بالصور.. «صوت الأمة» تخترق عالم مافيا التسول.. مغامرة صحفية تكشف القوانين السرية التي تحكمها.. تجنيد العشرات لحساب كبار البلطجية.. «حاجة لله» كافية لاستمالة العاطفة.. والحصيلة: 150 جنيها خلال ساعتين

الجمعة، 29 يوليو 2016 09:20 م
بالصور.. «صوت الأمة» تخترق عالم مافيا التسول.. مغامرة صحفية تكشف القوانين السرية التي تحكمها.. تجنيد العشرات لحساب كبار البلطجية.. «حاجة لله» كافية لاستمالة العاطفة.. والحصيلة: 150 جنيها خلال ساعتين
نادر جوهر



التسول واقتحام العالم السرى للمتسولين مغامرة صحفية صعبة وشاقة للغاية، فضلا عن صعوبة تقمص شخصية وهيئة المتسول وترديد العبارات المستكينة واستخدام حيله وأكاذيبه التى يرويها للناس، ورغم ممارسة التسول التي تمثل جريمة يعاقب عليها القانون لمرتكبيها.

ورغم ذلك لا تخلو تلك المغامرة الشاقة من اﻹثارة والمتعة، ولم يتطلب اﻷمر إلا بضع ساعات لجمع أكبر قدر من المال، ودون الاحتكاك بالمتسولين أنفسهم ﻷنهم يعرفون بعضهم البعض ولا يسمحون ﻷى شخص غريب بدخول عالمهم السرى أو التقطيع على لقمة عيشهم ورزقهم كما يقولون.

أولى المشكلات التى كان لا بد من حلها هى تأليف العديد من القصص والروايات لاستمالة عطف الناس ودفعهم لدفع المال لتكون الحصيلة أكبر، ناهيك عن كلمة "حاجة لله" كفيلة وتمثل أداة قوية و جذابة ﻻستمالة عطف الناس ودفعهم للمال ﻷن الشعب المصرى تطغو العاطفة الجياشة عليه.

أما ثانى المشكلات فهى اختيار أماكن للتسول وتمتاز بالزحام الشديد بين المارة، و فى نفس الوقت لا تكون محط أنظار من الشرطة واﻷجهزة الأمنية، فتوجهنا نحو أحد اﻷسواق الكبيرة والتى يوجد بها موقف لسيارات اﻷجرة ويتردد عليها عدد كبير من الموظفين والطلاب وغيرهم الكثير فهؤلاء وبرغم أنهم محدودي الدخل إلا أنهم فريسة كبيرة للمتسولين.

كان علينا ألا نبقى فى منطقة واحدة أكثر من ربع ساعة حتى لا ينكشف أمرنا من قبل المتسولين اﻷصليين، وتفادي الوقوع تحت طائلة القانون، وكانت المفاجأة التى شهدناها بعد عدة دقائق من وقوفنا أمام موقف السيارات، رأينا العديد من المتسولين يذهبون واحدا تلو اﻷخر إلى رجل يقف بعيدا ويعطونه ما جمعوا من المال ويذهبون، كل ذلك ونحن نقف بعيدا نراقف المشهد.

وفجأة إذ بمتسول يطلب منى الذهاب معه إلى المعلم وشدّي من يدى حتى وصلنا إلى الرجل الذى كان يقف بعيدا قائلا: "بتعمل إيه هنا ياد أنت مش عارف إن المنطقة دى تبعى فأجبته باسترزق يا عم".

وبعد وصلة تعارف، علم أنى غريب، ووجه حديثه لي قائلا: "بص ياد تخرج من المنطقة حالا ومشفش وشك هنا تانى، فقولت له ليه يا عم الشارع بتاعك دا بتاع ربنا، فقال لى اه الشارع بتاعى وميقعدش فيه غير الناس بتوعى عاوز تسترزق بجد تيجى تجمد الفلوس منى وأعمل حسابك 100 بـ120 حلو غير كده تطلع من المنطقة حالا وتجيب الفلوس اللى معاك دى كمان فوافقت".

وعلمت بعدها أنه بلطجى يدعى "الديب" وهو المسئول عن المتسولين فى هذه المنطقة، ما يؤكد أن هذا المجال لا مكان فيه للهواة في ظل وجود قانون سرى يحكم عملهم يضعه "الديب" بنفسه و على الجميع أن يرضخ به.
وفى أقل من ساعتين كانت هذه هى مدة المغامرة وكان لا بد من الانتقال من شارع إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى وخلال رحلة التسول اختلفت ردود أفعال الناس معى فالكثير لم يتردد فى منحى المال حتى قبل سماع قصتى الوهمية والآخرين رفضوا حتى التحدث معى وآخرين طلبوا منى الحسنة وأن أدفع لهم المال.

فى نهاية المغامرة وبعد ساعتين كانت هى زمن المغامرة استطعنا الهروب من "الديب" وكانت حصيلة التسول 150 جنيها وهذا مبلغ يجعل أى متسول يتردد كثيرا فى الامتناع عن التسول، ومهما كانت المخاطر والصعوبات، فاذا كان متوسط الدخل اليومى للمتسول 500 جنيه فإن دخله الشهرى 15 ألف جنيه وهذا الراتب لا يتقاضاه مديرون و لا حتى مدرسون، وقمنا بوضع كل ما تحصلنا عليه من التسول فى صندوق أحد المساجد حتى تصل تلك اﻷموال لمن يستحقها فعلا، وكان هنا السؤال هل العقوبات القانونية وحدها كافيه لردع المتسولين؟ وماذا سيحدث إذا توقف المحسنون عن اﻹحسان ﻷشخاص يكذبون ويحتالون ويحترفون الكذب والخداع واللعب بعواطف الناس والعزف على أوتار الفقر والمرض وقلة الحيلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق