما، فثمة رؤساء أمريكيين جاءوا إلى البيت الأبيض، كانوا بمثابة «عودة» ضمنية لأسلافهم، مما تبنوا نفس أفكارهم، لتصبح أحلام الرئيس السابق في اعتلاء عرش الولايات المتحدة، بعد سنوات الخروج، ليست بالأمر البعيد تماما، في ظل العديد من السوابق.

أوباما يعود من بعيد.. بايدن يسعى لإحياء إرث الرئيس السابق
انتصار الرئيس الأمريكي جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي أجريت في نوفمبر الماضى، على حساب دونالد ترامب، يحمل في طياته أهمية كبيرة للحزب الديمقراطى، تتجاوز المنافسة السياسية التقليدية مع الخصم الجمهورى الشرس، حيث تمتد إلى حماية الإرث التاريخى، عبر إحياء إرث الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذى سعت الإدارة السابقة إلى تقويضه بكل ما أوتيت من قوة، خلال السنوات الأربعة الماضية، بدءً من سلسلة الانسحابات من الاتفاقات التي وقعها، بالإضافة إلى إعادة هيكلة السياسات الأمريكية في الداخل والتحالفات الدولية في الخارج، وهو ما ساهم في إضفاء قدر من الشراسة غير المسبوقة، ليس فقط في الحدث الانتخابى، وإنما كذلك في تداعياته، المرتبطة بإجراءات التنصيب وانتقال السلطة وغيرها.
 
أوباما وبايدن

ويضفى منصب بايدن الأخير قبل اعتلائه السلطة، كونه نائب الرئيس في عهد أوباما، المزيد من الزخم السياسى للرئيس الأسبق، حيث يعد انتصار نائبه على ترامب بمثابة انتصارا شخصيا له، في ظل الخصومة الكبيرة بينهما لسنوات، وهو ما يترجم حرص أوباما على دعم نائبه السابق في الحملات الانتخابية، كما يفسر في السياق نفسه قرارات بايدن التنفيذية التي اتخذها بمجرد جلوسه على مكتبه البيضاوى، والتي كانت تهدف في الأساس إلى الدوران من جديد في فلك الرئيس الأسبق.

عودة كلينتون من بوابة الخارجية.. هيلارى صورة زوجها الدبلوماسية
إلا أن انتصار بايدن، لا تمثل العودة الوحيدة للرؤساء السابقين في السياسة الأمريكية، فقد ارتبطت العديد من المناصب الحساسة بالرؤساء السابقين، عبر اختيارات قريبة منهم، سواء من حيث الرؤى السياسية، أو حتى القرابة الشخصية، وهو ما بدا على سبيل المثال في اختيار هيلارى كلينتون لتشغل منصب وزيرة الخارجية في الولايات المتحدة، لمدة 4 سنوات كانت الولاية الأولى للرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي شهدت العديد من المستجدات الدولية والإقليمية، ربما كانت الأبرز خلال عقود طويلة من الزمن.
 

بيل كلينتون وزوجته هيلارى

طموحات كلينتون تجاوزت الحقيبة الدبلوماسية الأمريكية، حيث سعت إلى العودة إلى البيت الأبيض، بعدما مكثت داخل أروقته لـ8 سنوات، خلال حقبة زوجها بيل، في منصب السيدة الأولى، حيث ترشحت للرئاسة في 2016، إلا أنها فشلت في الفوز، رغم أن التوقعات كانت تدور في معظمها حول انتصارها، على منافسها آنذاك دونالد ترامب، والذى كان يمثل وجها غير تقليدى للسياسة الأمريكية.


آل بوش.. جورج الإبن يثأر لفشل والده فى التجديد لولاية ثانية
أما العودة الأبرز في المشهد الأمريكى، خلال العقود الأخيرة، فتجسدت فى وصول جورج بوش الإبن إلى البيت الأبيض، بعد 8 سنوات من خروج والده، بعدما فشل الأخير في الحصول على ولاية ثانية، جراء سقوطه أمام منافسه آنذاك بيل كلينتون في عام 1992، ليحمل الإبن إرث أبيه في العديد من الملفات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط.
 

آل بوش

 
وتعد الحرب التي شنها بوش الإبن على العراق، وإسقاط نظام صدام حسين، أحد أهم المنعطفات الأخيرة التي ميزت حقبته، خاصة وأن الصراع مع نظام صدام حسين، قد بدأ قبل ولايته بسنوات، وتحديدا في حقبة والده، على خلفية العديد من القضايا، أبرزها الاحتلال العراقى للكويت، وانطلاق "حرب تحرير الكويت"، إلا أنها لم تسفر في النهاية عن سقوط صدام ونظامه، ليكمل الإبن مسيرة أبيه، عبر إسقاط النظام العراقى، تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، وامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وهو ما ثبت عدم صحته فيما بعد.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق