يوسف أيوب يكتب: فات الميعاد.. الرفض الشعبي الكامل يهدم أركان أوهام الجماعة الإرهابية

السبت، 06 أغسطس 2022 09:00 م
يوسف أيوب يكتب: فات الميعاد.. الرفض الشعبي الكامل يهدم أركان أوهام الجماعة الإرهابية

شتان الفارق ما بين الوهم والخيال، الأول مرض، والثانى عرض لعقل يسبح في المستقبل باحثاً عن نقطة يأمل في الوصول إليها بناء على معطيات يراها صاحب العقل أنها قد تفيده أو تساعده في الوصول إلى هدفه المراد.
 
الخيال مشروع في كل شيء، لأنه قوة عقلية مبدعة تتجاوز المألوف في التفكير برسم صورة للمستقبل، مستندة على الواقع الحاضر، وبدون خيال لن تنطلق إلى المستقبل، وستظل كما كنت في ذات النقطة الواقف عليها.
 
أما الوهم فهو أفكار أو بمعنى أدق خرافات يعتقد الشخص أنها صحيحة، رغم أن كل الوقائع من حوله تنفى وجودها، ولا تقر بصحتها ولو بنسبة أقل من 1%، حتى أن هذه الخرافات لا يمكن أن تتحول إلى واقع قابل للتحقق، لأنها تجاوزت الواقع بمراحل، أو مبنية على أسس لا وجود لها.
 
وبالحديث عن الوهم، وكما هو ثابت علمياً فأنه مرض شديد الوطأة على صاحبه، يصل به في مراحل متقدمة إلى مرحلة الجنون، والوهم أنواعه كثيرة، وما يعنينا هنا الوهم السياسي الذي في اعتقادي أنه أخطر أنواع الأوهام.
 
نعم هو الأخطر لأنه يعود إلى غياب الخيال الواقعي، ويصل إلى درجة التفكير خارج حدود الممكن والمتاح، بل يصل بصاحبه إلى مرحلة "الشطط" وهنا يصبح هذا الوهم قاتلاً لصاحبه ولكل من يعتبر نفسه عضواً في دائرة الموهوم سياسياً.
 
في التاريخ أمثلة كثيرة عن أشخاص قتلوا أنفسهم ومن حولهم بالوهم السياسى، لكن الحاضر ملئ بالكثير من النماذج والأمثلة الشاخصة أمامنا. والمثال القريب منا هو جماعة الإخوان الإرهابية، التي أصيبت بعد 2011 بداء الوهم السياسى، بعدما اعتقدت أنها قادرة على امتلاك السلطة والاحتفاظ بها إذا ما امتلكتها إلى ما لا نهاية، لأنها تحتكر القوة ومعها تسيطر على الشارع والسياسة وكل شيء.
 
داء الوهم الذى أصاب الجماعة، أو ما يمكن وصفه بداء "القوة الواهمة" دفعهم إلى ارتكاب حماقات لم يأتي بها أحد من قبل، ولم يكلفوا أنفسهم بالعودة إلى التاريخ الذى به الكثير من العبر والدروس، لكن كيف يعودوا للتاريخ وهم لا يعترفوا الا بأنفسهم.
 
تملك الوهم الجماعة بكل مفاصلها ولم يعودوا يرون الا أنفسهم، أما غيرهم فلا وجود له في قاموس الجماعة، حتى حينما خرج المصريين بالملايين إلى الشارع مطالبين بإنهاء حكم الفاشية الدينية الإخوانية، لم يحاول قيادات الجماعة علاج أنفسهم من داء الوهم أو القوة الواهمة، بل استفحل المرض إلى درجة أنهم كانوا يتخيلون أموراً لم تحدث، مثل تلك القصص والروايات التي كانت تخرج على لسان قيادات الجماعة في اعتصام رابعة المسلح. 
 
قال الشعب كلمته، وخرجت الجماعة من الحكم، لكن المرض لازال كامناً بجسدها، ولم تبرأ منه حتى اليوم، رغم أن الواقع تجاوزهم بكثير جداً، لكنهم لازالوا يتوهمون أنهم الجماعة المنظمة القادرة على العودة مرة أخرى.
 
تجاوزتهم تحالفات إقليمية كانت في السابق الداعم والسند للجماعة، لكنها اليوم عادت لرشدها، وأيقنت أنها ليست قادرة على مواصلة سياسة مخاصمة ومعاندة الإرادة المصرية.
 
تجاوزتهم الإرادة الشعبية المصرية التي أيقنت إن الجماعة الإرهابية أصبحت جزء من التاريخ، لكنها لن تكون أبدا المستقبل.
 
جزء من الوهم السياسى ما يحاول قيادات الجماعة الإرهابية في الخارج ترديده عبر وسائل إعلام غربية، من تصريحات يحاولون من خلالها توصيل رسائل معينة، على شاكلة أنهم لا يخوضون صراعاً جديداً على السلطة، وأنهم مستعدين للدخول في حوار، في إشارة إلى الحوار الوطنى الذى أنطلق في مصر.
 
يردد أعضاء الجماعة الإرهابية هذه الاقوال على أمل أن يكونوا جزء من الحور الوطنى، او على الأقل القول انهم لازالوا موجودين ولهم صوت، رغم يقينهم أنهم باتوا "ماشى"، ولا وجود لهم في الحاضر ولا المستقبل، وهذا ليس فقط قرار الدولة وإنما قرار الشعب المصرى بأكمله، وعبرت عنه القوى السياسية التي قالت إنه لا حوار مع إرهابيين، او كما قال ضياء رشوان، منسق عام الحوار الوطنى، بإن من حمل السلاح ليس من بين المقرر مشاركتهم في الحوار الوطنى، وأن كل المصريين مدعوين للمشاركة في الحوار الا من مارس العنف والقتل أو شارك فيه أو حرض عليه أو هدد به، وكذلك كل من يخالف الدستور، مؤكداً "نحن في حوار ولسنا في معركة للقتل أو تصفية جسدية، فالقتل تم مع مئات بل آلاف مع فئات هذا الشعب سواء مواطنين أو ضباط جيش أو شرطة واغتيال النائب العام هشام بركات ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق مثال، فمن يقتل لا يتحاور، ولابد من تطبيق القانون والعقوبة على كل شخص.. ولن يتحاور أحد مع القتلة وفى مقدمتهم الإخوان".
 
هذا هو القرار المصرى النهائي الذى تدركه الجماعة الإرهابية جيداً، لكنها وهى تعيش في الوهم تحاول أن تلعب بكافة الطرق، حتى من خلال المناورات الإعلامية التي يجيدها الإرهابي إبراهيم منير، الذى خرج مؤخراً بتصريح قال فيه أن الجماعة ترفض العنف.
 
ما قاله منير وغيره من الإخوان الإرهابيين هو أصدق تعبير عن الوهم الذي يسيطر على عقولهم، فمنذ تأسيس الجماعة في 1928 وحتى اليوم، وهي تتخذ من العنف منهجاً لتحقيق أهدافهم ورغباتهم الخاصة، وظهر هذا المنهج امام ليس فقط كل المصريين وإنما العالم اجمع في اعقاب ثورة 30 يونيو 2013، حينما واجهوا جموع المصريين الرافضين للجماعة الإرهابية بالرصاص والقتل والدمار والتخريب، ورغم ذلك يخرج منير ورفاقه ويدعون كذباً أنهم يرفضون العنف، وكأن أيديهم الملطخة بدماء الأبرياء، وما اقترفوه من إرهاب، ليس عنفاً.
 
من الواضح أن للعنف معنى أخر لدى الجماعة الإرهابية بخلاف المتعارف عليه، معنى يتناسب مع أفكارهم التدميرية والتخريبية التي اعتادوا عليها منذ نشأت الجماعة في العشرينيات. مفهوم أيضاً يتناسق مع اوهامهم التي لا حدود لها.
 
المؤكد أن أوهام الإرهابيين لن تتوقف، لكننا في المقابل لسنا مطالبين بالتعامل معها، لأن الواقع تجاوزهم بمراحل كثيرة، وهم لا يدركون ذلك، بل لا يدركون أنهم باتوا ملفوظين ليس فقط من المصريين، وإنما حتى من الدول التي تأويهم، بعد أتضح لهم كذب وادعاءات الجماعة الإرهابية، التي أدمن أعضاءها الكذب ليحصلوا على مزيد من الأموال، وكأنهم أصحاب مشروع أو رسالة، ومع مرور الوقت تأكد للجميع أن رسالة الإخوان هي الكذب والتضليل والسرقة، وانهم لن يتخلوا عن هذه الرسالة مهما حدث، لأنهم لا يملكون غيرها، وبدونها لن تستطيع الجماعة ان تبقى على الورق، لتظل الأموال تتدفق على حسابات قيادات الإخوان البنكية في الخارج.
 
ومع استمرار هذه الأوهام، تبقى الرسالة الوحيدة التي يمكن أن تقال لهم "فات الميعاد".
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق