السفير رخا حسن لـ«صوت الأمة»: ترامب قد يضع الإخوان بقائمة «الإرهابية» (حوار)

الجمعة، 09 ديسمبر 2016 01:17 ص
السفير رخا حسن لـ«صوت الأمة»: ترامب قد يضع الإخوان بقائمة «الإرهابية» (حوار)
السفير رخا حسن متحدثا إلى محرر «صوت الأمة»
أجرى الحوار: بيشوي رمزي /تصوير: مؤمن سمير

في ظل التطورات الكبيرة على المستويين الدولي والإقليمي، تبقى هناك حاجة ملحة لتوضيح المواقف التي تتبناها الدبلوماسية المصرية تجاه كافة القضايا، خاصة مع بزوغ إدارة أمريكية جديدة ربما تحمل توجهات مختلفة عن الإدارة الحالية المنتهية ولايتها، سواء تجاه مصر أو تجاه كافة الأزمات التي تضرب المنطقة منذ سنوات.

بوابة «صوت الأمة» أجرت حوارًا مُفصلًا حول الأوضاع بالمنطقة العربية، وأيضًا التطورات على الساحة الإقليمية، مع السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والذي بدوره أكد أهمية الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام في توضيح ما يجري حولنا في العالم حتى تكتمل الصورة لدى الرأي العام وتُصبح أكثر اتضاحًا .. وإليكم نص الحوار...

 

بداية إذا تحدثنا عن النشاط الدبلوماسي المصري..فكيف ترى زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى الولايات المتحدة وتزامنها مع رحيل إدارة أوباما وبداية عمل إدارة أمريكية جديدة بقيادة دونالد ترامب؟

توقيت الزيارة موفقا للغاية، حيث تعد هذه الزيارة من أكثر الزيارات التي أجراها وزير الخارجية سامح شكري للولايات المتحدة توفيقا، لأن الحزب الجمهوري، والرئيس المنتخب دونالد ترامب أعطوا إشارات تعكس تغييرا جوهريا في المواقف الأمريكية، من خلال التركيز على التعاون مع الدول الأخرى بدلا من المواجهة، وكذلك التركيز على مكافحة الإرهاب والتعاون مع الدول التي تعمل في هذا الإطار، من بينها روسيا والنظام السوري، بدلا من الاهتمام بتغيير الأنظمة الحاكمة.

 

أما على الجانب المصري، ترامب يرى مصر دولة أساسية ينبغي أن تتعاون معها الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي لابد من مساعدتها اقتصاديا نظرا لدورها الكبير في مكافحة الإرهاب، وبالتالي فإن الزيارة تهدف للتمهيد في الانتقال بين إدارة وأخرى، من خلال مناقشة القضايا الإقليمية البارزة على السطح مع عناصر الإدارة الراحلة، وهو ما بدا في لقاء شكري مع نظيره الأمريكي جون كيري من ناحية، وكذلك لقاءه مع أعضاء بارزين في الإدارة الجديدة، وعلى رأسهم نائب الرئيس الأمريكي الجديد مايك بينس، من ناحية أخرى.

 

أيضا اللقاء مع الكونجرس كان أمرا مهما للغاية، في ظل سيطرة الجمهوريين تماما على الكونجرس بشعبتيه، خاصة لقاءه مع لجنة العلاقات الخارجية، والتي تلعب دورا أساسيا في العلاقات بين البلدين من الجانب السياسي والعسكري، حيث كانت الفرصة سانحة أمام شكري للمطالبة بزيادة المساعدات العسكرية لمصر في ضوء الدور الكبير الذي تقوم به القاهرة في مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى التنسيق مع المسؤولين الأمريكيين الجدد حول زيارة مرتقبة سوف يجريها الرئيس عبدالفتاح السيسي لواشنطن لأول مرة منذ وصوله إلى السلطة في مصر، حيث دعاه الرئيس المنتخب لزيارة أمريكا، وهو ما رحب به الرئيس السيسي.

 

كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية خلال حقبة ترامب؟

العلاقات سوف تشهد ايقاعا أسرع، ولكن ينبغي أن نلفت الانتباه إلى أن هناك أساسيات، فالتعاون العسكري بين البلدين موجود، وكذلك التعاون الاستراتيجي، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب سواء على المستوى العملي أو الاستخباراتي، وذلك بالرغم من وجود اختلافات، بسبب عدم شمولية الرؤية الأمريكية لكافة التنظيمات الإرهابية، بل وعدم شموليتها في التعامل مع التنظيم الواحد في ظل اختلاف الأماكن، فمثلا الولايات المتحدة تحارب داعش في منطقة ما بينما تهملها في منطقة أخرى.

 

ولكن الآن هناك حالة تقترب من التطابق في وجهات النظر فيما يتعلق بأهمية الدور المصري في الحفاظ على الاستقرار والسلام في المنطقة وكذلك مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى التعاون العسكري من خلال عودة المناورات العسكرية المصرية الأمريكية، والتي تسمى بـ"النجم الساطع"، والتي توقفت منذ عام 2009.

 

التعاون الاقتصادي كذلك سوف يشهد صعودا كبيرا في المرحلة المقبلة، حيث قام وفد اقتصادي أمريكي بزيارة مصر في الشهر الماضي لدراسة المشروعات الاقتصادية في مصر، ومعرفة مدى إمكانية مشاركة الولايات المتحدة فيها، وهو الأمر الذي سيتم وضعه في موضع التنفيذ خلال الإدارة الجديدة.

 

المعضلة الرئيسية التي واجهت العلاقات المصرية الأمريكية ربما تلاشت بصورة كبيرة في ظل صعود ترامب إلى البيت الأبيض، وبالتالي سيكون هناك تطورا بوتيرة متسارعة في العلاقات بين البلدين.

 

وما هي تلك المعضلة؟

هي بالطبع رؤية إدارة أوباما بضرورة تمكين التيارات الإسلامية من السلطة في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن أوباما كان يرى أن النموذج التركي كان ينبغي تعميمه في كافة دول المنطقة، وهو المنزلق الذي وقع فيه عدد من الكتاب والمفكرين والباحثين في مصر خلال الأعوام التي سبقت الربيع العربي مباشرة، حيث إنهم اعتبروا أن النموذج التركي هو نموذج التعايش بين الإسلاميين والعلمانيين، دون دراسة أو معرفة التوجهات التي يتبناها حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

 

الولايات المتحدة بدأت بالفعل في التواصل مع التيارات الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط منذ أواخر إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، حيث إن وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كونداليزا رايس أصدرت أوامرها للسفارات الأمريكية في دول المنطقة للتواصل مع التيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان في مصر، باعتبارها تنظيما "إسلاميا معتدلا" من وجهة نظرهم، وهو الأمر الذي عمقته إدارة أوباما بصورة كبيرة.

 

الرئيس الأمريكي المنتخب تعهد بمواقف حاسمة تجاه التيارات المتطرفة.. هل نتوقع وضع جماعة الإخوان في قائمة التنظيمات الإرهابية قريبا؟

هذا الأمر متروك للتطورات التي ستعقب تنصيب الرئيس الأمريكي، خاصة وأن هناك جماعة في الكونجرس الأمريكي والتي تحمل موقفا مناوئا لتيارات الإسلام المتشدد، حيث قام عدد منهم بزيارة مصر، وأوضحوا أنهم قدموا مشروع قرار للكونجرس باعتبار جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، إلا أن الأمر توقف بسبب غياب الدعم من قبل الإدارة، وكذلك مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس.

 

وهنا يبقى التساؤل هل سيعود هذا الملف للحياة مرة أخرى، أم أن الأمر ربما يختلف بعد أن يطلع الرئيس الجديد على الملفات السرية المرتبطة بالتعاون الأمريكي مع التنظيمات الإسلامية المتشددة، والتي لا تقتصر على الاخوان في مصر ولكنها ستمتد إلى أسباب السماح الأمريكي للقاعدة لأول مرة بالوجود في العراق في عام 2004، وعلى الرغم من أنه لم يكن مسموحا في عهد صدام حسين وجود أي تنظيم ديني، الأمر يتوقف في الأساس على المعلومات التي سوف تقدمها له أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

 

هل يمكن أن يكون هناك دور مصري لإقناع إدارة ترامب لاتخاذ إجراءات أكثر حسما تجاه الجماعة في ضوء التقارب المنتظر؟

السعي المصري لاقناع الولايات المتحدة باتخاذ مواقف حاسمة تجاه الإخوان ليس بالأمر الجديد، حيث إن المسعى المصري في هذا الاتجاه بدأ منذ إسقاط نظام الإخوان في عام 2013، إلا أن الولايات المتحدة كانت ترى أن هناك ضرورة لاحتوائهم، ولكن دعنا نتفق أن التعامل الأمريكي مع جماعة الاخوان سيشهد تغييرا كبيرا.

 

لماذا نرى بعض من الإعلام الأمريكي يصر على موقفه بعدم تقبل ما حدث في مثر بـ 30 يونيو؟ 

هناك سببان.. أولهما أن المشروع الأمريكي، والمتمثل في أن يكون التيار الإسلامي بزعامة الإخوان هو السائد في المنطقة توقف، حيث إنه طالما أوقفته مصر لم ينتشر، والدليل هو انعكاس التطورات التي شهدتها مصر على تونس، فبعد سقوط الجماعة في مصر على إثر تظاهرات 30 يونيو، تحولت المعارضة التونسية إلى رفض النظام الحاكم، وهو الأمر الذي دفع راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإسلامية، للقول بأنه من الأفضل لهم البقاء في المعارضة عن الوجود في السجن.،وهي التطورات التي أصابت الإدارة الأمريكية بخيبة أمل.

 

أما السبب الثاني، هو رغبتهم في استمرار الفوضى الخلاقة، وهو الأمر الذي يرفضه الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والذي أكد أن الولايات المتحدة لن تعمل تغيير الأنظمة لاحتواء الفوضى الحالية.

 

الأزمة السورية تلقي بظلالها على كافة القضايا بالمنطقة.. كيف ترى المشهد السوري في ضوء صعود ترامب للبيت الأبيض؟

المشهد السوري سوف يشهد تغييرا كبيرا في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل توجهات ترامب نحو التعاون مع روسيا والنظام السوري نفسه لمكافحة الإرهاب، والأمر الذي ينبغي أن نضعه في الحسبان هو أن النظام السوري ليس بشار الأسد وحكومته، ولكنه في الواقع حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي يشمل قطاعات عدة من المجتمع السوري، من بينهم سنة وشيعة ودروز ومسيحيين ورجال أعمال ومفكرين وتجار وإعلاميين ومثقفين.

 

حزب البعث السوري لن يسمح بتكرار ما حدث مع حزب البعث في العراق، خاصة وأن الحكومة السورية تحظى باعتراف دولي من كافة التنظيمات الدولية ما عدا جامعة الدول العربية، وهو الأمر الذي دفع الحكومة السورية إلى الاستعانة بروسيا، بحسب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على حق الدول في الاستعانة بالدول الصديقة للدفاع عن نفسها.

 

إذا المشهد السوري يتغير من جانبين.. الأول ميداني حيث أصبح للنظام السوري بالتعاون مع روسيا وإيران اليد العليا على الصعيد العسكري، أما الجانب الأخر فيتمثل في الناحية السياسية في ضوء ضعف الموقف الأمريكي والسعودي السياسي من سوريا في ضوء التطورات التي تحدث على الأرض، كما أن غياب البديل للنظام السوري في الوقت الراهن يبقى أمر مهما داعما لبشار الأسد، حيث إن البديل الوحيد للنظام الحاكم في سوريا الآن هو جبهة النصرة، وهو التنظيم المصنف كتنظيم إرهابي عالميا.

 

وزير الخارجية سامح شكري أكد أن مصر تتعاون مع المعارضة الوطنية في سوريا.. ماذا يقصد بـ"المعارضة الوطنية"؟

المقصود بالمعارضة الوطنية التي أشار إليها شكري، هي كل أطياف المعارضة التي ترى ضرورة أن يكون الحل شاملا للجميع، وهو ما يعني أن يكون النظام جزءا من الحل، وهو الأمر الذي يبدو منطقيا تماما، فكيف يمكن حل المشكلة السورية دون أن يكون هناك تعاون مع النظام؟؟ كيف ستكون هناك مرحلة انتقالية في غياب وجود فصيل منظم وقوي على الساحة السورية سوى جبهة النصرة؟؟.

 

ليست كل المعارضة السورية هي مجموعة الرياض، والتي تطالب بعدم وجود مستقبل لسوريا في وجود الأسد في المرحلة الحالية، وهو الأمر الذي يعد مدمرا لسوريا، حيث ستكون تبعاته أكثر سوءا مما حدث في العراق خلال مرحلة ما بعد الغزو، وهو الأمر الذي ترفضه مصر تماما. 

الموقف المصري يقوم على تأييد أي طرف يعمل من أجل الحفاظ على سلامة واستقرار الدولة السورية والحفاظ على وحدتها الإقليمية، وهو الموقف الذي لا يقبل أي تفاوض من وجهة النظر.

 

هل ترى أن الموقف المصري من سوريا سببًا في توتر العلاقة بين القاهرة والرياض خاصة منذ تصويت مصر لصالح الاقتراح الفرنسي والروسي لوقف إطلاق النار في حلب؟

أعتقد إن كان هناك توتر في العلاقات لهذا الموقف فلا يجب أن يكون، لأن كل دولة لها سياساتها وحساباتها الاستراتيجية، فسوريا تمثل أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لمصر، كما أن تكرار ما حدث في العراق مع سوريا فهذا يعني ضياع سوريا، وبالتالي جزء كبير من العالم العربي إلى مدى لا يعلمه إلا الله.

 ولكن دعنى أقول أن التوتر مع السعودية لا يقتصر على الموقف المصري من سوريا، فالأمر مرتبط بقضايا أخرى، منها الحكم القضائي الذي أوقف نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، حيث كانت المملكة تتوقع أنها سوف تستلم الجزيرتين بمجرد تصديق مجلس الشورى السعودي على الاتفاقية التي تم توقيعها خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة في أبريل الماضي.

 أيضًا أعتقد أن الدعم المصري للحكومة العراقية أحد نقاط الخلاف الرئيسية أيضا، حيث إن السعودية ترفض وجود العناصر الإيرانية ضمن القوات الداعمة للعراق في الحرب الحالية على داعش في الموصل، وما إلى ذلك، ومن ثم فإن الموقف المصري من سوريا لا يمثل أكثر من القشة التي قصمت ظهر البعير، وأرجو أن تكون حالة التوتر الحالي بين مصر والسعودية مجرد سحابة صيف في ظل أهمية العلاقات بين البلدين من الناحية الاستراتيجية، كما أنهما يمثلان دعامة مهمة للاستقرار في المنطقة.

 

القوى غير العربية في المنطقة مثل تركيا وإيران تتقارب رغم خلافاتهم الجذرية لتحقيق المصالح المشتركة بينما تتباعد الدول العربية بصورة كبيرة بسبب عدم قدرتها على تجاوز الخلافات.. فما هي المعضلة العربية؟

العلاقات التركية الإيرانية هي في الأساس صراعية، فكلاهما يتحاربان في سوريا، في ظل مناصرة الأتراك للمعارضة السورية، بينما تقدم إيران الدعم للنظام السوري، إلا أن هناك مصالح تجارية واقتصادية كبيرة، وهو الأمر الذي يعكس برجماتية العقلية التركية، حيث تقوم العلاقة بينها وبين إيران على التنافس من خلال التعاون، وهو النموذج الذي ربما ينبغي تطبيقه في العلاقة بين السعودية وإيران.


بالنسبة للعالم العربي، هناك تمزق عربي بدرجة مخيفة، في ظل الحروب التي تندلع بين الدول العربية، حيث يتم دفع مبالغ طائلة للحصول على سلاح من أجل تدمير اليمن، وهنا يبقى التساؤل لماذا لم يتصالح اليمنيين بدلا من الإهدار الكبير في الأموال والبشر، وهو الأمر الذي ينطبق على العراق، فهناك دولا عربية أيدت الغزو الأمريكي للعراق، والذي أدى بدوره إلى وجود إيران كمركز قوى مهم في الداخل العراقي، لتشكو تلك الدول نفسها بعد ذلك من جراء الدور الإيراني في العراق، ولم نتعلم الدرس في سوريا، حيث تتكرر نفس الأخطاء من جديد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق