العمل الشريف أكرم

الثلاثاء، 24 مايو 2022 04:39 م
العمل الشريف أكرم
شيرين سيف الدين

 
معضلة العثور على مساعدات أو مساعدين مضمونين للعمل بالمنازل أصبحت مشكلة عامة تواجهها أسر كثيرة، ويكابد الكثيرون في رحلات عناء للبحث عن مساعدة فى المنزل أو جليس أو جليسة لأحد المسنين، وأصبح التوفيق في هذا الأمر شبه مستحيل، مما أدى إلى ظهور "بيزنيس" مكاتب الخدم التي توفر عاملات من جنسيات مختلفة تحصل على آلاف الجنيهات شهريا.
 
مع الأسف تتعرض الكثير من الأسر للنصب والاحتيال والسرقة في كثير من الأحيان، ناهيك عن خطط بعض تلك المكاتب في إرسال العاملة والحصول على عمولة بقيمة شهر من راتبها، وبعد قضاءها مدة شهرين إلى ثلاثة أشهر تبدأ في افتعال المشكلات أو التقصير في مهام عملها حتى تضطر الأسرة إلى اللجوء للمكتب مرة أخرى لاستبدالها، وبالتالي يحصل المكتب كل فترة على عمولة جديدة، وفي النهاية تكتشف أنها دائرة مفرغة حيث يتعامل المكتب بعدد محدود من العاملات يتناقلهم بين المنازل المختلفة، وحين تحاول الأسرة العثور على مساعدة منزل مصرية أمينة ومضمونة ومدربة تصبح المسألة كالبحث عن إبرة في كومة من القش.
 
في المقابل حين تسير في شوارع المحروسة تشاهد كم السيدات المتسولات والجالسات ببضاعة كالليمون والنعناع تشغل بهم الأرصفة وتكدر المارة والمتسوقين من المحلات المختلفة بطلبها المساعدة، بالإضافة لمن تصطحبهم من الأطفال وحين تتحدث مع إحداهن تدعي الفقر والعوز، وإذا اقترحت عليها العمل في أحد المنازل تتحجج بأنها قد تجد مضايقات وكأنها لا تقابل في الشارع جميع أنواع المضايقات!.
 
وفي حين أنها تقف بكامل صحتها ولديها القدرة على البقاء في عز البرد أو تحت اشعة الشمس الحارقة لساعات طويلة، إلا أنها لا ترغب في عمل شريف يفيد المجتمع، وذلك لأن التسول بالطبع ربحيته على ما يبدو أكبر وأسهل من العمل الحقيقي.
 
وهنا أود أن أسرد ما قصته علي العاملة المصرية التي تساعدني في المنزل كل فترة بأن أخيها متزوج من اثنتين وله من كل منهما سبعة أبناء، أي في المجمل أربعة عشر طفلا يستفيد منهم في مهنة التسول، فمنهم من تصطحبهم زوجتيه في رحلة التسول اليومية ومنهم من يقوم بتأجيرهم لأخريات، لذا فهو لا يتوقف عن الإنجاب باعتبارهم مصدر رزق سهل وسريع، وبالطبع فهو لا يعبأ بما يحمله للدولة ولدافعي الضرائب من أعباء.
 
ومن هنا أتوجه بفكرة قد تفيد الجميع أساسها هو أن تصبح هناك مكاتب حكومية خاصة بتوفير عمال المنازل وجلساء المسنين من الجنسين تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، بمشاركة وزارة الداخلية التي تتولى إصدار الأوراق الثبوتية وعمل إجراءات الفيش والتشبيه لهؤلاء العمال، مع إنشاء مراكز تدريب خاصة لمن يرغب بالعمل، على أن تكون لهؤلاء العمال حقوق وضمانات بحسن المعاملة من الأسر وضمان دفع رواتبهم في مواعيدها المحددة، وبالطبع وضع ضوابط لعملهم وتأمين الأسر ضد أي جرائم من قبلهم باعتبارهم معلومي الهوية وتحت رقابة الجهات الأمنية، ومن هنا تصبح المصلحة مشتركة لدى الجميع، فالأسر تستطيع الحصول بسهولة على احتياجها من العاملات أو العمال المضمونين عن طريق الجهات الحكومية، كما تُمكن الفكرة الدولة من توفير بدائل وفرص عمل للمحتاجين بشكل يضمن لهم حقوقهم وكرامتهم، ويقضي على حجة المتسولين بأن الفقر وعدم وجود فرص عمل هو السبب الرئيسي في تواجدهم في الشوارع، مما يحافظ على مظهر حضاري للشارع المصري يليق بالجمهورية الجديدة التي قضت على العشوائيات، حيث لا يصح أبدا أن تظهر بمظهر الدولة الفقيرة التي تترك نساءها وأطفالها يتسولون اللقمة في الطرقات وهو ما يستغله أهل الشر أيضا في حملاتهم السلبية الممنهجة ضد مصر، وجميعنا يعلم جيدا أن أغلب هؤلاء ليسوا بفقراء حقا وأنه حين يتم القبض على أي منهم يتم العثور معه على مبالغ مالية كبيرة ويتم الكشف عن أن بعضهم يمتلك بيوتا وسيارات.
 
ومن هنا أيضا ادعو المواطنين بأن يتحروا المتعففين وأن يبحثوا عن مستحقي الزكاة والصدقات وألا يستسهلوا مساعدة من لا يستحقون حتى ينالهم الجزاء الأكبر فعمل الخير يحتاج للجهد.
 
وأخيرا أتمنى أن يصل اقتراحي لأعضاء مجلس النواب الذين يعملون حاليا على وضع قوانين جديدة لمنع ظاهرة التسول المتفشية في شوارع مصر، ومن هنا سيحق للدولة القبض على أي متسول وعقابه بعد إبطال حجته بأنه لم يجد للرزق سبيلا، ولا أعتقد أبدا أن العمل الشريف مهما كانت نوعيته يقلل من شأن صاحبه فالمجتمع يحتاج للجميع وقد تصبح تلك الفكرة هي الملاذ الآمن للأسر التي تبحث عمن يساعدها في المنزل بأمان وأيضا ملاذا لمن يحتاج لفرصة عمل تناسب إمكانياته، وتعم الفائدة على المجتمع ككل.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق