تكتيك للهروب.. دراسة تكشف تفاصيل تحول إخوان ليبيا إلى جمعية «مجتمع مدني»

الجمعة، 14 مايو 2021 09:42 ص
تكتيك للهروب.. دراسة تكشف تفاصيل تحول إخوان ليبيا إلى جمعية «مجتمع مدني»
الإخوان -أرشيفية

ذكرت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أن خطوة تحول إخوان ليبيا إلى جمعية "مجتمع مدنى" تكتيك مكرر داومت الجماعة على انتهاجه؛ للمناورة والإفلات من التحديات المرحلية التي تواجه الجماعة، بالفترات التي تعقب ممارستها للعمل السياسي بصورة مُعلنة، مع إعادة تفعيل قواعد العمل السري للتنظيم بالتزامن مع تلك الخطوة.
 
ويبدو رهان الإخوان واضحًا على استعادة الحاضنة الشعبية المنحسرة عنهم، عبر التغلغل مجددًا بالمجتمع الليبي في صورة جمعية دعوية إسلامية وسطية، وخصوصًا من خلال تفعيل برامج عمل خيرية لإعادة رسم الصورة الذهنية أو الانطباع الشعبي عنهم، بما يضمن تغيير موقف مكونات المجتمع الرافض لمنهجهم.
 
وفسر بيان جماعة الإخوان الليبية، الصادر فى 2 مايو الجارى، تحولها بأنه استجابة لحاجات الوطن ومتطلبات المرحلة، وبالنظر للمشهد الليبى الراهن، يمكن الإشارة إلى مجموعة معطيات أساسية توضح وضع التنظيم وسياقات قرار التحول، وهى كالتالى:
 
أولًا: أزمة التنظيم الدولي: يعاني التنظيم الدولي للإخوان من أزمات متعددة، منذ سقوط المركز الأم بالقاهرة بعد إطاحة ثورة 30يونيو بالجماعة من المشهد، وانتقال إدارة التنظيم إلى لندن، وسقوط المرشد العام "محمود عزت" ومن قبله "محمد بديع" وغيرهم من قيادات الجماعة بقبضة القوات الأمنية وإحالتهم للقضاء، بالإضافة لاتجاه تركيا، التى احتضنت الهاربين من الأقطار العربية وتحديدًا مصر وليبيا، لتحسين علاقاتها مع الدول التى ناصبتها العداء بسببهم، ما يعنى احتمالية رفع الغطاء التركي عنهم، سواء بتسليم المطلوبين أو تقييد نشاطهم السياسى.
 
كما قاد انكشاف تورط الجماعة بروابط وتحركات منسقة مع عدد من التنظيمات الإرهابية، وامتداد تداعيات ذلك على أمن أوروبا، إلى تصاعد الضغوط الدولية وتقييد نشاط المؤسسات والمراكز التي تمثل رافدًا أساسيًا لتدفق التمويلات للإخوان، بل ونشاطهم في المجتمعات الأوروبية التي مثلت ملاذًا آمنًا لقيادات وعناصر التنظيم التي فرت من الملاحقات القانونية في بلدانهم، وهي فى مُحصلتها ضغوط قوية أضعفت هيكل التنظيم الدولي، الذي يريد إعادة صياغة المركز بالفروع، وخفض حدة الرفض المحلي للجماعة، ما يؤسس لمنهج إعادة التسمية وفصل الدور المجتمعي، الذي يمكن الاستثمار فيه، عن الدور السياسي الذي فشل الإخوان فيه.
 
ثانيًا: تصاعد الانقسام بالفرع الليبي: ضربت موجات من الانقسام هيكل تنظيم الإخوان بليبيا، وكان إعادة النظر في سياسات الجماعة هو المحور الرئيسي للخلاف. وتبلور الانقسام في بروز تيارين للإخوان: الأول، يتصدره المفتي المعزول "صادق الغريانى" ومركزه مدينة مصراته، ويوالي تركيا بصورة رئيسية، وهو متحالف مع قيادات قاعدية وداعشية، ويتبنى مواقف صدامية مع باقي المكونات الليبية، لاسيما البرلمان والجيش الوطني. والثاني، هو تيار طرابلس والزاوية، وعلى رأسه رئيس حزب العدالة والبناء "محمد صوان"، ويوالي قيادات التنظيم الدولي في لندن، كما لديه حساسية من تغول قيادات الجماعة المصراتيه على بقية قيادات المنطقة الغربية.
 
وتجلت حالات الانقسام والمواجهة بين التيارين في تجاذبات "فتحي باشاغا" و"فائز السراج" خلال فترة حكم حكومة الوفاق، إلى جانب استقالة رئيس المجلس الأعلى للدولة "خالد المشرى" من الجماعة (يناير 2019)، ثم إعلان فرع الإخوان بمدينة الزاوية التي ينتمي لها "المشرى" استقالة جماعية لأعضائه من الفرع الليبي للجماعة (أغسطس2020)، وأعقب ذلك إعلان أعضاء فرع مدينة مصراته استقالتهم جماعيًا من التنظيم (أكتوبر 2020).
 
ثالثًا: انحسار الدعم الداخلي: تواجه جماعة الإخوان الليبية تآكلًا واضحًا بقواعدها الداخلية، إذ كشفت مجريات الانتخابات البرلمانية عام 2014، والانتخابات البلدية 2021، عن عزوف الليبيون عن تأييد قوائم ومرشحي التنظيم، إذ لم يحصد الإخوان بالانتخابات البرلمانية سوى (20) مقعدًا، حوالى 10% من مقاعد مجلس النواب، ولم تستطع قوائم الجماعة الفوز بالانتخابات البلدية في مُعظم مدن ليبيا، حتى ببلديات المنطقة الغربية التي تمثل معقلًا رئيسيًا لها. كما اتضح جليًا أن استقالات قيادات وفروع الجماعة بعدد من المدن الليبية لم تغير من موقف الناخب الليبي تجاه الإخوان، بل اتجهت أصواتهم لدعم القوائم المستقلة التي تنافس قوائم الجماعة، أو القوائم التي تضم شخصيات أعلنت انشقاقها واستقالتها.
 
وقد حاولت قيادات الإخوان تدارك هذا التراجع عبر استصدار فتاوى من شأنها تحفيز المواطنين على دعمهم، كما هو الحال بتحركات المفتي المعزول "صادق الغريانى" الذى أفتى بضرورة النزول ودعم قوائم الإخوان، ولكن تلك الجهود لم تفلح فى حشد الناخبين لدعم مرشحي التنظيم؛ إذ وجد إخوان ليبيا أن المجتمع قد أصبح لديه درجة من الوعي بأنهم سبب رئيسي في تدهور المشهد بالفترة الماضية، وأن الحل يكمن في توجيه أصواتهم لأية كيانات أو شخصيات بديلة تقدم نموذجًا يقضي على هيمنة الجماعة على السلطة بالبلاد.
 
واختتمت الدراسة بالتوضيح أنه يمكن القول إن جماعة الإخوان الليبية تتجه لتفعيل تكتيكًا للمناورة داومت عليه لتجاوز إخفاقاتها، ولا تتجاوز خطوة التحول لجمعية "الإحياء والتجديد" كونها تغييرًا للاسم والشعار، وهو ما أكد عليه قيادات الإخوان الذين ظهروا إعلاميًا للترويج للجمعية الجديدة، وتصريحاتهم بأن منهج الإخوان سيكون هو الناظم الرئيسي ومنهجية العمل المحركة للكيان الجديد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق