مستقبل الإخوان في الشرق الأوسط.. سقوط مذل وخروج بلا رجعة والبقية تأتي

الخميس، 29 يوليو 2021 11:23 ص
مستقبل الإخوان في الشرق الأوسط.. سقوط مذل وخروج بلا رجعة والبقية تأتي
طلال رسلان

طاحت حلقة أخرى، كانت متوقعة، من تنظيم الإخوان الإرهابي، بثورة غضب شعبية في تونس أسقطت حزب النهضة الذراع السياسية للجماعة في البلاد ورئيسه الإخواني الشهير راشد الغنوشي.

وتيرة متسارعة من الإجراءات والقرارت اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اليومين الماضيين، كان أبرزها إعفاء الحكومة وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه لبدء المحاسبة، ومنع السياسيين من السفر، واختيار رئيس وزراء يعينه بنفسه، وتولى رئاسة النيابة القضائية.

قرارات الرئيس التونسي خنقت عناصر التنظيم الإخواني في البلاد، وأغلقت أبواب السلطة أمامهم في واحدة من أهم معاقلهم بل وكانت أكثرها تماسكا بعد سقوط الجماعة في مصر بلا رجعة، وانكسار شوكتهم بجميع البلدان، وخلفت رصيدا كبيرا من الكره في العقل الجمعي العربي، والمطاردات الدولية على قوائم الإرهاب دوليا، ولذلك كانت أصوات صراخهم تتعالى ليس في داخل تونس فقط ولكن أصيب وكلاؤهم في الخارج بحالة هياج طفحت على مواقع التواصل الاجتماعي وأذرعهم الإعلامية.

بعد ضربة إخوان تونس، كان من الطبيعي ظهور توكل كرمان وقبلها المحسوبين على الجماعة الهاربين من مصر وأذناب التنظيم في ليبيا وسوريا واليمن، بحملة إنقاذ لقيادات حزب النهضة التونسي بعدما أغلقت الأبواب على أصابعهم، بمهاجمة الرئيس قيس سعيد ومحاولات تشويهه، بعد سنوات المدح والثناء في وقت سابق للرئيس الذي طالما اعتبروه منقذ البلاد، لكن يبدو أن أوامر التنظيم الدولي أعطت الإشارة ببدء الانقلاب لتخفيف الضغط على عناصر التنظيم الإرهابي داخل تونس.

في سوريا مثلا أصدر تنظيم الإخوان بيانا وصفوه ببيان الغضب، أثار موجة سخرية على السوشيال ميديا، يؤكد تضامنه مع النهضة في تونس ويكررون الحديث عن المؤامرة ضد الجماعة والانقلاب الدولي عليها وظهر هذه المرة في تونس، ويفسر هذا البيان المخططات الكبرى في وقت سابق عندما كانت سوريا وثرواتها أحد أهم أهداف جماعة الإخوان.  

كل المعطيات كانت تشير باقتراب انهيار الإخوان في تونس، حيث رائحة الفساد السياسي التي أزكمت الأنوف، وسياسات الفشل في الملفات جميعها بدءا من البرلمان وصولا إلى أصغر المؤسسات التونسية.

قبل أيام كان تنظيم الإخوان في تونس يعاني آثار فضيحة مالية مدوية لزعيم النهضة الإخواني راشد الغنوشي بعد إعلان تبرعه بمبلغ 80 ألف دينار من ماله الخاص لشراء معدات طبية، رغم تأكيده المتكرر أنه يعيش حياة متواضعة، وأن أسرته تعمل بالزراعة.

لعبة الغنوشي المفضوحة بأموال التبرعات، أكدت ما أفادت به تقارير إعلامية تونسية بتورط الرجل الأول للجماعة بالبلاد في عمليات مشبوهة لتهريب السلاح إلى ليبيا بالتواصل مع أطراف تركية لخدمة مليشيات أنقرة في مخطط التقسيم والسيطرة هناك، إضافة إلى وحل الفساد الذي تلطخ به عباءة الإخواني الشهير ومعه قيادات إخوانية بارزة في تكوين شبكة لغسيل الأموال والتجارة بالعملة يقودها نجله.

فضيحة الغنوشي سلطت الضوء على الثروات المالية لقيادات تنظيم الإخوان في بلدان عربية مثل مصر وليبيا والجزائر واليمن وغيرها، في حين أن هؤلاء دائما ما يعمدون إلى إظهار فقرهم لجذب الملايين من المواطنين إليهم.

وتجلت أكثر الفصول الإخوانية انتهاكا في تونس وأكثر الممارسات القذرة ضد السلطة القضائية، بعدما انكشف المخطط الإخواني باستغلال عناصر التنظيم الإرهابي المؤسسة القضائية لإفساد ملفات القضايا الإرهابية التي تورط فيها التنظيم أبرزها مقتل شكري بلعيد ومحمد البراهمي، قبل فشلهم في استغلال المؤسسة القضائية وتطويعها للتلاعب بالملفات القضائية وخاصة الإرهابية التي لها صلة وثيقة بقيادات النهضة الإخوانية، ما يشكل قطع ذراعها القضائي والإعلامي أيضاً.
 
دلالات السقوط الإخواني في تونس كانت واضحة، فقبل اندلاع التظاهرات في أرجاء البلاد، استهدفت عناصر النهضة الإخوانية إفشال الأجندة الوطنية، وأعلنت الولاء لأوامر قيادات التنظيم الدولي للسيطرة على مفاصل البلاد من خلال المؤسسات وأبرزها البرلمان.
 
وصل الإخوان إلى دوائر صنع القرار في تونس عقب انتخابات 2011، لكن وكأن شيء لم يحدث، كعادة الإخوان وبنفس سيناريو مصر، لم يقدموا أي أجندة سياسية غير لعبتهم المعهودة بالتمسح في الدين، وباتت فضيحة فشلهم على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام الدولية قبل الشعب التونسي.
 
في وقت انتفضت فيه جموع الشعب التونسي تحت شعار "يا غنوشي يا سفاح يا قاتل الأرواح"، شهدت البلاد تفاصيل فضيحة أخرى لرأس الأفعى الإخوانية للسيطرة على السلطة في البلاد التي تعاني من أزمة تفشي كورونا، حتى لو كان ذلك على حساب حياة ملايين الأبرياء.
 
في جريمة إنسانية ترقى إلى جرائم الحرب، أوقعت عناصر النهضة الإخوانية وأعوانهم وزير الصحة التونسي فوزي المهدي في شرك مخطط الشر ودفعت إلى إقالته، بعدما أطلقوا دعوات لآلاف الأشخاص لتلقي لقاح كورونا في تجمعات عيد الأضحى، وحشدوا الحافلات لنقلهم إلى مراكز التلقيح المعدة للحملة الاستثنائية، مسببين تدافعا وفوضى.
 
وفي تأكيد لتورط تنظيم الإخوان الإرهابي في الأزمة، استنكر الرئيس التونسي قيس سعيد، الدعوات التي أطلقتها الجماعة الإرهابية للتونسيين يوم عيد الأضحى للتطعيم، ووصف الأزمة بالجريمة السياسية، واتهم الرئيس قيس سعيد، نافذين في المنظومة السياسية بتونس بالتورط في دعوة الناس لتلقي لقاح كورونا أيام عيد الأضحى، وقال إن هناك من دبر هذا الأمر ليحصل التدافع، بهدف انتشار العدوى، لترتيب أوضاع سياسية.
 
ما بعد زلزال تونس؟

تشير النتائج والسيناريوهات بعد الإطاحة بتنظيم الإخوان في تونس على خطى ما حدث في مصر والسودان، إلى أن الأيام القادمة ستشهد قص رأس الأفعى الإخوانية في كل البلدان العربية، بعدما أصبحت الحركة محاصرة أكثر من أي وقت مضى وتجفيف منابع ثرواتها وقصقة أيادي مليشياتها في العالم بتتبعات على قوائم الإرهاب.

بلا شك أن ما جرى في تونس سيؤثر على الوجود الإخواني ككل في المنطقة قبل العالم، وخاصة بعد ما خلفته الجماعة من تجارب مريرة في مصر وتونس والسودان وغيرها، أثبتت فشلها أمام الشعوب في إدارة السلطة، وممارساتها في تمكين عناصرها وانفرادهم بالسلطة لخدمة خزينة الجماعة وزيادة مواردها على حساب الشعوب التي كانت تنشد الحياة في ظل أوضاع إنسانية صعبة وسوء أحوال معيشة، بينما كان قيادات الإخوان يستفزون الشعوب بالسكن في القصور والفيلات وغرف الفنادق الخاصة، وإغداق ملايين الدولارات على المقربين منهم لشراء الذمم وضمان الولاء.
 
بات واضحا أن زمن الشللية السياسية الإخوانية انكشف أمام شعوب الشرق الأوسط، ولفظته بلدان بسقوط مذل بلا رجعة، وفي انتظار بقية الدول، والعقل الإخواني عاجز عن التعامل مع عصر الذكاء السياسي، فلا مكانا للطغيان الفكري وتكريس أيدولوجيا الإرهاب والتطرف والقتل، فأي شطط سلطوي وأحادي في ممارسة السياسة محكوم عليه بالفشل قبل البداية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق