الأطباء النفسيون الأكثر عرضة للانتحار.. فهل يحتاجون إلى كشف دوري؟

الأحد، 25 نوفمبر 2018 11:00 ص
الأطباء النفسيون الأكثر عرضة للانتحار.. فهل يحتاجون إلى كشف دوري؟
كتب| أحمد قنديل

دخلت إلى مقر عيادة الطب النفسي الشهيرة بمنطقة وسط المدينة، بناءً على موعد سابق مع الطبيب لمناقشة بعض الأمور الخاصة بإبرام تعاونًا صحفيًا لتقديم استشارات نفسية مجانية للقراء، وفور وصولي إلى مكتب إدارة أعماله طالبًا اللقاء، أخبرتني السكرتيرة بضرورة انتظاري لمدة قصيرة بسبب وجود حالة طارئة بالداخل، وخلال فترة انتظاري تحولت المدة القصيرة إلى ما يقرب من الساعة والنصف الساعة، وما أن بدأ شعور الملل في انتيابي، سمعت صوت باب العيادة ينفتح، فالتفت للنظر إلى هوية الخارج، فوجدت شاب في عمر العشرينيات والابتسامة مرسومة على ملامحه.

"وجه عابث مجهد".. هكذا كانت حالة الطبيب النفسي عندما دخلت إليه، وبعد مصافحتي له، فوجئت به طالبًا تركه  يستريح لمدة خمس دقائق قبل أن نبدأ حديثنا، بغرض استطاعته التركيز، ثم وجدته يخلع نظارته الطبية ويضعها أمامه على المكتبه، ثم بدأ بفرك وجهه مستخدمًا أصابعه.

تلك الحالة التي ظهر بها الطبيب خلال لقائي به، جعلتني أخرج عن مسار حديثنا، لأسأله عن سبب حالته، فأخبرني وقتها أن الحالة التي كانت لديه بغرض المعالجة، تعاني من اكتئاب حاد، مشيرًا إلى أن الطبيب النفسي كثيرَا ما يتأثر بالحالات التي يعالجها، ويحتاج لفترة راحة كافية يعالج فيها نفسه حتى لا تنتقل العدوى إليه.

"اللي يجاور الحداد يتكوي بناره".. مثل شعبي شهير ومتداول داخل مجتمعاتنا، وهو أقرب كثيرًا إلى الواقع الذي نعيشه، ولعل جميعنا لاحظ ذلك عندما سمعنا عن الحادثة الشهيرة إعلاميا والتي تضمن خبرها انتحار طبيب نفسي بمحافظة البحيرة إثر إصابته باكتئاب حاد.

تلك الحادثة، أثارت الجدل والدهشة بين رواد منصات التواصل الاجتماعي، خاصةً بعد كشف معاناته الشديدة من الاكتئاب، فقد عبر الكثير عن تعجبه من احتمالية إصابة الأطباء النفسيين بمرض نفسي، بل أن يؤدي بهم الأمر إلى الانتحار.

موقع "psychologytoday"، أصدر تقريرًا في وقت سابق بعنوان "الأطباء النفسيون أكثر عرضة للانتحار" ويوضح فيه أن الأطباء النفسيين غالبًا ما يلقون اللوم على أنفسهم فى حال تأخر صحة المريض المعالج أو فى حال حدوث مضاعفات نفسية، أو نتيجة تأثر عقولهم سلبًا بما يسمعونه من المرضى.

واستدل الموقع الأمريكي المتخصص في الصحة النفسية، بقصص تجارب واقعية حدثت لأطباء، مفادها قيام بعض الأطباء النفسيين بالانتحار إثر تأثرهم بالمرضى لأسباب مختلفة، وكان من أبرز تلك الأسباب تأثرهم بتأخر حالات مرضاهم أو انتحارهم أو تأثر صحتهم النفسية من ما يسمعونه من المرضى.

ويشير الموقع، إلى أن الناس يعتقدون أن الأطباء النفسيين لديهم القدرة الكافية على مقاومة الأفكار الانتحارية، ولكن هذا غير صحيح إطلاقًا، مؤكدًا أن الأطباء النفسيين يحتلون أعلى نسبة انتحار بين مهنة الأطباء بشكل عام.

ويذكر، أن الوطن العربي قد سجل خلال الأعوام السابقة، العديد من حالات انتحار الأطباء النفسيين نتيجة معاناتهم من أمراض نفسية.

الدكتور "محمد مختار صالح" استشاري الصحة النفسية، كان قد نوه في تصريحات صحفية سابقة لـ"صوت الأمة"، إلى أن الطبيب النفسي هو أكثر عرضة للإصابة بالعدوى من مرضاه موضحًا أن ذلك يأتي نتيجة المعايشة المستمرة للمرضى والسماع لهم والتأثر بهم.

ويضيف، القلق والاكتئاب أكثر الأمراض المحتمل أن تصيب الأطباء إثر الإجهاد العقلي والذهني من جلسات المرضى، مشيرًا إلى أن الإصابة بتلك الأمراض قد تؤثر على أدائهم تدريجيًا ثم التأثير على المرضى أيضًا خلال الجلسات العلاجية.

ولفت، إلى وجود العديد من الدول تجري كشف دورى وتحليل نفسى كل 3 سنوات للأطباء النفسيين بغرض التأكد من صحتهم النفسية.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق