ازدراء شهداء الوطن

الأربعاء، 15 أبريل 2020 06:21 م
ازدراء شهداء الوطن
مختار محمود

 
لا أحد يطلب منك أن تشاطرنا الأحزان على سقوط شهيد افتدى وطنه بدمه وروحه؛ لأنه لم يسقط، بل ارتقى إلى أعلى عِليين. لا أحد يُلزمك بأن تشاركنا البكاء على مَن تغتالهم أيادى الإرهاب الآثم وأذرعه الخبيثة؛ فتلك مشاعرُك وحدك، لا يملك أحدٌ المصادرة أو فرض الوصاية عليها. لا أحدَ يطلب منك أن تكون إنسانًا ينفطر قلبك على استهداف وتصفية رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه من الدفاع عن تراب وطنهم، ربما لأنك لا تراهم كذلك، ولكن ليس من المروءة أبدًا أن تُظهر الشماتة فى "شهداء الوطن"، وليس من الإنسانية أبدًا أن تتهلل أساريرك مع كل موكب جنائزى لـ"ضحايا الإرهاب". 
 
ليس من البطولة أن تُحوِّل حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعى إلى منصة لـ "الألش السخيف"، وإظهار الفرحة، وتبادل التهانى والتبريكات مع أقرانك، ممن لا يقيمون للوطن وزنًا، ولا للشهادة قدرًا ولا للإنسانية حسابًا. 
 
الشامت فى دماء الشهداء ليس أقل إثمًا ممن حمل السلاح وخطط وحرض على القتل. بعيدًا عن أية حسابات سياسية.. فإنَّ ذوى الفطرة السليمة والنفوس الأبيَّة والقلوب الصادقة لا يمكن أن يتقافزوا رقصًا على جثامين الشهداء الطاهرة وأرواحهم النقية، ولا يسارعوا فى التنكيت وتصميم الكوميكسات احتفاءً واحتفالًا.
 
لم يعد من المنطقى أو اللائق التغافل عن مثل هذه التصرفات الصبيانية والسلوكيات الشيطانية، والتعامل معها باعتبارها كأن لم تكن، يجب أن تكون الدولة حاضرة، والقانون فاعلًا، حتى لا تتكرر مع كل حادث إرهابى.
 
فى حادث الأميرية.. الذى استشهد فيه المقدم "محمد الحوفى"، امتلأت المئات من الحسابات الشخصية على "فيس بوك" و"تويتر" بروح الشماتة فى الشهيد والمصابين الثلاثة، وإظهار الحزن والتباكى على أعضاء الخلية الإرهابية التى خططت لتنفيذ عدة عمليات مسلحة ضد الكنائس تزامنًا مع احتفالات الأقباط بأعيادهم.
 
نعم.. هذه ليست المرة الأولى، فقد سبقتها مئات المرات، مع كل حادث إرهابى، ولكن الصمت لم يعد مقبولًا، والتغافل لم يعد مُرضيًا. الدولة التى "أظهرت العين الحمراء"، فى واقعة رفض أهالى إحدى قرى "الدقهلية" دفن طبيبة مُصابة بـ "الكورونا"، وتعاملت معهم بما يستحقون، يجب أن تُظهر العين نفسها، لكل شامت فى دماء شهداء الوطن وضحايا الإرهاب.
 
"مجلس النواب" يجب أن يشرع قانونًا يعاقب الشامتين فى شهداء الوطن، فى الفضاء الألكترونى، بالعقوبة الملائمة، من أمن العقوبة أساء الأدب، عاقبوهم حتى يدخلوا جحورهم، وحتى لا يثيروا مشاعر أهل الشهداء وذويهم. آن الأوان لأن يكون هناك قانون رادع وقاسٍ لمواجهة هذه الفئة الضالة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق