قصة منتصف الليل: الجد المتوفي ينقذ الحفيد من سهرات الليالي الحمراء

السبت، 20 أكتوبر 2018 10:00 م
قصة منتصف الليل: الجد المتوفي ينقذ الحفيد من سهرات الليالي الحمراء
كتب- أرشيفية
إسراء بدر

 

جلس وسط عشرات من الكتب المتناثرة هنا وهناك، يبحث في مكتبة جده عن تفسير اللغز الذي عاشه الأيام الماضية، وسيطر على تفكيره ما مر به وأخذت ذاكرته تعيد عليه ما حدث، فيتذكر «أيمن» أنه منذ وفاة جده الشهر الماضي وعاش في المنزل بمفرده، واستطاع أن يعيش حياته التي كان يرفضها جده، وكان حبه لجده الذي رباه بعد انفصال والديه وزواج كل منهما بآخر يمنعه من فعل ما يغضبه.

ففي كل ليلة يأتي الشاب العشريني بأصدقاءه، شبابا وفتيات ويعلنون الخروج على العادات المجتمعية العقيمة، ويتبادلون الخمور وكل ما هو ممنوع من عالمهم الذي طالما وصفوه بـ  «دقة قديمة»، وظل أيمن على هذا الحال إلى أن بدأ يصحو من غفلته على لمسة تخفق قلبه لأنها ليست لمسة عادية، ولكنها لمسة من يد جده المتوفي، فتارة يداعبه في يده، وأخرى يصفعه على وجهه، يشعر بأنفاس جده الحنونة ولكنه لم يراه.

وبدأ يخشى النوم ليلا، يتناول من القهوة والمنبهات ما يكفي ليوقظه لساعات طويله، ولكن قلة النوم أصابت أعصابه بالتعب الشديد، فلم يكن باستطاعته السيطرة على الأمر، فاستسلم للنوم ولكنه استيقظ هذه المرة على صوت جده الذي لم يكتف باللمسة المداعبة، ويقول له: «لو عايز تفهم دور في المكتبة»، ظلت هذه الجملة تترد في أذنيه كصدى الصوت، فقام مسرعا إلى المكتبة ليبحث عن الأمر.

وأثناء بحثه في لهفة، سقط من أحد الكتب ورقة مطوية، مكتوب عليها اسمه بخط واضح ففتحها ليجد بداخله هذه الكلمات: «أعلم كيف تعيش حاليا وكيف تقضي وقتك بدوني، ولكني زرعت في قلبك من الأخلاق والدين ما يبعدك عن كل هذه الأمور التي تعتبرها حاليا دقة قديمة، أنظر حولك فلقد تركت لك تركة حقيقية مكانتها لا تقل عن الأموال التي حصلت عليها بعد وفاتي، بل تزيد فلا تستهتر بها، ستجد حولك مجموعة من الكتب».

وأضاف الجد: «أعلم أنك ليس لديك صبر للقراءة، ولكن إذا وفرت من وقتك الذي تقضيه مع أصدقاءك ساعة يوميا فتستطيع بسهولة قراءتها في فترة وجيزة، ولا تظن أنني تركتك وحدك بل أن بجوارك دوما، أراك وأشعر بك، لم أقصد بذلك مراقبتك أو تتبعك ولكني اعتدت على الوجود بجوارك فلم يرعاك منذ الصغر سواي، وما أطلبه منك حاليا أن ترعاني، مراعاتي فى أنك تقرأ هذه الكتب وتتذكرني دوما، ويوما بعد يوم ستأخذك هذه الكتب من العالم الذي وقعت فيه من بعدي».

كلمات الجد طمئنت قلبه بوجوده، وبدأ يلقي نظرة على الكتب فوجد بها ما لفت انتباهه وبدأ في تصفح ما به، فما بين الأخلاق والدين والشعر والتاريخ تاه «أيمن»، ولكن توهته حاليا يستمتع بلذتها، فمن ناحية نفذ كلمات جده، وأخرى اقترب من الواقع وبدأ يبتعد عن العالم الذي تأكد بما قرأه أن نهايته الدمار.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق