يقطع الترند واللي شار به!

السبت، 25 يوليو 2020 03:14 م
يقطع الترند واللي شار به!
حمدي عبد الرحيم

 
في ليلة شتوية يفتك بردها بالعظام، كان الزوج المسكين ممددًا بجوار زوجه المصون على سرير الزوجية، وكانت السيدة لا تكره شيئًٔا مثل كرهها للبرد وللشتاء، تبحث عن الدفء مستعينة ببوستات الفيس بوك الملتهبة.
كان عقل الزوج يطارد حسابات المعيشة لكي يرتق ثقوبًا قد اتسعت، وكانت السيدة تواصل غوصها في بحور الفيس الهائجة، ثم فجأة القت عنها الغطاء وراحت تصيح في غضب شرس: "لا يمكن.. لا يجوز.. يا سافلة.. يا منحطة.. يا حقيرة.. أعوذ بالله من الحقد، أعوذ بالله من البغضاء، لقد خرب العالم وقضى الأمر".
بفزع سألها الزوج المسكين: ماذا حدث، هل شتمتك إحداهن؟.
قالت بصوت يرتعش تحت وطأة غضبها: لو شتمتني لهان الأمر، كنت سأرد عليها، ولكنها لم تشتمني لأنها لا تعرفني.
قال الزوج المسكين وقد سدت الحيرة عليه كل السبل: هل يمكنك شرح القصة لي؟.
قالت والغضب يخنق صوتها: امرأة قليلة الأدب سيئة السلوك تعمل في خدمة جورج كلوني، خادمة لا تزيد، هذه الخادمة قالت لجريدة بريطانية: إن سيدها الفنان الأمريكي العظيم، جورج كلوني الذي هو جورج كلوني، ليس حريصًا على غسل أسنانه.
هنا خلع الزوج المسكين عن نفسه كل وقار وصرخ في وجهها: "نعم يا عينيا!".
وما علينا إن لم يغسل السيد كلوني أسنانه أو لم يغسل أي شيء آخر يخصه؟.
هل كان إلقاءك للغطاء وأنت التي تكرهين البرد ثم غضبك وشتمك لسيدة لا تعرفينها، هل كل هذا كان دفاعًا عن أسنان السيد كلوني؟!
رمته بنظرة نارية كأنه قد أعلن كفره يوم الجمعة الأخيرة من رمضان المعظم في جوف الكعبة ثم قالت وهى تتنفس ببطء ضاغطة حروفها كلامها، كلوني ترند، هل حضرتك تعرف قيمة الترند؟.
هنا عاد للزوج المسكين وعيه فأدرك أن حرمه المصون قد وقعت فريسة لينة وسهلة بين أنياب ومخالب الترند.
يا أيها الترند تبًا لك ساير يومك، لم نر يومًا طيبًا منذ هبطت على قلوبنا وعقولنا، يا أيها الترند عليك اللعنات جميعها، لقد أفسدت علينا أولادنا وبناتنا وزوجاتنا وأصحابنا وصحافتنا ووسائل تواصلنا وتلفزيوناتنا وإذاعاتنا، لقد أفسدت علينا حتى الهواء الذي نتنفس.
نبات على ترند سب الأعرابي المجهول، ثم نصحو على ترند سب وسط العاصمة، ثم يسيطر علينا ترند التحرش، فنهرب منه إلى ترند حروب الجيل المليون، ثم يهيمن علينا ترند الممثل الذي طلق زوجته المغنية أو الممثلة لا أدري، فذهبت الزوجة إلى مرافقة شاب من عمر ابنها، ثم تصالحت مع زوجها وعادا ليقيما معًا الأفراح والليالي الملاح وليعشا معًا عصفورًا مع عصفورة.
ما لنا نحن وتلك القصص المستوردة من ثقافة مغايرة وتقاليد وأعراف لا يربطنا بها رابط؟.
هل تنقصنا القضايا الجادة الملحة؟.
هل وصلنا إلى قمة الرخاء التي ليس فوقها قمة، أم نحن نحفر بأظافرنا في صخور أيامنا لكي نظل على قيد الحياة؟.
والله لو أن قوة من القوى التي تتربص بنا رأت حرصنا على ترند المفاضلة بين المايوه البكيني والمايوه الذي يقولون إنه شرعي لفعلت بنا تلك القوة ما هو وراء الخيال.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق