هل نعتبر عيد الفطر "شم نسيم" أخر؟

الأربعاء، 06 مايو 2020 07:38 م
هل نعتبر عيد الفطر "شم نسيم" أخر؟
سعيد محمد أحم

 
هل تتحقق نبوءة ملايين المصريين المنادين باستمرار "خليك فى البيت" حماية لنفسك واهلك وبلدك، وتطبيق ذات الإجراءات التى طبقت فى عيد "شم النسيم"، وتفعيلها خلال "إجازة عيد الفطر المبارك"، وبقاء الأمور كما عليها من فترات الحظر من إغلاق لمختلف المرافق العامة من الحدائق والمتنزهات والشواطئ فى عموم مصر، سواء كانت بحرية أو نهرية حماية للشعب من نفسه، خاصة مع الإعلان عن فتح متدرج لعدد من المنشأت السياحية كالفنادق وفق ضوابط وقواعد جديدة، لن يكتب لها النجاح إلا بتطبيق صارم وحازم للمخالفين ووفقا للقانون.
نبوءة قد يقبلها البعض وفق منطق "من خاف  سلم "، خاصة مع ارتفاع معدلات الإصابة وبشكل مستمر ومتزايد، وبما يؤشر أنها فى طريقها للذروة رغم العديد من التطمينات، والتى لازالت ترى أننا لازلنا فى المرحلة الأمنة، وبما يخالف حقيقة الواقع فى تصاعد الأرقام بشكل متوال نتيجة اللامبالاة وانعدام ثقافة الصحة العامة من قبل الملايين من المصريين، الذين يتحركون ليل نهار دون ضوابط حاكمة برغم حملات التوعية التى لم تنقطع منذ ظهر الفيروس اللعين، وأن استمرار الحظر خلال أيام عيد الفطر المبارك قد تساهم فى الحد من انحسار المرض.
أصحاب ذلك المنطق، يرون أن المحصلة فى النهاية "مش جايبة همها"، وأنه من الأفضل "البقاء فى البيت"، وتقبلهم الوضع الراهن على مضض، من نمط حياه  أصبح مملا خوفا ورعبا من الإصابة فى ظل عجز الجميع حتى الأن عن فهم حقيقة الوباء ومصدره وتداعياته المرعبة، سوى حقيقة واحدة أنه "مجهول وسريع الانتشار"، ولا يدرك حامله أنه يحمل قنبلة موقوتة تتحرك فى كل الاتجاهات دون مؤشرات أو جرس انذار لتنبيه الضحايا، وفى ظل متغيرات سريعة ومتلاحقة بالفيروس حتى وصل الأمر إلى نتيجة أن "مفيش حد فاهم حاجة "مع الالتزام بكافة تعليمات الوقاية من الفيروس .
فيما يرفض البعض مواصلة اجراءات الحظر، ووفق منطق " من لم يمت بالسيف مات بغيرة"، وأنه لا يمكن الاستمرار فى ذلك الوضع وأن توقف الحياه أمر يتسم بالصعوبة البالغة على كافة المستويات بدءا من عامل اليومية ومرورا بكافة القطاعات والمؤسسات الحيوية العامة منها والخاصة، وانتهاء بمؤسسات الدولة قيادة وحكومة والتى قدمت كل ما لديها ومازالت تقدم من دعم حقيقى وملموس لمعظم الشرائح المجتمعية وبصفة خاصة الطبقات الوسطى وما دونها، وأن الجميع أصابه ضررا بالغا جراء الحظر على كافة المستويات ليس فى مصر وحدها بل فى كل دول العالم دون استثناء.
هناك "طرف ثالث" يقف ما بين الرفض والقبول، واختار أن يعزف منفردا وبعيدا عن السياق وعن القضية المركزية، ووفق منطق معكوس بتوجيه كل اللائمة على الحكومة ووزارة الصحة، وانتهاء بتحميل الحكومة كامل المسئولية، والمؤكد أن أصحاب ذلك المنطق المغلوط والمقلوب الهدف منه فقط حصريا تحميل الحكومة ووزارة الصحة المسئولية، وأن المواطن برىء وطاهر فى سلوكياته الخاطئة برغم كل ما قامت وتقوم به الدولة على مدى قرابة الشهرين بجهود خارقة من توعيه ودعم صحى وطبى وعلاجي وتطهير لكافة مرافقها، وتأكيدها أن المواطن هو المسئول الأول والفيصل والقاسم المشترك فى المنظومة العامة والتركيبة المتعلقة بانتشار أو انحسار الوباء، وبما يفرض على كل مواطن تحمل مسئولية نفسة فى ظل عدم التزامه بأدنى درجات الحظر، وأقلها "البعد الجسدى وارتداء الكمامة" خلال التجمعات، ويكفيك أن تذهب إلى الأحياء الشعبية فى كل مكان وسترى عجب العجاب من اللامبالاة وغياب الوعى بأهمية النظافة والصحة العامة، وهو ما سيؤدى فى النهاية إلى كارثة لا يحمد عقباها.
ويتساءل الجميع فى اندهاش عن سبب ارتفاع عدد الإصابات بشكل يومى، ووفقا لإحصائيات معدلات الإصابة فى محافظات الجمهورية، والتى لم تخلو من حالات الإصابة بها، فإن المنطقة المركزية " القاهرة والجيزة والقليوبية" تحظى بأعلى معدلات الإصابة، وخاصة فى المناطق ذات الكثافة السكانية وعشوائية السلوك الاجتماعي والتى لا علاقة لها بأية معايير وقائية أو احترازية سواء صباحا واختراقها ليلا فى تجمعات فى الحارات والشوارع الخلفية فى العديد من الأحياء، والتى تستمر إلى ما بعد الحظر.
ويبقى السؤال ما الذى يمكن أن تفعله وزارة الصحة أكثر من توفير كامل أطقمها الطبية من أطباء ومستشارين وأجهزة معاونة فى منظومة "جيش ابيض" لا يحارب الوباء فقط بل يحارب قدرا كبير من الجهل والتخلف وسوء السلوك من تنمر من المرض والمريض نفسه، وأيضا من المريض الذى يتملكه الخوف من الابلاغ عن حالتة المصابة، وكأن المرض أصبح عارا يلاحق صاحبه مهما كان درجة ثقافته من عدمها.
والمؤكد انه مع  السماح بالاحتفال المتدرج بعيد الفطر المبارك، سيبقى الرهان على وعى الشعب المصرى هو المحك الرئيسى والذى ظل حتى الأن رهانا خاسرا فى ظل غياب الوعى الحقيقى لديه بأهمية النظافة والصحة العامة والالتزام بإجراءات الوقاية والحظر للخروج من الازمة وبما يفرض على الدولة اتخاذ اجراءات أشد قسوة بتطبيق الكامل للقانون وبكل حزم ودون تراخى خاصة مع عزم الحكومة اتخاذ اجراءات الفتح التدريجي وبضوابط محددة لعودة الحياة إلى طبيعتها ليس كما يتصورها البعض، وانما وفق شروط قاسية فى التطبيق أهمها التباعد الجسدى خلال حركة الحياه فى النقل العام والجامعات والمطاعم والمصانع والفنادق والنوادي، وفى أى مكان على أن تكون المسافات أمنة تحفظ للجميع سلامتهم، وأى خلل فى اجراءات الفتح المتدرج سيتحول بالضرورة إلى كارثة، وعوضا عن نبكى على اللبن المسكوب، فالأولى الالتزام بما هو "ممسوك" بأيدينا .
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق