وترجل ياسر رزق فارس الصحافة المصرية

السبت، 29 يناير 2022 10:00 م
وترجل ياسر رزق فارس الصحافة المصرية

نقلا عن العدد الورقي لصحيفة صوت الأمة
 
الكاتب الصحفى قدم للتاريخ قبل وفاته بأيام كتاب "سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص" رصد خلاله مرحلة من أكثر مراحل الدولة دقة
 
الأربعاء الماضى رحل عن عالمنا فارس حقيقي من فرسان الصحافة المصرية، وهو الأستاذ ياسر رزق، رجل تعلم منه الكثير، وكان وهج شخصيته ومهارته المهنية قدوة لكثيرين من أبناء جيله ومن بعدهم.
 
رحل ياسر رزق، الذى يعد من "صنايعية" الصحافة القليلين الذين سنظل نستلهم منهم البذل والعطاء للمهنة، فقد كان إنسان كبير قبل أن يكون صحفي كبير، يمكن أن تختلف معه، لكن أحدا لا يمكن أن يختلف عليه.
 
رحل ياسر رزق بعد أن واجه معاناة مع أزمات صحية متتالية.. رحل لكن ستبقى سيرته العطرة شاهدة على تاريخ مهنى مشرف لخدمة قضايا المهنة، وخدمة الدولة المصرية.
 
منذ تخرج من كلية الإعلام عام 1986، لم يتوقف ياسر رزق عن العمل، تنقل بين أقسام متعددة لصحيفة "الأخبار"، ثم أصغر محرر عسكرى ومندوب للصحيفة في رئاسة الجمهورية حتى 2005، حيث تولى رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، وعاد رئيسا لتحرير أخبار اليوم فى يناير 2011، نجح فى الحفاظ على تفوقها وتميزها كتجربة صحفية مهمة، ليتم استبعاده عقابا له على مهنيته من قبل حلفاء تنظيم الإخوان بعد ان قفزوا على الصورة.
 
تولى رئاسة تحرير المصرى اليوم منذ صيف 2012.حيث قدم تجربة مهنية مهمة حافظ بها على الصحيفة، وقدم انفرادات فى مرحلة دقيقة من تاريخ مصر، الى ان عاد إلى بيته "أخبار اليوم" رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة.
 
تولى ياسر رزق مواقعه بجهده وموهبته صاعدا السلم درجة وراء أخرى، منتصرا للمهنة والزمالة وللإنسانية، وسبق أن تولى عضوية مجلس نقابة الصحفيين لثلاث دورات. 12سنة حظى خلالها بثقة الصحفيين بناء على سلوك مهنى ونقل انسانى، دعم فيه زملاءه بصرف النظر عن الاختلاف والاتفاق معهم وهى ميزة مهمة، وكان نقابيا نشيطا ومحترما، وحرص اثناء الفترة التى اشرف فيها على مسابقات التفوق الصحفي، على وضع قواعد مهنية ويستعين بكبار الاساتذة في لجان التحكيم، وحظيت المسابقة فى عهده باحترام كبير.
 
لم يتوقف عن العمل طوال سنواته ولم تغيره المناصب ولم يغير طريقته فى التعامل مع زملاءه، وظل يعمل حتى آخر لحظات حياته، حيث أصدر قبل أيام كتابه المهم "سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص"، الذي قدم فيه شهادة ورصد لمرحلة من أكثر مراحل مصر دقة رصدا دقيقا لمرحلة هى الأصعب فى تاريخ مصر الحديث، منذ يناير 2011 يناير وحتى يونيو 2013.
 
عرض الكاتب الصحفى ياسر رزق في مؤلفه، لمقدمات ومجريات ثورة يناير، معتبرا أنها أسقطت "الجمهورية الأولى" التي قامت في يونيو 1953 إثر زوال الحكم الملكي لأسرة محمد علي، ورصد وقائع مرحلة الانتقال الأولى حين تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة الدولة التي كانت تترنح في ذلك الوقت بفعل ثورة ومتغيرات إقليمية ومخططات قوى كبرى أرادت تغيير خريطة منطقة الشرق الأوسط بحراب أبنائها.
 
وانتقل الكاتب - في مؤلفه، الذي يؤكد أنه ليس محاولة لكتابة تاريخ وإنما لقراءة حاضر - من لحظة التنحي ليعرض إرهاصات الحراك الشعبي الذي دفع الرئيس الراحل حسني مبارك إلى التخلي عن الحكم، والتي يلخصها في تفاقم الأزمات المعيشية، ثم التزوير الكبير لإرادة الناخبين في انتخابات مجلس الشعب عام 2010 إلى جانب رفض الشعب والمؤسسة العسكرية لمشروع توريث الحكم من الأب الرئيس إلى ابنه الأصغر جمال، والذي كان يتم الإعداد له وفق سياق ممنهج.
 
وتعرض الكتاب لسلسلة الأزمات والأخطاء وأعمال الغدر بالشعب التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية والرئيس الأسبق محمد مرسي، والتي تسببت في نقمة شعبية واسعة على الجماعة التي أرادت تغيير هوية الشعب وتقويض كيان الأمة المصرية، على نحو أدى إلى تفاقم الاحتجاجات الشعبية ضد نظام مرسي على نحو غير مسبوق، لا سيما بعد أعمال البلطجة والعنف التي نفذتها الجماعة وتسببت في إراقة دماء المصريين في الشارع، بعد احتجاجات مناهضة لأفعال وتصرفات الجماعة التي مثلت انقلابا على جميع التعهدات وإهدارا لاستقلال القضاء وانتهاكا للدستور وخرقا للقوانين بالتوازى مع فشل ذريع في معالجة أبسط المشكلات والأزمات المعيشية للمصريين.
 
واستعرض رزق في كتابه تداعيات انسداد الأفق السياسي جراء تصرفات جماعة الإخوان وممثلها على رأس السلطة في ذلك الوقت محمد مرسي، ورفضه التام لكافة المبادرات والمخارج التي من شأنها إيجاد حلول للأزمات الخانقة التي كانت تمر بها البلاد، على نحو أدى إلى زيادة معاناة الجماهير، لا سيما مع الفشل المتلاحق لحكومة الإخوان في توفير أبسط مقومات الحياة، بعدم القدرة على توفير الخبز وانقطاع مياه الشرب والكهرباء وشُح الوقود.
 
ونعى مجلس الوزراء، في اجتماعه الأربعاء الماضى، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق، وأكد مجلس الوزراء أن الصحافة المصرية فقدت أحد كتابها المتميزين والمجتهدين على مستوى مصر والعالم العربي؛ حيث سخر كتاباته لخدمة قضايا وطنه، ودفاعا عن مهنته، وله مواقف عديدة انحاز فيها لصالح الوطن وجموع المصريين، كما قاد الراحل الكريم بقلمه الحر المستنير مسيرة التنوير بقضايا الوطن وأولوياته في أوقات عصيبة، وأسهم في كشف ما يُحاك ضده في فترات عصيبة مر بها الوطن الغالي لن ينساها التاريخ. 
 
كما نعت القيادة العامة للقوات المسلحة، الراحل، ووصفته بأحد رواد الصحافة المصرية التى اتسمت حياته المهنية بمسيرة عطاء فى خدمة قضايا الوطن.
كما نعاه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الصحفي كرم جبر، وقال المجلس في بيانه، إن مصر فقدت رمزا وطنيا متميزا، وواحدا من أهم الكتاب الصحفيين والذي أفنى عمره في بلاط صاحبة الجلالة، وطالما خاض منازلات صحفية من أجل خدمة الصحافة ونشر الوعي والتنوير، وأنه استطاع بموهبته وتميزه أن يصبح واحدًا من أهم الصحفيين بمصر والوطن العربي، مؤكداً أن الراحل كان مثالا للعمل والاجتهاد والإخلاص، ومثالا للصحفي المخلص والمحب لوطنه صاحب قلم حر.
 
 ونعاه ايضاً الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مؤكدًا أننا فقدنا قيمة وقامة صحفية وإنسانية كبيرة، سائلًا الله (عز وجل) أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه والأسرة الصحفية خالص الصبر والسلوان، كما نعاه المستشار عمر مروان وزير العدل الذى أكد أن الفقيد كان صاحب قلم وطنى متميز واسلوب مبدع ترك بصمة واضحة فى مجال الصحافة وساهم بكتاباته فى اثراء الوعى بتوثيق حقبه مهمه من تاريخ الوطن.
 
وقال عنه الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إنه كان مثالًا للإعلامي الحق الذي يشارك في بناء الوعي وكشف الحقائق ومواجهة الفكر المتطرف، كما أنه تربى على يديه العشرات من الصحفيين والإعلاميين المتميزين الذين يسهمون بدورهم الإيجابي في الإنارة ونفع البلاد والعباد.
 
وفى نعيها قالت وزارة الخارجية على لسان السفير أحمد حافظ المتحدث الرسمى باسم الوزارة "يتقدّم السيد وزير الخارجية والوزارة بصادق التعازى لذوى الراحل، ولأسرة الصحافة والإعلام الذى كان أحد رموزها الكبار، داعين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته".
 
ونعت وزارة الداخلية ببالغ الحزن والأسى الراحل ياسر رزق، وأحد أعلام الفكر والصحافة المصرية الوطنية راجين الله تعالى أن يتغمد الفقيد بمغفرته ورحمته.
 
وقال المستشار عبد الوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ أن مصر فقدت قامة إعلامية كبيرة، مشيراً الي أن الفقيد الراحل كان يتسم دائماً بالمهنية والحرفية وكان رحمه الله غيوراً على بلده يزود عنها بقلمه كالمقاتل في ساحة المعركة، معربا عن عميق الحزن والأسي برحيل هذه الشخصية الجديرة بالإحترام والتقدير.
 
وقال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب: "بقلوب مطمئنة راضية بقضاء الله ننعي ببالغ الحزن والأسى وفاة المغفور له بإذن الله الاستاذ ياسر رزق فقيد الصحافة المصرية، ونتقدم بخالص العزاء لأسرة الفقيد والجماعة الصحفية المصرية والعربية، داعين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان".
 
ونعت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين الكاتب الكبير، ياسر رزق، وقالت إن الكاتب الراحل كان من أعلام ورموز الصحافة المصرية والعربية، والذي عُرف طوال مسيرته المهنية بمواقفه الوطنية النبيلة.
  
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق