تمجيد الغزاة

الأحد، 19 يونيو 2022 05:31 م
تمجيد الغزاة
ياسر الهوارى يكتب:

هل يمكن تصور وجود شارع في باريس يحمل اسم هتلر؟!.. أعتقد أنه تصور مستحيل، ولا يمكن بحال أن يطرح احدهم الأمر علي بلدية باريس، والا كان مصيره مصحة للأمراض العقلية فوراً. كرامة الفرنسيين ستأبي عليهم قطعاً قبول من يطرح الأمر، لكن وللأسف الشديد قبل المصريين على أنفسهم إطلاق أسماء المحتلين علي شوارعهم، من قمبيز و قورش إلي سليم الأول، إلى أصاغر المتعاونين مع المحتلين أمثال عمر باشا لطفي والشيخ حمزة فتح الله، وبقية المتعاونين مع الاحتلال البريطانى.
 
تزخر شوارع مدن مصر بتلك الظاهرة العجيبة ولن أبالغ اذا قلت إن العدد بالمئات، ولست أدري ما الذي دار بخلد مسؤول المحافظة وهو يطلق تلك الأسماء، وبأمر من؟..وبموافقة من؟.. أسئلة مشروعة نطلقها وننتظر إجابة، فعلى سبيل المثال قمبيز كان أحد المحتلين الفرس لمصر وارتكب جرائم في حق المصريين بقتل 2000 مصري في منف وحدها عقب دخولها، كما هدم معابد هليوبوليس وأخرج جثة أحمس الثاني وامر بحرقها، ونكل بالمصريين طوال سنوات حكمه البغيض ما يحتاج سرده إلى مجلدات.
 
كما أن سليم الأول الملقب بالسفاح يوم دخوله المشئوم القاهرة، أطلق العنان لجنوده وارتكب مذبحة يقدر عدد ضحاياها في يوم واحد بعشرة الاف مصري ذبحاً وطعناً، ونهبت المحال التجارية والبيوت وتم سبي المصريات واغتصابهن علي أيدي الجنود العثمانية، ونزع الكنوز من مباني القاهرة ونقلها مع أصحاب الحرف قسراً إلي اسطنبول، ويذكر المؤرخين هتاف المصريون الشهير "يا رب يا متجلي،أهلك العثمانلي"، كإشارة على مدى كراهية المصريين للاحتلال العثماني الذي ظل جاثماً على أنفاس المصريين قرونًا تدفع فيه مصر الخراج إلى حاكم الدولة العثمانية من الأراضي التركية من أرزاق المصريون وقوت يومهم غصبًا.
 
أما عمر باشا لطفي فكان أحد المتعاونين مع الاحتلال الإنجليزي لمصر، وكان محافظ الإسكندرية وقت وقوع المذبحة الشهيرة ووقت ضرب الإسكندرية وتمت مكافأة الباشا بأن اصبح أول وزير الجهادية والبحرية (الدفاع) بعد الإحتلال مباشرة، والشيخ حمزة فتح الله له كتابات منشورة في مذكرات الزعيم أحمد عرابي يطمئن فيها المصريون أن الانجليز ما أتوا إلا للخير و للقضاء على العصاة وأنهم راحلون فور تسليم السلطة للجناب الخديوي(توفيق).
 
ما سبق امثلة غير حصرية لجريمة في حق المصريين بإطلاق أسماء المحتلين على شوارعهم و تخليد أسماء من استباحوا الوطن وأهله، فإذا كانت طبائع الأمور الإنتصارات والهزائم، فكيف نخلد الهزائم ونحتفي بمن انتصر علينا وحكم بلادنا قهراً؟.. وكيف يمكن أن نستبدل أعظم ملوك الأرض في عصره تحتمس الثالث، محتل غاصب سفاح كسليم الأول؟.. وكيف يمكن أن نستبدل محمد أفندي عبيد الضابط الهمام المقاتل للمحتل والمضحي بدمه فداء للوطن أمام الانجليز بالشيخ حمزة وعمر باشا لطفي أعوان الاحتلال؟!.
 
وكيف نطلب من أبنائنا البذل والعطاء من أجل الوطن وتعلم قيم الوطنية والانتماء، ونحن نجبرهم على كتابة أسماء المحتلين في عنوانهم الرسمي، تلك مسألة خطيرة لا اعرف من المسؤول عنها، ولكني اطلب أن يتم التعامل معها من حيث أنها قضية أمن قومي.. نداء إلى كل مسؤول غيور على وطنه زيلوا أسماء المحتلين واكفونا تجرع العار كل يوم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق