الحاج عطية أقوى من طارق عامر.. والمزلاوية أقوى من رئيس الحكومة

السبت، 30 أبريل 2016 07:45 م
الحاج عطية أقوى من طارق عامر.. والمزلاوية أقوى من رئيس الحكومة
عبد الفتاح علي


•قرارات الشطب أحدثت تغييرا لكن المليارات الإماراتية الاربعة كانت القول الفصل في الضغط على المضاربين.
•شركات الصرافة تلعب في تحويلات المصريين في السعودية البالغة 12 مليار دولار وتقنع أفراد ومؤسسات بعدم تحويل الدولارات لمصر.

من حقك أن تصف البطئ بالاستقرار، ومن حقك أن تعتبر الخوف حكمة، وقد تنظر إلى الارتباك كأنه صبر، لكنك أبدا لا يمكن أن تعتبر ما يحدث في أزمة الدولار بأنه مؤامرة كونية تخطط لها كل أجهزة مخابرات العالم بليل، كي يسقطوا النظام الذي يصعد لقيادة الكرة الأرضية، لأنك في هذه الحالة ستتحول على الفور الى مواطن "طيب" ، ومسؤول "على ما تفرج".

قبل ثلاثة أسابيع كتبت وحذرت، ونشرت أسماء الأباطرة الذين يتحكمون في سوق الدولار الأسود، وألمحت إلى الأماكن التي يجري بها تفاصيل التجارة الحرام، لكن كالعادة، لا أحد يتحرك، وإن تحرك، لا أحد يهتم، وإن اهتم، لا أحد يفكر لتعديل المنظومة التي باتت سلاحا في يد تجار المصالح الذين تتلمذوا على أيدي تجار الدين.

قبل أن نعيد التحذير، وننشر أسماء الاباطرة الذين مازالوا يمرحون في معبد الدولار، ويفعلون به الأفاعيل، أود أن أنبه إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي ابتعاد البنك المركزي والدولة عن سوق الدولار، والاكتفاء بمنح بضعة موظفين يطلقون لحاهم ويتباهون بزبيبة الصلاة على اعتبار أنها الغاية والمنى والهدف، السلطة التي لا يستخدونها، لأنهم يرون فيها مجرد واجهة اجتماعية.

قلنا من قبل أن في مصر قبل شهر تقريبا 87 شركة للصرافة، لكن بعد قرارات البنك المركزي الأخيرة بإيقاف 9 شركات جديدة على خلفية أزمة الدولار، بات في مصر ما يقرب من 78 شركة فقط، الشركات التي تم إغلاقها مؤخرا هي النوران ( 9فروع)، التوحيد ( 4 فروع)، وهما شركتين تقعان تحت اشراف لجنة التحفظ على أموال الإخوان، ويمتلكهما ورثة الحاج نزار، بمجموع 13 فرعا، ثان أكبر عدد فروع لشركات الصرافة في مصر بعد شركة المصرية للصرافة التي يمتلكها الأخوان إبراهيم وهادي المزلاوي، المقربين جدا من هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري.

قائمة شركات الصرافة المغلقة الأسبوع الماضي تنقسم إلى مجموعتين، الأولى شركات قليلة النفوذ، ضعيفة رأس المال، مساحتها أقل بكثير من أعضاء المجموعة الثانية، وتضم المجموعة الأولى شركة إميكو ( فرع واحد) مقرها الرئيسي في مدينة نصر، الخليج العربي (فرعين )، الصعيدي الدولية مقرها الرئيسي بكفر الشيخ ( 3 فروع).

بينما تضم المجموعة الثانية إضافة إلى شركتي ورثة الحاج نزار النوران والتوحيد، شركة النيل (12 فرعا ) ومقرها الرئيسي بالزقازيق ، فاروس ( 5 فروع)، جنرال (5 فروع )، ميدل إيست مقرها الرئيسي بكفر الشيخ ( 7 فروع).

وبالتالي تم اغلاق 48 فرعا للشركات التسعة المشطوبة بقرار محافظ البنك المركزي، لينخفض عدد فروع الصرافة في مصر من 366 فررعا قبل ثورة يناير إلى 292 فرعا فقط، بعد اضافة الفروع المغلقة قبل شهر تقريبا، ليكون المحافظ الجديد طارق عامر، قد أغلق وحده ما يقرب من 47 فرعا هم منافذ 14 شركة صرافة.

ورجوعا إلى قائمة الاباطرة الذين نشرنا عنهم قبل ثلاثة اسابيع، فان قرار الايقاف طال اثنين فقط من الأباطرة، في حين ظل الزلاوية يمتربعين على العرش بشركة المصرية، ثم قفز الى المركز الثاني شركة العاشر من رمضان التي تملك 11 فرعا أهمها فرع مدينة نصر بعد إخراج، ورثة الحاج نزار الذين يملكون شركتي صرافة، النوارن والتوحيد بـ13 فرعا من السوق بعد قرار الشطب.

ثم يأتي ثالثا الحاج كمال الذي يملك شركتي الروضة والمعادي بفروعهما العشرة ، ثم الحاج وائل بدير مالك شركة مصر السعودية ولها 9 فروع، ثم الحاج رضا الذي يمتلك شركة الرضا للصرافة المتهمة بالأخونة، ولها ستة فروع، ثم شركة الأطباء للصرافة التي يمتلكها الدكتور شريف الحلو، ثم الحاج إبراهيم المهدي ويملك شركة أمون للصرافة ولها أربعة فروع ثم الحاج محمود رضوان ويمتلك شركة الشيماء ولها أربعة فروع، ثم شركة الجوهرة ولها ثلاثة فروع ثم شركة جوهر جروب الذي يمتلكها الحاج محمد جوهر.

وأخيرا وليس آخرا الحاج عطية الذي يمتلك شركة الصيارفة المتحدون، وأحد أقوى تجار العملة في مصر، رغم قلة عدد فروعه المرخصة، لكنه يملك القدرة على"خلق" أي مبلغ من الدولارات، في أي وقت وفي أي مكان، ولأي شخص طبيعي أو اعتباري، وله علاقات قوية للغاية ببنوك ومؤسسات مالية ورجال أعمال من الوزن الثقيل.

هل غير قرار شطب الشركات التسعة من الأمر شئ، بالطبع أحدث تغييرا، لكنه ليس بالتغيير المطلوب، ولا بالدائم، لأن هناك عاملين أهم (من وجهة نظري) دفعا سعر الدولار للهبوط المؤقت، الأول المليارات الأربعة الإماراتية التي أزعجت أصحاب العامل الثاني وهم المضاربين الذين اكتفوا بسعر 11 جنيه وستون قرشا، ليبدأوا في طرح ما لديهم من دولارات مخزنة بهذا السعر، في مساء يوم الخميس، الذي وصل فيه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ولم يكن قد أعلن بعد عن المليارات الأربعة، وهنا، يتجلى الشك، ويبرز كالشمس في كبد السماء.

لماذا تحديدا حدث البيع مساء الخميس وقبل الاعلان عن المليارات الأربعة بساعات، التي كانت كفيلة، بتصريف المضاربين لغالبية الدولارات المخزنة، وكأنهم على علم بما سيتم مساء اليوم التالي في نهاية زيارة ولي عهد أبوظبي للقاهرة.

وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي لا أعترف بها، والتي يراها البعض على أنها دستور الحكم في مصر، لأني أعتقد أن ما يحدث هو مجرد صراع، سواء دولي أو محلي، يقف أمامه النظام موقف المتفرج، بدلا من أن يحصل على نصيبه من اللعبة، ويكتفي بمظهر (الحقاني) التقي والورع والقنوع بما لديه من خزائن خاوية، فبعيد عن كل هذا، هناك دور للدولة مفقود في سوق الدولار.

نصيب الدولة في هذا السوق شركة واحدة فقط، هي شركة مصر للصرافة المملوكة بالكامل لبنك مصر، والتي تملك 10 فروع فقط، تمثل تقريبا 1.3% من سوق الدولار، يعني بلغة الشارع نصيب الحكومة من السوق "بلح" لا تملك على الارض أية امكانية لفعل أي شئ، ويكتفي البنك بتصريف جزء من احتياجه من الدولار عبر هذه الشركة، وكأنه بنك متواضع يملكه السيد محمد الاتربي رئيس مجلس الادارة، وليس ثان أكبر بنك في مصر، والذي يحمل تاريخا عريقا في الوطنية المصرية، نابعا من المواقف العظيمة التي سجلها التاريخ لمؤسسها طلعت حرب النموذج الذي لم يتكرر لرجل الاعمال المحب والمخلص لبلده.

السؤال هنا، لماذا لم يفكر رئيس بنك مصر من زيادة فروع شركة الصرافة الحكومية الوحيدة ليجعلها عشرون فرعا أو على أقل تقدير يتساوى من مجموعة المزلاوي التي تملك الشركة المصرية للصرافة والتي لديها 22 فرعا في مصر.

ولماذا لا يأمر طارق عامر محافظ البنك المركزي كل البنوك الحكومية كالأهلي المصري (الذي يدار وكأنه مكتب يتبع لسكرتير محافظ البنك المركزي) والقاهرة والتعمير والاسكان والمصرف المتحد، والصادرات، والاثتمان الزراعي وناصر، والعقاري العربي، وهي بنوك مملوكة بالكامل للدولة، ولماذا لا يصدر فس الأوامر للبنوك التي تملك الدولة نسبة كبيرة في رأسمالها كالتجاري الدولي والاستثمار العربي، والعربي الافريقي وغيرها، بانشاء شركات صرافة تستخدم جزء من فروعها البنكية المنتشرة في أرجاء المحروسة وتستقطع منها مساحة لفروع الصرافة الجديدة.

فلو أن كل بنك يدخل في الملكية العامة، أنشأ شركة صرافة لكان لدينا ما يقرب من 15 شركة صرافة (تملك ما يقرب من 150 فرعا) فيصبح قدرة البنك المركزي أقوى في السيطرة على الأرض المحروقة أمامه، لكن هذا شريطة تغيير طاقم الموظفين (الطيبين) الذين يديرون المنظومة من الداخل، وبدلا من استهلاك الوقت في المكاتب ما بين صلاة ونميمة وتجهيز خضار ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي، واليوتيوب، نستبدلهم بشباب مدرب كفؤ لا يكون هدفه أن يكون محبوبا لدى شركات الصرافة، بل يكون مهابا عندهم.

أغلب الظن أن هذا لن يحدث،وستعاود لعبة المضاربات مرة اخرى، لأن العقلية التي تدير البنك المركزي، في حقيقة الأمر لا يدير شركات الصرافة كما يدير البنوك، لأنه يتعالى على هذا السوق، ويعمل بالطريقة القديمة، طريقة الموظفين، وهي نفسها التي تدير البنوك العامة أيضا، بداية من هشام عكاشة، رئيس البنك الأهلي الذي طبع أموره مع المصرية للصرافة، وباتت تمده باحتياجات عملاؤه المهمين جدا فقط، وتلبي رغباتهم إما الاستيرادية المستفزة، أو تدفئة أموالهم في حساباتهم في الخارج عبر مراسلي البنك في دبي ونيويورك ولندن.

ما سبق "كوم" وما هو آت "كوم" آخر، خاصة في ما يتعلق بتحويلات المصريين بالخارج، المورد الأكبر والأهم والأخطر من العملة الصعبة، فهذا المورد يمثل أربعة أضعاف دخل قناة السويس حتى بعد التوسعة، بشهادة اللواء أبوبكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فما يجري حاليا ومنذ القرارات العتيدة للمحافظ السابق هشام رامز التي وصفه االبعض بالمهزلة بكل ما تحملة الكلمة من معنى، لتتم مكافأته بتوليه رئاسة بنك "سبوبة" المصرف الدولي.

تحويلات المصريين بالخارج بلغت العام الماضي 19 مليار دولار، كان نصيب التحويلات القادمة من دول الخليج 85%، في حين كان نصيب تحويلات العاملين المصريين في السعودية فقط (مليوني عامل مصري)60% من إجمالي التحويلات بما يقترب من 12 مليار دولار.

وهنا تكمن المشكلة، لأنه في الأصل وقبل تطور أزمة الدولار في مصر، كانت أغلب التحويلات تدخل البنوك، وتستقر فيها، في حين كانت نسبة 10% فقط تذهب لشركات الصرافة، ثم تطور الأمر بعد الثورات وارتفعت النسبة من 40% إلى ما يقترب من 70% من التحويلات تستقر لدى شركات الصرافة، بعد أن يتم سحبها من البنوك رغبة في الحصول على فارق السعر الذي بدء هو الاخر يزداد ليكون مطمعا حتى مع الدولارات الصغيرة المحولة من الخارج.

بعض أصحاب شركات الصرافة، أو بمعنى أدق بعض أباطرة الدولار في مصر، قرروا اللعب في المنبع، واختاروا السعودية لأنها الملعب الأوسع والأكبر والأضخم (12 مليار دولار)، وعن طريق وسطاء وسط تجمعات المصريين هناك، حدث الاتفاق على الحصول على مبلغ التحويل (بالدولار) مقابل دفع مقابله بالجنيه في مصر، وبسعر يفوق سعر الدولار في السوق السوداء من قرشين إلى خمسة قروش.

الاتفاق بدء بالأفراد، وذاع الخبر بين المصريين هناك، وبدء التكالب على السعر الأعلى، حتى قفز اللعب إلى الاتفاق مع المؤسسات والشركات التي تحول دوريا دولارات إلى مصر، ومن السهل على البنك المركزي أن يعرف تلك المؤسسات التي توقفت عن تحويل الدولارات إلى مصر، ومازالت مستمرة في صرف مرتبات العاملين في إداراتها في مصر، وحتى أسهل أكثر على البنك المركزي، بعض هذه المؤسسات تتعامل مع بنكين قطاع خاص كبيرين جدا.

وما حصل في السعودية حاولت شركات الصرافة فعله في الإمارات، لكن الأمر لم ينجح، في حين نجح على استحياء في الكويت.
بعد كل هذا، قد تسند ظهرك إلى الحائط، وأنت تسأل نفسك بعد كل هذا، من اقوى في سوق الدولار في مصر، محافظ البنك المركزي طارق عامر، ام الحاج عطية، من يملك مفتاح الحياة في مصر، حكومة شريف اسماعيل، أم شركات المزلاوية؟!
لو سالتني عن رأي الشخصي، من يخلق الدولار وقت ما يريد في المكان الذي يريد هو الأقوى، ومن يحدد قدرة المواطن على العيشة في مصر هو الذي يملك مفتاح الحياة.

 

تعليقات (1)
يوجد حل لأزكة الدولار
بواسطة: محمد حما د
بتاريخ: الجمعة، 06 مايو 2016 10:54 ص

نعم وبكل الثقة (من واقع دراسة تا ريخ النقود ) يوجد حل لأزمة الدولار ..باختصار الحل في كلمة واحدة وهي ( الذهب ) ...فالحل الرجوع إلي الذهب اساس للعملة وبتعبير أذق الحل الاستغناء عن الدولار الأمريكي والبديل استخدام الذهب اساس للعملة سواء بشكل مباشر ( سبائك ومسكوكات ) أو باستخدام اوراق بنكنوت بغطاء كامل من الذهب ..فالحل هنا (الذهب بديل للدولار )..وبتعبير آخر الرد علي صدمة نيكسون Nixon shock بالعودة إلي عملة عالمية هي الذهب بديلا عن الدولار الورقي ( في الحقيقة الدولار عملة خادعة لأت ليس لها رصيد معادل من السلع او الذهب مكافيء لما تصدره الولايات المتحدة ...ياشعوب ودول العالم ردوا علي صدمة نيكسون بتحويل ما ليكم من ذولار غلي ذهب .

اضف تعليق


الأكثر قراءة