التحكيم في عقود الاستثمار.. هل هو ضمانة للدولة أم امتياز للمستثمر الأجنبي؟

الجمعة، 29 مارس 2019 01:00 م
التحكيم في عقود الاستثمار.. هل هو ضمانة للدولة أم امتياز للمستثمر الأجنبي؟
التحكيم في عقود الاستثمار - أرشيفية
علاء رضوان

يجسد القانون الدولي الطبيعة الرضائية التي تحكم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي العامة والخاصة، وقد ظهر مصطلح التحكيم الدولي مؤكداً هذه الطبيعة الرضائية لكونه يعتمد على سلطان الإرادة، وأصبح نظاماً قضائياً عالمياً لتسوية المنازعات بالطرق السلمية.

فى التقرير التالى «صوت الأمة» تناول إشكالية التحكيم في عقود الإستثمار هل هو بمثابة ضمانة للدولة أم إمتياز للمستثمر الأجنبي أم أن النفع يعود على كليهما معاَ – بحسب الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى عقود التحكيم محمد الشهير. 

حيث يستمد ذلك الطابع أساسه من اعتبارات السيادة التي تحيط ببعض تصرفات الشخص الإعتباري العام وتمنع نظرها أمام أي جهة بخلاف القضاء الوطني، أو من وجود مانع يحول دون قرة الشخص الإعتباري على الدخول كطرف في الإتفاق التحكيمي، أو من خلال تمتع الشخص الإعتباري العام بإمتيازات السلطة العامة التي يمكن لها التأثير سلبا على إتفاق التحكيم – وفقا لـ «الشهير».

درُجت الدول النامية على إنتهاج سياسة تحفيزية لتشجيع الإستثمارات الأجنبية، وذلك بتوفير وتهيئة المناخ المناسب الذي تتحقق فيها وجه الضمان المختلفة ضد المخاطر الإقتصادية والتجارية، وفي هذا الإطار فإن عقود الإستثمار يمكن أن يكون لها مدلول واسع يضم كافة العقود التي تبرمها الدولة أو احد الاجهزة التابعة لها مع شخص أجنبي من أشخاص القانون الخاص، بما يتعلق بمباشرة الأنشطة التي تدخل في إطار السياسة العامة للدولة وفي حدود خططها الوطنية، و هي تعرف أيضاً بإسم عقود التنمية الإقتصادية – هكذا يقول «الشهير». 

legal-mediation-boxing-gloves

ومما لا شك فيه أن شرط التحكيم الذي يهدف إلى الإلتجاء لهيئات خاصة خلاف القضاء الرسمي لتسوية المنازعات التي تثور بمناسبة تنفيذ أو تفسير عقود الإستثمار، يمثل أحد أهم الضمانات للمستثمر الأجنبي، خاصة وأن إدراج شرط التحكيم يعد من قبيل العرف السائغ في عقود الإمتياز البترولية وعقود إستغلال الموارد النفطية.

وقد تأكدت أهمية اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي في ظل إصدار الغالبية من دول العالم لعدد من القوانين الإستثمارية وتبنيها قانون الأونسيترال الموحد للتحكيم التجاري وإعتباره قانون من قوانينها الوطنية، حيث تكفلت حزمة التشريعات الاقتصادية الحديثة بتشجيع وجذب وتبادل الإستثمار الأجنبي – الكلام لـ «الشهير».

ولأجل هذه الاعتبارات، فقد ظهرت عدة جهود فقهية ومبادرات قضائية هدفت إلى تأكيد وإرساء العديد من المبادئ القادرة على توفير الفاعلية الضرورية والممكنة لضمان نجاح هذه الوسيلة القضائية الخاصة وتحاشي العقبات التي تحول دون توظيف آليتها في خدمة الاستثمار وأهمها تلك المتعلقة بوجود الدولة أو أشخاص القانون العام الإعتبارية الأخرى طرفاً في إتفاقية التحكيم، مع الأخذ في الحسبان إختلاف مسمى الشخص الاعتباري العام من دولة لأخرى حسب نظم وقوانين هذه الدولة وحسب نظامها السياسي والإقتصادي. 

739021-1188322423

ويمكن تعريف الشخص المعنوي العام بأنه كل جهة عامة منشاة حسب القانون وتقوم تنفيذ سياسة المشرع وتحقيق المصلحة العامة مثل الوحدات الإدارية الإقليمية كالدولة والبلديات والهيئات والوزارات وغيرها من المؤسسات الوطنية.

وهذه الهيئات السابق ذكرها يمكن أن تقوم بإبرام عقود استثمار مع أشخاص أجنبية في إطار ممارستها لوظيفتها الإدارية التي تقع داخل دائرة اختصاصها وذلك بغرض تنفيذ بعض جوانب الخطة التنموية للمملكة، حيث شهد العالم خلال الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في دور الدولة، حيث لم تعد فكرة الدولة الحارسة فكرة مقبولة اقتصادياً وسياسيا، بل زاد من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي بهدف حماية مصالحها الحيوية. 

arbitration
 

وقد واكب هذا التدخل المتعاظم من قبل الدولة في المعاملات الاقتصادية انتشارا للأخذ بطريق التحكيم كوسيلة تتلائم مع طبيعة ومقتضيات هذا التدخل، فعلى سبيل المثال لم تعد شروط اتفاق التحكيم في مجال عقود الاستثمار التي تبرمها الدول شروطاً نموذجية معدة مسبقاً، وإنما أصبحت شروط يتم إدراجها عن قناعة تامة بفوائد هذا الأسلوب وفاعليته وتوافقه مع طبيعة العلاقات القانونية التي تقوم بها الدول والمشروعات الأجنبية الخاصة.

وبصفة عامة فإن جدوى المشروعات الإستثمارية يرتبط بمدى مساهمتها في دفع إقتصاديات الدولة المستقبلة للإستثمار بصورة مستمرة نظرا إلى المدة الطويلة التي يستغرقها عقد الاستثمار، ونظراً إلى تعلق هذا النوع من العقود بإستغلال الموارد النفطية للدولة، لذلك فإن حماية الإستثمارات الأجنبية الخاصة ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي إحدى وسائل تنمية العلاقات الإقتصادية الدولية التي تقوم على دعم المصالح المتبادلة للطرفين بما يتناسب مع الطبيعة الخاصة لعقود الاستثمار.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق