«الحاجة فاطمة» صاحبة الـ66 عاما.. حكاية رحلة الشقاء في عالم قطع غيار السيارات (صور)

الإثنين، 24 ديسمبر 2018 11:00 ص
«الحاجة فاطمة» صاحبة الـ66 عاما.. حكاية رحلة الشقاء في عالم قطع غيار السيارات (صور)
الحاجة فاطمة الشريف

لايعرف معنى الفشل من لديه الرغبة الحقيقية في النجاح والإصرار عليه مهما بلغ من العمر والجهد والتعب والمشقة، فعلى الرغم من تنامي ظاهرة البطالة في السنوات الأخيرة بين الشباب في مقتبل أعمارهم، وتكاسل معظمهم عن العمل والابتكار وبذل المجهود متخذين من انتظار الحصول على وظيفة ما سببا لاستمرارهم على تلك الحالة، فإن هناك العديد من قصص النجاح التي سطرها غيرهم من الشباب صغير السن، ولكن أن تنجح سيدة تبلغ من العمر 66 عاما في تحقيق نجاحا ملحوظا في مهنة تربع على عرشها الرجال، فبالتأكيد هي القصة الأبرز في سجلات الناجحين بحياتهم العملية.

الحاجة فاطمة عبد العزيز، بطلة من أبناء محافظة المنوفية، تمكنت منذ نعومة أظافرها من تحقيق أحلامها تباعا، خططت لحياتها ومستقبلها منذ الصغر، واتخذت من التحدي والصمود دربا تسلكه، وجعلت من الألم والمشقة والجهد أسبابا تعينها على الاستمرار في تفنيذ مبتغاها، بدأت تلك المرأة الحديدية قصة كفاحها بالعمل في محل لتجارة قطع غيار السيارات بعد أن تمكنت من الحصول على الشهادة الثانوية بقرية «جنزور» بالمنوفية والتي عاشت فيها مع أحد أعمامها.

42277-المراءة-الحديدية-(2)

اعتادت «فاطمة» على السفر يوميا من قريتها لمدينة شبين حيث المدرسة، وتعود للمنزل فى آخر اليوم، وتقوم بمهام المنزل وتعد الطعام وتذاكر، حتى حصلت على دبلوم تجارة، وفي إحدى المرات التي تواجدت بها في القاهرة لشراء بضاعة محل قطع غيار السيارات التي تعمل به شاهدت مركزا لتصليح البطاريات، وقادها الفضول للدخول للمركز وطلبت من العاملين به تعليمها كيفية تصليح وتركيب البطاريات، رغم أن هذه المهنة هى مهنة الرجال فقط، وحرصت كل جمعة من الأسبوع على السفر إلى القاهرة للتعلم كيفية تصنيع البطاريات حتى أصبحت ماهرة فيها، ومن هنا بدأت رحلتها فى تصنيع البطاريات حتى وقتنا هذا، ومازلت تعمل بيدها رغم كبر سنها.

وتسرد الحاجة فاطمة تفاصيل رحلة الشقاء قائلة إنها كانت تعيش مع عمها بقريتها التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية ووالدها كان يعمل بشركة غزل المحلة، وحصلت على مؤهل دبلوم تجارة بشبين الكوم وكانت تسافر من القرية إلى شبين يوميا وتعود للمنزل آخر اليوم، وتقوم بجميع شئون المنزل من طبخ ثم المذاكرة، وبعدما حصلت على الدبلوم حضرت لمدينة المحلة، وقررت أن تعمل لمساعدة والدتها، فعملت بمحل قطع غيار سيارات، وعشقت المهنة، وكانت تسافر لشراء بضاعة من مصر، ودخلت لمركز خدمة بطاريات النسر لصيانة البطاريات، مضيفة إنها طلبت من العاملين بالمركز التدريب على كيفية تصنيع البطاريات وتصليحها، مضيفة أنها شاهدت كيفية فك وتركيب البطارية، وشحنها وتركيبها وتزويدها بمياه النار.

46031-المراءة-الحديدية-(1)

وبمرور الوقت تمكنت السيدة من تعلم أصول كيفية فك وتصليح وشحن البطاريات، مبينة أنها قامت باستئجار محل صغير بمدينة المحلة بـ2 جنيه فى الشهر بجوار ورش ميكانيكى وكهربائى سيارات، وقامت بشراء "تونجر" للشحن، وساعدوها فى جلب الزبائن لورشتها، معلقة: «بدأت اشتغل فى الورشة وكنت بشترى بطاريات من القاهرة، حتى وصلت للمركز الرئيسى للشركة بالإسكندرية، وخصصوا لى حصة بطاريات كل شهر»، مؤكدة أنها لم تتوقف على ذلك القدر بل أصرت على التوسع فى المشروع، وحصلت على قرض من بنك الإسكندرية، واستطاعت فتح محل على الشارع العمومى.

وبعد فترة عمل كموظفة بشئون الموظفين بكلية التجارة بعد حصولها على  مؤهل دبلوم تجارة عام 1972، تقدمت في عام 1986باستقالتها للتفرغ للعمل بمشروعها، مؤكدة أنها كانت تواجه صعوبات فى المهنة من حيث التعامل مع السائقين، لكونها سيدة وتتعامل مع رجال، قائلة: ا«بسط حاجة السواقين معاملتهم صعبة جدا وكانوا بيفكرونى سهله وهيضحكوا عليا ولكن كنت جد فى المعاملة معاهم ومحدش عرف يمسك عليا غلطة».

حلاوة مذاق النجاح لم يقتصر على السيدة فحسب، بل كان لزوجها نصيبا من الإصرار والصمود في وجه مصاعب الحياة، فهو الآخر كان يعمل موظفا بإحدى المدارس الابتدائية، وتعلم مهنة صيانة السيارات من خاله، وتمكن من تأسيس مشروعه الخاص كميكانيكي سيارات ليكافحا سويا طوال اليوم كل منهما من خلال مشروعه.

وعلقت الحاجة فاطمة على ذكريات رحلة الحياة الصعبة مع زوجها قائلة: «لم يتركنى لحظة وكان سببا فى تعلمى الصنعة.. كان يذهب فى الصباح لعمله بالمدرسة، وبعد ذلك يعود للمنزل ويرتدى ملابس الشغل ويتوجه للمحل، وعندي ولدان الكبير حاصل على بكالوريوس تربية رياضية، وعزب حاصل على بكالوريوس حاسبات ونظم معلومات».

وتابعت المرأة الحديدية: «ربنا كان بيوفقنى وكنت بصحى من الفجر اشوف طلبات بيتى واودى ولادى للمدرسة وارجع على المحل اقف مع جوزي، وربنا كان هادى ولادى وعلمتهم المهنة، وكنت بخليهم يشتغلوا فى ورش كهرباء سيارات علشان يعرفوا يتعاملوا مع اعطال العربيات»، مشيرة إلى أن زوجها توفى عنها عام 2006 ومنذ ذلك الوقت وهى تقف مع أولادها فى المحل، مؤكدة أن الحياة كانت صعبة بعد وفاة زوجها ولكن بالإصرار والعزيمة استطعت أن اتخطى المحنة، خاصة وأنها اكتسبت ثقة عدد كبير من المواطنين، وأيضا مشوار الكفاح الذى بدأته لن تتوقف عنه.

إصرار السيدة على النجاح ساعدها في الحصول على ثقة شركة مصر النسر للبطاريات لتصبح وكيلتها بالمحلة، كما حظيت بثقة عملائها بشكل كبير وبدأت تستقبل الزبائن شهريا لفحص بطاريتهم ومتابعة نسبة مياه النار بكل بطارية، موضحة كيفية تصنيع البطاريات والتي تبدأ بإحضار صندوق به مكان ألواح يتم تجميعها به ووضع ورق عازل بينها، ولحمها من الأعلى وضع البلك عليها، مؤكدة أنها خاضت هذه التجربة مع بداية البطاريات السائلة، والآن قلت هذه المهنة بسبب ظهور البطاريات الجافة.

وتابعت أن البطاريات الجافة جيدة ولكن ليست الصعوبة فى البطارية، ولكن تمكن فى اصحاب السيارات حيث انهم يعتقدون أن أى عطل بالبطارية يكون بسبب البطارية، ولكن لا يدركون أن المشكلة قد تكون عطل بالدينمو أو عيب بالمارش، مؤكدة أنها لأمانتها لا تقوم بتغيير البطارية للزبون إلا بعد أن تتأكد من العطل منها، مؤكدة أن لديها اجهزة لقياس البطارية، وجهاز لقياس الشحن، وميزان مياه النار، وتختلف كل بطارية عن آخر ى حسب نوع السيارة.

وأشارت الحاجة فاطمة إلى أنها كانت «مياه النار» الخام من مركز كفر الزيات، وتقوم بحلها وتنتظر حتى تبرد وتبدأ فى استخدامها، مؤكدة أنها عانت بشدة من استخدام مياه النار ولكن كان لديها اصرار على النجاح وقضاء مصالح الناس، مؤكدة أنها لازالت تحلم بأن يقوم نجليها بتوسيع المشروع بعد أن نجحت فى إكسابهم خبرة السنين وأصبحوا أفضل منى فى هذا المجال، مشيرة أنها تجهز الأوراق المطلوبة لنجلها للحصول على قرض والتوسع فى المشروع.

واختتمت الحاجة فاطمة حديثها قائلة: «الحمد لله على نعمة ربنا واللى وصلت له وربنا يكرم ولادى ويوفقهم.. والحمد لله عايشة عيشة كريمة وربنا يبارك فى الرئيس السيسى لأنه وفر لينا حياة كريمة وعيش وتموين ببلاش»، موجهة رسالة إلى الشباب بالاعتماد على الله وعلى أنفسهم، وان الشباب اصبحوا لا يرغبون فى العمل بالمحلات، لاكتساب الخبرة لأنه الخبرة اساس كل نجاح ولازم يكون عندهم إصرار علشان يبقوا رجالة فى حياتهم وفى بيوتهم وجوزى الله يرحمه كان بيروح شغله الصبح ويرجع البيت يلبس "العفريته" ويروح على المحل وكان راجل بمعنى الكلمة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق