مصر تدخل نادي الذكاء الاصطناعي وتحتل المركز 56 عالميًا.. ثورة صناعية رابعة

السبت، 25 ديسمبر 2021 06:23 م
مصر تدخل نادي الذكاء الاصطناعي وتحتل المركز 56 عالميًا.. ثورة صناعية رابعة
محمد فزاع

على مدار أعوام اتجهت الحكومة للاهتمام بالذكاء الاصطناعي، واستخدام هذه التكنولوجيا في دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بهدف الارتقاء بجودة حياة المواطن، ولتحقيق الدولة التنمية القائمة على المعلومات الدقيقة، ولذا اتخذت الدولة خطوات مهمة لتأسيس وتوطين الذكاء الاصطناعي.

ووفقا لتقرير مؤشر «جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعى لعام 2020»، الصادر عن مؤسسة «أكسفورد إنسايت» ومركز أبحاث التنمية الدولية، تقدم ترتيب مصر خلال عام بالمؤشر لتحتل المركز 56 عالميًا بين 172 دولة، بعد أن كانت بالمركز 111 عام 2019، وتلك القفزة في الترتيب تحققت بفضل الجهود الحكومية لوضع رؤية واستراتيجية قومية للذكاء الاصطناعي، بجانب إقامة المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، والسعى على المستوى العربى والإفريقى والدولي، وتكوين مجموعات عمل لمناقشة قضايا وطرح سياسات للذكاء الاصطناعى المسئول بهدف تحقيق التنمية.

وواجهت مصر قبل الدخول بقوة للمجال تحديات عدة مثل توحيد البيانات وفهرستها بصورة قابلة للاستخدام في البرمجيات الحديثة، ونقص القوى البشرية المدربة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقلة الشركات المصرية العاملة بالمجال، والتي رغم ذلك تنمو وتزداد بشكل ملحوظ مؤخرا.

وتستعد الدولة لمواجهة هذا النقص بصورة منظمة، من خلال برامج لبناء القدرات لجميع فئات المجتمع فى علوم الذكاء الاصطناعي على اختلاف مستوياتها، بدءا ببرامج لخلق الوعى حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، وصولا إلى برامج لخلق قاعدة من الكفاءات المتخصصة في هذه التكنولوجيات، وإدخال العلوم الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى بالجامعات المصرية.

ثورة صناعية رابعة

وتعد تقنيات الذكاء الاصطناعي من آليات دعم القرار المهمة، فعلى سبيل المثال يمكن استخدامها لتحليل بيانات أسواق السلع الخاصة بإنتاج المنتجات المختلفة، ودراسة حركة المخزون؛ بغية تحديد وتوقع أسعار البيع للمنتجات، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الحسابات البنكية وتحليل بيانات المتعثرين عن السداد، وهو ما يساعد بدوره في الحد من مخاطر التعثر عن السداد في المستقبل، وبالإضافة إلى ذلك قد تستخدم هذه التقنيات في اتخاذ القرارات المتعلقة بتداول الأوراق المالية والتنبؤ بأسعارها، وهو ما قد يلعب دوراً كبيراً في منع الأزمات النظامية  systemic crisis.

ومن المتوقع أن تعمل الأتمتة والاعتماد على التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي على تغييرات واضحة في المهام والوظائف والمهارات المطلوبة في سوق العمل العالمي بحلول عام 2025، حيث أشار تقرير منتدى الاقتصاد العالمي إلى أن 43.2% من الشركات التي تم استطلاع رأيها قد أفادت بأنها سوف تقوم بتقليص قوتها العاملة بسبب الاعتماد على التكنولوجيا، كما أشار نحو 41.8% من الشركات المستطلع رأيها إلى أنها سوف تقوم بتوسيع استخدامها للمتعاقدين لأداء خدمات تخصصية، في حين أفاد نحو 34.5% من الشركات المستطلع رأيها بأنها سوف تقوم بتوسيع قوتها العاملة بسبب التكامل التكنولوجي، كما يتوقع التقرير أن 38.3% من الشركات المستطلع رأيها سوف تتخذ إجراءات لتغيير مواقع عملها، و55.1% من الشركات المستطلع رأيها سوف تقوم بتعديل سلاسل القيمة المضافة الخاصة بها لأسباب لا تتعلق بزيادة الاعتماد على التكنولوجيا والأتمتة.

ولمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، تعاونت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإعداد الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، لتوطين الصناعة، وجرى التعاون مع كبرى الشركات العالمية العاملة بمجال التكنولوجيا بدءًا ببرامج لخلق الوعي بالتكنولوجيا ووصولا إلى برامج عالية القيمة لخلق قاعدة من الكفاءات المتخصصة بهذه التكنولوجيات، وتزويد الشباب والعاملين بقطاعات الدولة بالمعرفة والمهارات اللازمة.

وجرى تأسيس مركز الابتكار التطبيقي الذي يتعاون مع معاهد بحثية ومؤسسات أكاديمية وشركات عالمية لتطوير حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهها المجتمع باستخدام التقنيات الحديثة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث يولي في مرحلته الأولى أهمية لمجالات الرعاية الصحية، والزراعة، ومواجهة ندرة المياه، ومعالجة اللغة العربية والترجمة الآلية والتي يمكن أن تحقق مصر من خلالها الريادة.

وانشأت وترأست مصر مجموعة العمل الإفريقية للذكاء الاصطناعي، وكذلك فريق عمل عربي للذكاء الاصطناعي والذي يتولى مسؤولية وضع استراتيجية عربية موحدة، كما جرى اختيار مصر لمنصب نائب رئيس فريق الخبراء الدولي التابع لليونسكو المكلف بإعداد مسودة أول وثيقة دولية متعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

وبدأت مصر في مشروع نشر مراكز إبداع مصر الرقمية بتنفيذ خطة لإنشاء 15 مركزا للإبداع الرقمي بالمحافظات لتحقيق العدالة بالتنمية، ولتدريب الشباب على مختلف تخصصات علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع تنفيذ برامج لرعاية الإبداع التكنولوجي لتشجيع طلاب الجامعات ورواد الأعمال في المحافظات على تأسيس مشروعاتهم الريادية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وانتهت من التشغيل المبدئي لخمسة مراكز بالجامعات في "المنصورة، والمنوفية، والمنيا، وسوهاج، وقنا"، وتضم المرحلة الثانية من المشروع إنشاء خمسة مراكز أخرى في الإسماعيلية، وأسوان، والقاهرة، والجيزة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وجارى تخطيط المرحلة الثالثة من المشروع لإطلاق المراكز في 5 محافظات إضافية.

وجرى إطلاق مبادرة مجمعات الإبداع والتي نتج عنها تأسيس مجمعين أحدهما بالمنطقة التكنولوجية ببرج العرب، والآخر بالمنطقة التكنولوجية بأسيوط الجديدة، بالإضافة لافتتاح مركز الإبداع التكنولوجي ببرج العرب والذي يُعد نموذجًا للتعاون المصري اليوناني القبرصي في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وفي ضوء العمل على تعميق التعاون المصري الإفريقي جرى تنفيذ المبادرة الرئاسية "إفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية"، والتي تهدف لتنمية قدرات وتأهيل 10 آلاف شاب مصري وإفريقي على تطوير الألعاب والتطبيقات الرقمية باستخدام أحدث التقنيات وتحفيز تأسيس 100 شركة مصرية وإفريقية ناشئة بهذا المجال، بالتعاون مع وزارة الخارجية وشركات عالمية ووزارات ومؤسسات بمختلف الدول الإفريقية.

وحظيت مصر على ريادة إقليمية بمجال جذب الاستثمارات بالشركات الناشئة التكنولوجية، وكان من أبرزها استحواذ الشركات التكنولوجية المصرية الناشئة على أكبر عدد من الصفقات الاستثمارية بقارة أفريقيا، بنحو 24% من إجمالي عدد صفقات القارة في 2020، كما اختار التقرير العالمي لبيئة الشركات الناشئة «GSER 2020» القاهرة ضمن أفضل 10 نظم إيكولوجية على مستوى العالم توفر المهارات بتكاليف تنافسية، وفازت منصة إبداع مصر «EgyptInnovate» الحكومية بمسابقة تحدي الابتكار للاتحاد الدولي للاتصالات 2020 عن فئة أفضل ممارسات النظم الإيكولوجية.

مهارات رقمية

وعلى صعيد تنمية المهارات الرقمية، جرى إطلاق العديد من المبادرات التي تهدف إلى خلق كوادر رقمية لتلبية المتطلبات المحلية لصناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتأهيل الشباب للحصول على فرص عمل متميزة وتعزيز قدراتهم التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية، حيث تم وضع استراتيجية متكاملة لبناء القدرات تدمج بين أسلوب التدريب المباشر والتعلم عبر منصات رقمية.

وفى إطار هذه الاستراتيجية تم مضاعفة أعداد المتدربين في البرامج التي تقدمها الوزارة وجهاتها التابعة في مجالات التكنولوجيا المختلفة، لتصل إلى أكثر من 115 الف متدرب خلال العام المالي الجاري بكلفة إجمالية 400 مليون جنيه، وشملت برامج التدريب مستويات مختلفة بدءًا من التدريب على المهارات الأساسية في الحاسب الآلي لنشر الثقافة الرقمية، والتدرج في التخصص والتعمق لبناء المهارات الرقمية وتأهيل الشباب للعمل في مختلف التخصصات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني، وإنشاء وتشغيل وصيانة شبكات الألياف الضوئية، وأمن المعلومات.

تمكين الشباب بالتكنولوجيا

وتعمل وزارة الاتصالات عبر استراتيجية للتدريب بإطلاق برامج ومبادرات مهمة منها، مبادرة تمكين الشباب في سوق العمل "مستقبلنا رقمي"، عبر تدريب 100 ألف شاب على مهارات العمل الحر بمجالات تكنولوجيا المعلومات المتطورة وذات الطلب المتزايد، بالإضافة لمبادرة "شغلك من بيتك"، ومنحة "تمكين الشباب للعمل المهني الحُر" والتي تهدف إلى تدريب 20 ألف شاب على مهارات العمل الحُر عبر المنصات الإلكترونية.

وفي مبادرات للتعلم الرقمى، نفذت المبادرة الرئاسية "رواد تكنولوجيا المستقبل"؛ وهي منصة رقمية لتوفير التدريب في 45 مسار تدريبي في تخصصات تكنولوجية متقدمة بالتعاون مع كبرى الشركات التكنولوجية، وبشهادات معتمدة من جامعات عالمية، وتضم المبادرة أيضا البرنامج التدريبي "مبرمجي المستقبل"، وهو منحة تدريب مجانية في أساسيات البرمجة لطلبة الصف الأول الثانوي المتميزين ويتم من خلالها منح شهادة معتمدة من المنصة العالمية "يوداسيتي" للتعلم الإلكتروني.

وأطلقت المنصة الرقمية "مهارة تك" لتدريب الشباب في التخصصات التكنولوجية الدقيقة باللغة العربية عبر 10 مسارات، ومنصة للتعلم عن بُعد تستهدف فئات المجتمع المختلفة في كافة أنحاء الجمهورية لنشر الثقافة الرقمية بشكل آمن وفعال وذلك بالتعاون مع مؤسسة ICDL  العربية، وإتاحة منح مكثفة لتدريب شباب مصر داخل محافظاتهم تشمل برامج تلائم هوية أعمال مكان المنشأ وبما يتلاءم مع النشاط الصناعي واحتياجات كل محافظة، وتنفيذ برامج لبناء القدرات الرقمية للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، ومبادرة "وظيفة تك" بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي لربط البرامج التدريبية مع احتياجات الصناعة لتشمل إتاحة التدريب على تكنولوجيات متخصصة، ومبادرة "قدوة- تك" لدعم المرأة المصرية وتمكينها باستخدام تكنولوجيا المعلومات من خلال دعم مهارات رائدات الأعمال من صاحبات الحرف اليدوية في مجال التسويق الرقمي، والتجارة الإلكترونية، ومبادرة لتأهيل شباب المجندين أثناء تأديتهم لفترة تجنيدهم بالتعاون مع وزارة الدفاع.

وسعيًا نحو بناء قاعدة صلبة من المهارات الرقمية، انشأت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة مصر المعلوماتية في مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتكون أول جامعة متخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث من المقرر أن تبدأ الدراسة بالجامعة خلال العام الدراسي المقبل بالتعاون مع كبرى الجامعات الدولية المتخصصة في هذه المجالات.

كما أطلقت الوزارة مبادرة "بُناة مصر الرقمية" وهى منحة من الدولة مقدمة لعدد ألف شاب من المتفوقين من خريجي كليات الهندسة والحاسبات والمعلومات، وترتكز على رؤية جوهرها بناء كوادر تقنية عالية التخصص، من خلال برنامج أكاديمي وعملي مكثف ومتكامل يحصل على آثره الملتحقين به على درجة الماجستير المهني في مجالات الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، والأمن السيبراني، وعلم الروبوتات والأتمتة، والفنون الرقمية، بالإضافة إلى شهادات تدريب معتمدة من كبرى الشركات العالمية المطورة للتكنولوجيا، وأيضًا شهادة في المهارات القيادية والإدارية، وأخرى في اللغة الإنجليزية من كبرى الشركات العالمية المتخصصة.

مدينة المعرفة خطوة نحو الرقمنة

وتكريسًا لاستراتيجية الحكومة في بناء مصر الرقمية؛ أنشأت وزارة الاتصالات مدينة المعرفة على أحدث النظم التكنولوجية في العاصمة الإدارية الجديدة، كصرح تكنولوجي لدعم البحوث والابتكار في التقنيات المتقدمة وجذب استثمارات الشركات التكنولوجية العالمية وتوفير التدريب التقني، ومن المقرر افتتاح المرحلة الأولى من المشروع خلال العام الجاري؛ والذي بلغت تكلفته الإنشائية أكثر من 2 مليار جنيه؛ وتضم المرحلة الأولى أربعة مباني للابتكار والبحوث التطبيقية، وللتدريب التقني، والبحوث والتطوير في التكنولوجيا المساعدة، وجامعة مصر المعلوماتية.

تطوير البنية التحتية

واتبعت الدولة خطة لتطوير البنية التحتية شملت تنفيذ المرحلة الأولى لمشروع تطوير البنية التحتية للاتصالات، في كافة أنحاء الجمهورية في 2019 باستثمارات بلغت 30 مليار جنيه، ثم تبعه تنفيذ المرحلة الثانية في النصف الثاني من 2020 بُكلفة تصل إلى نحو 5.5 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، ولقد أثمرت هذه الجهود عن تضاعف سرعة الإنترنت في مصر أكثر من ست مرات عن يناير 2019؛ حيث ارتفع متوسط سرعات الإنترنت الثابت في مصر إلى 39.6 ميجابت/ثانية في أبريل 2021 مقارنة بـ6.5 ميجابت/ثانية في يناير 2019، كما حصلت الشركة المصرية للاتصالات على لقب أسرع إنترنت في شمال أفريقيا.

وسعيًا نحو تعميم التحول الرقمي في كافة محافظات الجمهورية؛ تم البدء في تنفيذ مشروع ربط كافة المباني الحكومية البالغ عددها نحو 31500 مبنى حكومي على مستوى الجمهورية بشبكة الألياف الضوئية خلال 24 شهرًا، وبتكلفة تصل إلى 6 مليارات جنيه؛ حيث تم ربط حتى الآن أكثر من 13 ألف مبنى حكومي بهذه الشبكة.

استراتيجية الأمن السيبراني

وجرى تشكيل المجلس الأعلى للأمن السيبرانى ليتولى مسؤولية إعداد استراتيجية وسياسات وبرامج وخطط تأمين البنى التحتية للاتصالات والمعلومات الحرجة لكافة قطاعات الدولة. ويتبع مجلس الوزراء، ويرأسه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ويضم ممثلي الأطراف المعنية "وزارات الدفاع، والخارجية، والداخلية، وجهات سيادية" وممثلي إدارة وتشغيل البنى التحتية في القطاعات الحيوية والمرافق العامة والحكومة الإلكترونية.

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق