باق أسبوعان على الافتتاح العالمى.. المتحف المصري الكبير.. تحفة أثرية تجسد عبقرية الحضارة الفرعونية
السبت، 11 أكتوبر 2025 11:50 م
فعاليات الافتتاح على مدار 3 أيام متتالية وأعمال تطوير واسعة لراحة الزوار
توجيهات رئاسية: الافتتاح يعكس المكانة الرفيعة للمتحف كصرح ثقافي وأثري عالمي يليق بتاريخ مصر العظيم
تشهد مصر في هذه الأثناء تحركات مكثفة واستعدادات على أعلى مستوى استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يعتبر من أبرز المشاريع الثقافية والأثرية التي تحتضنها البلاد.
يأتي هذا الحدث البارز في الأول من نوفمبر لعام 2025، حيث من المنتظر أن تُقام فعاليات الافتتاح الرسمية على مدار 3 أيام متتالية، قبل أن تفتح أبوابها رسمياً أمام الجمهور والزوّار في الرابع من نوفمبر.
يقع المتحف المصري الكبير بالقرب من أهرامات الجيزة العظيمة، وهو بمثابة نافذة فريدة تطل على تاريخ يمتد لآلاف السنين، إذ يضم ما يقرب من 100 ألف قطعة أثرية نادرة، تعكس روعة الحضارة المصرية القديمة وأسرارها، ويُعتبر المتحف الأكبر في العالم الذي يكرّس جهوده لعرض آثار حضارة واحدة، تلك التي أسهمت في تشكيل تاريخ الإنسانية.
ويأتي افتتاح المتحف في وقت استراتيجي، حيث تعكف السلطات المصرية على دمج الأصالة مع الحداثة، عبر توفير بيئة عرض متطورة تتيح للزوار من مختلف أنحاء العالم تجربة ثقافية غنية تبرز عظمة الإرث الفرعوني، وتشمل المعروضات كنوز الملك توت عنخ آمون، التي ستُعرض كاملة لأول مرة منذ اكتشافها في عام 1922، بما يزيد عن 5 آلاف قطعة أثرية، حيث تروي كل قطعة قصة فريدة عن حياة الملك الذهبي وحضارته المتألقة.
ومع قرب موعد الافتتاح، تشهد المنطقة المحيطة بالمتحف أعمال تطوير واسعة، تشمل تحسين البنية التحتية والطرق، بالإضافة إلى تعزيز التجهيزات الرقمية، وكل ذلك بهدف تقديم تجربة زائر متكاملة تجمع بين الراحة والمعرفة، وتتيح استكشاف التاريخ بشكل لم يسبق له مثيل.
وفي إطار الاستعدادات المكثفة، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في اجتماع عقد يوم 28 سبتمبر الماضى، بضرورة المتابعة الدقيقة لكل التفاصيل المتعلقة بفعاليات افتتاح المتحف المصري الكبير، وأكد الرئيس السيسى، على أهمية أن يكون الافتتاح متميزًا على مستوى العالم، يعكس المكانة الرفيعة للمتحف كصرح ثقافي وأثري عالمي، ويليق بتاريخ مصر العظيم، وشهد الاجتماع حضورًا رفيع المستوى، حيث التقى الرئيس السيسي بالدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وشريف فتحي، وزير السياحة والآثار، لمناقشة مختلف الجوانب التنفيذية واللوجستية المتعلقة بالمتحف، وتم خلال الاجتماع الاطلاع على مدى الإنجازات التي تحققت ضمن المشروع، إضافة إلى خطة التطوير المستمرة للمنطقة المحيطة بالمتحف، والتي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز التجربة البصرية والزائرية للموقع.
وأبدى الرئيس السيسى حرصه الشديد على التنسيق بين مختلف الجهات لضمان انسيابية العمل، وكذلك للحفاظ على الصورة الجمالية والتنظيمية للمتحف والمنطقة المحيطة به، حيث يُعتبر هذا المشروع رمزًا حضاريًا يربط بين تاريخ مصر القديم ومستقبلها الثقافي والسياحي.
تطوير مستمر استعدادًا لافتتاح المتحف
وشهد قطاع السياحة في مصر مؤخرًا نموًا ملحوظًا، حيث أصبح من أكثر القطاعات جذبًا للعملة الصعبة، مما يعكس ثقة المستثمرين والسائحين في مقاصد البلاد المتنوعة.
وخلال الاجتماع الرئاسي الأخير، استعرض وزير السياحة والآثار شريف فتحي الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتعزيز هذا القطاع الحيوي، بما في ذلك تسهيل عمليات تحويل الأراضي والمباني لاستخدامها في الأنشطة الفندقية، ورفع عدد شقق الإجازات التي توفر خيارات إقامة بديلة للزوار، بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية للغرف الفندقية.
تأتي هذه الخطوات ضمن استراتيجية شاملة تتماشى مع الطفرة التي يشهدها القطاع السياحي، حيث تسعى مصر إلى التوسع في أنماط السياحة المختلفة، مثل السياحة الثقافية والسياحة البيئية، بالإضافة إلى تكثيف الحملات الترويجية محليًا وعالميًا. ويؤكد هذا التوجه حرص الدولة على تقديم تجربة سياحية متكاملة تلبي تطلعات الزائرين وتُبرز التنوع الحضاري والطبيعي لمصر.
وفي هذا الإطار، أشار الرئيس السيسي إلى أهمية مشاركة القطاع الخاص كشريك أساسي في تطوير البنية التحتية السياحية، وتحقيق التنوع في المقاصد السياحية، إلى جانب وضع خطط تسويقية تستهدف أسواقًا جديدة، لتعظيم العائدات الاقتصادية وضمان استدامة القطاع السياحي. كما شدد على أهمية الحوكمة والإدارة الفعالة لضمان استمرارية نجاح القطاع وتحقيق أعلى المعايير في جودة الخدمات المقدمة.
التجهيزات النهائية لمعرض كنوز توت عنخ آمون
يُعد المتحف المصري الكبير موطنًا لإحدى أضخم مجموعات القطع الأثرية التي تخص الملك توت عنخ آمون، حيث تُجهز حاليًا قاعات عرض خاصة تضم كنوزه الكاملة، التي تم اكتشافها عام 1922، وتشمل أكثر من 5398 قطعة أثرية فريدة من نوعها، وتُعتبر هذه القاعات من أكبر قاعات العرض المتحفي في العالم، حيث سيتم عرض بعض القطع من المجموعة الذهبية للملك لأول مرة على الإطلاق أمام الجمهور والمتخصصين.
وتأتي هذه الخطوة كجزء من جهود الحفاظ على الموروث التاريخي المصري وإبراز عظمة الحضارة الفرعونية من خلال تقديم القطع الأثرية في بيئة عرض متطورة تحافظ على سلامتها وتسمح للزوار بالتفاعل معها بشكل أعمق، ويشهد المتحف أيضًا تجهيزات دقيقة لتهيئة القاعات وتزويدها بأحدث التقنيات التي تضمن إضاءة مناسبة، وعرضًا بصريًا يعزز من تجربة الزائر ويبرز تفاصيل القطع الأثرية بدقة عالية.
ويُعكف الفريق المختص على إنهاء اللمسات الأخيرة لضمان اكتمال نقل جميع القطع الأثرية، بما فيها القناع الذهبي الشهير لتوت عنخ آمون والتوابيت وبعض القطع المهمة التي لا تزال محفوظة في متحف التحرير، وذلك تمهيدًا لعرضها مجتمعة داخل المتحف المصري الكبير، ما يجعل من هذا الحدث لحظة استثنائية في تاريخ عرض التراث الثقافي.
تطوير البنية التحتية حول المتحف
لا تقتصر الاستعدادات على تجهيز المعروضات داخل المتحف فقط، بل تشمل أيضًا جهودًا مكثفة لتطوير البنية التحتية للمنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير، حيث تجري أعمال تحسين وتجميل الطرق المؤدية إلى المتحف، إلى جانب تطوير البنية التحتية الرقمية التي تهدف إلى تسهيل حركة الزوار وتنظيم زياراتهم بشكل أكثر فاعلية.
وتشمل هذه الجهود أيضًا رفع كفاءة الأرصفة وتوسيعها، إضافة إلى التشجير وزراعة المساحات الخضراء التي تضفي على المنطقة طابعًا جماليًا طبيعيًا ينسجم مع الإرث الحضاري المحيط، كما تم إنشاء ساحات انتظار حديثة ومواقف سرفيس حضارية لتوفير خيارات نقل مريحة للزوار، في خطوة تعكس اهتمام المسؤولين بأدق تفاصيل تجربة الزائر، بالإضافة إلى ذلك، شهدت الواجهات الخارجية للعقارات المحيطة عمليات تجميل وطلاء، إلى جانب ربط المنطقة المحيطة بالمتحف بهضبة الأهرامات، ما يعزز التكامل بين المعالم التاريخية والثقافية ويخلق بيئة متكاملة لاستقبال ملايين الزوار سنويًا.
إغلاق مؤقت للمتحف استعدادًا لحفل الافتتاح
في إطار الاستعدادات النهائية، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن إغلاق المتحف المصري الكبير مؤقتًا اعتبارًا من 15 أكتوبر وحتى 4 نوفمبر، تمهيدًا للفعاليات الرسمية التي ستُقام احتفالًا بالافتتاح، وخلال هذه الفترة، تنفذ فرق العمل عددًا من العمليات التنظيمية واللوجستية الحيوية التي تضمن جاهزية المتحف لاستقبال الزوار والضيوف من مختلف أنحاء العالم.
كما سيتم إغلاق قاعة الملك توت عنخ آمون في المتحف المصري بالتحرير بداية من 20 أكتوبر الجاري، لاستكمال عملية نقل القطع الأثرية الخاصة بالملك الذهبي إلى المتحف الكبير، حيث ستُعرض جميعها لأول مرة مجتمعة في قاعة مخصصة داخل المتحف.
ويشير مدير المتحف المصري بالتحرير، الدكتور علي عبد الحليم، إلى أن نقل القطع المتبقية، والتي تشمل القناع الذهبي والتوابيت وعدد من القطع الأثرية، سيتم خلال الأيام القادمة حسب الجدول الزمني المحدد من قبل هيئة المتحف الكبير.
تأتي هذه الخطوة في إطار حرص الجهات المعنية على ضمان سلامة القطع الأثرية أثناء النقل، وتوفير بيئة عرض آمنة ومتطورة تُبرز قيمة هذه الكنوز الثمينة بطريقة علمية ومهنية، مما يعكس الأهمية التاريخية والفنية لهذا الحدث العالمي.
حملة ترويجية شاملة
وفي خطوة تهدف إلى تعزيز الوعي الشعبي والدولي بحدث افتتاح المتحف المصري الكبير، أطلقت محافظة القاهرة حملة ترويجية واسعة النطاق تشمل 100 أتوبيس تابعين لهيئة النقل العام، وتحمل هذه الحافلات شعارات وصورًا تعبر عن عظمة المتحف وتاريخ الحضارة المصرية، في محاولة لجذب انتباه السكان والزوار المحليين وتشجيعهم على المشاركة في الاحتفالات، كما تعمل الأجهزة التنفيذية في المحافظة على رفع كفاءة الطرق الرئيسية المؤدية إلى المتحف، وتطوير مرافق الإقامة لاستقبال الضيوف المشاركين في الحفل الرسمي.
ويأتي هذا الاستعداد مع توقعات بتوافد أعداد كبيرة من الزوار من داخل مصر وخارجها، خاصة مع الأهمية العالمية لهذا الصرح الذي يُعد أكبر متحف في العالم مخصص لعرض آثار حضارة واحدة.
تهدف هذه الحملة أيضًا إلى إظهار الوجه الحضاري المشرق للقاهرة، والتأكيد على قدرة المدينة على استضافة فعاليات عالمية ضخمة، وتعزيز مكانتها كعاصمة ثقافية وسياحية رائدة في المنطقة.
وتشهد منطقة الأهرامات بالجيزة تحولات كبيرة في إطار خطة تطوير متكاملة تهدف إلى تحسين الخدمات المقدمة للزوار، وتعزيز تجربة السياحة الثقافية في أحد أشهر المعالم الأثرية في العالم، ومن بين أبرز هذه التطورات، توقيع شركة «أوراسكوم بيراميدز» للمشروعات الترفيهية عقد شراكة مع مجموعة مستشفيات محلية لتشغيل عيادة إسعافات أولية داخل المنطقة، توفر خدمات طبية مجانية للزوار على مدار ساعات العمل.
ويأتي هذا المشروع كجزء من التزام الدولة والقطاع الخاص بتحسين مستوى الرعاية الصحية والسلامة داخل المناطق السياحية الحيوية، ما يعزز ثقة الزائرين ويُسهم في خلق بيئة آمنة تُشجع على زيادة أعداد السياح.
إلى جانب ذلك، تم الانتهاء من تشغيل مدخل منطقة الأهرامات الجديد، المعروف بطريق «الفيوم - الواحات»، الذي سيساهم في تخفيف الازدحام المروري وتحسين تدفق الحركة، وهو جزء من الجهود المستمرة للحفاظ على المنطقة الأثرية من التأثيرات السلبية للتلوث والازدحام، مع الحفاظ على قيمتها التاريخية والسياحية.
ممشى سياحي يربط المتحف بمنطقة الأهرامات
وتُجرى حاليًا اللمسات النهائية لإنشاء ممشى سياحي يمتد على طول حوالي 1.27 كيلومتر، يربط منطقة انتظار المتحف المصري الكبير بمنطقة الأهرامات الأثرية، مرورًا بطريق الفيوم، ويبلغ متوسط عرضه ما بين 13.5 متر إلى 27.5 متر، مما يوفر مساحة واسعة تتيح للزوار التنقل براحة وأمان.
ويُعتبر هذا الممشى جزءًا من خطة متكاملة لتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف، بحيث تتم المحافظة على الهوية البصرية للمتحف الكبير ودمجها بشكل متناغم مع النسيج التاريخي والحضاري لمنطقة الأهرامات، ومن خلال هذا المشروع، يتم تعزيز تجربة الزائرين الذين يمكنهم الاستمتاع بالتنقل بين المعالم الأثرية والمتحف بسهولة، مع توفير بيئة سياحية منظمة وصديقة للمشاة.
هذا التطوير يُعد خطوة مهمة لتقليل الاعتماد على وسائل النقل التقليدية داخل المنطقة الأثرية، ويساهم في تقليل الازدحام المروري والتلوث، مع الحفاظ على المشهد الحضاري والتاريخي المحيط.
وفي إطار الاهتمام المتزايد بالاستدامة البيئية، تم توقيع بروتوكول تعاون بين وزارتي السياحة والآثار والبيئة، يهدف إلى حماية البيئة داخل المتحف المصري الكبير وتعزيز ممارسات التنمية المستدامة.
ويأتي هذا البروتوكول كجزء من استراتيجية الدولة لإدماج السياسات البيئية ضمن أنشطة المتحف، بما يسهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل الأثر البيئي.
ويتضمن الاتفاق استخدام أدوات ومستلزمات صديقة للبيئة داخل المتحف، مع تقديم برامج تثقيفية وورش عمل توعوية تهدف إلى نشر الوعي البيئي بين الزوار. كما يشمل البروتوكول عرض مواد علمية وتوعوية عن المحميات الطبيعية والتنوع البيولوجي، بالإضافة إلى دعم السياحة البيئية كأحد الأنماط السياحية الجديدة.
ويطمح المتحف من خلال هذه الخطوة لأن يكون نموذجًا يحتذى به في مجال المتاحف الخضراء، ويعكس التزام مصر بحماية البيئة، والحفاظ على تراثها الثقافي والطبيعي في آن واحد.