الكاميرا الخفية وآثارها الكارثية

السبت، 16 أبريل 2022 04:16 م
الكاميرا الخفية وآثارها الكارثية
شيرين سيف الدين

 
فى طفولتى كنت أنتظر فى شهر رمضان برنامج المقالب الشهير "الكاميرا الخفية" الذى يبدأ بطلة جميلة للفنان القدير فؤاد المهندس، ثم نشاهد مواقف تلقائية يقدمها الفنان إسماعيل نصر بشكل لطيف، بعيد عن أى إسفاف أو ترويع أو إيذاء بدنى أو نفسى للضيف أو الشخص المستهدف بالمقلب، وإلى يومنا هذا أتذكر العديد من الحلقات التى أضحكتنا جميعا برغم سهولة الفكرة وبساطتها، كأن يتقدم شخص مادداً يده كأنه يرغب فى مصافحة أحد المارة الذى بدوره يمد يده إلا أنه يكتشف أنه ليس الشخص المقصود بل المصافحة لمن خلفه.
 
وحلقة أخرى بأحد المطاعم يقوم عميل بطلب وجبة معينة ثم يطلب مقدم البرنامج من النادل نفس الوجبة قائلا "زيه بالضبط لو سمحت"، ويدفع نفس القيمة المالية، ثم يفاجئ بعدها العميل الأول بالحصول على وجبة صغيرة جدا فى مقابل وجبة كبيرة جدا لمن اختار نفس طلبه، ويبدأ فى النظر بعينيه بحسرة وحيرة ليقارن الوجبتين.
 
حتى برامج المقالب فى الزمن الماضى كانت راقية وهادئة تهدف لرسم البسمة على الوجوه، بعكس يومنا الحالي الذى تحولت فيه الفكرة إلى عدوان على متلقى المقلب، حتى وإن كان تمثيلا وليس حقيقة إلا أن التخويف والرعب والإهانة والإسفاف أصبحوا سمة تلك البرامج، ومؤخرا أصبحنا نشاهد على مواقع التواصل الاجتماعى لقطات سريعة لبعض الشباب يركضون ليلقوا بالمياه فى وجه المارة ثم يفرون، أو أنهم يتطاولون بأيديهم على الناس على سبيل الدعابة ثم يكتشف الشخص أنه وقع فريسة لأحد البرامج السخيفة.
 
ومن هنا تصور بعض صغار السن أن مثل هذه التصرفات ما هى إلا دعابة وتسلية، فأخذ البعض يقلد تلك السخافات دون الوضع فى الحسبان ما قد تؤدى إليه من أضرار صحية ونفسية لمتلقى المقلب.
 
ومؤخرا بدأت أقرأ استغاثات على مواقع التواصل الاجتماعى من البعض أنهم يتعرضون للقذف بأكياس المياه على وجوههم أثناء سيرهم بالشارع، ومع الأسف قرأت اليوم خبراً حزين ومؤلم مفاده أن رجلا تعرض لموقف مشابه ومات بالسكتة القلبية من "الخضة"!.
 
لا أعلم بأى ذنب قتل هذا المسكين، فهل يعقل أن الأهالى توقفوا عن تربية أبناءهم لهذه الدرجة؟.. وهل يعقل أن نسمح بتقديم برامج تدعوا لمثل هذه الأفعال باعتبارها دعابة وخفة ظل، وماهى إلا أذاً وعبث علينا اجتنابه.
 
أتمنى من كل قلبى أن تفرض عقوبة صارمة على من يقومون بمثل هذه الأفعال، وأتمنى أن يرفض أى مواطن محترم الظهور فى مثل هذه البرامج المهينة مهما كان المقابل، وأن يقوم بمقاضاة البرامج التى استغلته دون علم منه، فلابد من وقفة لإيقاف تلك المهزلة.
 
وأتمنى من السادة القائمين على مثل هذه البرامج أن يختاروا أفكارهم بعناية، وأن يراعوا المشاعر الإنسانية والذوق وأن يضعوا في حسبانهم أن هناك من قد لا تتحمل ظروفهم الصحية مثل هذه المواقف التي قد تودي بحياة إنسان مثلما حدث اليوم ليصبح ذنبه في رقابهم إلى يوم الدين.
 
وختاما أود أن أذكر الجميع كي يَعلَموا ويٌعلِموا أبناءهم أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الترويع والتخويف ولو على سبيل المزاح، والأولى ونحن في شهر رمضان أن ننأنى بأنفسنا عما نهانا عنه الدين وأن نتق الله في بعضنا البعض حتى لا نصبح على ما فعلنا نادمين.
 

 

تعليقات (3)
معك كل الحق
بواسطة: فادي
بتاريخ: السبت، 16 أبريل 2022 04:45 م

مقال ممتاز وبصراحة خبر الوفاة وجع قلوبنا جميعا

ياريت
بواسطة: داليا
بتاريخ: السبت، 16 أبريل 2022 05:00 م

ياريت يكون في عقوبات صارمة عالبرامج والاشخاص علشان نخلص من المصايب دي

اوقفوا رامز جلال
بواسطة: ميريت
بتاريخ: الثلاثاء، 19 أبريل 2022 03:20 ص

فعلاً برامج المقالب اصبحت سخيفة للغاية وهاهو رامز جلال يمارس نفس الدور مع ضيوفه والسخرية والاستهزاء منهم مع غضبهم في الاول ثم الابتسامة في آخر البرنامج…في تمثيلية هزلية يدركها المشاهد من اللحظة الاولى

اضف تعليق


الأكثر قراءة

لماذا «رأس الحكمة»؟

لماذا «رأس الحكمة»؟

السبت، 05 أكتوبر 2024 05:00 ص