يوسف أيوب يكتب: عجلة الحوار الوطنى تبدأ تحت مظلة «الوطن يتسع للجميع»

السبت، 14 مايو 2022 07:00 م
يوسف أيوب يكتب: عجلة الحوار الوطنى تبدأ تحت مظلة «الوطن يتسع للجميع»
الرئيس السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية

- القوى السياسية والحزبية أمام نقطة تحول جوهرية واختبار حقيقى لقدرتها على الجاهزية بأجندة واضحة لتحديد أولويات العمل الوطنى

- اللاءات الثلاثة الضرورية للنجاح: لا شروط مسبقة.. لا للمصالح الخاصة.. لا خوف من الانتقاد
 
"الوطن يتسع للجميع".. و"الخلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية" شعار وضعه الرئيس عبد الفتاح السيسى للحوار الوطنى الذى أعلنه خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، واتخذته القوى السياسية المصرية مظلة تنطوي تحته لبدء هذا الحوار الذى يمثل وفق الكثير من هذه القوى "نقطة تحول جوهرية في مسيرة الجمهورية المصرية الجديدة".
 
تحت هذا الشعار بدأت القوى السياسية التفاعل مع الدعوة الرئاسية، لكن في المقابل فإن اغلب الظن أن بيننا من اساء فهم الدعوة إلى الحوار الوطنى، وظنها وبعض الظن أثم أنها إشارة إلى ترنح أصاب الدولة جعلها تلهث خلف الحوار، وأن الضعف والوهن تملك من النظام لدرجة أنه بات مقتنعا أنه لا نجاة الا بفتح ذراعه للحوار مع المعارضة وغيرها.
 
بكل تأكيد، اذا كان هناك من ظن ذلك فله منى رسالة ارجو أن تصله فى الوقت المناسب، فمن تابع كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال إفطار الاسرة المصرية، سيجد أنه بدأها بشرح واف لما حدث خلال السنوات الماضية منذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم، وما تعرضت له الدولة من مخططات ومؤامرات خارجية، كانت هناك أطراف داخلية تساعد في تنفيذ هذه المؤامرات، وما نتج عن هذا الوضع من توترات سياسية وأمنية، كانت تأثيراتها الاقتصادية شديدة الفداحة، وبعد هذا العرض تحدث الرئيس السيسى عن الطريقة التي تمت من خلالها تجنيب الدولة المصرية من شبح السقوط، تحديداً بعد ثورة 30 يونيو 2013، وكيف استطاعت الدولة ان تقف فى وجه كل الازمات وتخطتها بقدرة ازهلت الجميع بما فيهم المعارضين انفسهم ممن كان بعضهم يظن أن هذا الدولة لن تصمد طويلا.
 
بعد ذلك تحدث الرئيس السيسى عن الجمهورية الجديدة التي يجرى العمل على تدشينها، محدداً رؤيته لملامح هذه الجمهورية، بأنها تتسع للجميع، وإن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، معلنا مجموعة من القرارات، من بينها تفعيل لجنة العفو الرئاسي، فضلاً عن إطلاق الحوار الوطنى بين مختلف مكونات المجتمع.
 
والملاحظ هنا أن الرئيس السيسى وهو يعلن الدعوة للحوار الوطنى، فإن رسالته للجميع كانت واضحة، وهى أن الدولة بعدما تخطت كافة الصعاب والأزمات، واستقرت امنيا واقتصاديا وسياسياً، من خلال بناء وتشكيل كافة المؤسسات الدستورية، فإنها تعمل على احتواء الجميع، ليس من واقع الضعف، وإنما من واقع الرغبة الأكيدة في أن تشمل الجمهورية الجديدة الجميع، لذلك فإن أي حديث عن ضعف أو وهن أجبر الدولة على فتح الحوار مع المعارضة هو قول لا علاقة له مطلقاً بما يجرى على أرض الواقع، وهى الرسالة التي يجب أن يعيها الجميع، قبل أن ننخرط في الحوار الوطنى، لأنه اذا فهمت الرسالة جيداً، كان الوصول إلى الهدف سهلاً، لكن إذا أسئ فهم الرسالة فهذا أمر أخر.
 
ردة فعل القوى المدنية والمعارضة على دعوة الرئيس كانت في مجملها مرحبة، وتؤشر إلى تغيير في البنية الفكرية للعديد من هذه القوى، التي بدأت مرحلة من مراجعة مع النفس، ونظرت للدعوة الرئاسية النظرة الصحيحة، وقوامها أن الدولة تخطو خطوات واثقة نحو المستقبل، وانها تريد مشاركة جماعية في رسم ملامح هذا المستقبل. مشاركة هدفها الرئيسى الوصول إلى الجمهورية الجديدة بتوافق داخلى قادر على صياغة رؤية موحدة في مواجهة الكثير من التحديات، خاصة فى ظل أزمات دولية بدأت تضغط بشكل كبير على الاقتصاد العالمى.
 
لذلك رأينا وتابعنا انخراطا سريعا من هذه القوى مع الدعوة الرئاسية، أخذا في الاعتبار الاتفاق المبدئى على عدم وجود مشروطيات للمشاركة في هذا الحوار، كما بدأت هذه القوى في ترتيب نفسها للحوار من خلال الاتفاق على القضايا المطلوب طرحها للنقاش، وآليات العمل.
 
وقبل أن يبدأ الحوار بالفعل، فهناك مجموعة من المبادئ التي أعتقد أنها تحظى بتوافق من الجميع، كونها أساس لنجاح أي حوار، وهذه المبادئ تكون ملزمة لكل مدعو ومشارك في هذا الحوار، دون استثناء، وهى كما أرها:
 
لا شروط مسبقة. 
 
لا للمصالح الخاصة.
 
لا خوف من الانتقاد.
 
أقول أن هذه المبادئ ضرورية، بعدما تابعت على مدار الأيام الماضية عددا من الظواهر التي قد تنبئ بأن هناك بعض من المدعوين لهذا الحوار لازالوا مكبلين بقيود الماضى، ويخشون مجاراة التقدم الحادث اليوم في الدولة المصرية، لذلك فأنهم يستسهلون اللجوء إلى فكرة الشروط المسبقة، كنوع من "غسل الأيدى" خاصة أمام من ينتقدون مشاركتهم في الحوار، وهذا يقودنا إلى الفكرة الأساسية من هذا الحوار، وهو مصلحة الوطن أولاً وأخيراً، لذلك فمن يريد إعلاء المصلحة العليا فأهلا به، لكن المتردد والذى لا زال حبيس الأفكار الخاصة والمصالح الضيقة، فأن الزمن قد تجاوزه كثيراً، وعليه أن يعيد حساباته سريعاً.
 
وارتباطاً بذلك أيضاً لازلت لا أفهم خوف البعض من فكرة الانتقاد، أو بمعنى أدق وضع جمهور السوشيال ميديا كمعيار لإى تحرك يقومون به، وهو وضع للأسف الشديد تسبب للمعارضة قبل غيرها في أزمات ومشاكل عدة، بعدما جعلها حبيسة القيود السوشيالية، دون أن تتيح لنفسها الفرصة لتنظر إلى أرض الواقع لترى بعين موضوعية ما يحدث.
 
وهنا أشير لما نقلته الزميلة "الشروق" عن حمدين صباحى، الذى قال إن أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية ترحب وتقدر دعوة الرئيس عبدالفتاح للحوار السياسى، وأن الحركة لم تضع شروطا مسبقة لهذا الحوار، وإنما طرحت رؤى وأفكارا وعوامل من أجل إنجاحه، مؤكداً أن نجاح السلطة هو نجاح للمعارضة والعكس صحيح، وأن الأزمة التى تمر بها البلاد تهم الطرفين وأن الشعب يريد أن يرى الطرفين (السلطة والمعارضة) فى الموقع الصحيح من أجل تجاوز الأزمات التى تمر بها البلاد.
 
ما قاله صباحى مهم لإنه يؤكد إن رسالة الحوار الوطنى وصلت للجميع، وهذا هو المنطق الذى يجب أن نسير عليه جميعاً، بأن نعيد تقيم ما حدث في الماضى لنستفيد منه مستقبلاً حتى لا نظل نكرر الأخطاء دون أن نستفيد منها.
 
خطوات عملية لبدء الحوار الوطنى
 
وقد بدأت عجلة الحوار الوطنى دورتها من خلال البيان الذى أصدرته الأكاديمية الوطنية للتدريب الثلاثاء الماضى، والذى جاء فيه مجموعة من العناصر المهمة التي توضح خارطة طريق الحوار.
 
فالأكاديمية قالت إنه "فى إطار تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى للمؤتمر الوطنى للشباب (والذى يتم تنظيمه تحت مظلة الأكاديمية الوطنية للتدريب) خلال إفطار الأسرة المصرية بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار وطنى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة ورفع نتائج هذا الحوار إلى سيادته شخصيا، تؤكد الأكاديمية الوطنية للتدريب أنها سوف تقوم بإدارة هذا الحوار الوطنى بكل تجرد وحيادية تامة، على أن يتمثل دورها فى التنسيق بين الفئات المختلفة المشاركة بالحوار دون التدخل فى مضمون أو محتوى ما يتم مناقشته، من أجل إفساح المجال أمام حوار وطنى جاد وفعال وجامع لكافة القوى والفئات، ويتماشى مع طموحات وتطلعات القيادة السياسية وكذا القوى السياسية المختلفة، ليكون خطوة فى غاية الأهمية تساعد على تحديد أولويات العمل الوطنى وتدشن لجمهورية جديدة تقبل بالجميع ولا يمكن فيها أن يفسد الخلاف فى الرأى للوطن قضية".
 
وأشارت الأكاديمية الوطنية للتدريب إلى أنها ستقوم باعتماد مبدأ توسيع قاعدة المشاركة فى الحوار من خلال دعوة جميع ممثلى المجتمع المصرى بكافة فئاته ومؤسساته بأكبر عدد ممكن لضمان تمثيل جميع الفئات فى الحوار المجتمعى، وكذا تحقيق الزخم الحقيقى والمصداقية وتدشين لمرحلة جديدة فى المسار السياسى الدولة المصرية، بعد أن عبرت جميع التهديدات والمخاطر الأمنية التى كانت تضعها فى حالة استثنائية. كما سيتم مراعاة التنوع فى أماكن عقد جلسات الحوار بحيث تشمل معظم مناطق الجمهورية.
 
كما ستقوم الأكاديمية ببدء جلسات الحوار، كما سيتم فتح باب التسجيل على الموقع الإلكترونى للمؤتمر الوطنى للشباب لمن يرغب فى المشاركة وفتح الأفق والمجال أمام الجميع، كما سيتم تشكيل لجنة مشتركة حيادية من مراكز الفكر والرأى تكون مهمتها تجميع مخرجات الحوار الوطنى عبر جلساته المختلفة فى وثيقة أولية موحدة متفق عليها من جميع القوى والفئات المشاركة يتم رفعها إلى الرئيس السيسى.
 
وأرسلت الأكاديمية بالفعل دعوات للجميع، تطلب منهم موافاتها برؤية كل منهم للحوار، ومحاوره ومحدداته وآليات عمله وأجندته، حتى يتسنى البدء الفوري في تنفيذ جلسات الحوار الوطنى وفقاً لرؤية واضحة ومحاور عمل محددة.
 
القوى السياسية والحزبية جاهزة 
 
وبمجر إعلان الاكاديمية عن الخطوات التنفيذية لبدء الحوار، سارعت كافة القوى السياسية للترحيب بهذه الخطوة، مؤكدة قبولها للدخول في الحوار، وهو ما قالته تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التي أشارت إلى أنها قبلت الدعوة وبدء العمل على كافة المحاور والملفات الخاصة بالحوار من أجل فتح مسارات للتفاعل المجتمعى حول كافة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تستهدف بناء الجمهورية جديدة بمشاركة جميع فئات المجتمع المصري.
 
مواقف القوى السياسية والحزبية تؤكد أنهم يدركون جيداً حجم التحدى المقبلين عليه، وأنهم جاهزين له، ولديهم أجندات واضحة للحوار الذى يستهدف دخول الجمهورية الجديدة وفق آليات واضحة المعالم، وتوافق بين الجميع تحت راية "الوطن يتسع للجميع".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق