لعنة السوشيال ميديا

الإثنين، 06 يونيو 2022 02:20 م
لعنة السوشيال ميديا
شيرين سيف الدين

 
أتذكر هنا مقولة أحمد مكي في مسلسل الكبير "يجطع النت عالنتيت عاللي بيتنتتوا عليه".
 
حقاً إنها اللعنة التي أصابت البشر وبالرغم من أن لوسائل التواصل الاجتماعي فوائد، إلا أنها مؤخرا تحولت لكارثة وسلاح نفسي فتاك قد يودي بحياة البعض بعد اغتيالهم معنويا أو ابتزازهم أو فضحهم على الملأ أمام العالم أجمع، والمصيبة الأكبر عندما يصبح مطلق الرصاصة هو الشخص نفسه الذي يجذبه سحر السوشيال ميديا فيجعل من حياته الخاصة مشاعاً للجميع، وينطلق دون تريث في نشر ما قد يضره ويدمر حياته لمجرد رغبته في المزيد من الإعجاب والتعليقات وإعادة النشر أو كما يقولون يرغب في "ركوب التريند" أملا في الشهرة التي قد تساعده في الحصول على المزيد من الأموال مستقبلا، وهو ما يحدث بالفعل مع البعض إلا أن البعض الآخر يكتشف أنه قد وقع في الفخ ولم يجني سوا الفضيحة ودمار حياته.
 
مع الأسف شاهدنا مؤخرا العديد من الكوارث الإنسانية بسبب التعامل الخاطئ مع وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن قام بعض عدماء الضمير باستخدام صور وجوه فتيات وسيدات واعادة تركيبها على أجساد أو مقاطع خادشه للحياء من أجل ابتزازهم أو فضحهم، وهناك من قام بتصوير أخريات بكاميرات الموبيل في اجتماعات خاصة واستباح نشر مقاطع فيديو لهن نكاية بهن، مما أدى إلى خراب بيوتهن ونسي أو تناسى أن الستار أمرنا بالستر، حتى وإن كانت صاحبة الفيديو مخطئة أو مذنبة إلا أن من قام بفضحها قد يكون عند الله أكبر ذنباً.
 
وعلى الجانب الآخر نجد من يقومون بتصوير حياتهم اليومية وتفاصيلها وأماكن نزهاتهم وأسرار بيوتهم دون مراعاة لمبدأ الحياء والستر، فالأبواب المغلقة وراءها الكثير مما لا يجب كشفه بتلك الطريقة القبيحة من أجل جني المال في ظل عالم مادي تحكمه المظاهر، وبعد أن أصبح الكثير من ضعاف النفوس والعقول يقيمون الأشخاص بأموالهم وبما يمتلكون ويركبون ويسكنون، دون اعتبار لمقاييس الأخلاق والاحترام والتربية والأصل الطيب، ما جعل البعض يلجأ لأية وسيلة للحصول على المزيد والمزيد من الأموال.
 
أما القطاع الذي أعتبره "الأغبى" فهو من يعشق فكرة النشر وإعادة النشر لمجرد التسلية ليجد نفسه فريسة للمتربصين والخبراء في تحويل المواقف البسيطة إلى تريند يصبح حديث الجماهير والبرامج والمواقع الإخبارية، فقد ينام شخص ويستيقظ ليجد نفسه أشهر مواطن في البلد وتصبح حياته مشاعاً لكل من هب ودب، ليبدي الجموع آراءهم في حياته الشخصية سواء بالنصيحة والمؤازرة أو السخرية التي قد تصل للإهانة والسباب والاتهامات السيئة وهي ردود الفعل الأغلب والأعم لمجتمع الكثيرين فيه نسوا أن الله نهانا عن إيذاء الغير، فالمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وجميع الأديان السماوية تدعونا لنفس المبدأ إلا أن الكثير مع الأسف يبرر لنفسه سوء الخلق.
 
ومن هنا وبعد الأحداث والمواقف والتريندات المتتالية أود أن أذكر الجميع وأذكر نفسي بالتروي في نشر أو إعادة نشر أو التعليق السلبي على مقاطع أو صور على مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها مجرد تسالي، في حين أنها في حقيقة الأمر خنجرا مسموما قد يودي بحياة إنسان أو يدمر أسرة، ويصبح الذنب في رقاب كل من ساهم في النشر والإيذاء إن لم يحاسب عليه في الدنيا، فسينتظره العقاب الأكبر في الآخرة.
 
وأتمنى أن ينصح الأهل أبناءهم وبناتهم ويوجهوهم لمخاطر هذا السلاح، وأن يتحرى من يستخدمه لجني المال الحلال، وأن لا يتبع مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
 
وأود أن أختم حديثي بقول الله تعالى في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم " قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) " صدق الله العظيم
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق