قيادات دينية لـ42 دولة يطلقون من القاهرة نداء لتفكيك الأفكار المتطرفة
السبت، 11 يونيو 2022 08:32 م
مفتى الجمهورية: المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب تعتمد على إيضاح الصورة الحقيقية وتفنيد شائعات الجماعات الإرهابية
من القاهرة، أطلق وفود من أكثر من 42 دولة يمثِّلون كبار القيادات الدينية والوزراء والشخصيات العامة وممثِّلي دُور الإفتاء على مستوى العالم، رسالة بان مصر ستظل حاملة لواء الإسلام والعروبة والمدافعة عن القيم والمؤتمنة على الشرع الشريف، داعين أيضاً إلى ضرورة تبني خطاب يرسخ للتعايش السلمي والتسامح ونبذ التطرف والإرهاب، وهو ما أكد عليه عبد اللطيف دريان مفتي لبنان لـ"صوت الامة" بقوله أن مصر من اوائل الدول التي تواجه الإرهاب، وتعمل على تفكيك الافكار المتطرفة.
الأسبوع الماضى استضافت القاهرة فعاليات مؤتمر دار الإفتاء العالمي الأول لمركز "سلام" لدراسات التطرف، تحت عنوان: "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية.. واستراتيجيات المواجهة"، وقال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أنه "كان واجبًا على أهل العلم والرأي والفكر؛ وأيضًا على مؤسسات صناعة الرأي وتشكيل الوعي، وبخاصة المؤسسات الأممية والدينية ومراكز الأبحاث - أن يكونوا جميعًا في أعلى درجات اليقظة والحيطة والاستعداد لمواجهة تلك التيارات الفكرية الإرهابية بكافة الوسائل العلمية والفكرية. ومن هذا المنطلق كانت فكرة تأسيس مركز سلام لدراسات التطرُّف، وكانت فكرة هذا المؤتمر العالمي المهم"، لافتاً إلى أن مركز سلام لدراسات التطرف والإرهاب، هو مركز عالمي علمي وطني متخصص في دراسات التطرف ومواجهة الإرهاب، وهو منبثق عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وهي المظلة الوحيدة والجامعة لكل دُور وهيئات الفتوى في العالم،
وأكد علام أن مركز سلام لدراسات التطرف أُسِّس بأقسامه المتعددة وأدواته المتنوعة ورسالته السامية كامتداد لرسالة الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية التي واجهت الإرهاب في كل مكان وعلى كل صعيد، وقدم أبناؤها- خيرُ أجناد الأرض- من الجيش والشرطة دماءَهم الزاكية وأرواحهم الطاهرة فداءً لهذا الوطن، وثمنًا لأمن الشعب المصري الأصيل، ولضمان مستقبل باهر للأجيال القادمة؛ مستقبل غير ملوث بأدران التطرف والإرهاب تنعم فيه الأجيال القادمة بالاستقرار والأمن والأمان.
ومن واقع الأوراق والكلمات التي قيلت في المؤتمر، فإن مركز سلام يعمل على تقديم مخرجات علميَّة مؤسسية متخصصة ورصينة ومتنوعة تسهم في دعم سياسات الدولة المصرية والعالم أجمع المتعلقة بمواجهة التطرف والإرهاب والمساهمة في تحقيق رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي في المواجهة الشاملة للتطرف والإرهاب، والعمل على تجديد الخطاب الديني، تلك الرؤية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتسهم بشكل فاعل في تحقيق الطفرة الحضارية الهائلة التي تشهدها مصر الحديثة.
وقال مفتي الجمهورية أن المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب في الداخل والخارج لها قيمتها الكبرى وأهميتها العظمى في إيضاح الصورة الحقيقية وتفنيد الشائعات والأخبار الكاذبة التي عملت عليها الجماعات الإرهابية ليل نهار.
من جانبه قال رئيس قسم المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب لدى مجلس الأمن السفير أحمد سيف الدولة: إن تنظيم مؤتمر لمكافحة التطرف في هذا التوقيت من شأنه معالجة مسألة شديدة الخطورة في وقت يعاني فيه العالم أجمع ويلات الإرهاب والفكر المتطرف، وأوصى بضرورة تكثيف الجهود الإعلامية لمكافحة الخطاب الإرهابي، بما في ذلك تكثيف جهود القيادات الدينية والمعنية، قائلا: "ينبغي تنمية الوعي العام لدى المجتمعات لعمل خطاب مضاد للإرهاب والتطرف، وينبغي أن يوسع الخطاب الإيجابي وتوفير المصداقية ومعالجة الرسائل المثيرة للعنف، ترسيخا للتعايش بين الشعوب والحضارات".
من جانبه، أكَّد مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان أنَّ التطرف يدور حول فكرة مركزية واحدة هي احتكار الرأي الذي يؤدي إلى الرفض ثم يؤدي إلى الإرهاب والتصفية الجسدية، كما أن الإعلام المتطرف يؤدي إلى إزكاء العداء بين دول العالم، فالإعلام المتطرف يحول القضايا المحلية إلى قضايا عالمية، فكل مشكلة تمس حياة إنسان ما في دولة ما سرعان ما تصير مشكلة عالمية، ودعا إلى إعادة النظر في المفاهيم التي فرضت ذاتها على واقع المسلمين وأدت إلى تأجيج الصراعات والنزاعات.
وقال الدكتور جيهانكير خان مدير مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، أن التفاعل بين الإرهاب والنزاع المسلح وخطر الانتشار الإقليمي يعد بمثابة تحدٍّ استراتيجي، بينما يظلُّ التطرف الإرهابي عبر الإنترنت وعمليات التجنيد والهجمات المستوحاة من داعش مصدرَ قلقٍ رئيسيًّا، مشدداً على أن القادة الدينيين يلعبون دورًا حاسمًا في ترسيخ القيم السلمية والإنسانية المتأصلة في معتقداتهم الدينية مباشرة في المجتمعات التي قد تتلقى في الوقت نفسه روايات معكوسة عن الكراهية والانقسام من الإرهابيين والمتطرفين العنيفين.
وقال الشيخ إبراهيم صالح الحسيني مفتي نيجيريا أن هناك من يريد إدخال الدين الإسلامي في أغراض شتى، وعلى ذلك يجب التعاون المثمر في العالم الإسلامي لمواجهة ذلك، وبغضِّ النظر عن نجاح مثل هذه المؤتمرات فإن اجتماع العلماء في حد ذاته يعد خطوة في إطار المودة والقربة، وهو نفس ما ذهب إليه الشيخ أحمد النور الحلو، مفتي تشاد الذى قال "إننا نواجه ظاهرة في غاية الخطورة على أمن وسلم المجتمعات كافة، وما نحن فيه الآن يختلف اختلافًا كبيرًا عن الزمن الماضي؛ لذا ينبغي على العلماء أن يواجهوا الأمر بكل وضوح"، موضحاً أنه "في أفريقيا لدينا أسماء كثيرة لتيارات التطرف، لكننا مطمئنون ما دام هذا البلد موجودًا بعلمائه والأزهر الشريف، سائلين الله التوفيق والسلام وأن يحفظ مصر حكومة وشعبًا".
وشهد المؤتمر افتتاح معرض "الشهيد" لنبذ العنف والتطرف، وهو معرض فنى يعمل فى الجامعات والمدارس والمراكز التجارية والدينية، ويعرض أهم شبهات التطرف والرد عليها باستخدام التقنيات الحديثة والجرافيك والفيديوهات القصيرة والشاشات الإلكترونية التفاعلية التي توصل المفاهيم الصحيحة بطريقة إبداعية مُبسَّطة وترسِّخ لثقافة التعايش ونبذ التطرف، ويقوم معرض الشهيد على تقديم رسالة واضحة تتمثَّل فى علاج التطرف، والوقاية منه، وتحصين وتأهيل جميع المواطنين للتعامل مع ظاهرة التطرف وتحدياتها المُختلفة، عبر تفنيد أطروحات المُتطرفين والرد عليها والتوعية بخطورة خطابهم ومقولاتهم، وتوصيل رسالة الوسطية والاعتدال والسلام التي تنادي بها الدولة المصرية.
من جانبه أكد الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ورئيس مركز سلام لمكافحة التطرف أن المؤتمر أعلن عن عدد من المشاريع والمبادرات المهمة، من بينها: موسوعة المرجع المصري لدراسات التطرف، إطلاق أكاديمية سلام، إطلاق تطبيق منارات الإلكتروني لمكافحة التطرف، إطلاق الذاكرة الرصدية للتطرف، فضلًا عن إصدارات متنوعة حول ظاهرة التطرف والإرهاب.