شكري بلعيد يحاكم قيادات النهضة الإخوانية من قبره

السبت، 07 أغسطس 2021 06:44 م
شكري بلعيد يحاكم قيادات النهضة الإخوانية من قبره
محمود على

قرارات قيس سعيد تفح ملف الاغتيالات السياسية وتورط الإخوان وراشد الغنوشى في قتل المعارضة

عبير موسى لـ"صوت الأمة: نطالب بوضع الإخوان على قائمة الإرهاب واتخاذ خطوات جادة لتفويت الفرصة على الجماعة للتآمر على الشعب

 

زادت المطالبات الشعبية التونسية مؤخراً، بفتح تحقيقات في تورط أعضاء حركة النهضة الإخوانية بملف الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس، في أعقاب الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي الأسبق، حيث ارتبطت أسماء قيادات كبرى بالحركة الموالية للإخوان بالعمليات المسلحة التي استهدفت نشطاء ومحامين وكتاب رأي خلال العقد الماضي.

وفتحت القرارات المصيرية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد بتجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، الباب على مصراعيه، لمحاكمة النواب المنتمين لجماعة الإخوان ممن ارتبط اسمهم بملف الاغتيالات، وفي الواجهة راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب المجمد، ورئيس حركة النهضة الموالية للجماعة المصنفة إرهابيا في مصر والسعودية والإمارات والبحرين ولدى البرلمان الليبي.

قرارات قيس سعيد الأخيرة لاقت ترحيب واسع من الشعب التونسي والأحزاب والقوى السياسية، كونها خطوة على الطريق الصحيح من أجل إيقاف توغل الإخوان في تونس، والحد من ممارساتها وانتهاكاتها ضد التونسيين.

وأظهرت الحشود التونسية التي تجمعت الأسبوع قبل الماضي، واستجاب إليها الرئيس التونسي بعدة قرارات، الغضب الواسع جراء حكم التنظيم الإخواني للبلاد طيلة العقد الماضي، فبعد أن استفحل فسادهم وانتشر وتوغل كل أركان الدولة، بات ضروريًا أن يقتلع جذور الجماعة من جدرانها حتى تتسنى للدولة التونسية العيش بحياة طبيعية وفق الكثير من المراقبون.

وخلال المظاهرات الحاشدة التي شهدتها تونس مؤخراً ضد الجماعة وممارساتها، طالب المواطنين بكشف كافة الجرائم التي ارتكبتها حركة النهضة وحلفائها خلال العقود الماضية، وخاصة فيما يتعلق بملف الاغتيالات، والتي راح ضحيته الكثير من الوطنيين، كل ما فعلوه أنهم رفعوا شعار "لا للإخوان".

من بين هذه القضايا، كانت اغتيال اليساري التونسي شكري بلعيد، والذي استهدف في 2013، أمام منزله برصاص مجهولين، مما خلف العديد من ردود الفعل حول هوية القتلة، في حين كشفت هيئة الدفاع عن الضحية عن تورط حركة النهضة وقاداتها في عملية الاغتيال متهمة الحركةَ بالتنفيذ والإشراف على اغتياله، مؤكدة أن لديها حقائق تثبت ذلك، بالإضافة إلى ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم الإخوان غير أن مصير القضية بات مجهولا حتى الآن.

وبدأ القضاء التونسى تحركاته بحق عناصر حركة النهضة الإخوانية، وهناك حملة اعتقالات بين صفوف الحركة، حيث تم اعتقال نائبين من الحركة، وتمكنت قوات الأمن الوطني التونسية في منطقة المهدية بالاشتراك مع الحرس الوطني والجيش الوطني من إيقاف القيادي الجهوي في حركة النهضة الإخوانية رضا رادية، وذلك بعد نشره لفيديوهات "تحرض على العنف والاقتتال وتدعو للفتنة".

جاء ذلك بعد ساعات من الإعلان عن وضع القاضي المثير للجدل، بشير العكرمي، رهن الإقامة الجبرية لمدة 40 يوما، لاتهامه بإخفاء ملفات متعلقة بالإرهاب والتستر على ما يقرب من 6 آلاف قضية تتعلق بالإرهاب، وشمل تحرك القضاء التونسى أيضا إيقاف 4 أشخاص ينتمون إلى الحركة.

من بين الموقوفين عضو في مجلس الشورى، وذلك بسبب محاولته القيام بأعمال عنف أمام مقر البرلمان عقب إعلان الرئيس قيس سعيد عن قراراته الاستثنائية التي غيرت مسار البلاد.

كما أعلن القضاء العسكري أيضاً القبض على ياسين العياري بسبب إساءته للرئيس، وذلك بموجب حكم صادر بحقه قبل 3 سنوات للتشهير بالجيش.

وكان القضاء التونسي وجه الاتهام رسميا إلى مصطفى خذر العام الماضي، في جريمة اغتيال الناشطين السياسيين بلعيد والبراهمى، ويعد المذكور المشرف على الجهاز السري لحركة النهضة.

كما كشفت هيئة الدفاع عن الناشطين عن وجود علاقة مباشرة بين خذر ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، متهمة وكيل الجمهورية آنذاك العكرمي بإخفاء تفاصيل قانونية للتستر على الغنوشي.

مطالبات بالقبض على قيادات النهضة

وتعالت الأصوات المطالبة لقوات الأمن التونسية بمحاكمة أعضاء النهضة، حيث دعت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد بتقديم توضيحات عما عرف بـ"الغرفة السوداء" و"الجهاز الخاص" التابعان للحركة في تونس، ودورهما يتمحور حول بناء منظومة أمنية موازية لمؤسسات تونس السيادية "الجيش والشرطة والقضاء"، في وقت تحاول الحركة استقطاب شخصيات محسوبة على هذه المؤسسات من أجل إكساب أجهزتها السرية شرعية وهمية، من خلالها تكون لها القدرة على التهديد والترهيب والإخلال بالأمن العام للسيطرة على السلطة.

وربط الكثيرون هذه المنظومات السرية المتسللة التابعة لجماعة الإخوان، بقضايا الاغتيالات، لاسيما وأن الجماعة ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالجماعات السلفية الجهادية، ووفرت لها الأسباب التي تجعلها تتوغل بحرية في المجتمع التونسي، من دون أي تتضيق، ما ساعد في سيطرتها على عدد كبير من المساجد، وخططت لزعزعة الأمن في البلاد.

وتقول تقارير إن عناصر تتبع تنظيم داعش الإرهابي، على صلة بالجماعات الجهادية السلفية التي وفرت لها حركة النهضة الإخوانية المجال للاندساس في البلاد، كانت قد نفذت عمليتي اغتيال شكري بلعيد، بالإضافة إلى اغتيال عضو حزب التيار الشعبي محمد البراهيمي.

وما زاد الشكوك حول تورط النهضة في حوادث الاغتيال، اتهامات بلعيد نفسه قبل أيام من حادثة الاغتيال، حزب النهضة بالتشريع للاغتيال السياسي بعد ارتفاع اعتداءات رابطات حماية الثورة التي تتهم بكونها الذراع العسكري للنهضة.

خلال تحقيقات القضاء التونسي، كان الأمر مختلفاً إذ توسعت الشبهات التي تشير إلى أصابع الاتهام نحو الحركة المتطرفة، حيث تحدثت هيئة الدفاع عن توجيه حركة النهضة تهديد صريح إلى قاضي التحقيق الذي كان مشرفاً على قضية الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد، بعدما حاول البحث والتدقيق والتحقق في علاقة الجهاز السري الذي يقوده راشد الغنوشي بهذه الاغتيالات.

وفي فبراير الماضي، أكد المحامي أنور الباصي عضو هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتيالات، أن بشير العكرمي – أحد المقربين من حركة النهضة – هدد القاضي بعدم الكشف عن أي معلومات تخص ارتباط الجهاز السري لحركة النهضة الذي يرأسه راشد الغنوشي بعملية اغتيال المعارض اليساري شكري، مشيرا إلى أنه هناك اقتناع بتواطؤ وكيل الجمهورية السابق مع حزب حركة النهضة في طمس الحقائق.

والعكرمي المتورط في التواطؤ مع الإخوان في ملف الاغتيالات، وضعته السلطات الأمنية التونسية قبل أيام قيد الإقامة الجبرية، بعد اتهامه بالتستر على ملفات متعلقة بالإرهاب وتعطيل التحقيق فيها، وارتكاب إخلالات قانونية في ملف الاغتيالات السياسية.

وينص القرار على "منع العكرمي من مغادرة مقر إقامته لفترة 40 يوماً قابلة للتجديد، ومنع الاتصال به إلا عبر وسيلة اتصال محل ترخيص ممن له النظر في تنفيذ قرارات السلطة العامة".

وبعيداً عن ملف الاغتيالات فالبشير العكرمي، وصف بأنه "رجل النهضة وأداتها منذ سنوات لتطويع الجهاز القضائي خدمة لمصالحها، فبعد أن شغل منصب قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق في جريمة اغتيال السياسيين المعارضين، تولى منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية في عام 2016، وهو يعد المنصب القضائي الأعلى قبل أن يتم إعفائه من هذا المنصب أغسطس العام الماضي.

يتخوف التونسيين من أن تستغل حركة النهضة توغلها في مؤسسات الدولة، من أجل العودة مجدداً للمشهد، ما دفع عدد من الأحزاب التونسية إلى المطالبة باستكمال الإجراءات والقرارات من أجل التخلص من سرطان إخوان تونس بشكل كلي.

عبير موسى تطالب بخطوات جادة لتفويت الفرصة على الجماعة للتآمر على الشعب

وحذرت أحزاب تونسية من تحركات الجماعة وحلفاءها، للعودة إلى المشهد من خلف الستار، لاسيما بعد الصدمة التي أخذتها حركة النهضة الأسبوع قبل الماضي بعد القرارات المصيرية التي اتخذها قيس سعيد، لإنقاذ الدولة من مستقبل فوضوي كالصدمة على الجماعة، حيث أعفى رئيس الحكومة من منصبه وجمد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضاءه.

وقالت عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر التونسي إن هناك خطوات جادة من أجل تفويت الفرصة على الجماعة للتحور والتلون والتآمر على الشعب، مؤكدة أن الحزب بعث برسالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد من أجل وضع خارطة طريق لحفظ الأمن القومي وتجفيف منابع الأخطبوط الإخواني.

وأضافت موسى في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن هذه الرسالة تستهدف إحباط كل محاولات استعمال العنف وبث الفوضى، مطالبة بضرورة تجفيف منابع الإخوان.

مشهد إسقاط الإخوان تكرر بالسنوات الماضية بالمنطقة العربية، وبدأت به مصر التي نجحت في اجتزاز بذور المشروع من جذوره، بإطلاق مجموعة من القرارات أهمها إحالة كل جرائم أعضاء الإخوان إلى القضاء، فضلا عن توعية المجتمع بخطر الجماعة وممارساتها وأفكارها على الوطن.

وكان الوضع مشابه إلى حد كبير في التجربة التونسية، لاسيما وأن البلاد مرت بمرحلة صعد خلالها حركة النهضة الإخوانية على رأس حكم تونس عن طريق حكومة الترويكا، وكانت فترة الحكم فاشلة بامتياز ونتج عنها خسارة حركة النهضة الموالية للإخوان في الاستحقاقات الانتخابية، ما كشف عن الرفض الشعبي الواسع لها.

وعلى غرار مصر سقط القناع عن الجماعة سريعا في تونس بسبب ممارساتها وتورطها في جرائم عدة وممارسات وصفت بالخارجة عن إرادة الشعب، وذلك من خلال التحالف مع قوى أخرى تشاركها الأفكار ذاتها من أجل السيطرة على السلطة التشريعية وبالتبعية السلطة التنفيذية.

واستطردت عبير موسى حديثها عن استكمال خارطة الطريق من أجل القضاء على الإخطبوط الإخواني، داعية إلى إحالة ملفات التنظيمات الجمعياتية والسياسية التابعة للجماعة للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، ونادت بضرورة تفعيل صلاحيات هذه اللجنة لتنصيف الحركات التابعة للإخوان في تونس كتنظيمات إرهابية.

وطالبت المعارضة التونسية بإغلاق المقرات التابعة للإخوان، التي تحمل أفكاراً متشددة وموالية للتنظيم الدولي للإخوان كمقرات ما يعرف ب"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الموالية ليوسف القرضاوي، مشيرة أنه حرّم المسار الرامي لتخليص تونس من جماعة الإخوان الإرهابية.

وفي خطوة نادت بها كثير من الأحزاب التونسية في وقت سابق، تستهدف إيقاف التوغل الإخواني ومحاسبة كل من تورط بداخلها في عمليات إرهابية، قالت عبير موسى إنه من "الضروري تفعيل مقتضيات قانون مكافحة الإرهاب المجرم لتمجيد التنظيمات ذات العلاقة بالجرائم الإرهابية ويمنع تأسيسها والانخراط فيها وتمكينها من التراخيص وتمويلها"، مؤكدة أن هذا القانون يحاكم كل من يتستر على الجرائم الإرهابية والشروع في محاسبة مؤسسي فروع هذه التنظيمات في تونس طبق التشريع الجاري به العمل.

وأكد الرئيس قيس سعيد، أنه باق على العهد حتى تتحقق مطالب الشعب التونسي، مجددا التأكيد على ضرورة عودة الأمور إلى نصابها ومحاسبة كل من استولى على أموال الشعب، من الفاسدين.

وأكد قيس سعيد على حماية تونس وشعبها من جماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها بالبلاد المتمثلة في حركة النهضة، وقال أنه لا تراجع عن الحقوق والحريات ولا مجال للمساس بها أو الاعتداء عليها، مؤكدا "أنه اختار أن يقف في صف الشعب للحفاظ على وحدة الدولة وحمايتها من الفساد الذي نخر مفاصلها".

وقال سعيّد: "ستأتي الفترة لأعلن عن الوقفة التاريخية لعدد من أشقائنا وأصدقائنا، بعد أن أفرغوا خزائن الدولة، وتداعوا لشد أزر الشعب التونسي في هذه اللحظات التاريخية وسننتصر إن شاء الله''، مضيفاً: "نحن نعمل ليل نهار لتحقيق أهداف الشعب التونسي، في كافة المجالات ونواصل العمل لنني اتحمل الأمانة واعرف معناها، ولسنا من دعاة اللظم والاستبداد، فنحن نقف في صف الشعب وللحفاظ على الدولة التونسية التى نخرها الفساد ويريدون تحويلها إلى مجموعة من الدويلات ونحترم القانون المعبر عن الإرادة العامة لا على التحالفات".

وتابع قيس سعيّد: "سننتصر أن شاء في الحرب التى بدون رصاص ولا دماء، لكنها حرب بالقانون القائم على العدل والحرية وسنواصل العهد لأننا نعرف أننا سأسأل عنها يوم القيامة وعلى الشعب وحقوقه"، مضيفاً: "كم من مرة قلت لهم أن العهد كان مسئولا لكنهم تناسوا مسئولياتهم ويلقون بفقراء تونس لتلتهمهم الحيتان في البر والبحر، وهم كالتماسيح الكاذبة يزرفون الدموع، لكن على التونسيين والتونسيات أن يطمئنوا على حقوقهم".

الأزمات تضرب النهضة من الداخل

وضربت الأزمات حركة النهضة من الداخل، آخرها ما أعلنه عدد من النواب والسياسيين بالتخلى عن الحركة والانشقاق عنها، مؤكدين فشلها فى تلبية طموحات الشعب التونسى وآماله، مشددين أن الوقت قد حان للتغيير، بعدما أكد فتحى العيادى، الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، أن خليل البرعومي، استقال من المكتب التنفيذي ومن مسؤولية الإشراف على مكتب الإعلام في حركة النهضة.

وقال البرعومي لإذاعة موازييك، إن سبب استقالته هو الحراك الشعبي ضد النهضة واستجابة لقرارات رئيس الجمهورية التى اتخذها، مضيفا: كنا ننتظر مراجعات من قيادات الحركة لكنها لم تستجيب للحراك الشعبي والاحتجاجات فهي فشلت"، مضيفا أنه "لم أكن أعلم بما يدور داخل الحركة من سياسات، مؤكد أن "القيادى الإخواني لحركة النهضة راشد الغنوشي أخطأ، وحان وقت التغيير".

كما أعلنت النائبة البرلمانية التونسية، شيراز الشابي، النائبة عن حزب قلب تونس الحليف لحركة النهضة الإخوانية، استقالتها، وقالت الشابي إنها "قدمت استقالتها من حزب "قلب تونس" ومن الكتلة البرلمانية"، وأكدت الشابي أن "الدساتير تترجم إرادة الشعوب وهي أقوى من كل شيء"، معلنة التحاقها بالحراك الشعبي.

من جانبه أكد الاتحاد العام للشغل التونسي أن أي ضغط خارجي على بلاده مرفوض، مشدداً على أن الشأن الداخلي يحل بقرارات سيادية، وأوضح الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري، أن الشأن الداخلي يحل تونسياً بقرارات سيادية، موضحاً إنه تم إعداد خارطة طريق لإدارة الفترة الحالية في تونس، مشيراً إلى أنه سيتم عرضها على الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد للمصادقة عليها وتقديمها إلى الرئيس قيس سعيد.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة