تصحيح مسار 25 يناير.. حياة كريمة وجمهورية جديدة

الثلاثاء، 25 يناير 2022 12:06 م
تصحيح مسار 25 يناير.. حياة كريمة وجمهورية جديدة
طلال رسلان يكتب:

- ما هدف 25 يناير 2011؟

= العيش ، الحرية ، العدالة الاجتماعية

هكذا اتفق الجميع منذ البداية، بلا قائد أو ظهور التوجهات والأجندات.. حناجر حالمة خرجت مدفوعة بضيق الأحوال، وسوء مستوى المعيشة، وأوضاع تفوح برائحة بارود الغضب تنتظر شرارة الإفراج، جاهلة بما يدور في الكواليس وما يحاك من مؤامرات خارجية وداخلية، ومن يتحفز للانقضاض على البلد الجريح، ومن يريدها لا تهدأ ولا ترى بناء الأمجاد طول تاريخها.

كان هذا هدف البسطاء، أبناء الطبقات المحملة بهموم الحياة، المتعطشون إلى هواء يفوح بعبق العيش الكريم، ونظرة أمل إلى مستقبل أفضل تنقذ أبنائهم من تكرار مرارة الأيام ومأساة الماضي، وإدارة سياسية مخلصة لا تعرف غير الوطن والعمل سبيلا للبناء والتعمير.

بعد 25 يناير 2011 انقلبت الأوضاع رأسا على عقب مع مرور شهر تلو الآخر، اصطدم ما كان يظنه الجميع أنه الحلم بالمنتفعين وراكبي الموجة وشلة الإسلامجية ودعاة الفضيلة الثورية، فتقطعت السبل بالحلم كله، وتاهت البوصلة، واشتدت عتمة الطريق أمام الجميع الذي رفع شعار "بلاها ثورة"، لم تعد العقول تستوعب المشهد، وراحت تبحث عن آلة لإيقاف الزمن، لعلها تكون المهرب من رؤية قطيع ضباع ينهش في جسد الحلم الشريف وصولا إلى مشاهد اعتلاء مجموعة إرهابيين كرسي الحكم في البلاد ليحولها إلى مقاطعة تخدم مكتب إرشاد جماعة الإخوان.

ثلاثة أعوام أخرى من التخبط والمرار، وأوضاع تزاد سواء يوما تلو الآخر، فكان لابد من تصحيح المسار وإيقاف نزيف الجرح الغائر بثورة 30 يونيو 2013 التي رأتها جموع الشعب على الأقل الخلاص لمصر من حكم شلة جماعة الإخوان الإرهابية كانتصار أولي، ثم أمل الرجوع إلى حلم أهداف 25 يناير، وإن كانت الرؤية وقتها لم تزل معتمة والطريق ضبابي إلى أبعد حد، واليأس يتملك الأرجاء بتكرار السيناريو المؤلم لبلاد الجوار، وخريطة جغرافية وتاريخية طمست وضاعت حدودها.

بعد أربعة أعوام، وجدت مصر أخيرا طريقا نحو الاستقرار والأمان، بعدما ضمدت نزيف جراح الإرهاب وحاصرت قوى الشر في سيناء، وتحركت دولة الرئيس عبد الفتاح السيسي في طريق مواز نحو التنمية الشاملة، كل مؤسسة في مصر ترس في ماكينة خطة مدروسة في اتجاه إيقاف الاقتصاد على قدميه من جديد، بما يضمن مستوى معيشة أفضل، ومن ناحية أخرى بناء جمهورية جديدة تكون رقما مهما في المعادلة الدولية.

وصولا إلى 2022، وبعد جائحة كورونا التي فتكت باقتصاديات كبرى، وخريطة جديدة كُتبت للعالم من جديد، وتحمل الشعب وطأة قرارات اقتصادية صعبة كانت شرا لابد منه لإنقاذ البلاد، أصبح لدى الجميع يقينا بالرضا عن خطوات البناء، بلا شك في التحركات الصادقة والمخلصة للإدارة السياسية على كافة الأصعدة لتحسين الأوضاع داخليا وخارجيا.

الآن وبعد 11 عاما على 25 يناير 2011، الطريق ولأول مرة يصبح واضحا إلى "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، وإن شكك البعض والتوى على الحقائق المجردة، فإن دولة 30 يونيو أنقذت المصريين.

أنتجت مصر أكبر مبادرة إنسانية على مر التاريخ والأكثر حفضا للحقوق الإنسانية "حياة كريمة"، التي أنقذت الملايين في الطبقات والقرى الأكثر فقرا ولا تزال في بداياتها، حققت بها مفهوم جديد لحقوق الإنسان أمام العالم، وانطلقت به إلى مفهوم أوسع عن حرية الإنسان التي تنطلق من إقامة المدارس والمستشفيات وتعمير مناطق كانت مدفونة تحت خط الفقر.  

أنتجت مصر جبهة داخلية صلبة قائمة على الالتفاف الشعبي والتنوع الحزبي وتمثيل شبابي في القيادة بمشاركة أكثر فاعلية للمرأة، لا تهزها أجندات ممولة بملايين الدولارات لتعكير صفوها، لتنعكس بشكل تلقائي على قوة مصر الخارجية وقيادتها لحل ملفات دول الجوار والعالم، توازيا مع جبهة أمنية كانت صخرة تحطمت عليها محاولات التنظيمات الإرهابية ومن وراءها وداعميها، وأفشلت كل مساعيهم التي هدفت لعرقلة عمليات لتنمية لتتلقى ضربات موجعة، واحدة تلو الأخرى، لتعلن مصر القضاء على الإرهاب، بعد إطلاق العملية الشاملة سيناء، وجففت بها منابع الإرهاب.

طافت المبادرات الرئاسية كل شبر في أرض مصر بحثا عن صحة أفضل للمصريين، مبادرة 100 مليون صحة، والمبادرة الخاصة للكشف على 4 ملايين سيدة في للكشف المبكر لأورام الثدي، وإنهاء قوائم انتظار المرضى خلال 6 أشهر.
 
وقبل أن تضخ الدولة 100 مليار جنيه لمواجهة فيروس كورونا وتعاقدت على شراء ملايين الجرعات من لقاحات كورونا لحماية المصريين، أطلقت مشروع مصر دون عشوائيات، حيث انتهت من تطوير 312 منطقة وتنفيذ 108 مشروعات لمدة الجيل الرابع، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة ورفح الجديدة والعلمين الجديدة للتخفيف عن الكتل السكانية الحالية، وبناء مليون وحدة سكنية.
 
حتى أواخر 2021 مجهودات كبيرة لإعادة الحياة لقطاع الطرق والنقل والكباري، تم تطوير منظومة النقل الجماعي بإدخال أتوبيسات جديدة بجودة عالية على مستوى المحافظات، وتنفيذ 199 مشروعا في الطرق الرئيسية والداخلية بإنشاء طرق وكباري ومحاور وتطوير هيئة  السكك الحديدية.
 
نجحت الدولة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 2016، الذي أنقذ مصر من حالة الإفلاس في عام 2012 والذي لاقي إشادات دولية باعتباره أسرع الاقتصاديات نموا بعد الإصلاحات الأخيرة، وحققت الاكتفاء الذاتي للغاز الطبيعي والوصول لأعلى معدلات إنتاجه تاريخيا، 7 مليارات قدم مكعب يوميا، للتحول مصر لمركز إقليمي لتداول البترول والغاز بعد الاكتشافات الأخيرة لحقول الغاز.
 
أطلقت الدولة مشروع قومي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء 3 مدن صناعية جديدة هي مدينة الجلود بالروبيكي، ومدينة الأثاث الجديدة بدمياط، ومدينة النسيج الجديدة بالسادات، ثم أطلقت الدولة مشروع الدلتا الجديدة لاستصلاح مليون ونصف مليون فدان للوصول للاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الأساسية.
 
وقبل أيام وجه الرئيس السيسي، في قرار تاريخي جديد لصالح الشعب، برفع الحد الأدنى للأجور إلى 2700 جنيه، وإقرار علاوتين بتكلفة 8 مليار جنيه، الأولى علاوة دورية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 7% من الأجر الوظيفي، والثانية علاوة خاصة للعاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 13% من المرتب الأساسي.
 
كما وجه الرئيس بزيادة الحافز الإضافي لكل من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بتكلفة إجمالية حوالي 18 مليار جنيه، وإجراء إعلان لتعيين 30 ألف مدرس سنوياً لمدة 5 سنوات، لتلبية احتياجات تطوير قطاع التعليم، واعتماد حافز إضافي جديد لتطوير المعلمين بقطاع التعليم، ليصل إجماليه إلى حوالي 3,1 مليار جنيه، وتخصيص مبلغ 1,5 مليار جنيه لتمويل حافز الجودة الإضافي لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية، فضلاً عن تمويل تنفيذ القانون الجديد الخاص بمرتبات الأساتذة المتفرغين، وضم تخصصات طب الأسنان والعلاج الطبيعي والتمريض إلى القرار السابق برفع مكافأة أطباء الامتياز، والتي تصرف لهم خلال فترة التدريب في سنة الامتياز.
 
وكان من أبرز مستهدفات مشروع موازنة العام المالي 2022-2023، أنها تسعى إلى خفض العجز الكلي إلى نحو 6,3% من الناتج المحلي، والاستمرار في تحقيق فائض أولي قدره 1,5% من الناتج المحلي، وخفض نسبة دين أجهزة الموازنة العامة إلى الناتج المحلي، وكذا زيادة بند الأجور إلى حوالي 400 مليار جنيه.
 
الأهم من هذا أن القيادة السياسية المصرية التي انطلقت من ثورة 30 يونيو لتصحيح المسار، تعتبر أن تلك الجهود الجبارة التي لا ينكرها أحد ويشهد عليها العالم قبل التاريخ، ما هي إلا بداية الطريق أمام الجمهورية الجديدة، وطموحها حدود السماء، إلى دولة عظمى مدفوعة بإرادة الشعب المخلص الذي اختار طريقه بيقين الوطنية.

في كل ذكرى لـ25 يناير من حق المصريين أن يحتفلوا بدولتهم وجمهوريتهم الجديدة وحياتهم الكريمة، وبشرطة بلدهم، وتبجيل كل وطني يخاف على تراب هذا البلد.. ولتحيا مصر ثلاثا مثلما يرددها الرئيس السيسي بإخلاص ووطنية.  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق