آلام الخروج على المعاش

الخميس، 28 أبريل 2022 03:04 م
آلام الخروج على المعاش
آمال فكار

 
عادت منال إلى البيت ولم تجد والدها كعادتها، فكل يوم حينما تعود كانت ترى والدها جالسا في انتظارها، لكن هذه المرة وجدت خطابا فقط، فنادت عليه لعله يكون داخل إحدى الحجرات، لكن صوتها تردد صداه بالشقة الواسعة وعاد اليها، في هذه اللحظة اسرعت إلى الخطاب.
 
تسمرت عيناها علي المظروف، فقد كان مكتوبا عليه "إلي ابنتي منال".. وقتها ارتجفت يداها فهذا خط والدها، فتحت الخطاب ودموع مترددة في عينيها وبدأت تقرأ ما جاء في الخطاب: "ابنتي منال حبيبتي ارجو الا تغضبي مني، فالدنيا ضاقت بي وكل يوم عندما تخرجين إلي العمل اشعر بوحشه ووحده قاتله وملل يكاد يقضي علي.. إنني اقضي ساعات طويله في الفراش اتقلب دون جدوي، ورفض اخوتك الامل الباقي من حياتي ووقفوا جميعا ضد رغبتي، وأنت يا حبيبتي سوف تتركينني بعد شهر عندما تتزوجين واظل وحدي، هل تتذكرين يا حبيبتي هذا البيت الذي كان يضج بالسعادة وأمك وأخوتك معنا، لقد سافرت أختك الي زوجها واخوكي سعيد لا يسأل عني منذ ان تزوج وبقيتي انتي شريكه وحدتي القاتلة، وها أنت الاخري سوف تبدأين حياتك مستقله عني، لقد عرضت عليكم أن أشتري تاكسي استثمر فيه هذه الالاف القليلة التي بقيت معي حتي أشغل أيامي الخاوية بعد خروجي علي المعاش، لكن اخوتك رفضوا بحجه انني كنت مدير غداره ولا يليق بي أن اصبح سائق تاكسي.. أنت الوحيدة التي لم تخطئي في حقي، فقد كنت دائما حنونه ونعم الابنة الطيبة، لذلك فقد تركت لك توكيلا في تصرف رصيدي بالبنك واطلب منك ان تتزوجي في نفس الشقة التي شهدت اسعد ايام حياتنا، لقد تركت كل ممتلكاتي وبطاقتي الشخصية وحافظه نقودي، وارجو الا تبحثي عني فقد كرهت الحياه بعد ان انقطعت كل علاقه لي بها.. اقبلك يا ابنتي الحبيبة واودعك".
 
بعد أن انتهت من قراءة الخطاب صرخت منال من الفزع، وتسألت هل حدث له مكروه؟.. عشرات الأسئلة ترددت في رأسها المضطرب ولم يكن أمامها الا الاسراع إلى اشقائها للبحث عن ابيهم، فذهبوا إلى الجيران والأهل، وبعد يومان من البحث لم يظهر له اي أثر، ولم يكن امامهم في النهاية الا أن اللجوء للشرطة.
 
دخلت منال إلى رئيس المباحث ووضعت الخطاب أمامه وهي تقول "أبي كان مهندسا كيميائيا وكان مدير إدارة، وهو إنسان منظم في كل شيء في حياته"، وقدمت منال أوصاف أبيها وبدأ البحث.
 
كان أول الخيط سيدة تدعي سهير كانت زميلة له في العمل تجاوزت الاربعين بقليل جميله وأنيقة، عندما سألها رئيس المباحث قالت أنها تعرف الأستاذ حسين، فقد كانا يعملان سويا لأعوام داخل إدارة واحدة، لكن عندما ماتت زوجته كان يبدو حزينا منطويا وكانت تتعاطف معه، فعرض عليا الزواج وقبلت، فهي الأخرى وحيدة بعد وفاة زوجها وزواج ابنتها الوحيدة وسفرها للخارج، لكنه اختفي بعدها بعد خروجه علي المعاش، وذات يوم جاءها مهموماً، وقال لها إن اولاده رفضوا زواجه وأنه تعيس ووحيد وفقد رغبته في الحياة، وحاولت أن تسري عنه وطلبت منه أن يحاول معهم مرة إخري لكنه ذهب ولم يعد ولم يتصل.
 
مرت أيام واذا بأحد امناء الشرطة يطرق باب منال، طالباً منها الحضور فوراً إلى المستشفى، وهناك وجدت والدها وجسمه ملئ بالضمادات الطبية، بعد أن أصيب بأكثر من كسر في جسده، وبعدها وصل بقية الأبناء واسرعوا إلى أبيهم، وما ان رأوه حتي ارتموا في احضانه واحضروا له سهير وابدوا موافقتهم علي زواجه منها، علي أن يتم فور خروجه من المستشفى.
 
لم يكن امام رجال الشرطة سوى اغلاق محضر الشرطة، بعدما انتهت آلام الأب حسين.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق