«اتحاد علماء المسلمين» في تونس.. وكر تفريخ الإرهاب

السبت، 11 سبتمبر 2021 10:00 م
«اتحاد علماء المسلمين» في تونس.. وكر تفريخ الإرهاب
محمد فزاع

«النهضة» الإخوانية مكن «اتحاد القرضاوي» في تونس لغسل الأدمغة.. «الغنوشي» منح صغار الإرهابيين ضوء أخضر لتنفيذ هجمات دموية

الاتحاد يتلقى تمويلات خارجية لدعم سياسته الجماعة الإرهابية.. ويصدر فتاوى على المقاس

 

فكر ظلامي سلفي وحثّ على التكفير والعنف، يمهد لتجنيد مئات الشباب وبث روح الكراهية والإرهاب في تونس لخدمة تنظيم الإخوان، هذا ما يفعله تحديدا «اتحاد علماء المسلمين» في فرع تونس منذ تأسيسه 2012، الذي ترأسه لفترة طويلة الإخواني يوسف القرضاوي، وبعده أحمد الريسوني.

رفع الشعب التونسي شعار «ديقاج» وتعني باللهجة الدارجة «ارحل» لجماعة الإخوان في تونس مطالبين بمحاسبة زعيم التنظيم، راشد الغنوشي، وفتح ملفات مخالفاته المالية وأنشطته الإرهابية، بعد قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد البرلمان ونزع الحصانة عن أعضائه، لكنه عناصر الجماعة الإرهابية أخذت تبث سمومها في سبيل إيجاد موطئ قدم بعد نبذهم من الجميع.

مؤخرا فرع اتحاد علماء المسلمين، في تونس أطلق التسجيل لدورات تدريبية جديدة للشباب، والتي تحمل مضامين منافية لنصوص الدستور التونسي وتدعوا للريبة، خاصة مع وجود أهداف خبيثة بتأسيس تعليم موازٍ يشكل خطرا على الدولة، به قراءة متشددة للإسلام ومتداخلة مع مجالات سياسية تحت شعارات دينية.

الغضب الشعبي لسيطرة الجماعة الإرهابية لسنوات ترجم بلفظ الجميع لأي محاولات جديدة لأخونة الدولة وإحكام قبضتهم عليها، إذ خرج التونسيون، لمطالبة الرئيس قيس سعيد، بالتدخل لغلق فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الواجهة السياسية لتنظيم الإخوان، بسبب الشبهات التي تحوم حول نشاطاته وأدواره في البلاد.

ورفع المشاركون في هذه المظاهرة التي دعا لها الحزب الدستوري الحر، بقيادة عبير موسي، لافتات كتب عليها "يا رئيس الجمهورية أغلق أوكار تفريخ الإرهاب" و"جماعة الإخوان = إرهاب" و"يا غنوشي يا سمسار بعت تونس بالدولار" و"لا للتراجع عن مكاسب المرأة" و"لا تضربوا وحدة المنظومة التربوية".

تقول رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، إن التنظيم جاء لتونس لتطبيق القواعد التي يراها «القرضاوي» وليس القوانين التونسية، إذ عمل الإخوان على ترتيب قوانين في عام 2012، لضمان تغلغل الاتحاد في الشارع التونسي، لافتة إلى أن «هذا الوكر (اتحاد القرضاوي) قام بتركيز أخطبوط كامل داخل تونس ضمن شبكة كاملة من الجمعيات تأخذ شكل المدارس، والتي لا تنشر الدين الإسلامي، وإنما تغسل أدمغة الأطفال وفرض نموذج مجتمعي لا يؤمن بحقوق المرأة ولا منظومة تعليمية مدنية».

ومن جانبه، أصدر المرصد التونسي للدفاع عن مدنية الدولة، بيانا يطالب بغلق مقر الاتحاد، منبها إلى خطورة المضامين التي تروّجها هذه المنظمة في دوراتها التدريبية وتطرّفها، والتي تتعارض مع المبادئ الدستورية المدنية ومع القوانين التونسية خاصة في مجال الأحوال الشخصية، وإلى ما تحتويه من فكر ظلامي سلفي ومن حثّ على التكفير والعنف، مّا يبعث في الشباب التونسي روح الكراهية والإرهاب.

تونس تقاوم الإخوان

يتهم التونسيون الاتحاد بكونه يخترق جسم المجتمع منذ 2011 للترويج لخطابات تفرقة تحث على العنف والتكفير، بالشراكة مع حركة النهضة الإخوانية المتهم زعيمها الغنوشي بالتورط في اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد، والقيادي القومي محمد البراهمي، عبر الجهاز السري للحركة.

اشتعال الحراك ضد الاتحاد في تونس يجدد الحديث بشأن فكرة الاتحاد نفسها، الذي يقدم نفسه على أساس أنه اتحاد إسلامي يجمع شمل الأمة ويخدم مصالح المسلمين بكافة مذاهبهم، إلا أن خطاب رئيسة يوسف القرضاوي، يناقض الأمر تماما، حيث عرف بفتاوى إباحة القتل في الخصومات السياسية ومنها فتواه بجواز قتل رؤساء دول عربية وإباحته لتفجير المسلم نفسه وسط المدنيين بشرط أن يكون ذلك بقرار من الجماعة وليس من دولة.

ويصف الاتحاد نفسه بالشعبية والاستقلال مدعيا أنه يستمد قوته من الشعوب والجماهير، بينما يرتبط بالحقيقة بتمويلات خارجية وتدعم سياسته بشكل مباشر بالإخوان وتقتصر عضويته تماما على عناصر الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب في دول عدة.

فتوى على المقاس

وبعد القرارات التي أصدرها الرئيس قيس سعيد، والتي بمجملها أسقطت منظومة الإخوان بعد عقد من الزمن، سارعت جماعة الإخوان كعادتها للتحريض على العنف، فلم يتورع "الاتحاد" عبر رئيسه أحمد الريسوني، بوصف ما حدث في تونس بـ"الانقلاب"، ولم تستطع فتواه إخفاء الانحياز السافر لتنظيم الإخوان، واستغلال الواجهة الدينية لمآرب وأجندات سياسية عابرة للقارات.

وما يدلل على تبعية الاتحاد للجماعة الإرهابية، خروجه ببيان إشادة دون خجل بحقبة تحكم الإخوان في السلطة خلال العشرية العجفاء، ومصادرة إرادة التونسيين بلا مواربة.

ولا ينسى الجميع التواريخ، حيث تؤكد الشواهد أن هذا التنظيم يناقض نفسه ويخدم مصالحه فقط، عندما ضاق الشعب في السودان ذرعا بحكم عمر البشير، وخرجوا للشوارع طلبا للخلاص، فما كان من "اتحاد علماء المسلمين" غير الاعراب عن قلقه ما يحدث، ووجه فتواه للمتظاهرين يحثهم على الهدوء.

ودعا وقتها الأمين العام للاتحاد، علي القرة داغي، إلى اقتراح الحلول، وتشكيل مجلس يمثل فيه النظام والمتظاهرون، في مد طوق نجاة للبشير، قبل أن يغرق، في انحياز أيديولوجي فاضح، أما في ليبيا أفتى "القرضاوي" بقتل الرئيس الراحل معمر القذافي، ووعد المتظاهرين القتلى بـ"أجر الشهادة" والجرحى بالشفاء.

استقطاب الشباب

يوفر الكيان مظلة من الفتاوى للجماعات المتطرفة ويستهدف استقطاب أعضاء جدد للجماعة ومحاولة نشر أفكارها، وفي تونس تحديدا يحاول التغلغل رغم عمله بدون ترخيص وتأدية أنشطة مشبوهة.

ويعمل الاتحاد على تدشين دورات يصفها بأنها تعليمية دون موافقة وزارة التعليم، ولا تخضع لرقابتها، ورغم احتجاج الوسط الأكاديمي في تونس على أنشطة الاتحاد، إلا أن حركة النهضة المرتبطة بالإخوان منحته مظلة كي ينتشر في المجتمع التونسي.

يقول مراقبون إن «الاتحاد ينفذ عملية أخونة للمجتمع بنشر فكر الجماعة ما يهدد المنظومة التربوية والمدنية وقيم التسامح والوسطية الموجودة منذ سنوات».

ويرون أن تجارب الدول الأخرى مع الفكر المتطرف كانت مؤلمة ومنها التحريض على الفوضى في مصر وإطلاقه للفتاوى التكفيرية، كما كان له دورا في تدمير سوريا واستهداف جميع أهلها بدون استثناء.

«الريسوني» المتطرف

وبالنسبة للمواقف السياسية للاتحاد فنجد أن التنظيم يسلك خطاً سياسياً واضحاً، وهو تنفيذ أجندات الإخوان وممالأة الدول الداعمة لهم، والتهليل لها في المناسبات المحافل، وفي المقابل توجيه الطعون لبعض الدول الرافضة وجودها والتحريض ضدها، وتشويهها.

وعلى مستوى إرهاب الاتحاد، نجد دعمه وتأييده للتنظيمات الإرهابية المسلحة في مناطق الصراع، وخاصة جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، إذ طالب خرج ببيانات تصف الجبهة الإرهابية بأنه «فصيل معتدل»، ما يؤكد ارتباط الاتحاد بشكل وثيق بالإخوان التي خرج تنظيم القاعدة من رحمها.

أما «الريسوني» رئيس الاتحاد الحالي، لم يختلف كثيرا عن «القرضاوي»، ولا يقل خطراً عنه، بل قال في أحد اللقاءات: «أنا أعتبر نفسي إخوانياً أكثر من جميع الإخوان»، كما يعد التعصب من علامات فكره المتطرف، ويعتبر أن التصدي للتنظيمات الإرهابية هو يتصدى للإسلام، ويعرف بدفاعه المستميت لزعماء الإخوان وخاصة سيد قطب، الأب الملهم للتنظيمات الإرهابية في التاريخ المعاصر، ويقول عنه: «لم يقل سيد قطب بمجتمعات جاهلية، وإنما وصف بعض الأوضاع بأنها جاهلية».

وتوقعت دراسة حديثة صادرة عن مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" أن يعمل إخوان تونس، على تنفيذ بأعمال عنف إزاء قرارات الرئيس التونسي بتحجيم الإخوان، ووضع حدا لتغلغلها في مفاصل أجهزة الدولة التونسية ومؤسساتها، منبهة إلى وجود خطر عودة ما يُسمى بـ «الإسلام الغاضب»، كما أطلق عليه راشد الغنوشي، زعيم النهضة، عند حديثه عن تورط بعض الشبان الإسلاميين من النهضة في أعمال عنف، مؤكدا أنه بمثابة إشارة خضراء للعناصر الإرهابية لتنفيذ عملية شغب، في ظل الأزمة التونسية الراهنة، مثلما حدث في مناسبات سابقة خاصة 2015 الذى شهد ما لا يقل عن 3 هجمات دموية، أبرزها الهجوم على متحف باردو، وعلى منتجع سياحي في سوسة وسط البلاد، وعلى حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة تونس، والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى.

ولم يستبعد محللون تونسيون انحسار خطر الإرهاب، خاصة إذا انفجرت النهضة من الداخل، وتشكلت تيارات متشددة رسمياً من صلبها تدعو إلى العنف والخروج على الدولة، وحمل السلاح، وقد يؤدى ذلك إلى استقطاب عشرات التونسيين عبر ما يسمى «الاتحاد العالمي».

ويرى مراقبون أن الصلات التي تجمع حركة النهضة بالفرع التونسي للاتحاد، أكثر من وطيدة، لا سيما أن المدير التنفيذي للفرع التونسي، عبدالمجيد النجار، عضو مجلس شورى النهضة، والنائب السابق بالمجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة.

ويمكن قراءة خطورة الفرع التونسي عبر استماتة حركة النهضة في الدفاع عن وجوده، وتأتي خطوة حله لخطورته على أمن تونس، التي اكتوت من ضربات إرهابية متكررة، وتخوض صراعاً مريراً من أجل محاصرة الخلايا الإرهابية النائمة التي تتغذى فكرياً من ما يثبه الاتحاد الذي ينظم دورات «للتكوين والتأهيل الشرعي» بمقابل مالي زهيد.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق