قبل الثانوية العامة.. خمس مبادئ وضعها القضاء لردع الغشاشين

السبت، 26 مايو 2018 12:46 م
قبل الثانوية العامة.. خمس مبادئ وضعها القضاء لردع الغشاشين
المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي
أحمد سامي

 تشهد الفترة الحالية إنطلاق ماراثون الامتحانات لكافة الشهادات سواء تعليم أساسي أو جامعي وبمناسبة امتحانات الثانوية العامة المزمع اجراؤها 3 يونيه 2018  فأن القضاء كان له دورا هاما في مواجهة ظاهرة الغش ممن خلال الأحكام القضائية ننشر حكم قضائي هام أرسي مجموعة من المبادئ الخاصة بحالات الغش و تصدى لظاهرة الغش الإلكترونى عبر الإنترنت وبلوتوث الهواتف فى الثانوية العامةوقرر رسوب الطالب في جميع المواد وليس المادة الوحيدة التى ارتكبت فيها الغش وأصبح هذا المبدأ من المبادئ الهامة التى تضمن حسن سير عملية الامتحانات داخل مقارها  حيث أكدت محكمة القضاء الإدارى فى الإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة في الدعاوى ارقام 16359 و 16004 و14423 لسنة 15 قضائية بجلسة 30 نوفمبر 2015 ، على إلغاء امتحان الطالب بالثانوية العامة فى جميع المواد سواء فى حالتى التلبس بالغش أو الشروع فيه ولا فرق بينهما فى توقيع الجزاء وبأى وسيلة إلكترونية أو هاتفية أو عبر الإنترنت، وقضت المحكمة عام 2015 بتأييد أربعة قرارات للإدارات التعليمية بالدلنجات وكوم حمادة ورشيد وشبراخيت بمحافظة البحيرة باعتبار 3 طلاب وطالبة واحدة برسوبهم فى جميع المواد فى العام الدراسى 2015 لمحاولتهم الغش عبر البلوتوث أو الإنترنت عبر الهواتف المحمولة، وذلك دون الاعتداد بقرار وزير التربية والتعليم رقم 500 لسنة 2014 الذى مايز بين الغش والشروع فيه الذى اعتبر جزاء الشروع الحرمان من مادة واحدة فقط وما يترتب على ذلك من آثار أخصها رسوب الطلاب فى جميع المواد دون التفرقة بين الغش أو الشروع فيه.
 
ووصفت المحكمة أن الغش بوسائل التكنولوجيا الحديثةعبر الإنترنت والبلوتوث كارثة تربوية وتعليمية بسبب الفشل الذى أصاب دور المعلم وإدارة المدرسة والطلاب، ونبهت المحكمة على أن منظومة التعليم فى مصر فى خطر يستلزم استنهاض همم الأجهزة التعليمية والتنفيذية والتربوية لتغيير النظام التعليمى، واتباع الطرق الحديثة غير التقليدية لوضع الامتحانات لتبتعد عن التلقين وتقديم المناهج بما يناسب روح العصر لمواجهة ظاهرة الغش أو الشروع فيه.
 
وأكدت المحكمة، على أن الطالب الذى يعتاد الغش سلوكًا فى حياته التعليمية يتحول هذا السلوك إلى منهاجٍ له فى حياته العملية مستقبلاً فتنهار مثل وقيم المجتمع.
 
وفيما يلى نعرض لأهم خمسة مبادئ التى أرستها المحكمة عام 2015 فى مجال الغش الالكترونى:
 
أولاً: التعليم ليس حرثا فى البحر ولا يجوز أن يكون موقف المسئولين عن التعليم  منه سلبيا أو متراجعا أو محدودا بل فاعلا ومؤثرا فى تطويره:
 
واشارت المحكمة فى رسالة تربوية أن التعليم ليس حرثا فى البحر بل هو نبض الحياة وقوامها ولا تستقيم بغيره شئونها ويجب أن يكون موقف الدولة فاعلا ومؤثرا فى تطويره، وأن يكون أنفاقها فى سبيل ذلك تعبيرا عن اقتناعها بأن ثماره عائدة فى منتهاها إليها وأن اجتناءها بيد مواطنيها، ومن ثم فإن موقف المسئولين عن التعليم لا يجوز أن يكون سلبيا أو متراجعا أو محدودا بل فاعلا ومؤثرا فى تطويره ليكون أكثر فائدة وأعم نفعا فلا تنفصل البرامج التعليمية عن أهدافها ولا تنعزل عن بيئتها ولا يكون استيعابها لحقائق العصر قاصرا بل يتعين أن تمد بصرها إلى ما وراء الحدود الإقليمية اتصالا بالآخرين وتلقيا عنهم إيغالاً فى مظاهر تقدمهم.
 
ثانياً: رسالة التعليم عظيمة الشأن لا يقتصر نطاقها على أطراف العملية التعليمية بل يمتد ليشمل الأسرة إذا أردنا جيلاً قويماً متسلحاً بقوة العلم ودرع القيم والأخلاق:
 
ذكرت المحكمة، أن رسالة التعليم عظيمة الشأن، لا يقتصر نطاقها على أطراف العملية التعليمية وحدها وهى الجهات والمؤسسات القائمة على التعليم، والطالب والمعلم، بل يمتد ذلك النطاق ليشمل الأسرة أيضاً. ولكل طرف دورٌ يؤديه فى إطار تلك الرسالة السامية حتى تؤتى ثمارها، فتنتج جيلاً قويماً متسلحاً بقوة العلم ودرع القيم والأخلاق ويجب ردع الغشاشين حفاظًا على الأمل والطموح فى نفوس الطلاب المجتهدين. لأن العملية التعليمية يصادفها من المشكلات والعوائق ما يحول دون تحقيقها لأهدافها، وأهم تلك العوائق ظاهرة الغش فى الامتحانات، التى أخذت فى التنامى فى الأعوام الأخيرة بعد أن تغيرت القيم السائدة فى المجتمع وأصبح ما كان مذموماً فى الماضى سلوكاً مقبولاً وعادياً لدى البعض، بل وتولد الإحساس لدى الطالب بأن الغش هو حق له لا يجب التنازل عنه، وساعد على ذلك معاونة الأهل وأولياء الأمور أحياناً لأبنائهم على ارتكاب تلك الجريمة والتى وصلت إلى حد استخدام العنف فى بعض الأحيان لمساعدة أبنائهم على ذلك، فى صورة تُجَسّد ترديّاً فى القيم الأخلاقية أصاب المجتمع، وضعفاً فى الوازع الدينى والأخلاقى واستحلال كل وسيلة وصولاً إلى الهدف غير المشروع ولو على حساب مصلحة الجماعة وقِيَمِها.
 
ثالثاً: المغايرة فى الجزاء بين الغش والشروع فيه تغذية لروح التواكل لدى الطالب وحافزاً له على محاولة الغش:
 
وأضافت المحكمة، أنه يجب أن يكون الجزاء المرصود لجريمة الغش أو محاولة الغش متعادلاً مع طبيعتهما المؤثمة، ومع رغبة الدولة فى القضاء على تلك الظاهرة، فلا تتبنى سياسة عقابية تغاير بينهما كما ذهب قرار الوزير سالف الذكر، إذ من شأن تلك المغايرة بين الغش والشروع فيه تغذية روح التواكل لدى الطالب وبعث الأمل فى نفسه وحافزاً له على محاولة الغش، ارتكاناً إلى أن الجزاء سيكون مخففاً حال محاولته الغش وفشله فى الاستفادة منه ، ومطمئنا أن العقوبة هى إلغاء امتحان المادة المعنية فقط ، وذلك على خلاف كافة الأنظمة التعليمية الأخرى التى لا تقيم وزناً للتفرقة بين الغش والشروع فيه ، والتى رصدت جزاء واحداً فى الحالتين سيما وأن الشروع فى الغش ما هو إلا البدء فى تنفيذ سلوك يؤدى فوراً ومباشرة إلى ارتكاب الغش ولكن خاب أو أوقف أثره لسبب خارج عن إرادة الطالب. وهو ذات النهج السليم الذى اتبعه المشرع فى شأن نظام الامتحان بالمعاهد الأزهرية الملحقة بالأزهر الشريف على سبيل المثال، إذ ينص قرار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رقم 582 لسنة 2010 على إلغاء امتحان الطالب فى كل مواد الدور الأول مع حرمانه من دخول امتحانات الدور الثانى فى حال ارتكابه للغش أو محاولة الغش، وهو كذلك ما تبناه أيضاً قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية التى نصت المادة رقم 125 منها على إلغاء الامتحان فى جميع المواد لمن يضبط مرتكباً للغش أو الشروع فيه .
 
رابعاً : الغش كارثة تربوية تستلزم إصلاح منظومة التعليم ويجب اتباع الطرق غير التقليدية لوضع الامتحانات لاختبار قدرات الطلاب والابتعاد عن نمط الحفظ والتلقين لتلافى الغش :
 
وأضافت المحكمة، أن الدعاوى الماثلة كشفت عن تسريب الامتحان عبر الإنترنت بقصد الغش بواسطة البلوتوث، وتلك الظاهرة باتت كارثة تربوية تحتاج من المتخصصين فى لتعليم التشخيص والعلاج، وهى أزمة أخلاقية وتربوية وتعليمية بسبب الفشل الذى أصاب دور المعلم وإدارة المدرسة والطلاب وأولياء الأمور، وأصبحت معه منظومة التعليم فى مصر فى خطر جلل يستلزم استنهاض همم الأجهزة التعليمية والتنفيذية والتربوية لتغيير النظام التعليمى بإعادة دور المدرسة، وإعداد المدرس إعداداً جيداً واتباع الطرق الحديثة غير التقليدية لوضع الامتحانات لتختبر قدرات الطلاب وتبتعد عن نمط التلقين والحفظ حتى يمكن السيطرة على ظاهرة الغش داخل المدارس فضلاً عن وجوب ملاحقة ركب التطور فى مجال البرامج التعليمية وأسس تقديم المناهج بما يناسب روح العصر وما يواكب التكنولوجيا، وهو ما يتوجب معه على الجهات التعليمية اتخاذ الإجراءات الرادعة لمواجهة تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها بغرض الغش خاصة الغش الجماعى، صوناً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب وردعا للخارجين عن القانون وحماية للأمل والطموح فى نفوس الطلاب المجتهدين.
 
خامساً : الطالب الذى يعتاد الغش سلوكاً فى حياته التعليمية يتحول هذا السلوك إلى منهاجٍ له فى حياته العملية مستقبلاً فتنهار معه مثل وقيم المجتمع:
 
وأضافت المحكمة، أن أساليب الغش فى الامتحانات تنوعت وتعددت صورها، واستخدمت فيها التكنولوجيا الحديثة التى أصبحت تشكل وسيلة فعّالة بل أصبحت أفضل الأساليب التى يمكن استخدامها فى الغش، ويمثل استخدام الإنترنت والهاتف المحمول مثالاً صارخاً على ذلك وأن الطالب الذى يعتاد الغش سلوكاً فى حياته التعليمية إنما يرتكب جرماً فى حق نفسه وحق المجتمع، لأن الغش خيانة للنفس وخيانة للآخرين. فهو نوع من السرقة، ورغبة فى تجاوز الامتحان دون أدنى مجهود ، وظاهرة جد خطيرة وغير حضارية نهت عنها الأديان السماوية ، وأصبح الطالب يعتاده فى حياته الدراسية ، ثم يتحول هذا السلوك إلى منهاجٍ له فى حياته العملية مستقبلاً فتنهار معه مثل و قيم المجتمع .
 
هذا وقد اعتبر مراقبون ان هذا الحكم أنه رغم مرور عامين دراسيين عليه إلا أنه جازم وحاسم و جرس انذار لكل طالب يحاول الغش فى امتحانات الثانوية العامةالمقرر عقدها 3 يونيه 2018 الحالى حتى لا يضيع عليه جهد عام كامل بهذا الفعل المشين وواجب الاسرة المصرية تبصير ابنائها به .
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة