مشروع قومي تحت راية الهوية المصرية

الأربعاء، 17 أبريل 2024 05:03 م
مشروع قومي تحت راية الهوية المصرية
شيرين سيف الدين

مصر دولة ذات هوية وطابع خاص لا يماثله أحد، دولة تتكون من مدن وأقاليم مختلفة لكل منها تراثه الخاص سواء في الملابس والأزياء أو الطراز المعماري أو المأكولات والأطعمة أو المشغولات والفنون اليدوية أو العادات والتقاليد، كما أن مصر دولة حضارة وتاريخها زاخر بالحقب الزمنية التي تفردت بأزياءها ومجوهراتها ومطابخها منذ عصر قدماء المصريين وحتى يومنا هذا، والمصري فنان بفطرته ومبدع في المجالات المختلفة، ولديه ذوقه الخاص الذي يعطي لكل ما يصممه وينفذه روحاً تكاد تنطق بأنها مصرية، وطباخ ماهر لديه من أنواع الطعام ما يتميز في مذاقه ولا يضاهيه فيها غيره.
 
عند زيارتك لأي معرض أو بازار محلي تشعر بالفخر بأبناء هذا الوطن من المبدعين والفنانين ذوي الذوق الراقي والمُعبر عن هوية الوطن، أغلب هؤلاء الفنانين هم من الشباب والسيدات الذين يخطون خطوات فردية لتحقيق أحلامهم في تسويق منتجاتهم سعياً لبناء علاماتهم التجارية الخاصة في المجالات الإبداعية المختلفة.
 
اقتناء قطعة مصرية متميزة يعطي شعورا كبيرا بالسعادة والرضى للمتسوق المصري وغير المصري، لذا دائما ما يراودني حلم وأمل في إقامة مشروع قومي ضخم يجمع مبدعي مصر في مختلف المجالات تحت سقف مشروع واحد، تقيمه الدولة بمشاركة رجال الأعمال لمساعدة المتميزين وأصحاب المشاريع الصغيرة في الانضمام لكيان كبير كشركاء عمل، على أن يكون الهدف هو إنشاء علامة تجارية مصرية متميزة ومتفردة تصل للعالم أجمع، يكون هدفها الأسمى التوسع من المحلية للعالمية عن طريق تصدير المنتجات للخارج، وفتح منافذ بيع في جميع دول العالم تحت شعار صنع في مصر بأيادٍ مصرية.
 
مشروع كهذا يعد كنز قومي كبير ليس فقط لما سيدره من عملة صعبة، وفتح باب رزق للملايين، والترويج للصناعات المصرية عالميا، وتعريف الشعوب المختلفة بالتراث والهوية المصرية، ولكن الأهم أنه سيصبح ركيزة لتأصيل الانتماء لدى العديد من الشباب المجتهدين والمبدعين الذين يتخبطون في طريق الوصول، بالرغم مما لديهم من طاقة ومهارة وذوق رفيع، وقدرة على الدقة في الإنتاج، وشغف لتحقيق أحلامهم، فهؤلاء المبدعين لا يحتاجون إلا ليد تمتد إليهم لتغلق أبواب اليأس، وتساعدهم وتنير لهم الطريق وتفتح لهم أبوابا من الأمل لتحقيق ما يصبون إليه ويستحقونه بالفعل.
 
أتصور أن مشروعا قوميا مصريا يجمع المبدعين في مجالات الأزياء وصناعة المجوهرات والحُلي بأنواعها، والمشغولات الجلدية المتنوعة، وكل ما يخص ديكورات المنازل هو حلم كبير للعديد من أبناء هذا الوطن، على أن يكون الأساس هو "ترسيخ الهوية المصرية"، وإنتاج كل ماله علاقة بالتراث المصري القديم والحديث، وأن يستوحي الفنانين أعمالهم من كل ما له علاقة بمصر وأقاليمها المختلفة من النوبة حتى السلوم.
 
مشروع كهذا لا يُسمَح فيه بالتكرار ولامجال فيه للاستنساخ أو التقليد، فأساس الفكرة هو تميز وتفرد المنتج المصري، فلا تخطئه عين حين تراه، ولا يشابهه منتج آخر، وهذه هي القاعدة الأساسية لتسويقه وأداة الجذب لانتشاره في الأسواق ولدى الشعوب المختلفة.
 
دعونا نتخيل سلسة محلات مصرية عالمية لبيع الحُلى، وأخرى خاصة بالملابس والمصنوعات الجلدية ذات الطابع المصري الأصيل بأذواقه المتفردة سواء فرعونية أو مستوحاة من ريف أو صعيد مصر أو من التراث السيناوي أو السيوي أو مدن القناة والوجه البحري، ومحلات خاصة بقطع الأثاث وكل ما له علاقة بالمنازل وديكوراتها ومستلزماتها، ومحلات أخرى خاصة بالمأكولات والحلويات والتوابل والأعشاب الخاصة بنا.
 
تخيلوا معي محلات منتشرة في المراكز التجارية الكبرى في دول العالم المختلفة تحت إسم وعلامة تجارية مصرية، يرتدي بائعيها زي موحد يتم اختياره بعناية ليكون معبراً عن الأزياء المصرية الأصيلة، على أن يتميز بديكور وطراز خاص، مع أجواء موسيقية مصرية راقية، يفوح من فروعه عطر الياسمين المصري الرائع!
 
مما لاشك أن انتشار محلات تجارية بهذا الشكل تعرض منتجات بهذه الأذواق والنوعية الفريدة والمتميزة ستجد إقبالا شديدا يفيد الجميع سواء على المستوى الشخصي أو العام، على أن يكون تنفيذ المشروع بمشاركة وإدارة كبار رجال الأعمال ذوي الخبرة في المجالات التجارية المختلفة مع الاستعانة بخبراء التسويق للاستفادة من خبراتهم في إنجاح المشروع، وتحقيق مستهدفاته في أسرع وقت وعلى أكمل وجه بعيدا عن الروتين الحكومي ومدام "عفاف" في الدور الرابع.
 
أتمنى أن تجد الفكرة اهتماما من الجهات المسؤولة سواء الوزارات المعنية كوزارة الصناعة أو التجارة الخارجية، أو هيئة الاستثمار، ورجال الأعمال والمستثمرين، ومن موقعي هذا أناشد رئاسة الوزراء بتبني المشروع ووضعه ضمن خطة مصر الإقتصادية المستقبلية.
 
وفي اعتقادي أن فكرة كهذه لو تم تنفيذها بعناية واهتمام وجدية من الدولة ستصبح يوما ما من أهم وأكبر المشاريع القومية، وستضع مصر على خريطة العالم الاستثمارية والتجارية بشكل أكبر مما هي عليه اليوم، كما أنها ستجمع الملايين من أبناء الوطن تحت راية واحدة متمثلة في كيان اقتصادي ضخم يمنحهم الأمل في تحقيق أحلامهم، ويساعدهم على النهوض بوطنهم والارتباط به والنجاح على أرضه لما فيه الخير لهم وله وللجميع.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق