لجنة محلب .. وصديق خالد أبوبكر

الأحد، 26 يونيو 2016 09:14 م
لجنة محلب .. وصديق خالد أبوبكر
عبد الفتاح علي


في بعض الاحيان تصدر قرارات غريبة وعجيبة، أعتقد أنها ترضية أقرب من كونها تكليف، مثل القرار الجمهوري الذي صدر صباح يوم الخميس الموافق 18 فبراير عام 2016 بتشكيل لجنة اطلق عليها "لجنة استرداد أراضي الدولة" التي تم اﻻستيلاء عليها بغير حق، واستردادها بكافة الطرق القانونية الممكنة.
وفي القرار الجمهوري نص على تولي المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية واﻻستراتيجية ورئيس الوزراء الاسبق رئاسة هذه اللجنة.
وتضم اللجنة وزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر، وممثلاً لوزارة العدل، واللواء عبدالله عبدالغني ممثلاً لوزارة الدفاع ورئيسًا للأمانة الفنية للجنة، وممثلين لكل من وزارة الداخلية والمخابرات العامة والرقابة اﻹدارية ومباحث اﻷموال العامة والشهر العقاري وهيئة المساحة.

وفي ذات القرار حدد اختصاص هذه اللجنة في النقاط التالية:
1- استرداد أراضي الدولة التي تم اﻻستيلاء عليها بغير حق، واستردادها بكافة الطرق القانونية الممكنة.
2- عمل حصر الديون المستحقة لصالح الجهات الحكومية، صاحبة الوﻻية على هذه اﻷراضي، وتصنيف المدينين بهذه المستحقات.
3- التنسيق مع الجهات صاحبة الوﻻية في اﻹجراءات القانونية التي ستتخذ ﻻسترداد اﻷراضي المستولى عليها ومتابعتها.
4- استرداد أموال الدولة في أي صورة كانت، وفقا لقوانين الجهات ذات الوﻻية على اﻷراضي المستولى عليها.
5- إعداد تقارير عن السلبيات التي أدت إلى الاستيلاء على أراضي الدولة محل الوقائع، واقتراح الحلول اللازمة لمنع تكرار الاستيلاء مستقبلاً.
6- إبلاغ جهات التحقيق بالوقائع التي تمثل عدوانًا على المال العام، وباقي جهات الدولة لتحصيل مستحقاتها.
7- إنشاء أمانة فنية تشكل من الجهات صاحبة الوﻻية على اﻷراضي محل وقائع اﻻستيلاء، وتمثل فيها اﻷجهزة المعنية.
وبعد قرابة الشهرين وتحديدا في 27 إبريل بدءت اللجنة في أعمالها بتشكيل الأمانة الفنية برئاسة المستشار عماد عطية رئيس محكمة الاستئناف ووضعت لها مهمة تلقي الطلبات من الراغبين في التصالح ودراستها مع جهات الولاية والأجهزة المختصة.
كان من الممكن أن يمر خبر اللجنة مرور الكرام، كأي لجنة تشكل للتسويف والمراوغة، وقتل الوقت، لكن الدكتور خالد ابوبكر، في مقال له في إحدى الصحف، قص رواية غريبة عن موكل له، وقع مع الدولة في مشكلة ظلت عشر سنوات لم يسرد تفاصيلها، بقدر ما سرد مدحا ومديحا في لجنة محلب، وفي شخص رئيسها، وكيف أنهما كسرا الروتين، وأعادا الأرض لموكله الذي كما قال أصيب بالمرض طيلة هذه الفترة.
وتعجبت كثيرا، من قدرة إبراهيم محلب ولجنته على التنازل عن الأرض المنهوبة، المفترض ردها للدولة، لأنها طالما عرضت على اللجنة، فبالتأكيد هي تخضع للمسمى الذي من أجله أنشئت.
ما حكاه خالد أبوبكر المحامي، يدل على أن اللجنة تجاوزت صلاحياتها، وتعدت على القرار الجمهوري الذي أنشأها، وقررت من تلقاء نفسها إعادة الأراضي، ليس للدولة، بل لمن حصل عليها بغير وجه حق.
لأنه وببساطة، لو أن لهذا الموكل – الذي لم يذكر اسمه- حق في هذه الأرض ما عرضت مشكلته على اللجنة في الأصل، بل كان قد ذهب إلى لجنة فض المنازعات، أو لجأ للقضاء ليأخذ حقه، لكن ملف الأرض ذهب إلى لجنة محلب، وبالتالي هي في حكم المنهوبة.
أعدت قراءة القرار الجمهوري الذي أنشئ هذه اللجنة، فلم أجد فيه أي اختصاص يمنح للجنة حق منح الأرض للطرف المعتدي (صاحب خالد أبوبكر) الذي اكتشفت اللجنة فجأة أنه رجل محترم، وأن زراعته للأرض زراعة محترمة.
المقال الذي كتبه أبوبكر دفاعا ومديحا لمحلب ولجنته (المحترمة) كشف عن حجم الاستهتار الذي يعنون حياة إبراهيم محلب السياسية، لأنه يريد أن يجعلنا نعتقد أن كرامات إبراهيم محلب في مواجهة البيروقراطية سوف تجعلنا نهاب انتقاده، أو نخشى مواجهته بأفعاله السابقة التي ورطنا فيها تارة وهو رئيس شركة المقاولون العرب، وتارة ثانية وهو وزير إسكان وتارة ثالثة وهو رئيس حكومة.
البيروقراطية ليست عملا حراما، ولا معيبا، ولا خطيئة نشعر بالعار من مجرد ذكرها، البيروقراطية والروتين، هو نظام إداري يحدد المسئولية، ويضع الاختصاص، ومهما كان فيها من عيوب، إلا أن عدم وجودها يعني الفوضي، ويعني حكم البلاد بالبركة، كالتي يحكم بها محلب لجنته، وكالتي حكم بها محلب حكومته.
لا أثق على الإطلاق في إبراهيم محلب، ولا في قراراته، ولا في حركاته أمام الكاميرات، وعشقه للوقوف أمامها، فمن يفعل الخير –إذا فعله- من أجل الشو والظهور، فهذا وجه من وجوه النفاق السياسي.
إذا أراد إبراهيم محلب أن يكسر الروتين، ويعمل من أجل مصر كما يدعي، فليخرج ويخبرنا بذمة أولاده المالية، وعدد الشركات التي يديرونها، والشراكات التي دخلوها، وحساباتهم في البنوك خلال السنوات الخمسة الماضية، فأنا لا أتهمهم بالفساد لا سمح الله، لكن ليضرب محلب بنفسه مثلا في حب البلد.
إذا أراد إبراهيم محلب أن يكسر الروتين، يخبرنا لماذا لم يقل لمبارك وأولاده لا، عندما طلبا منه تنفيذ أعمال خاصة وهو رئيس شركة المقاولون العرب.
إذا أراد إبراهيم محلب أن يكسر الروتين، يعلن على الرأي العام لماذا منح الأرض لصاحب خالد أبوبكر، وأدعى أنه رجل محترم وزراعته زراعة محترمة، ويكشف بالمستندات القرار الذي توصل إليه، ويقاضي في الوقت نفسه المسئولين الذي عرقلوا الاستثمار في هذه الأرض لمدة عشر سنوات.
مهمتك يا باشمهندس أن تعيد الأراضي المنهوبة، والأموال المنهوبة، وتضع العقبات أمام النهب المنظم للأراضي والأموال العامة، لا أن تمنحها لكل من له صديق مقرب منك.
لأنه وبصراحة شديدة، تاريخك في المقاولون العرب، ووزارة الإسكان والحكومة لا يجعلني مطمئن لكونك رئيسا للجنة استرداد أراضي الدولة، حتى لو كان من عينك هو رئيس الجمهورية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق