يوسف أيوب يكتب: 30 يونيو والحوار الوطنى.. ثوابت رئيسية للحفاظ على الأمن القومي المصري

السبت، 02 يوليو 2022 07:49 م
يوسف أيوب يكتب: 30 يونيو والحوار الوطنى.. ثوابت رئيسية للحفاظ على الأمن القومي المصري

القاعدة الأساسية التي بنيت عليها ثورة 30 يونيو 2013 هي إن الأمن القومى المصري مسئولية جماعية تشترك فيها الدولة والمواطن، لذلك حينما رأى المصريين أن البلد مختطفة من جماعة تريد تحويل مصر من دولة قائدة في محيطها الإقليمي إلى "تابع"، انتفض الشعب على هذه الجماعة، وعمل على تحويل مسار الدولة وإعادتها إلى الطريق الصحيح.

في العلوم السياسية، فإن مفهوم الثورة من المفاهيم غير المتفق عليها، وإن كان الراجح إنها تعبير عن حركة، قد تكون سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، أو تمزج بين هذا كله، يقوم بها الشعب ضد وضع معين قصد إحداث تغيير، وإذا نظرنا إلى 30 يونيو سنجد إنها ثورة بكافة المفاهيم السياسية، لأنها كانت حركة شعبية استهدفت تغيير نظام عابث، أراد أن يعيد الدولة إلى عصور الجهل، ويقضى على كل المكونات المدنية والحضارية التي بنيت عليها الدولة، فما حدث في 30 يونيو هو تغيير كامل لنظام فاشل وفاسد، واستبداله بنظام وطنى جديد يفكر للمستقبل ويبنى دولة جديدة.

ومن هذا المفهوم انطلقت الإرادة الشعبية في 30 يونيو، بعدما تلاحمت مع مؤسسات الدولة لاستعادة ملامح الأمن والاستقرار، والعمل على إحداث التنمية التي كانت مفقودة، وإن يكون ذلك وفق خطة واستراتيجية واضحة المعالم، وبدأت الدولة المصرية في إحداث النقلة النوعية التي كان يحلم بها المصريين، وزاد من وتيرة التنفيذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الرئاسة في يونيو 2014، فمنذ هذا التاريخ، تأكد للجميع، مصريين وعرب وغيرهم، أن مصر لديها قيادة سياسية وطنية تتفهم تماما معنى الأمن القومى، ونجحت في الربط بوعى وحرفية بين قطار التنمية المتسارع والذى يشمل ربوع الجمهورية،  وبين متطلبات الأمن القومي، خاصة على مستوى الاتجاهات الاستراتيجية شرقا وغربا، وهى الرؤية التي تواصل الدولة السير عليها لتقوية مقدرات القوة الشاملة للدولة، والتي تستهدف تدشين جمهورية جديدة، قوامها الاساسى التنمية، وعمودها الرئيسى هو بناء الإنسان المصرى.

وفكرة بناء الإنسان المصرى متعددة الملامح والاتجاهات، بينها المتعلق بالتعليم وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنيين، بما يشمل حياة كريمة لكل المصريين، ووصولاً إلى المشاركة الشعبية في إدارة وصياغة القرار الوطنى.

ويعد "الحوار الوطنى" الذى دعا إليه الرئيس السيسى خلال إفطار الأسرة المصرية يوم 26 إبريل الماضى، أحد معالم الاتجاهات الاستراتيجية للدولة المصرية وفق رؤية "الجمهورية الجديدة" التي دشنها الرئيس السيسى، وهى رؤية تعتمد على قناعة راسخة لدى القيادة السياسية إن الأمن القومي هو مسئولية جماعية لكافة المصريين، وإن المستقبل يتطلب مشاركة جماعية في صياغته، للوصول إلى أتفاق عام في كافة القضايا، وهو أحد الأهداف الرئيسية لثورة 30 يونيو، التي كانت الراية التي جمعت كل المصريين تحتها، وها هي هذه الرؤية تعود اليوم في ظل راية الحوار الذى يتسع للجميع، ووفق شعار صاغه الرئيس بدقة شديدة وهو " الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية".

والأسبوع الماضى، اكتملت الأركان الرئيسية للحوار الوطنى الشامل، بالإعلان عن أعضاء مجلس أمناء الحوار، والذى ضم أحمد الشرقاوي عضو مجلس النواب، وأميرة صابر عضو مجلس النواب، وجمال الكشكي، رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي، والدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعي الأسبق وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، والدكتورة ريهام باهي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، وسمير مرقص الباحث والكاتب السياسي، والدكتور طلعت عبد القوي عضو مجلس النواب ورئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، عبدالعظيم حماد الكاتب الصحفي، وعماد الدين حسين عضو مجلس الشيوخ والكاتب الصحفي، والدكتور عمرو هاشم ربيع نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، والدكتورة فاطمة السيد أحمد الكاتبة الصحفية، والدكتورة فاطمة خفاجي منسقة الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي، وكمال زايد رجل الأعمال، والدكتورة مايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة، محمد سلماوي الأديب والكاتب الصحفي، والدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، والدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة، ونجاد البرعي المحامي الحقوقي، والدكتور هاني سري الدين أستاذ القانون التجاري والبحري بجامعة القاهرة.

وسبق هه الخطوة، إعلان إدارة الحوار الوطنى عن اختيار ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، منسقاً عاماً للحوار الوطنى، والمستشار محمود فوزى الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رئيسا للأمانة الفنية للحوار الوطنى.

وقد حظى الإعلان عن أعضاء عضاء أعهضمجلس أمناء الحوار الوطني ومن قبله المنسق العام ورئيس الأمانة الفنية، بتوافق سياسى وحزبى كبير، كون هذه الاختيارات ضمت ممثلين من كافة الأطياف، وتعبر بشكل حقيقي وجاد عن التنوع السياسي للقوى الديمقراطية المصرية، حيث ترى الأحزاب إن الفترة المقبلة تحتاج إلى التعاون والتكاتف من أجل تحقيق المنشود من هذا الحوار الوطني الذي يأتي مع انطلاق الجمهورية الجديدة، مؤكدين أهمية خروج الحوار بتوصيات يتم وضع خطة وجدول زمني لتنفيذها سواء التوصيات الخاصة بالشأن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.

واذا تحدثنا عن الحوار الوطنى الذى ستنطلق أولى جلساته رسمياً في الأسبوع الأول من يوليو، فيمكن القول أن له أهمية كبيرة، كونه يعد من وجهة نظرى تكملة لثورة 30 يونيو التي استهدفت في الأساس حماية وصون الامن القومى المصرى، وبالتالي المحافظة على الأمن القومى العربى، فالمؤكد لدى الجميع أنه لا يمكن الحديث عن قدرة الدولة على مواجهة المخاطر التي تواجهها سواء داخلياً أو خارجياً، دون أن تكون هناك ركيزة داخلية تستند عليها في مواجهة التحديات والمهددات، فما أكثر التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن، والتي تتزايد يوماً وراء الأخر، بسبب التقلبات الدولية المتتابعة، سواء بالأزمات الطبيعية مثل جائحة كورونا، أو بسبب الصراعات السياسية الدولية وخير مثال عليها، الأزمة الروسية الأوكرانية، فضلاً عن أزمات أقليمية بكل تأكيد لها تداعيات على الأقليم بأكمله ومن ضمنه مصر.

لذلك فإن الرؤية المستقرة لدى القيادة السياسية، أن مصر وهى تدخل جمهوريتها الجديدة بحاجة لجبهة داخلية قوية ومتماسكة، وقادرة على التصدي لكافة التحديات، ورغم تمتع مصر بقوة جبتها الداخلية منذ 30 يونيو، الا إن القيادة السياسية وهى تؤمن بالحوار، فإنها تستهدف مزيد من التقوية.

وليس خافياً على أحد أن الرئيس السيسى منذ أن تسلم الحكم في 2014 وهو يسير وفق منهج "المصارحة والمكاشفة" مع كل المصريين، لإنه يعتبرهم شركاء في الحكم، لذلك يجب أن يكون على إطلاع دائم بكافة التفاصيل، سواء المتعلقة بالتحديات التي تواجه الدولة، أو المعلومات المرتبطة بتحركات الدولة، والمشروعات التي يتم تنفيذها، وهى استراتيجية استغربها البعض في البداية، لكنهم تأكدوا مع مرور الأيام إنها نجحت في تمتين الجبهة الداخلية، خاصة في جانب رفع الوعى الشعبى تجاه العديد من القضايا والأزمات الداخلية والإقليمية والدولية، مما كان له شديد الأثر في التصدي لحروب الشائعات التي حاولت استهداف مصر منذ 2014 وحتى اليوم.

ورأينا جميعاً وتابعنا كيف عبرت مصر من أكبر خطر كان يواجهها وهو خطر الإرهاب، فالهدف الأساسي للإرهاب كان إحداث الوقيعة بين الشعب ومؤسسات الدولة، وضرب الثقة بين الجانبين، لكن بفضل المكاشفة والمصارحة التي سار عليها الرئيس السيسى منذ البداية، نجحت الدولة في التصدي للإرهاب ومن يقفون خلفه.

وأمامنا مثال أخر، وهو قرارات الإصلاح الاقتصادي التي تم تطبيقها بداية من 2016، فقد كان رهان البعض على إن يكون هناك تصدى شعبى لهذه القرارات، خاصة إنها ستؤثر سلباً على المواطن اقتصادياً، لكن المصريين تحملوا فاتورة الإصلاح الاقتصادي ولا زالوا يتحملون. حدث ذلك لإن المصريين كانوا على إطلاع مباشر بكافة تفاصيل الوضع الاقتصادي، ولم يكونوا مغيبين كما كان يحدث في الماضي.

لذلك يمكن القول إن الأساس الذى بنيت عليه 30 يونيو، وما تبع ذلك من اتباع الرئيس السيسي لسياسة "المكاشفة والمصارحة"، هما من أوصلونا إلى مرحلة الحوار الوطنى الشامل، الذى يأتي استاقاً مع رؤية الرئيس في إن الجمهورية الجديدة تتسع للجميع.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة