مركز الأزهر للفتوى يوضح حكم زكاة الفطر لمن توفي قبل غروب شمس آخر يوم رمضان

الأحد، 24 أبريل 2022 01:51 م
مركز الأزهر للفتوى يوضح حكم زكاة الفطر لمن توفي قبل غروب شمس آخر يوم رمضان
منال القاضي

يحرص المسلمين إلى إخراج زكاة الفطر، مع اقتراب نهاية شهر رمضان 2022، التي تبقى عليها نحو أسبوع أو أقل، ومع كثرة الحديث عن زكاة الفطر، نبين حكم زكاة الفطر لمن تُوفّي قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان.

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن زكاة الفطر تجب على كل مسلم ذكر أو أنثى، كبير أو صغير، غنيّ أو فقير، توفَّر لديه ما يكفيه لقوته وقوت أولاده من حاجاته الأصلية يوم العيد وليلته.

وأشار إلى أن زكاة الفطر لا تجب عمن تُوفّي قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان، ولا عن الجنين إذا لم يولد قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان، وإن كان يُستحب إخراجها عن الجنين عند بعض الفقهاء.

الحكمة من زكاة الفطر

من جانبه بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، المقصود بزكاة الفطر شرعا : صدقة تجب بالإفطار من رمضان -ويمكن أن تخرج قبل ذلك- بمقدار محدد على كل نفس، يخرجها المسلم عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، وتخرج للفقراء والمساكين وكذلك باقي الأصناف الثمانية التي ذكرهم الله في آية مصارف الزكاة، قال تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة :60].

وموضحا، أن شرع الله زكاة الفطر لحكم عالية، وأغراض غالية، نذكر منها التكافل الاجتماعي، وتعميق روح الإخاء الإنساني بين أفراد المجتمع المسلم، فينبغي على المسلم الذي أغناه الله من فضله ألا ينسى أخاه الفقير، وأن يسعى على تهدئة نفسه، وراحة باله من سؤال الناس في ذلك اليوم، حتى يفرح في العيد هو ومن يعول مثلما يفرح أخوه الغني، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أغنوهم في هذا اليوم عن السؤال) [البيهقي في الكبرى، والدراقطني في سننه].

وأكمل: حث الدين الإسلامي على الرفق بالفقراء بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، وتطهير من وجبت عليه بعد شهر الصوم من اللغو والرفث، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : (فرض رسول الله ر زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات) [أبو داود، والحاكم في المستدرك].

 

وأكد أن زكاة الفطر واجبة على كل نفس مؤمنة يخرجها العائل عن نفسه وعمن يعول، وتخرج بمقدار صاع من طعام من قوت أهل البلد، ويختلف وزن هذا الصاع باختلاف كثافة نوع الحبوب الذي يخرج منها الإنسان، فمثلاً صاع الأرز 2.400 كيلو جرام، مشيراً إلى أنه في عصرنا هذا الأولى إخراج زكاة الفطر مالاً، وعلى ذلك تتراوح قيمتها 15 جنيها في أيامنا هذه، وقد ذهبنا إلى القول بإخراج زكاة الفطر من النقود موافقة لمذهب طائفة من العلماء يعتد بهم، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، منهم : الحسن البصري حيث روي عنه أنه قال: «لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر»، وأبو إسحاق السبيعي، فعن زهير قال سمعت أبا إسحاق يقول «أدركتهم وهم يعطون في صدقة الفطر الدراهم بقيمة الطعام»، وعمر بن عبد العزيز، فعن وكيع عن قرة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر  «نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته: نصف درهم». وهو مذهب الثوري، وأبي حنيفة، وأبي يوسف.

 

وأبان أنه هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها. وهو أيضًا مذهب الإمام الناصر، والمؤيد بالله، من أئمة أهل البيت الزيدية وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، كما هو مذهب بقية أهل البيت، أعني جواز القيمة عند الضرورة، وجعلوا منها طلب الإمام المال بدل المنصوص  عليها .

 

وتابع ان  قول جماعة من المالكية كابن حبيب، وأصبغ، وابن أبي حازم، وابن دينار، وابن وهب، على ما يقتضيه إطلاق النفل عنهم في تجويز إخراج القيم في الزكاة، الشاملة لزكاة المال وزكاة الرؤوس، بخلاف ما نقلوه عن ابن القاسم وأشهب، من كونهما أجازا إخراج القيمة في الزكاة إلا زكاة الفطر وكفارة الأيمان. [راجع مصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وبدائع الصنائع للكاساني، والسيل الجرار للشوكاني، والبحر الزخار لابن مرتضى].

 

وقال: كل هؤلاء العلماء ذهبوا إلى ذلك هذا في عصورهم القديمة وقد كان نظام المقايضة موجودًا، بمعنى أن كل السلع تصلح وسائل للتبادل وخاصة الحبوب، فكان يباع القمح بالشعير، والذرة بالقمح وهكذا، أما في عصرنا وقد انحصرت وسائل التبادل في النقود وحدها، فنرى أن هذا المذهب هو الأوقع والأرجح، بل نزعم أن من خالف من العلماء قديمًا لو أدرك زماننا لقال بقول أبي حنيفة، ويظهر لنا هذا من فقههم وقوة نظرهم.

 

وبين أن إخراج زكاة الفطر نقودًا أولى للتيسير على الفقير أن يشتري أي شيء يريده في يوم العيد; لأنه قد لا يكون محتاجًا إلى الحبوب، بل هو محتاج إلى ملابس, أو لحم، أو غير ذلك، فإعطاؤه الحبوب يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد من يشتري منه الحبوب, وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية، هذا كله في حالة اليسر, ووجود الحبوب بكثرة في الأسواق, أما في حالة الشدة وقلة الحبوب في الأسواق، فدفع العين أولى من القيمة مراعاة لمصلحة الفقير.

 

وشدد علي جمعة على أن لزكاة الفطر فضل عظيم وثواب جزيل، لا يعلمه إلا الله وقد أعلمنا الله ببعض ذلك الفضل والثواب، وذلك الفضل والثواب قد يكون لارتباط هذه العبادة الجليلة بعبادة صيام رمضان فقد روي عن النبي ﷺ أنه (سئل أي الصوم أفضل ؟ فقال شعبان لتعظيم رمضان قيل : فأي الصدقة أفضل ؟ قال صدقة في رمضان) [رواه الترمذي] وزكاة الفطر صدقة تخرج في رمضان كما صح عن ابن عمر (أنه كان يؤديها قبل العيد بيوم أو يومين) [مسلم وأبو داود]. قال محمد بن مصطفى الخادمي : (ودفع القيمة أفضل من دفع العين على المذهب، ومن فضائلها : قبول الصوم، والفلاح، والنجاة من سكرات الموت، وعذاب القبر ) [بريقة محمودية].

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق