دراسات أوربية تكشف التمويل الحرام للإرهابيين من بيتكوين للفيس إلى الضرائب

السبت، 29 مايو 2021 06:00 م
دراسات أوربية تكشف التمويل الحرام للإرهابيين من بيتكوين للفيس إلى الضرائب
محمود علي

كيف ساعدت كبرى الشركات العالمية تنظيمات داعش والقاعدة الإرهابية في التمدد؟

البترول والسيطرة على البنوك وعمليات الاختطاف والنزاع المسلح هدفا دائم للتنظيمات المتطرفة في حرب البقاء

مواقع تواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الإلكترونية باتت الملاذ الآمن لتمويل الجماعات الإرهابية

 

تعيش مناطق عدة حول العالم، خاصة منطقتي الشرق الأوسط وغرب أوروبا الكثير من عدم الاستقرار مرتفعة بداخلها معدلات التوتر الأمني، على خلفية صعوبة تحجيم الجماعات والتنظيمات الإرهابية وتوغل نشاطاتها في البلدان الإفريقية والأوروبية، وتنوع مصادر تمويلها.

ورغم قدرة الكثير من الدول على محاربة التنظيمات الأكثر تشددا، وإيقاف تمددها بل ووقف نشاطاتها مثل تنظيم داعش الإرهابي، لكن لا زالت هناك بعض العناصر، والجماعات المسلحة التي ربما تكون تعاونت لتحقيق مصالح مشتركة بعيدة كل البعد عن اختلاف أفكارها، مستغلة مواردها المالية والمادية التي يتداخل فيها البعدين المحلي والدولي.

وسلطت دراسات بحثية، من بينها دراسة صدرت عن "المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات"، الضوء على كيفية استثمار الجماعات الإرهابية حول العالم، تنامي الفوضى وانتشار السلاح من أجل التربح جراء عملياتهم، ورغم ما يتخذونه من دين كستار لتحقيق أهدافهم، إلا أنهم لا يبدون امتعاضهم أو تسجيل رفضهم عند حديث البعض عن استغلالهم ومتاجرتهم بالأديان والأوطان لتحقيق غاياتهم للاستمرار في الوجود والإبقاء أكثر وقت للتغلغل داخل مفاصل الدول، مستعينة بضعاف النفوس والمهيئين للانضمام إليهم لإنشاء ولايات وفصائل في المناطق الحدودية.

هذه الجماعات الإرهابية والمسلحة، ربما في كثير من المناسبات توظف السياسة من أجل استغلال بعض الأحداث، والتسلق عليها لإنشاء قاعدة من المتعاطفين مع أفكارها تكون ظهير لها عند الحاجة، وورقة ضغط في حالة الدخول بالحرب مع الأنظمة.

وأكدت دراسة المركز الأوربي أن مصادر التمويل لهذه الجماعات الإرهابية، لم تقتصر على التربح من التحصل على الاتاوات لتأمين الحماية والأمن للمقاولين والشركات التجارية والمزارعين وغيرهم، بل تمددت مواردها من تجارة تهريب المخدرات والآثار، واستغلال وبيع الموارد الطبيعية مثل النفط ومشتقاته، كما تدخل عمليات الخطف بهدف الابتزاز ضمن الموارد التي تتربح منها هذه الجماعات المتطرفة، حيث تستغل  هذه الجماعات في الكثير من الدول ضعف الحالة الأمنية والقيام بعمليات اعتقال وسجن بشكل غير قانوني بهدف تحصيل أموال جراء ذلك.

ووفق هذه الدراسة فإن الموارد الاقتصادية ومصادر التمويل المالي للتنظيمات المسلحة تسهل بلا أدنى شك استمرار خوض الصراعات المسلحة على المستوى الداخلي المحلي في أي منطقة بالعالم، مشيرة إلى محاولة الجماعات المسلحة الحفاظ على بقائها بالاستمرار في خوض الصراعات والاشتباكات المسلحة حتى مع التنظيمات المتشددة التي ربما قريبة معها في الأيديولوجية، مؤكدة أن هذا الاستمرار سيكون مساعدا بل في بعض الأوقات عاملا مهما لتراكم الأصول والموجودات والموارد الاقتصادية لدى هذه الجماعات.

واستندت الدراسة في تحليلها المدافع عن استمرار الجماعات في الصراعات للحفاظ على وجودها ومواردها إلى تكلفة هذه الحروب والتي وصفتها بالزهيدة في المقابل نتائجها تكون ثمينة كالعائد النفطي أو العثور على الذهب.

ودائما ما تبحث الجماعات المتطرفة المسلحة منها أو التي تتبنى فكر سياسي وينتهى بها الأمر إلى الانضمام إلى التشكيلات المسلحة، عن استمرار الصراع المسلح ومواصلة حالة التوتر الأمني في المجتمع، ووفق الدراسة كل ذلك يشكل مصلحة عليا لهذه التنظيمات ويساعدها على البقاء بدلا من صنع السلام والاستقرار الأمني، وأشارت دراسة المركز الاوربى إلى ما يشهده الشرق الأوسط من نزاعات بين الجماعات المسلحة، مؤكدة أن هذه النزاعات في الواقع تكشف أنها انطلقت وفق أهداف اقتصادية منها زيادة موارد أطراف النزاع المسلح، ووصفت الدراسة كل من يتحدث عن وجود انقسامات وخلافات بين الجماعات المسلحة نتيجة اختلافات مذهبية أو طائفية أو عرقية بأنه يحمل نظرة غير دقيقة عن الأحداث، مشيرة أنها كلها ادعاءات وتبريرات ليست إلا تمويها للحفاظ على  الأجندات الاقتصادية لأمراء الحرب والنزاعات المحلية، حيث يستثمرون هؤلاء الجريمة المنظمة واحتكار الأسواق والعنف من اجل زيادة مواردهم المالية وقوتهم المسلحة.

ورغم تحرك هذه الجماعات المسلحة دائما نحو العنف والصراع على النفوذ للبحث عن أهدافها الاقتصادية، إلا أن الكثير من التحليلات المتعلقة بهذه الشأن تؤكد أن موارد مثل هذا التنظيمات لن تتوقف على المصادر التي ذكرت، بل كثيرا ما يكون لها ارتباطات بالصراعات والتوترات الإقليمية والدولية تعود بالتمويل لها من الدول الإقليمية والكبرى المتناحرة،

 وأكدت الدراسة أن العنف والصراع على النفوذ المحلي، ربما يكون في فترة من الفترات نتيجة تشعبات وامتدادات للدوافع الاستراتيجية والسياسية الإقليمية والدولية الطامحة الى الهيمنة والسيطرة في إطار اتجاهات عولمة المال والأسواق والتجارة والسيطرة على مصادر الطاقة والثروات الطبيعية.

الأمر الحديث الآخر والمتطور، والذي ساعد الجماعات المتطرفة أكثر وجعل من الصعوبة القضاء عليها في فترة وجيزة، هو ظهور مواقع التواصل الاجتماعي في العقدين الماضيين ليكون مصدر رئيسي ومساعد لتمويل التنظيمات المتطرفة، وهو ما أشارت له دراسات عدة وتحدثت عن مدى استغلال التطور التكنولوجي في دعم الإرهاب بعدد من المناطق بالعالم.

وتناولت دراسة المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في ألمانيا وهولندا هذه المسألة وكيف كان التطور التكنولوجي عامل مساعد لتمدد الجماعات المتطرفة كونه يحد أبرز مصادر تمويلها في وقتنا الراهن، واستندت الدارسة إلى واقعة شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً، تكشف رصد الخزانة الأمريكية موارد ومصادر تمويل داعش من قبل بعض النساء المتواجدين في أوروبا وبينهن بريطانيات يزعمن هربهن من المخيمات، مؤكدة ترأس بعضهن بشكل متزايد محاولات لجمع أموال التبرعات التي تديرها شبكات مرتبطة بالتنظيم الإرهابي من خلال استخدام منصات التواصل الاجتماعي كصفحات فيسبوك  أو حسابات  تلجرام.

ورغم أنه في الغالب تكون مصادر التمويل الرئيسية لمثل هذا الجماعات السيطرة على البنوك والاتاوات وتجارة النفط وعمليات تهريب وغيرها، إلا أن أصبح المصدر الأكثر موردا الآن لهذه الجماعات هي التبرعات والتمويل الخفي عبر الإنترنت، فضلا عن امتلاكهم عملات رقمية مشفرة كالبيتكوين وغيرها، وهو ما أكدته الدراسة بأن هذه العملات وصلت قيمتها إلى ( 300 ) مليون دولار في يد التنظيمات المسلحة.

الدراسة أكدت أن العصب الرئيس للجماعات المتطرفة للحفاظ على بقاءها هو التمويل، كونه له أهمية قصوى في دعم العمليات التخريبية واستمرار الأنشطة الإرهابية، كما كشف مؤخراً عمل بعض الشركات المتخصصة مجال الخدمات المالية والهيئات الخيرية، بشكل سري لتقديم الدعم المالي للمنظمات الإرهابية، وهو ما تناولته الدراسة الأوروبية أيضا مؤكدة أن هذه الشركات دورا هاما في دعم عمليات تنظيم داعش والقاعدة عبر التحويلات المالية إلى قادة التنظيمات المتطرفة في مناطق الصراعات.

وأشارت الدراسة أنه الكشف ديسمبر الماضي عن أكثر من (50) شركة في معظم عواصم العالم ساهمت في توزيع منتجات استخدمها التنظيم في عملياته الإرهابية، موضحة أن جهاز اف بي اي الاستخبارات الأمريكية كشف عن نقل إحدى الشبكات التابعة لتنظيم القاعدة بشكل سري (80) مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب إلى مقر زعيم تنظيم القاعدة السابق بن لادن، وهو ما يضع شركات الضرائب في محور تساؤل.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة