حسين صبور.. وفقدانه "للصبر" سريعا

الأحد، 05 أبريل 2020 02:53 م
حسين صبور.. وفقدانه "للصبر" سريعا
سعيد محمد أحمد

 
التصريحات التى أدلى بها رجل الأعمال المهندس حسين صبور، لم تكن موفقة على الإطلاق بالمرة، واتسمت بالتسرع وإطلاق أحكام من وجهه نظره "نهائية"، وربما قد يكون خانة التعبير، وربما لغياب الكياسة وفقدان الصبر، رغم ما يتمتع به الرجل من خبرة حياتية ومهنية طويلة فى مجال الأعمال والأنشطة التجارية والإنشائية الكبيرة.
 
المفردات التى استخدمها صبور، فى حديثة المسجل لصحيفة "اليوم السابع"، شكلت قدرا كبيرا من الصدمة الكبيرة للرأي العام المصرى، واتسمت بقدر كبير من القسوة والعنف فى ظل ظروف يمر بها العالم على كافة المستويات الإنسانية، والتى تهدد البشرية بالفناء من عدمه وما تبعها من آُثار اقتصادية وتجارية عالمية يراها الكثير من المحللين أنها تشكل دمارا للاقتصاد العالمى ولحركة التجارة الدولية، وبما فرض على الكثير من عمالقة رجال الأعمال والمشاهير فى العالم بمساندة دولهم الوطنية، وهو أمر طبيعي من منطلق السلوك الأخلاقي فى التعامل مع تلك "الجائحة" التى وقودها البشر دون غيرهم من الكائنات .
 
غريب أمر المهندس حسين صبور، ومطالبته بعودة العمال وسريعا إلى العمل ورفضه المطلق لتوقفهم عن العمل، حتى لو اقتضى الأمر وفاة الكثير منهم، ودون أية اعتبارات حتى على المستوى الأنسانى، وتعبر فى الوقت ذاته عن حجم ومدى تغول الرأسمالية المتوحشة، ولو على أرواح العمال البسطاء، وبمزاعم واهية فيما أسماه "بإفلاس الدولة".
 
ألم يعى المهندس صبور، أن مصر ظلت تُنهب على مدار عقود طويلة من قبل ما سمى "طفيليات " رجال الاعمال فى زمن الانفتاح الاقتصادي، وكانت بابا واسعا للفساد والتربح وللرشى سواء فى الاستيلاء على الأراضي أو المناقصات التى كانت تجرى على "عينك يا تاجر"، ورغم عمليات النهب المستمرة وهى ليست مبررا، فقد ظلت مصر صامدة بقاعدتها الصلبة والمنهكة، والتي تحملت تبعات موجات الفساد المتتالية، وهى التى كانت تسدد من قوت يومها ما نهب من ثرواتها فى مختلف المجالات.
 
المؤكد أنكم كنتم على علم بما كان يجرى فى السابق، وهو "ليس تلميحا أو حتى مجرد الإشارة لشخصكم"، ورغم علمى الشخصى والمحدود عن شخصكم، بأنكم تتسمون بالنزاهة والجدية، ومن خلال تجربة بقدر ما كانت تجربة صغيرة عشتها معكم فى سوريا عام 2009 ، إلا أنها كانت كبيرة بالنسبة لى، نظرا  لحجم ما مورس عليكم من ضغوط أبان تنفيذ عدة مشاريع لإعادة تخطيط عددا من أحياء دمشق، وكان أبرزها أنداك مشروع "حى بغداد" وهو حى سكنى فى قلب العاصمة، ويعد أحد أهم الأحياء والشوارع الدمشقية، ومنشأ منذ زمن الانتداب الفرنسى وقد خططه والى دمشق العثمانى "خلوصى بك " عام 1915،  ومشروع تطوير "جبل قاسيون"، وافتتحتم مكتبا هندسيا فى حى" فيلات غربية"، ولم يكتب النجاح لاستكمال مشروع المخطط  لرفضكم للضغوط .
 
حقيقة أدهشتني تصريحاتكم ومفرداتك الصعبة، وفى تقديرى أنها لا تعبر عن جرأة أو حرية الرأى، بقدر ما تعبر عن سوء تقدير للموقف الراهن الذى تمر به الدولة المصرية، وما قامت وتقوم به من جهود جبارة على كافة المستويات الصحية والإنسانية والأخلاقية أدهشت المصريين جميعا قبل اندهاش العالم بما قامت به مصر لحماية الملايين من أبنائها فى الداخل والخارج كونها تتعلق بمسألة الحياة والموت، وأعتقد أن أحدا لم يطالبك بالتبرع،  كما أن تعبيرك قد "خانك" فى تقديرى بما حمله من قسوة وفظاظة تعبير " لما يموتوا شوية أحسن ما البلد تفلس ومش مهم البشر تتعالج"، علما أن ذلك التعبير جرى اطلاقه على لسان " مرسى"، لما قال ايه يعنى لما يموتوا شوية " مع القياس فى الفارق ، ويبقى السؤال هل الأموال أغلى وأثمن من الأنفس التى كرمها المولى عز وجل ؟، مع العلم أن من يصنع الفلوس هم البشر ورجال الأعمال دون استثناء أعلم بذلك . 
 
الحديث قد يحمل فى مضمونة بعض المنطق، لو أن الأمور التى نعيشها حاليا كانت أخف وطأة مما نراه ونتابعه وتتابعه بالتأكيد مما يجرى فى العالم، اما وأن الأزمة لازالت طاحنة وغير مقدر نتائجها فى ظل غياب " لقاح " ينقذ البشرية، فهو منطق مقلوب سواء فى مسالة الاستعجال على العمل وتقديرك لحظر التجول أسبوعين بقولك " نستني أسبوعين ليه، الأسبوعين دول احنا ألفناهم ليه".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق