منصة حوار إفريقية بالقاهرة لوضع حلول للمشاكل الصحية

السبت، 11 يونيو 2022 08:31 م
منصة حوار إفريقية بالقاهرة لوضع حلول للمشاكل الصحية
أحمد سامى

الرئيس السيسى يطلق مبادرة لتقديم 30 مليون جرعة لقاح ضد كورونا للدول الإفريقية ويؤكد: القدرات المصرية متاحة لكل الأشقاء

أطلقت القاهرة الأسبوع الماضى المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي "صحة أفريقيا"، الذى تحول بمجرد الانطلاق إلى منصة حوار بين الدول الإفريقية لتبادل الخبرات فيما بينها، والتنسيق مع الشركات العالمية للمساعدة في وضع حلول للمشاكل الصحية على مستوى القارة الإفريقية.

منصة المعرض والمؤتمر الأفريقي الأول تضمنت 35 ألف شخص وأكثر من 350 شركة محلية وعالمية في مختلف المجالات الطبية، وأكثر من 800 متحدث من جميع أنحاء العالم، و280 محاضرة وجلسة علمية، 24 مؤتمرا علميا، 20 ورشة عمل، برامج علمية معتمدة للأطباء المتدربين من الدول الأفريقية ومصر ومنحهم شهادات تدريب معتمدة من كلية الجراحين الملكية بإنجلترا والجمعية الأفريقية للتعليم الطبي المستمر.

وجاء التحرك المصرى، في ظل الاهتمام الذى يوليه الرئيس السيسى بقضية التنمية في القارة الأفريقية، حيث تشير الأرقام إلى أن القارة السمراء موطنا لنحو 25% من الأمراض، والأكثر انتشارا للأمراض الوبائية والمعدية والأعلى في معدلات الوفاة إذ تستحوذ وحدها على نسبة 40 % من إجمالي الحالات عالميا، كما أنها تظل الأقل حظا في عدد الأطباء والأكثر عجزا بالمنشآت العلاجية والأشد خللا في سلاسل الإمدادات الطبية، وأنه رغم تحقيق العديد من دولها نموا اقتصاديا مذهلا إلا أن معظم دولها الناشئة لا تزال تواجه معوقات حالت دون تحقيق النمو الكافي الذي يمكنها من توفير رعاية صحية لائقة أو إقرار برامج تأمين صحية جيدة لمواطنيها.

وتشير التقديرات الدولية إلى أن إفريقيا تعاني بشدة كونها موطن أمراض يمكن منعها أو معالجتها كالسل "الدرن" الذى مازال يقتل على الأقل 500 ألف إنسان إفريقي كل عام، ويمكن تشخيصه وعلاجه بالإضافة إلى الملاريا، حيث أن 95% من مرضى الملاريا في العالم متواجدون في إفريقيا و96% من وفيات الملاريا في العالم أيضا في إفريقيا وهذا المرض يمكن الوقاية منه وعلاجه.

وفى تأكيد على الاهتمام المصرى بصحة الأشقاء الأفارقة أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، إطلاق مبادرة مصرية لتقديم 30 مليون جرعة لقاح ضد فيروس كورونا للأشقاء في الدول الإفريقية، بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقى، حيث أكد الرئيس السيسى إن القدرات المتواجدة في مصر متاحة للأشقاء، مشيرا إلى أنه يكن تقديرا واحتراما إنسانيا لكل من يعاني ليس فقط في إفريقيا بل في باقي الدول، وقال أنه بالإرادة والأمل سيكون هناك إنجاز، وأن قلة الموارد ليست عائقا لتحقيق الأهداف، مشيرا إلى أن أي هدف يحتاج إلى موازنات وأموال.

وضرب الرئيس السيسى خلال افتتاحه فعاليات المعرض والمؤتمر، مثالا بالتجربة المصرية لعلاج فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، وقال إنه تم الاستعانة بشركات أمريكية في التجربة المصرية، حيث تم التحدث معهم للمساهمة في توفير علاج فيروس "سي" بتكلفة مالية تستطيع مصر من خلالها الإنفاق على علاج ملايين المصابين، وأضاف إننا "وجدنا خلال تلك الفترة أن الدواء تبلغ تكلفته حوالي 10 آلاف دولار للفرد، وحصلنا عليه من الشركات بتكلفة أقل من ذلك بكثير "، معربا عن شكره لشركات الدواء التي ساهمت في ذلك.

ووجه الرئيس السيسى حديثه لشركات الأدوية وقال لهم إن "أفريقيا سوق واعد، يضم حوالي مليارا و350 مليون نسمة، وخلال حوالي 20 أو 30 سنة سيصبح 2.5 مليار نسمة "، مؤكدا أن إفريقيا سوق كبيرة لها مستقبل، وقال "المستقبل لأفريقيا حيث أن نسبة 60 إلى 65 % من سكانها شباب وأكثر من ذلك، وهي فرصة كبيرة"، مؤكدا أن مصر مستعدة للتعاون مع الدول الافريقية في المجالات كافة بما لديها من موارد وإمكانات، وقال "إن القدرات المتواجدة في مصر متاحة للأشقاء، وأن أعضاء الحكومة يعلمون جيدا مدى التقدير والاحترام الإنساني لكل من يعاني ليس فقط في إفريقيا بل في باقي دول العالم".

ونوه الرئيس السيسي بتجربة هيئة الشراء الموحد في مصر، وقال أنها "تجربة استفدنا منها كثيرا من خلال هيئة مسؤولة عن كل المستلزمات التي نشتريها من السوق الخارجي أو المحلي وتحديدا الأدوية، وقد استطعنا تحقيق ذلك في كل المجالات التي تستوردها الدولة، وهي تمكننا من توفير شروط أفضل لشراء المستلزمات سواء من الأدوية أو الأجهزة والمعدات من خلال عمل مؤسسي"، مؤكدا أنه "لو تمكنا من تحقيق ذلك على مستوى القارة الإفريقية سنكون في منطقة أخرى أفضل وأن تكلفة العلاج في القارة الإفريقية ستنخفض بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 50% من تكلفة شراء الأدوية وهذه تجربة مصر التي نعرضها عليكم"، وهنأ الرئيس السيسي حصول هيئة الدواء المصرية على "مستوى النضج الثالث" من منظمة الصحة العالمية ، متمنيا للهيئة التوفيق .

وشهد المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي الأول "صحة إفريقيا"، حضور البروفيسور هارفي جيمس أولتر العالم الأمريكي في الفيروسات والحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء والطب لعام 2020، ومكتشف فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، والذى وجه له الرئيس السيسى التحيه، مشيرا إلى مساهمته في إنهاء فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي في مصر.

وأكد البروفيسور هارفي جيمس أن مصر يجب أن تفتخر بالإنجاز العظيم، الذي حققته في مكافحة فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي، مؤكداً على "إن العمل الشامل الذي يبدأ من القيادة السياسية والمنظومة الصحية في مصر ومصانع الأدوية حقق هذا الإنجاز العظيم"، مشيراً إلى أنه على الرغم من الإمكانيات المادية الضخمة لدى الولايات المتحدة إلا أنها لم تقم بحملة لمكافحة هذا الفيروس، مشيرا إلى أن الأمل قد تجدد بالخبرة التي حققتها مصر في هذا الأمر وإمكانية نقل تجربتها من دولة إلى أخرى لمكافحة فيروس سي.

مبادرة الرئيس السيسى لدعم الاشقاء الأفارقة، لاقت ترحيباً كبيراً من حضور المعرض والمؤتمر، حيث عبر توادروس أدهانوم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن شكره للقيادة المصرية لتفاعلها مع الحركة العالمية تجاه العلاج والتشخيص والرعاية الصحية والقضاء على الالتهاب الكبد الوبائي، وقال "إن هذا المرض أصاب أكثر من مليون و100 ألف شخص ويعيش الملايين من الناس بالتهاب الكبد الوبائي وقد تم عمل الكثير لخفض معدلات الكبد الوبائي (سي) و(بي) أيضا في أفريقيا، وهذا يعني أننا نحرز تقدما في خفض سرطانات الكبد والتليف الكبدي، إلا أن العديد من البلدان والأقاليم ما زالت ليس لديها إمكانية الوصول إلى هذا العلاج".

وعبر أدهانوم عن تطلعه إلى هذا اليوم الذي تقوم فيه منظمة الصحة العالمية بالوصول إلى نفس الدرجات التي وصلت إليها مصر في مكافحة التهاب الكبد الوبائي (سي)، مضيفا "وبمساعدتكم يمكننا أن نصل لذلك..أ حييكم على النجاح في مسعاكم وأشكركم".

وقال نائب رئيس زيمبابوي ووزير الصحة الدكتور كونستانتينو شيونجا، إننا "في إفريقيا نحتاج إلى المساندة من أجل بناء القطاع الصحي في القارة، وأن جائحة كورونا التي واجهناها جميعا أعطتنا درسا كبيرا جدا للتعلم منها"، مضيفاً: أننا نحتاج أن نتعلم من خلال وجودنا هنا كيف كانت خبرة مصر وكيف تمكنت من التعامل مع الأمراض التي تأتي مع المياه وكيف تمكنت معالجة هذه الإشكاليات.

من جانبها، قالت وزيرة الدولة للصحة في أوغندا حنيفة بنجرانا، وأضافت: "إننا هنا من أجل أن نضمن استدامة الخدمات الصحية، ونحتاج أن نستعيد القوة لبناء المرونة في أنظمة الرعاية الصحية وألا ننسى اقتصاديات بلادنا التي تأثرت وتباطأت"، منبهة إلى أن أفريقيا تحتاج أن توازن جهود مواردها، وقالت "نريد الأمان لشعوبنا ولممتلكاتنا، ولا يمكن أن نعيش بأمان بدون الاهتمام بالموارد".

وقال مساعد مدير عام منظمة الصحة العالمية لإتاحة الأدوية والمنتجات الصحية ماريا انجلا سيماو، أن مصر قامت بجهود ريادية في مجال تصنيع الدواء واللقاحات، حيث يمكنها إلى جانب 5 دول إفريقية أخرى تعزيز ونقل تكنولوجيا تصنيع اللقاحات.

وأكد المدير العام لشركة "فارماكسيل" د. رافي باشكار، أهمية التنسيق بين الحكومات والشركات المصعنة للأدوية من أجل خدمة المنظومة الصحية، وقال إن الهند كانت دولة تستورد في الثمانينات والآن أصبحت دولة مصدرة للأدوية بأكثر من 50 مليار دولار في هذا المجال، مضيفا: إن هذا الأمر تحقق بقرارات وسياسيات استراتيجية من الحكومة، مشيرا إلى أن الحكومة الهندية قامت بمساندة المجال الصناعي لإنتاج الأمصال مع المعاهد الوطنية وذلك خلال فترة الجائحة، مؤكدا أهمية التنسيق بين الهيئات المختلفة.

وشهد المعرض والؤتمر عرضاً لبعض نماذج التجربة المصرية في مجال الصحة، حيث أعرب مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية الدكتور محمد عوض تاج الدين عن شكره وتقديره للرئيس السيسي؛ لما شهدته مصر من إنجازات خلال الفترة الماضية في مجال الرعاية الصحية، وقال إن "ما شهدناه من إنجازات في قطاع الرعاية الصحية لم يحدث في تاريخ مصر، فنحن عشنا فترات طويلة نشهد مشاكل القطاع الصحي التي كانت لا تنتهي.. وما حدث في مصر أثناء أزمة كورونا ثم ما تبعها من أزمة روسيا وأوكرانيا ثم المشاكل المتوقعة القادمة يدل على فكر صائب وثاقب وعلى إرادة فولاذية سياسية لم تحدث في دعم القطاع الصحي بمصر".

كما تم استعراض حزمة المبادرات الصحية الرئاسية التي أطلقها الرئيس السيسى لتعزيز صحة المصريين من كافة الفئات العمرية والاكتشاف المبكر للإصابة بالأمراض المزمنة، بما يسهم في تأمين الشخص وأسرته من الإصابة المرضية، وتسريع وتيرة تنفيذ المشروع، وهو ما أحدث طفرة في الملف الصحي لتغيير واقع المصريين إلى حياة صحية أفضل ليتمتعوا بمستوى متميز من الخدمات الصحية وفق أحدث المعايير والإرشادات والبروتوكولات العلاجية المعتمدة دوليًا، بما يحسن من مستوى الصحة العامة للمصريين وبلوغ أهدافها فى الغايات الأخرى وفقًا لرؤية مصر للتنمية الشاملة المستدامة 2030.

ويحظى القطاع الصحى بدعم سياسى كبير، حيث بلغت مخصصات قطاع الصحة 310 مليارات جنيه بموازنة عام 2022/2023 فيما بلغ حجم إنفاق الدولة على القطاع 128.1 مليار جنيه بمشروع موازنة 2022/2023، كما بلغ حجم إنفاق الدولة على قطاع الصحة 108.8 مليار جنيه في موازنة 2021/2022، مقارنة بـ 107.4مليار جنيه عام 2020/2021، و87.1 مليار جنيه عام 2019/2020، و73.1 مليار جنيه عام 2018/2019، و60.8 مليار جنيه عام 2017/2018، و54.1 مليار جنيه عام 2016/2017، و43.9 مليار جنيه عام 2015/ 2016، و37.2 مليار جنيه عام 2014/2015 .

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق