دون ظروف استثنائية.. تريليون دولار سنوياً حجم الإنفاق العام المطلوب في مصر
السبت، 26 مارس 2022 03:00 م
سامي بلتاجي
شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، منذ عام 2018، وجدد التشديد أكثر من مرة، حتى في كلمة له، خلال احتفالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، في 11 سبتمبر 2021، على أن تريليون دولار سنوياً، هو حجم الإنفاق العام المطلوب في مصر، لتلبية كافة الاحتياجات والخدمات، لأكثر من 100 مليون نسمة.
ما ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي، حول الإنفاق العام، لا يرتبط بالظروف الاستثنائية للأزمات المحلية أو العالمية، إلا أن الدولة المصرية، واجهت خلال تلك الفترة الوجيزة، شهدت عدد من الأزمات العالمية الكبرى المتلاحقة، سواءً أزمة تفشي وانتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، أو موجة التضخم العالمية في أعقاب الأزمة، والتي تزامنت مع اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن والنقل، ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، لتضيف إلى التضخم أرقاماً لم يشهدها العالم من عشرات السنين؛ بحسب ما ذكره الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي، في 21 مارس 2022، حول إجراءات الحكومة لتخفيف تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية؛ لافتاً إلى أن الأزمة الأخيرة أشد بكثير من أزمة كورونا؛ حيث شهدت أزمة كورونا انخفاض الطلب على السلع والخدمات، نتيجة للإغلاق الذي فرضته الأزمة، ما أدى لانخفاض الأسعار لأقل معدلاتها، مما سمح بتوفير جزء كبير من الموارد، في مصر، وتحقيق نمو اقتصادي موجب، بعكس أزمة الحرب؛ وبالرغم من ذلك، شهد قطاعات: الصحة، التعليم، الحماية الاجتماعية، ارتفاع معدلات الإنفاق، خلال الفترة من يوليو حتى ديسمبر 2021، بنسب: 30%، 21%، و20%، على التوالي؛ وذلك، وفقاً لما ذكره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، في «ڤيديوجراف»، أعده ونشره، في وقت سابق.
إعادة صياغة السياسات النقدية والمالية في ظل النظرة المتشائمة بطول أمد الأزمة مع مراعاة البعد الاجتماعي
في مؤتمر رئيس الوزراء، في 21 مارس، المشار إليه، تطرق الدكتور مصطفى مدبولي، إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتوفير احتياطي نقدي، في الموازنة العامة للدولة، يصل 130 مليار جنيه، لمواجهة تداعيات الأزمة في حالة استمرار الأزمة، المتوقع استمرارها، في سبيل امتصاص الجزء الأكبر من التداعيات؛ لافتاً إلى إعادة صياغة السياسات النقدية والمالية، في ظل النظرة المتشائمة، في طول أمد الأزمة، مع مراعاة البعد الاجتماعي بناءً على توصيات المجلس التنسيقي للسياسات النقدية والمالية؛ وقد يصل احتياطي الموازنة إلى 170 مليار جنيه، بحسب المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، وفي «إنفوجراف»، أعده ونشره، حول جهود الدولة في مواجهة أزمتي اضطراب سلاسل الإمداد والحرب الروسية الأوكرانية.
كانت الدولة قد اتخذت أكثر من 165 تدبيراً وقراراً وإجراءً وقائياً، رصدتها ورقة سياسات استجابة مصر لاحتياجات المرأة والفتاة خلال كورونا لتكون الأولى في العالم، خلال العام الأول من الأزمة؛ وذلك، بحسب ما ذكرته الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في كلمتها، خلال احتفالية المرأة المصرية، في 21 مارس 2021، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقرينته السيدة انتصار السيسي.
ويأتي ذلك، ليجسد تحديد وسد الفجوات، من خلال تغطية برامج الحماية الاجتماعية للفئات المستهدفة، والتوسع دعم برنامج تكافل وكرامة وتطوير منظومة التأمينات والمعاشات؛ إلى جانب الاهتمام بفىات: المرأة، الطفل، الأشخاص ذوي الإعاقة، الشباب وكبار السن، بالمحور الثالث للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان؛ وهي أهداف حددتها الاستراتيجية، بحسب ما ورد في كلمة السفير أحمد إيهاب جمال الدين، مندوب مصر الدائم بجنيف والأمين العام المؤسس للجنة الوطنية العليا الدائمة لحقوق الإنسان، خلال احتفالية إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي، الاستراتيجية المنوه عنها، في 11 سبتمبر 2021.
الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وفي مؤتمر صحفي، بمقر المجلس، بالعاصمة الإدارية الجديدة، في 23 ديسمبر 2021، قال: «نتحرك على شعرة، لتحقيق التوازن بين المتطلبات والحفاظ على المكتسبات»
64 مليون مستفيد بالسلع التموينية ويصل العدد إلى 72 مليون مستفيد بالخبز
«إنفوجراف» المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، تطرق إلى زيادة بنسبة 133.8% في مخصصات دعم السلع التموينية، خلال سبع سنوات، لترتفع من 35.5 مليار جنيه، في عام 2013-2014، إلى 83 ملياراً، عام 2020-2021؛ ثم ارتفع إجمالي المخصصات إلى 87 مليار جنيه بموازنة 2021-2022، بحسب ما ذكره الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، في كلمة له، خلال مؤتمر صحفي، حول مستجدات الخبز والدعم، في 28 أكتوبر 2021؛ وبالتالي، يرتفع الإجمالي بنسبة تتعدى 145%، خلال 8 سنوات، وبنسبة 4.8%، خلال العام الأخير؛ وأوضح وزير التموين أن حسن إدارتها ليس في إرضاء الجميع، وإنما رفع الكفاءة وتقليل الفاقد؛ وفي سياق تقليل الفاقد، كان قد ذكر الرئيس «السيسي» أن ربع الأكل المجهز لدى الأهالي في شهر رمضان، يتم إلقاؤه كفضلات؛ وذلك، في كلمة له، خلال جلسة «اسأل الرئيس»، بالمؤتمر الوطني السادس للشباب، بجامعة القاهرة، في 29 يوليو 2018؛ وكان تعقيب عدد من الحضور: «كان زمان»، ليرد الرئيس ويعقب «كويس»؛ وبالتالي، تكون النتيجة، سلامة إجراءات الدولة في تقليل الهدر والفاقد.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي كلمته، خلال احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية، في 23 مارس 2022، كان قد تطرق إلى الاستعداد لشهر رمضان؛ مشيراً إلى حرية المواطنين في شراء ما يرغبون فيه من السلع، إذ لا تواجه الدولة مشكلة في توفيرها؛ كما يمكن للقوات المسلحة مضاعفة مساهماتها في ضخ مزيد من السلع، التي يطرحها حالياً بنصف ثمنها؛ إلا أن القضية قضية الحاجة للسلعة، وليست قضية القدرة والإنفاق على شرائها واقتنائها؛ وكشف عن جزء في فترة توليه وزارة الدفاع، قبل رئاسة الجمهورية، يتعلق بموائد الحفلات القوات المسلحة؛ حيث وجه بترشيد الإنفاق، وأن يكون الطبق الرئيسي لنوع واحد، إذا كان من اللحوم أو دواجن؛ وقال: البلاد لا تقوم على الأماني والكلام، ولكن بالجهد والمثابرة والوعي.
كما كشف الرئيس «السيسي» عن جزء من حياته اليومية والمعيشية الخاصة، خلال الرئاسة؛ مؤكداً أنه يعيش كأي مواطن عادي، وليس كرئيس للجمهورية، وإنما يسأل عن السلع والأسعار ويفاضل بينها عند الشراء، وعلى قدر الحاجة.
وبحسب المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، يستفيد 64 مليون مواطن بالسلع التموينية؛ ويصل العدد إلى 72 مليون مستفيد بالخبز؛ مشيراً إلى أن الدولة تتحمل 100% من زيادة أسعار القمح في العيش المدعم، و75% من زيادة أسعار الزيوت؛ كما تم استخراج 600 ألف بطاقة للفئات الأولى بالرعاية ومحدودي الدخل، منذ عام 2018.
التبكير بالمعارض وخاصةً «أهلاً رمضان» وزيادة منافذ البيع وطرح أكبر قدر من السلع
دول كثيرة تحمل المواطنين زيادات الأسعار كاملةً، لكن الحكومة المصرية، تراعي البعد الاجتماعي، واستيعاب التضخم، على أن يتحمل المواطن جزء يسير من الزيادة؛ حيث لا يمكن لدولة أن تتحمل الزيادات بالكامل؛ وذلك وفقاً لما أكده الدكتور مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي، في 9 مارس 2022، حول انعكاسات الأزمة على أسعار السلع الغذائية محلياً وعالمياً.
وفي سبيل التخفيف على المواطنين، تم التبكير بالمعارض، وخاصةً معرض «أهلاً رمضان»، وزيادة منافذ البيع وطرح أكبر قدر من السلع، إلى جانب تسعير الخبز الحر، وحوافز لتوريد القمح، بناءً على قرارات لجنة الأزمة، بحسب ما أشار إليه الدكتور مصطفى مدبولي، خلال المؤتمر الصحفي، في 21 مارس؛ وكان المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، قد أشار إلى أن معارض «أهلاً رمضان»، انطلقت من 15 مارس، بأسعار مخفضة، بنسب تتراوح بين 15% و30%؛ إلى جانب 6740 منفذاً لـ«جمعيتي»، في كافة أنحاء الجمهورية؛ و61 مجمعاً استهلاكياً ومخزناً وثلاجة تجميد تم تطويرها؛ مع توفير الدواجن بأسعار مخفضة، بالتعاون مع اتحاد منتجي الدواجن ووزارة الزراعة، في منافذ الوزارة؛ مع طرح 3 أنواع من اللحوم «سوداني وهندي وبرازيلي»، بمنتهى الجودة، بأسعار تتراوح بين 55 و95 جنيهاً؛ بالإضافة إلى 233 سيارة بيع متنقلة؛ إضافة إلى الانتهاء من المرحلة 21 من مبادرة وزارة الداخلية «كلنا واحد»، بنسب تخفيض تتراوح بين 25% و60%، وإطلاق المرحلة 22 للمبادرة، منذ 15 مارس.
ونوه للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء، لقرار وزير التموين والتجارة الداخلية، بمنع التعامل مع الأقماح المحلية، ولا تداولها خارج أماكن التخزين، إلا وفقاً لما حددته الوزارة؛ إلى جانب قرارات وزارية بمنع تصدير عدد من المنتجات والحبوب المصرية، منها: الزيوت بأنواعها والفريك والذرة، لمدة 3 شهور؛ وقرار وزيرة التجارة والصناعة، رقم 141، المسجل في 10 مارس 2022، بمنع تصدير: العدس، المكرونة، القمح، الدقيق، الفول الحصى والمدشوش، لمدة 3 شهور.
مصر تسجل 100% للمعاشات والدخل المتساوي بمؤسسات الدولة
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وفي بيان أصدره، في 25 فبراير 2021، أكد فيه زيادة بقيمة 6 مليار جنيه، بنسبة 7.5% في قيمة المعاشات المنصرفة، في عام 2019-2020؛ حيث زادت القيمة الإجمالية، إلى 84.3 مليار جنيه، في العام المشار إليه، من 78.3 مليار جنيه، في العام السابق عليه.
الدكتورة هالة السعيد، وفي كلمتها، المنوه عنها، كانت قد لفتت إلى أن مصر تسجل 100% للمعاشات والدخل المتساوي بمؤسسات الدولة؛ لافتة إلى إن 50.7% بالجهاز الإداري في عام 2020، من الإناث، في حين تمثل نسبة 11.6% في 2020، ارتفاعاً من 10.1% في 2019 بمجالس إدارات الشركات بالبورصة.
وزارة المالية، وفي «ڤيديوجراف»، أعدته ونشرته، حول تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحزمة الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية، للتعامل مع التحديات الاقتصادية العالمية؛ أوضحت فيه إلى جانب تحديد سعر الدولار الجمركي عند 16 جنيهاً، للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، لنهاية أبريل، تخصيص حزمة مالية جديدة للحماية الاجتماعية وتحسين الأجور، بدايةً من أبريل 2022؛ حيث تم تخصيص 190.5 مليار جنيه، للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، لصرف زيادات المعاشات، بنسبة 13%، بحد أدنى 120 جنيهاً؛ زيادة حد الإعفاء الضريبي، بنسبة 25% من 24 ألف جنيه ليصبح 30 ألفاً في العام؛ وتدبير 2.5 مليار جنيه، لضم 450 أسرة جديدة، إلى المستفيدين من «تكافل وكرامة»؛ وكانت وزيرة التضامن الاجتماعي، نيفين القباج، وفي كلمة لها، خلال احتفالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، قد ذكرت أن 5 مليارات جنيه، إجمالي تكلفة دعم برنامج تكافل وكرامة للأشخاص ذوي الإعاقة، بنسبة 26% من مستفيديه.
وذكرت وزارة المالية، تدبير 36 مليار جنيه، ضمن مخصصات 400 مليار جنيه، للأجور بموازنة 2022-2023، للوفاء بالتزاماتها نحو: زيادة العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، بنسبة 8% من الأجر الوظيفي، بحد أدنى 100 جنيه شهرياً؛ ولغير المخاطبين علاوة خاصة 15% من الأجر الأساسي، بحد أدنى 100 جنيه شهرياً؛ زيادة الحافز الإضافي الشهري، للمخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، بفئات مالية مقطوعة، بواقع: 175، 225، 275، 325، و400 جنيه، للدرجات: السادسة، الثالثة، الثانية، الأولى، والممتازة، على التوالي؛ وكان الدكتور مصطفى مدبولي، وفي مؤتمر 21 مارس 2022، قد أوضح أن 8 مليار جنيه تكلفة 3 شهور، في التبكير بتطبيق زيادة المرتبات، ومثلها للمعاشات.
وبذلك، فإن 229.2 مليار جنيه، تكلفة علاوات وزيادة المرتبات والمعاشات، وإضافة 450 ألف أسرة لـ«تكافل وكرامة».
هذا، وشدد الرئيس «السيسي»، في كلمة له، باحتفالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، على أن الصحة حق من حقوق الإنسان، ولا يمكن لدولة أن تقدم علاجاً تمييزياً بين المواطنين على مستوياتهم.