معبد «مونتو» بين رحى الإهمال.. متى تنهي الآثار معاناة «إله حرب» قدماء المصريين (صور)

الخميس، 08 نوفمبر 2018 06:00 ص
معبد «مونتو» بين رحى الإهمال.. متى تنهي الآثار معاناة «إله حرب» قدماء المصريين (صور)
معبد مونتو
إبراهيم الديب

 
من قلب مدينة الأقصر، تنبع حضارات مصر القديمة لتنير أرض المحروسة بتاريخها المحفوظ لقرونا من الزمان، ويبعث برسائل العلم والثقافة إلى عواصم العالم، وتسرد معابد تلك المدينة السمراء أساطير القدماء المصريين، كشاهدة على عظم تاريخهم وأثرهم في البشرية، ونبوغهم في العلوم المختلفة، وكيف أنهم توصلوا في عهدهم إلى علوم مازالت الأبحاث الجارية تلك الأيام تدلل على صحتها على الرغم من التقدم التكنولوجي الهائل الذي تشهده العصور المتقدمة.
 
تنتشر المعابد في مدينة الأقصر، وتختلف شهرتها وجاهزيتها لاستقبال الزوار والسائحين من مختلف دول العالم، والتي تعد واحدة من المقاصد السياحة الهامة، التي تعمل على تعزيز الاقتصاد المصري، ونالت شهرة كبيرة بين تلك المقاصد على مدار العقود الماضية، إلا أن هناك بعض المتاحف التي لازالت تحتاج إلى تدخلا من الحكومة لإنقاذها من براثن الإهمال الذي طالها، واستغلالها سياحيا بما يعود بالنفع على الوطن.
 
 
معبد «مونتو»، أو مايعرف بـ«إله الحرب» عند القدماء المصريين، الذي انتهى به الحال في قلب منطقة تحيط بها الحواري والأزقة والدروب الملتوية، كونه يبعد عن قلب المدينة حوالي 5 كليومترات، وبمجرد وصولك لقلب تلك الأزقة تجد مكانا متسع تحيط به الرمال والصحراء من كل مكان، وسور متهالك مسقف ببعض جريد النخل والأخشاب القديمة، وله مدخل واحد عبارة عن باب خشبي صغير.
 
1462879590_343_232142_dsc01322
 
شُيد المعبد في عصر الأسرة الخامسة للدولة المصرية القديمة، وهو ما أكده أحد النقوش الموجودة على جران المعبد للملك «أوسر كاف»، وشيد بغرض عبادة الآله «مونتو»، آله الحرب عند قدماء المصريين، الذي يمد الملك بالقوة في حروبه ضد أعدائه بالخارج، ويضم أثار من العصرين اليوناني والبطلمي، وجاء ضمن معبدين شيدا لهذا الغرض هما «أرمنت» و «المدامود».
 
300px-Medmoud_vue_générale
 
اهتمت إحدى البعثات الفرنسية التي كانت تعمل بتلك المنطقة منذ عام 1998 وحتى 2006م، بتطوير المعبد وترميمه، إلا أنه بعد هذا التاريخ، وانتهاء تلك البعثة من أعمالها، تُرك المتحف في طي النسيان، وبدأت أذرع الإهمال تبطش به، فهددت المياه الجوفية أساساته، والرسومات المنقوشة على جردانه، وأصبح مرتعا للهوام الموجودة بتلك الصحراء، وأصبح مهددا بالتهاوى على الأرض نتيجة «نشع» المياه الجوفية بجدرانه.
 
1462879655_558_173020_dsc01262
 
كما أن المعبد لم يتم تأهيله كواحدا من المقاصد السياحية الهامة بالمنطقة، بل يظهر على هيئة المنازل المبينة بالطوب اللبن بالمدينة، دون أن يتم إقامة ما من شأنه إظهاره كمعبد سياحي يليق بتاريخه وبالحضارة المصرية، ما جعله يسقط من خريطة المزارات السياحية بالأقصر، وبرامج زيارات السياح في رحلتهم إلى الأقصر، إلا الزائرين الفرنسيين كونهم يعلمون عن تاريخه.
 
 
ومن شأن هذا المتحف يمكن أن تتحول مدينة الطود، الموجود بها، إلى واحدة من المدن ذات الاهتمام البالغ على خريطة المزارات السياحية العالمية، وهو مايزيد من در وجذب العملة الصعبة خلال رحلات السياح بها لتدخل ضمن مقومات السياحة المصرية، إلا أن المعبد لم يدخل طور الترميم والتطوير على الرغم من تخصيص الحكومة، ووزارة الأثار، لملايين الجنيهات كدعم مستمر للمعابد والمتاحف الأثرية والنهوض بمستواها.
 
1462879634_249_199349_dsc01300
 
يضم معبد الملك «مونتو» برج وفناء كبير، وهيكل يعود لفترة «بطليموس الثامن»، وعددا من الهياكل الأثرية، والتماثيل، والنقوش المرسومة على الجدران والأعمدة، واكتشفه عالم الآثار الفرنسي «فرناند بيسون دي لا روك»، عام 1925م، واستمر العمل فى اكتشاف كافة تفاصيل المعبد عدة سنوات، ويعد تحفة فنية مميزة، وتعاقب على بنائه عددا من الملوك على مر العصور السابقة من الفراعنة والبطالمة والرومان، كما توجد داخل صالة بالمعبد تمثالين ليسا كاملين لـ«الملك سنوسرت الثاني»، و«سنوسرت الثالث»، ومشاهد للملك «بطليموس السادس» وهو يتعبد للإله «حابي» إله النيل.
 
1462879628_882_193061_dsc01305
 
وفي واجهة المعبد يوجد صرح الإمبراطور الروماني «بتريوس» والمبني بالأحجار القديمة، المنقوش عليها أسماء كل من «سنوسرت الأول، ورمسيس الثاني»، ويوجد بداخله صالتين في الجهة الشمالية، ومثلهما في الجهة الجنوبية، بناها الإمبراطور «أنتيوس بيوس»، بالإضافة إلى «القبقة» التي بناها«بطليموس السادس».
 
1462879602_969_171972_dsc01321
 
كما يضم المعبد أول تمثال لقاضي فرعوني يحمل حول رقبته قلادة مدلى منها رمز العدالة، والمصنوع من الحجر الأبيض، حسبما أكد الخبير الأثرى الطيب غريب، كما عثر داخله على تمثال للملك تحتمس الثالث أمام بوابة الملك أمنمحتب الثانى، وذلك خلال الأعمال فى عام 1914 وهو معروض الآن بأحدى قاعات متحف المتروبوليتان بالولايات المتحدة الأمريكية.
 
1462879612_413_162747_dsc01315
 
لم تهتم وزارة الأثار المصرية منذ اكتشاف المعبد عام 1925م، بتطويره والنهوض بمستواه، وتحويله إلى متحف عالمي على أرض مصرية، إلا أنه في عهد وزير الآثار السابق، الدكتور ممدوح الدماطي، شهد بعض الخطوات لدعمه، أبرزها التوجيه بإزالة الحشائش الخضراء الموجوده حوله، وإعادة تشغيل البحيرة المقدسة الموجودة بداخله، ولكن سرعان ماتوقف العمل مرة أخرى وظل المتحف ضمن الأثار المهملة من قبل الدولة.
 
1462879622_810_261404_dsc01312
 
خطوة وحيدة جديدة، من جهة حكومية أخرى، تمثلت في قرار محافظ الأقصر الأسبق، اللواء طارق سعد الدين، بوضع خطة لتحويل المعبد إلأى متحف سياحي عالمي، وتطوير منطقة «المدامود»، من خلال التنسيق مع وزارة الآثار، والسياحة، وهيئة التنمية السياحية، لافتتاحه ضمن مزارات الأقصر السياحية، ودعمه بأنشطة تساهم في تطوير المنطقة وتوفير فرص عمل للشباب، إلا أنها توقفت هي الأخرى عقب انتهاء فترة تولي «سعد الدين» محافظة الأقصر.
 
1462879651_693_287589_dsc01272
 
الدكتور محمد عبد العزيز، مدير آثار مصر العليا بالأقصر، أوضح أنه بالفعل تم وضع خطة تطوير شاملة للمتحف، تشمل إقامة سور ضخم حوله، بالإضافة إلى إنشاء مركز للزوار ومحلات تجارية، لإدراج منطقة المعبد فى قائمة الزيارات السياحية خلال الفترة المقبلة، حيث أن تلك القرى تعتبر مناطق خصبة لخدمة السياح بكرم الصعيد المعروف للعالم أجمع.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق