رئيس الوزراء يُجيب على الأسئلة العشرة الصعبة.. مصر ليست بمعزل عن العالم

السبت، 21 مايو 2022 11:30 م
رئيس الوزراء يُجيب على الأسئلة العشرة الصعبة.. مصر ليست بمعزل عن العالم
مصطفى الجمل

- مصر ليست بمعزل عن العالم.. والحرب الروسية الأوكرانية فرضت علينا أعباء مالية ضخمة

- الحكومة لا تزاحم القطاع الخاص.. ونستهدف خلال 3 سنوات ارتفاع نسبة مشاركته لتصبح 65% من الاستثمارات المنفذة

- خسائر الاقتصاد العالمي وصلت 12 تريليون دولار.. دعم وتوطين الصناعة الوطنية من الحلول التي نعتمدها للخروج من الأزمة

- نستهدف تسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة من خلال طرحها للشراكة مع القطاع الخاص المصري والأجنبي

- قريبا تشريع جديد أمام البرلمان لاعفاء المنشآت الصناعية والتنموية في مدن الجيل الرابع من أنشطة محددة من الضرائب لفترة تتراوح بين 3 و5 سنوات

- لدينا خطة واضحة لخفض الدين العام خلال 4 سنوات.. ونستهدف الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات

 

مصر ليست بمعزل عن العالم، بهذه الجملة استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المؤتمر الصحفى العالمي الأسبوع الماضي، لعرض خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية الكبيرة التي يواجهها العالم.

وفي شرحه لهذه الجملة قال مدبولي إن النقاشات التي تدور في بعض الأحيان والتي تعتبر أن الأوضاع الحالية في مصر هي بمثابة أزمة محلية، وليست نتاج مشكلة عالمية، أمر ليس صحيحا، لذلك عرض "مدبولي" محاور تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصري، وكذلك الإجراءات التي تتخذها الدولة حاليا للتعامل معها والخطوات التي ستتخذها خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن هذه المحاور تعد نقاط شديدة الأهمية وكان لابد من إعلانها؛ لكي يعي العالم والمواطنون المصريون كيفية تحرك الدولة المصرية حيال تلك الأزمة.

وبلغة الأرقام قال مدبولي إن الخسائر التي قدرت بنحو 12 تريليون دولار تمثل 5 أضعاف الناتج المحلي لقارة أفريقيا بأسرها للعام الماضي، كما أن تلك الخسائر تعادل الناتج المحلي الإجمالي لأكبر أربع دول في قارة أوروبا، وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا، كما تساوي الناتج المحلي الإجمالي لـ 6 دول من النمو الآسيوية والمتقدمة في قارة آسيا، مشيراً إلى أن حجم الدين العام على مستوى العالم شهد تفاقما واضحا بسبب الأزمة الراهنة، حيث زاد بنسبة 351%، حتى وصل حجم المديونية على الحكومات على مستوى العالم إلى 303 تريليونات دولار، كما أصبحت دول في حالة مديونية حرجة بالفعل، كما أن معدل التضخم عالمياً في الأسعار وصل إلى رقم غير مسبوق بوصوله إلى 9%، وهناك دول متقدمة تتمتع باقتصاد مستقر لم يكن التضخم بها يبلغ 1% أو 2%، لكن الآن نرى معدل التضخم يصل بها إلى 9%.

كل المؤشرات التي أشار إليها "مدبولي" نتج عنها ضغوط هائلة على مستوى الدول المتقدمة والنامية، وعلى النامية بصورة أكبر بالطبع، فعلى سبيل المثال، في مايو 2021 كان سعر القمح عالمياً 270 دولارا للطن، ووصل في مايو 2022 إلى 435 دولارا، وبالنسبة لدولة مثل مصر تستورد ما يقرب من 10 ملايين طن، فبدلا من أن مصر كانت تدفع مقابل هذه الكمية المستوردة 2.7 مليار دولار أصبحت تدفع 4.4 مليار دولار لنفس الكمية، أما بالنسبة للبترول الذي تستورد مصر منه 100 مليون برميل فكان سعر البرميل في مايو 2021 يبلغ 67 دولارا، وكانت مصر تدفع مقابل ذلك 6.7 مليار دولار، وفي مايو 2022 أصبح سعر البرميل 112 دولارا، وبالتالي أصبحت مصر تدفع 11.2 مليار دولار لنفس الكمية.

خلال المؤتمر الذى عقده مدبولي، كانت هناك أسئلة نقلها الإعلاميين على لسان كل المصريين، وأجاب عنها مدبولي باستفاضة.

ما هي نسبة تأثير التداعيات العالمية على المصريين؟

هذه الأزمة كان لها بلا شك تداعيات كبيرة، يجب أن يشعر بها المصريون جميعاً، حيث كنا نستورد 42% من احتياجاتنا من الحبوب من دولتي، روسيا وأوكرانيا، وكان 31% من عدد السياح الوافدين إلى مصر من هذين البلدين، وكل ذلك سيكون له تداعياته الكبيرة التي كان ينبغي أن تتسبب في اضطراب شديد لنا، كحكومة ودولة، في التعامل مع هذه التداعيات، ولكننا تحركنا على الفور وبدأنا في توفير أسواق بديلة للقمح، وكذلك أسواق بديلة للسياحة، ولم نستسلم لتلك التداعيات التي فرضتها الأزمة، وسعينا خلال أسابيع لأن نعوض هذه التداعيات التي حدثت.

وأشار مدبولي إلى ضرورة أن ندرك كمصريين أن تداعيات الحرب فرضت علينا أعباء مالية ضخمة جداً، حيث أصبح هناك 130 مليار جنيه، تم رصدها كتأثير مباشر، نتيجة لزيادة أسعار السلع الاستراتيجية، مثل القمح والبترول، وكذا أسعار الفائدة التي زادت، وذلك إلى جانب 335 مليارا أخرى كتأثيرات غير مباشرة، وقد أخذنا إجراءات حماية اجتماعية حيث تم تبكير موعد صرف زيادات المرتبات والمعاشات، وإجراءات أخرى كانت ستبدأ من أول يوليو، بدأت أول أبريل، وهي اجراءات تتحملها الدولة، وذلك من أجل تخفيف وطأة هذه الأزمة على المواطن المصري، جاء ذلك فيما حدث نتيجة هذه الأزمة خروج لرؤوس الأموال الساخنة، واستثمارات كانت موجودة، ولكن الحمد لله نتيجة لجهد الدولة والقيادة السياسية، تحركنا لتعويض خروج هذه الأموال، موجهاً الشكر والتقدير في هذا الصدد إلى الأشقاء في الدول الخليجية التي وقفت بجانب مصر خلال الشهرين الماضيين، وضخت أرقاما معينة، بما مكننا من الحفاظ على الاستقرار النقدي للعملة الأجنبية في مصر.

وفى مكاشفة جديدة للمصريين أكد مدبولي إن القطاع الخاص المصري، وكنتيجة لهذه الأزمة، لا يزال غير قادر على زيادة استثماراته، حيث أن ارتفاع فائدة الاقتراض فرضت أعباء كبيرة جداً، إلى جانب مؤشرات الدين الخارجي التي شهدت زيادة نسبة قيمة من الدين الخارجي، كنتيجة لاضطرار الدولة من أجل الحفاظ على الاحتياطي، فضلاً عن تراجع معدلات الاستثمارات الخارجية الأجنبية في العالم كله وليس مصر فقط، حيث يحدث بالسالب فلا يعكس مجرد تباطؤ بل خروج من ذالدول.

ماذا ستفعل الحكومة تجاه هذه التحديات؟

ستتحرك الحكومة وفق خطة بمدى يصل إلى نهاية 2022، عبر عدة محاور تتضمن تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في النشاط الاقتصادي، ودعم وتوطين الصناعة الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي، والإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار، كل سنة، لمدة 4 سنوات، بإجمالي 40 مليار دولار، تتيحها الدولة لشراكة القطاع الخاص، وكذا الاعلان عن خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة خلال السنوات الـ 4 القادمة، وطرح رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية، من أجل تأدية دور كبير في الاقتصاد المصري، وأخيراً البعد الاجتماعي وكيفية الاستمرار في حماية محدودي الدخل.

هل تزاحم الحكومة القطاع الخاص؟

إذا تابعنا ما يحدث في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، سندرك لماذا اضطرت الدولة ان تدخل وتضخ استثمارات كبيرة في الفترة الماضية، مصر اليوم تجاوز عدد سكانها الـ 103 ملايين نسمة، وهو حجم سكان يفرض علينا على الاقل اتاحة مليون فرصة عمل جديدة سنوياً، وبالنظر الى الأرقام، فقد كانت قوة العمل في عام 2000 نحو 19 مليونا، وفي 2021 أصبحت 30 مليونا، فكل عام يدخل سوق العمل لدينا مليون شاب، يريد ان يعمل ولديه امل في الحياة ان يكون لديه فرصة عمل وتكوين أسرة، وتوقعاتنا لمصر حتى مع كل محاولاتنا واجتهادنا لضبط الزيادة السكانية، فإننا نأمل أن يكون عدد سكان مصر أقل من 120 مليوناً في 2030، وهذا الرقم يمثل عدد سكان 15 دولة أوروبية متقدمة ليس لدينا موازناتها وإمكاناتها، ويعادل عدد سكان 14 دولة عربية.

القطاع الخاص المصري كان وما زال له دوره الواضح، مستعرضا إجمالي الاستثمارات التي كانت تضخ في شرايين الدولة، والمقسمة بين القطاعين الخاص والحكومي، والتي تشير الى أنه حتى عام 2015/2016 كان القطاع الخاص صاحب النسبة الغالبة في تلك الاستثمارات.

هل هناك ضرورة لاستكمال المشروعات القومية في ظل الأزمة العالمية الحالية؟

أتابع كل ما أثير من زعم حول ضرورة إبطاء وتيرة المشروعات القومية وأنها فرضت أعباء كبيرة، وأن ثلث الاستثمارات العامة كانت موجهة لهذه المشروعات القومية، ولكن يجب التنويه إلى أن كل ما تحقق من مشروعات قومية ساعدنا بفضل الله، في التصدي لهذه الأزمات، حيث نفذنا مع الإصلاح الاقتصادي مرحلة الإصلاحات الهيكلية، التي أطلقناها منذ عام بالضبط، وبدأنا العمل عليها لكي نلبي المتطلبات خلال الفترة القادمة، وهو ما مكننا من إحداث طفرات كبيرة في العديد من المجالات، ولكن كان نتاج هذه الفترة أننا تمكننا من خفض معدل البطالة من نحو 13% إلى 7.4% كما ان معدل النمو الاقتصادي كان سيحقق لولا أزمة كورونا نحو 7.8% ، واستطعنا زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض عجز الموازنة من 13% الى 6.3%، وتحسين تصنيف مصر في كل المؤشرات الدولية.

هل تملك الحكومة رؤية لمشاركة القطاع الخاص في الاستثمار؟

إذا كان نصيب القطاع الخاص خلال السنة الاخيرة في إجمالي الاستثمارات نسبة 30% مقابل 70% للدولة، فإننا نستهدف في السنوات الثلاث القادمة، أن ترتفع نسبة مشاركة القطاع الخاص لتصبح 65% من اجمالي الاستثمارات المنفذة، بما يمثل تمكينا كاملا للقطاع الخاص خلال السنوات الثلاث القادمة، حتى يعود للسياق الطبيعي الذي كان موجوداً، لافتاً إلى أن التحرك في هذا الاتجاه ليس مجرد حديث، ولكن يتم وفق محاور معينة نعمل على تنفيذها، حيث سنحسن مناخ الأعمال، ونطلق حزمة من الحوافز المتنوعة، وفتح قنوات تواصل مباشر مع القطاع الخاص لحل جميع مشكلاته.

هل هناك قائمة لأصول حكومية سيتم عرضها أمام القطاع الخاص؟

نستهدف تسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار خلال الأربع سنوات القادمة، وذلك من خلال طرحها للشراكة مع القطاع الخاص سواء المصري، أو الأجنبي، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بالـ 10 مليارات الخاصة بهذا العام، فقد تم بالفعل تحديد أصول بقيمة 9 مليارات، وبدء خطوات تنفيذ تسييل تلك الأصول خلال الفترة الحالية، مضيفاً أنه تم تحديد أصول بقيمة 15 مليار دولار بصورة فورية، حيث إن مجموع ذلك يفوق المستهدفات للسنتين الأوليين.

هل لدى الحكومة خطة لمنح امتيازات ضريبية للمنشآت الصناعية والتنموية التي ستنشأ في مدن الجيل الرابع؟

الحكومة ستعرض خلال الفترة القادمة على البرلمان قانونا جديدا سيعفي المنشآت الصناعية والتنموية التي ستنشأ في مدن الجيل الرابع في أنشطة محددة من الضرائب لفترة زمنية محددة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات منذ بداية تشغيل المشروع، إضافة إلى الحوافز، كما أن الحكومة ستتوسع خلال الفترة القادمة في إصدار الرخصة الذهبية التي تمنح موافقة واحدة فقط للمشروع، حيث تم اختيار ثلاثة مجالات كبداية، وهي الهيدروجين الأخضر، وصناعة المركبات الكهربائية، والبنية التحتية لاسيما ما يتعلق منها بمشروعات تحلية مياه البحر والطاقة المتجددة وخلافه.

هل لاتزال الحكومة متمسكة بخطة الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات؟

الدولة تستهدف حالياً تعظيم الصادرات المصرية في 9 قطاعات أساسية تتعلق بصناعة "المنسوجات، والفلزات القاعدية، ومنتجات المطاط واللدائن، والمنتجات الغذائية، ومعدات النقل الأخرى، والورق وأنشطة النشر، ومنتجات المعادن اللافلزية الأخرى، والحواسب والمنتجات الإلكترونية والبصرية، والمركبات ذات المحركات والمركبات المقطورة ونصف المقطورة، والآلات والمعدات غير المصنفة في موضع آخر، والمنتجات الصيدلانية الأساسية والمستحضرات، ومنتجات المعادن المشكلة باستثناء الآلات والمعدات"، حيث تم وضع خطة لهذه القطاعات لمضاعفة الصادرات المصرية منها للوصول إلى 100 مليار دولار صادرات خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة على الأكثر، أو أقل من ذلك.

متى سيتم تسوية ملف الدين العام؟

هناك خطة واضحة للسنوات الأربع المقبلة لخفض هذا الدين، علماً بأن 91% من الدين الخارجي من الديون متوسطة وطويلة الأجل، وبالتالي فهذه الديون ليست ضاغطة على الدولة المصرية خلال الفترة الحالية، وجزء منها فقط تمثل نسبته 8.8% هو ديون قصيرة الأجل، وجزء كبير من الديون طويلة الأجل تعتبر قروضا ميسرة من خلال وزارة التعاون الدولي مع المؤسسات الدولية التنموية.

كيف ستوفر الدولة موارد غير تقليدية من العملة الأجنبية؟ ومتى سيتم طرح الشركات التابعة للدولة في البورصة وكذلك الشركات التابعة للقوات المسلحة؟

نحن اليوم في إطار توفير موارد غير تقليدية من العملة الأجنبية، وسنطرح خلال الفترة المقبلة الصكوك السيادية، التي تنطلق فيها مصر لأول مرة، كما كانت مصر أول دولة في ملف السندات الخضراء، وقد نجحنا في إصدار هذه السندات في اليابان، والتي تعد شهادة ثقة كبيرة لنا، ونعمل حاليا مع عدد من الدول الصديقة لإصدار سندات بها بفوائد أقل من الفوائد التجارية.

بالتوافق مع هيئة الرقابة المالية وهيئة البورصة وكل العاملين في البورصة تم التوافق على 21 إجراء بدأ تطبيقها بالفعل وسيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة، بحيث أن يكون من شأنها زيادة عدد الشركات المقيدة في البورصة وزيادة عدد المستثمرين المحليين والأجانب، وإتاحة آليات جديدة داخلها، فضلا عن تعزيز إمكانات إدارة المخاطر لدى شركات الأوراق المالية، أو السمسرة، وكيفية زيادة أحجام السوق المصرية والعمل على مضاعفته خلال العامين المقبلين.

ونستهدف ضمن برنامج الطروحات 10 شركات تابعة للدولة منها أجزاء من قطاع الأعمال وشركتان تابعتان للقوات المسلحة، التي يمكن طرحها قبل نهاية العام في البورصة المصرية.

كما أن هناك خطة واضحة نعمل على تنفيذها، تتضمن دمج أكبر 7 موانئ مصرية تحت مظلة شركة واحدة، وسيتم طرح نسبة منها في البورصة، كما سيتم دمج أكبر الفنادق المميزة، والتي تعد من أفضل الأصول في مصر سيتم دمجها أيضا تحت مظلة شركة واحدة يتم تقييمها من خلال بنوك استثمارية دولية، على أن يتم طرح نسب منها في البورصة للمصريين، ويمكن للمستثمرين المشاركة، وبذلك نعمل على توسيع ملكية وحوكمة إدارة هذه المؤسسات التابعة للدولة.

كما أن المشروعات الكبيرة التي تنفذها الدولة في قطاع النقل الحديث مثل المونوريل أو القطار فائق السرعة، أو القطار الكهربائي، سيتم طرح نسب من هذه المشروعات للقطاع الخاص للاستثمار وإدارة هذه المشروعات خلال الفترة المقبلة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق