طلال رسلان يكتب: «أين منظمات حقوق الإنسان؟».. خطايا ألغام أوروبا يدفع ثمنها المصريون

السبت، 19 فبراير 2022 11:00 م
طلال رسلان يكتب: «أين منظمات حقوق الإنسان؟».. خطايا ألغام أوروبا يدفع ثمنها المصريون

لا يزال المصريون يدفعون ثمن جريمة معركة الحرب العالمية الثانية بعد 80 عاما، حيث لا تزال رمال الصحراء في العلمين تعج بالألغام، ما يشكل خطرا على السكان وعقبة أمام التنمية من ناحية أخرى.
 
وفقا لاعترافات الاتحاد الأوروبي، فإنه في عام 1942 خلفت معركة العلمين كمية كبيرة من الألغام التي لم تنفجر وهي لا تزال تشكل خطرا كبيرا على السكان، وقرابة 2680 كيلومتراً مربعاً من أراضي الساحل الشمالي الغربي لمصر كانت لا تزال بها ألغام.
 
ورغم ذلك تغرس أوروبا رأسها في الرمال، في موقف الهروب الكبير من المطالب الإنسانية التي من المفترض أن ينظر لها بجدية وعدم التعامل على طريقة «أسد على الدول الأخرى في ملفات حقوق الإنسان ونعامة إذا ما تعلق الأمر بمصلحتها».
 
يرى المراقبون الدوليون أن أوروبا يجب أن تظهر للعالم شيء من احترام حقوق الإنسان التي طالما تتغنى بها في كل محفل وتتحمل مسؤوليتها في مسألة إعادة فتح ملف الألغام وتسليط الضوء عليه مع وجود وثائق قانونية تدعم حق مصر،على رأسها تأييد الأمم المتحدة لمطالبات الدول التي تصيبها أضرار نتيجة تواجد مخلفات الحروب، ومنها الألغام، وتدعم دفع تعويضات لها من الدول المسؤولة عن ذلك، بجانب قاعدة تقضي بإلزام من وضع الألغام بطريقة تؤثر على حياة المدنيين أو سلامتهم الجسدية بإزالة تلك الألغام وتحمل تكاليف إزالتها.
 
وقال رئيس مؤسسة ماعت للسلام (حقوقية) أيمن عقيل إن الملف تجب إثارته حقوقيا للحصول على تعويضات دولية للمتضررين، وهو حق مشروع للدولة المصرية التي تستفيد من طرح الملف من قبل دول تعاني من وجود الألغام على أراضيها، والسبيل لتحقيق نتائج إيجابية يتطلب التحرك بصورة جماعية وليس فردية.
 
وأضاف أن ملف الألغام يرتبط بكيفية إدارة الملف وتوظيفه بشكل يضمن رجوع الحقوق لأصحابها ويحقق مكاسب حقوقية مختلفة للدولة.
 
وكخطوة رسمية في يناير الماضي، تقدمت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بطلب إحاطة، بشأن تعويض المتضررين من ضحايا حقول الألغام الأرضية من منطقة العلمين، والتي زرعت خلال الحرب العالمية الثانية.
 
النائب "طارق الخولي" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين طالب بإعادة فتح ملف ألغام العلمين من خلال دعوة الأطراف المسئولة خلال الحرب العالمية الثانية إلى تحمل مسؤوليتها الدولية في عملية نزع الألغام.
 
وقال الخولي إن منطقة العلمين تحتوي على ملايين الألغام التي تشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين، مشيرا إلى أن دول ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا سلمت إلى مصر خرائط الألغام لكن هذه الخرائط لم تعد توضح الأماكن الفعلية لمناطق تواجد الألغام.
 
وأضاف أن طلب الإحاطة تضمن ضرورة التعامل مع مسألة نزع الألغام من منطقة العلمين، لأن الحرب العالمية الثانية خلفت 17,5 مليون لغم في منطقة العلمين بداية من جنوب الساحل الشمالي وحتى حدود مصر الغربية؛ مما جعل مصر الدولة الأولى عالميًا من حيث تواجد أكبر عدد ألغام، وفقًا لموقع "ليست فيرس" الأميركي.
 
ودعا وزارة التعاون الدولي إلى التحرك في هذا الملف في إطار تنفيذ القاعدة رقم (٨٣) من قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي والتي تنص على: "عند انتهاء الأعمال العدائية الفعلية، يجب على طرف النزاع الذي استخدم ألغاماً أرضية إزالتها أو إبطال ضررها على المدنيين أو تسهيل إزالتها"، وأيضًا، في ضوء اتفاقية "أوتاوا" التي أيدت إتباع القانون الدولي فيما يخص أزمة الألغام.
 
وتابع: "أن حقول الألغام في منطقة العلمين تُشكل خطرًا حقيقيًا على أرواح المصريين، كما أنها عقبة أمام التنمية الشاملة في تلك المنطقة، كما أن الخرائط التي سلمتها كلاً من: ألمانيا، بريطانيا، وإيطاليا إلى مصر، لم تعد توضح الأماكن الفعلية التي تتواجد بها مناطق الألغام؛ وذلك بسبب التغيرات المناخية ونشاط الكثبان الرملية التي قد حركت تلك الألغام".
 
وشدد على أن "الألغام في هذه المنطقة تشكل تحديات كبيرة، أولا فيما يتعلق بمسألة المساس بأرواح السكان بشكل مستمر ودوري، حيث تتعرض أرواح المواطنين للخطر فيدفعون حياتهم ثمنا لهذه الألغام، كما يتعرض كثيرون لبتر أطرافهم، وتشكل هذه الألغام تحديا بالنسبة لتنمية هذه المنطقة وبالتالي كان من المهم التعامل مع هذه المسألة".
 
وتابع أن: "الدولة المصرية تسعى منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية وحتى الآن لنزع هذه الألغام، وهذه ليست المرة الأولى التي أتحرك فيها برلمانيا في هذه المسألة، ولكن آن الأوان لحلها، وأن تتحمل الدول التي زرعت هذه الألغام مسؤوليتها في نزع الألغام الموجودة على أرض مصر في حرب لم تكن لمصر فيها ناقة ولا جمل".
 
وأكد أن "وزارة التعاون الدولي هي المعنية بهذا الملف ولديها وحدة مسؤولة عن مسألة نزع الألغام، والمسألة لا تتعلق فقط بمجرد خرائط الألغام، فهذه الدول التي زرعت الألغام بالفعل سلمت خرائط الألغام لمصر، لكن المشكلة أن هذه الألغام تحركت من مكانها، ما جعل المسألة تحتاج معدات ضخمة وكبيرة لنزع هذه الألغام وتطهير هذه المنطقة، وهي مسؤولية الدول التي زرعتها، إضافة إلى ضرورة دفع هذه الدول تعويضات للمتضررين، سواء أسر من توفوا نتيجة انفجار هذه الألغام، أو الأشخاص الذين تعرضوا لبتر أطرافهم بسببها".
 
وعلى طريق الخولي أكد عدد من النواب إن ضحايا الألغام في العالم منسيون منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويضاف إليهم كل يوم ضحايا جدد من العالم، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، مضيفين أن الجهود التي بُذلت على مدار أكثر من 80 عاماً لتطهير الأراضي التي كانت مسرحاً لمعارك الحرب العالمية الثانية، لم تؤتِ ثمارها المرجوة.
 
وفي وقت سابق، قالت الهيئة العامة المصرية للاستعلامات «إن الحرب العالمية الثانية في منطقة العلمين جنوب الساحل الشمالي حتى حدود مصر الغربية، قد خلّفت ما يقرب من 17.5 مليون لغم، تحتل مساحة تزيد على ربع مليون فدان صالحة للزراعة، كما خلّفت الحروب المصرية الإسرائيلية ما يقرب من 5.5 مليون لغم في سيناء والصحراء الشرقية». وحسب الإحصاءات الرسمية يوجد في مصر حالياً نحو 21.8 مليون لغم، بعدما كان عددها 23 مليون لغم، وذلك بعد نجاح القوات المسلحة المصرية منذ عام 1995 في إزالة ما يقرب من 1.2 مليون لغم.
 
وعددت الهيئة في تقريرها الخسائر التي لحقت بمصر جراء عدم إزالة الألغام، وقالت: «تم تعطيل زراعة مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة في الصحراء الغربية، رغم توافر المياه اللازمة لها في مناطق مثل الحمام والعلمين، بجانب تعطيل إقامة مشروعات التنمية في الساحل الشمالي وبعض مناطق مرسى مطروح. إضافة إلى تعطيل مشروعات منخفض القطارة كأحد المشروعات العملاقة لتوليد الطاقة بسبب اعتراض الألغام طريق القناة، بجانب اعتراض عمليات التنقيب عن البترول».
 
وعن مشكلات وعوائق إزالة الألغام في مصر، قالت «إن تعدد أنواع الألغام المضادة للأفراد والدبابات التي زرعتها قوات الحلفاء والمحور في صحراء مصر الغربية خلال الحرب العالمية الثانية، وتحركها من أماكنها بسبب الكثبان الرملية، والتغيرات المناخية على مدى نصف قرن، تعد من أخطر المشكلات الحالية. مع المخاطر الناتجة عن زيادة حساسية انفجار الألغام، بسبب تقادمها أو بسبب العوامل الجوية، مع عدم توافر معدات حديثة متقدمة تكنولوجياً لاستخدامها في عملية إزالة الألغام. إضافة إلى التكلفة المالية المرتفعة التي تحتاج إليها عمليات الإزالة. خصوصاً مع عدم إدراج مصر على خريطة العمل الدولية لمكافحة الألغام».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق