بوابتى إلى مرحلة جديدة

الإثنين، 24 فبراير 2020 04:36 م
بوابتى إلى مرحلة جديدة

انضممت إلى مؤسسة «صوت الأمة» فى أكتوبر ٢٠١٦، بعد لقاء جمعنى والصحفى المحترم الأستاذ شارل فؤاد المصرى، فى الأيام الأولى من توليه مهمة إدارة المؤسسة صحافيا وإداريا، مع انضمامها إلى إعلام المصريين حينها، ومنذ ذلك التاريخ أعيش تجربة ثرية على المستويين الصحفى  والإدارى فى هذا الصرح الصحفى العظيم، الذى اتشرف بالانتساب له.
 
كانت المرة الأولى لى فى تولى مهام إدارة صالة التحرير، المهمة كانت فى  بدايتها صعبة، حيث أعمل وسط مجموعة مميزة من الصحفيين أصحاب السيط والأرشيف الصحفى المشرف، ولأنى كنت متحمسا للغاية، كنت سريع الاندفاع، مازالت تسيطر علىّ شخصية الصحفى الـ «فرى لانسر» غير المتقيد بدوام عمل ثابت، ولا يتحمل إلا مسئولية نفسه فقط، وفى يوم وليلة أصبحت محاسبا على إدارة مجموعة عمل ليست قليلة العدد أو القيمة.
 
واجهتنى صعوبات وتحديات صعبة، إلا أننى وجدت من يرشدنى ويؤمن بى، بداية من الأستاذ شارل، صاحب قرار ترقيتى، من رئيس قسم الإسلام السياسى إلى مدير تحرير، بعد شهر واحد من العمل، وبرغم حديثى معه بأن التكليف الصادر منه قد يكون رهانا خاسرا بحكم شخصيتى المتقلبة سريعة الانفعال، إلا أنه طمأننى بالوقوف ورائى، ومن بعده جاء دور الصديق والأخ هانى رفعت مدير تحرير «صوت الأمة» حينها، حين تولينا إدارة «صوت الأمة» بصفة مؤقتة بعد استقالة الأستاذ شارل، وكان لوجوده جوارى بالغ التأثير فى العبور من مرحلة الاندماج مع «اليوم السابع» ودوت مصر، وهى المرحلة التى صقلت شخصيتى ومهاراتى، بعد أن احتوى اندفاعى وحماسى، وأعاد صياغتهما إلى طاقة عمل تؤتى ثمار النجاح.
 
تم الاستقرار على تولى الأستاذ عادل السنهورى رئاسة تحرير الموقع الإلكترونى، بجانب منصب رئيس تحرير تنفيذى للنسخة الورقية التى  يترأس تحريرها الدكتور عبد الحليم قنديل، وهنا تحققت المعادلة النموذجية، شاب متحمس سريع القرارات، يصارع ليثبت جدارته فى تولى مهامه، يترأسه شخص حكيم ودمس الخلق ومهنى من طراز فريد، هادئ الطباع، ويملك قدرة مخيفة على امتصاص الغضب وتحويله إلى طاقة، السنهورى  حين يكتب يكسو النهم قسماته، مصاب بفيروس شهوة الكتابة، يضاجع الأفكار ليلا، فينجب فى الصباح ملفات صحافية وحملات تثير جدلا فى  الرأى، ينافس الشباب فى الإنتاج اليومى، عناصر كثيرة جعلت منه قائدا حكيما قادرا على توجيه طاقتى، باستيعابه للأفكار المجنونة والجريئة وتطوريها لتخرج مادة صحفية ثرية.
 
لم اتخيل أن الشاب الذى يقف على فرشة الصحف يطالع عناوين الصفحات الأولى للجرائد، ويمسك نسخة «صوت الأمة» يتصفحها بشغف شديد، سيكون فى يوم أحد محرريها، بل ويجالس ويناقش عملاق بقيمة الدكتور عبد الحليم قنديل فى أفكار الملفات الأسبوعية للنسخة الورقية، أو يتلقى تكليفات مباشرة منه فى ملفات مهمة عن جماعات الإسلام السياسى، ويتعامل بروح الشباب فى تطوير الأفكار، ويناقش بصبر، الدكتور كما نطلق عليه فى صالة التحرير، كان لا يركض وراء الفكرة اللامعة بهدف الخبطة الصحفية، بل كان يدرس بحس وطنى راقٍ أبعاد الموضوعات وكيفية صياغتها بأسلوب محترف لا يتعارض ومبادئه الوطنية.
 
لأسباب خاصة غبت عن المؤسسة قرابة الشهرين، وحين عدت وجدت روح الشباب تسيطر على المكان، مجلس الإدارة قرر ضخ دماء شبابية فى رئاسة تحرير الإصدارات، ووقع الاختيار والرهان على الأستاذ يوسف أيوب رئيس تحرير «صوت الأمة» الحالى، ولكى  لا أتهم بالمحاباة والتزلف يكفى أن تشاهد الطفرة التى أصابت موقع «صوت الأمة»، والروح الجماعية التى سادت صالة التحرير من أقدم محرر إلى أحدثهم، وكيفية إدارة الأدوات المتاحة فى إنتاج مادة محترمة ومميزة تحافظ على نكهة صوت الأمة المشاكسة.
 
الخلاصة ونحن نحتفل بالعدد ١٠٠٠ ومرور عشرين عاما على صدور «صوت الأمة»، أريد تسجيل أنها كانت بوابتى إلى مرحلة جديدة من حياتى  الشخصية والمهنية، أضافت إلىّ الكثير ومازالت، ربحت فيها عائلة متشابكة الأيدى ومتكاتفة، وتعلمت فيها الكثير من فنون الصحافة ومهارات الحياة، صنعت فيها صداقات لم أحظ بمثلها فى حياتى، أدركت فيها أن القيادة يجب أن تسبق الجميع فى العمل وتشمر عن ساعدها قبلهم، لا أن تنظر وتحبط وتستغل سلطاتها الإدارية فى الخصم والتنكيل، أو أن تمارس العقد النفسية على زملائها، «صوت الأمة» مدرسة فريدة حمى الله طلابها.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق