في أزمة أوكرانيا.. هل النزاع حربا بالوكالة بين روسيا والغرب؟

الإثنين، 23 مايو 2022 04:00 م
في أزمة أوكرانيا.. هل النزاع حربا بالوكالة بين روسيا والغرب؟

تبدو المواجهة المباشرة بين الغرب من جانب وروسيا من جانب آخر في أوكرانيا أمرا مستبعدا، فالجميع يبتعد عن مواجهة القوى النووية، أو تجنب خطوة في النزاع طرفها موسكو.

ونؤكد الدول الغربية رغبتها بإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن دون تجسيد على أرض الواقع بتوجيه مساعدات عسكرية ضخمة مقدّمة إلى كييف والعقوبات المفروضة على روسيا.

تؤكد تقارير أنها حرب بالوكالة بين الغرب وروسيا، لكن محللون آخرون من موسكو وواشنطن وببكين، يتوافقون على أن انخراط الأمريكيين ودول أوروبية بدرجة أقلّ، يجعلهم لاعبين رئيسيين.

يقول الباحث بجامعة تارتو الاستونية إيفان كويشتش، أن «الأوكرانيين لا يقاتلون سوى من أجل أنفسهم، هم ليسوا وكلاء أي جهة»، معتبرًا أن كييف تقرر إيقاع النزاع من خلال مقاومة شرسة، مؤكدا أن الأمريكيين يريدون «ليس فقط أن تخسر موسكو، إنما أيضًا ألا تتمكن روسيا أبدًا من شنّ مثل هذه الحرب».

ويضيف «بالنسبة لروسيا، هي حرب بالوكالة ضد الغرب: فالأوكرانيون شريرون ويتصرّفون بناء على أوامر الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي».

مساعدات ضخمة
وترى روسيا أن عدوان الغرب حرب بالوكالة، إذ يوضح ألكسندر خرامتشيخين من معهد التحليل السياسي والعسكري في موسكو أن ذلك «أمر واضح» مشيرًا إلى أن «الغرب يطيل أمد هذه الحرب إلى الحدّ الأقصى عبر تسليمه أسلحة لأوكرانيا. بتنا نتحدث عن سنوات الآن». أواخر أبريل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «في حال انخرط حلف شمال الأطلسي في نهاية المطاف في حرب بالوكالة ضد روسيا فإن الحرب إذن هي حرب».

ويقول الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروتشيف، إن «الحملة المناهضة للروس التي يقوم بها الأمريكيون والدول التابعة لهم، تُظهر بشكل مقنع أن أوكرانيا أصبحت ذريعةً لشنّ حرب غير معلنة على روسيا».

كل المصطلحات المستخدمة من جانب الدول مهمّة، إذ إن الولايات المتحدة تؤكد باستمرار دعمها للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد أن استبعدت قبل اندلاع الحرب فرضية الدخول رسميًا في النزاع.

ويجري الحديث بشكل علني عن تسليم أسلحة وتقديم أموال إلى كييف. وأكدت مصادر في أجهزة الاستخبارات لوسائل إعلام أميركية أنها ساعدت كييف في استهداف جنرالات روس وضرب سفن في البحر الأسود.

يشير المدير الأكاديمي لمؤسسة البحر المتوسط للدراسات الاستراتيجية بيار رازو إلى أن الحرب في أوكرانيا سمحت للأجهزة الأميركية بإثبات قدراتها. ويوضح لفرانس برس أن «خلال 48 ساعة، زالت كافة أخطائها الاستراتيجية المرتكبة في السنوات العشرين الأخيرة، من اعتداءات 11 سبتمبر وحتى انتصار طالبان والانسحاب الفوضوي من أفغانستان عام 2021».

تقدّم الحرب أيضًا فرصة للمتشددين في واشنطن الذين يريدون إضعاف السلطة الروسية. ويقول بيار رازو «هناك فرق بين ضمان ألا يتمكن الكرملين من الفوز وجعله يخسر بأي ثمن. ومنطق الأميركيين هو جعله يخسر مهما كلّف الأمر».

ناتو منقسم
يؤكد إيفان كويشتش هذه الأهداف المتشددة، التي تعززت بعد حرب روسيا على جورجيا عام 2008 ثمّ ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014. ويقول إن جزءًا من النخبة الأميركية الحاكمة يريد «إذلال روسيا» و«صفعها على وجهها».

غير أن الاتحاد الأوروبي يبدو أكثر تحفّظًا كما أنه منقسم. فقد أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا إلى أن السلام سيُبنى أيضًا مع روسيا وأن ذلك «لن يحصل من خلال رفض أو استبعاد بعضنا بعضًا، ولا حتى بالإذلال».

لا تتحدث الدول الغربية بصوت واحد. ويوضح إيفان كويشتش أن «ذلك يطرح أسئلة بشأن وحدة دول حلف الناتو عندما سنقترب من شكل من أشكال نهاية النزاع».

ولدى الولايات المتحدة بوضوح الطموحات الأكثر تطرّفًا. وكتبت صحيفة «غلوبل تايمز» في بكين أن واشنطن تريد إطالة أمد النزاع «لاستخلاص قيمة جيوسياسية منه». واتّهمت الصحيفة الصينية القومية الأميركيين «باستغلال الفوضى».

يعتبر كولين كلارك مدير الأبحاث في مركز صوفان ومقرّه نيويورك، أن واشنطن هي في صلب النزاع.
ويقول إن الغربيين يسلّمون كييف أسلحة بدون توقف فيما يثير الأوكرانيين «إعجاباً كبيرًا بكفاءتهم، ما يشير إلى التدريب والتعاون المستمرّ منذ سنوات».

لكنّه يؤكد أن من الجيّد الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تبدأ هذه الحرب. ويقول «في الأغلب، تساعد دول الناتو والولايات المتحدة دولة أوروبية صديقة وحليفة، في الدفاع عن وحدة أراضيها».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق