قوتنا الناعمة التي خرجت ولم تعد

الإثنين، 22 أغسطس 2022 04:46 م
قوتنا الناعمة التي خرجت ولم تعد
ياسر الهوارى

 
 
يفتخر الانجليز دائما أن لغتهم هي اللغة الأولى في العالم، يفهمها اكثر شعوب الأرض، وعند الحاجة للتفاهم بين اشخاص متحدثين بأكثر من لغة يكون الاحتكام للإنجليزية الحل الأمثل، وتلك القوة الناعمة الأولى لإمبراطورية عظمي غربت شمس قوتها الغاشمة، ولم تغرب شمس قوتها الناعمة.
 
تحتل اللهجة المصرية مكانة اللغة الانجليزية في محيطها العربي، ويفتخر المصريين دائماً بكونهم الشعب الأكثر تأثيراً في محيطه الأقليمي، وذلك النفوذ الشعبي سببه الرئيس انتشار اللهجة المصرية واستحباب الناطقين بلغة الضاد التحدث بها، والاستئناس بمفرداتها، وسبب انتشار اللهجة المصرية متعدد، يمتد إلى تأثير البعثات التعليمية والطبية إلى جوارنا العربي وهذا مصدر فخرنا الأول، وإلى تأثير الأدب والفن والبعثات التعليمية التي تأتي إلى مدارس وجامعات مصر.
 
حديثي اليوم يتركز حول كارثة خروج ما يقرب من 3000 عمل فني مصر إلى خارج الحدود المصرية دون مراعاة للبعد الخطير المتمثل في حرمان الناطقين باللغة العربية من معظم تلك الثروة المهمة وتدوير ما لا يزيد عن 200 او ما يزيد عنها بالكاد تكرارًا يصيب المهتمين بالمشاهدة بالملل الشديد والانصراف الي غيرها، وإهمال الآلاف المؤلفة من الافلام المصرية بلا سبب مفهوم او واضح، بالإضافة إلى البعد الخطر المتمثل في فقدان تميز اللهجة المصرية وانتشارها بعد استحواذها علي قلوب وعقول العرب في أرض العرب او خارجها. لمصلحة من ان لا يكون هناك قناة مصرية تملك حق عرض التراث السينمائي المصري بجودة عالية، وكما صنعها أصحابها دون وجود مقص الرقيب الخليجي تبعاً وتصوراته على القنوات الخليجية المالكة لحق عرض افلام السينما المصرية دون غيرها أو بموافقتها.. 
 
قوة مصر الناعمة المتمثلة في تأثير الفن المصري تتعرض لانتهاك شديد تحت سمع وبصر المصريين.
 
هل نطمح أن يتحرك رجال أعمال وطنيون غيورون على التراث المصري لإنشاء قناة مصرية على مستوى ينافس القنوات الخليجية المستحوذة على الافلام المصرية واستعادة الافلام بالتفاوض مع الشركات المحتكرة للفن المصري، وترميم الأفلام بشكل لائق باستخدام تقنيات العصر وعرض الأفلام كما صنعها أصحابها بلا حذف مع وضع تصنيف للمشاهدة حسب العمر كما هو الحال مع الأفلام العالمية.
 
هل نطمح في أن يتحرك مسؤولو وزارة الثقافة لبحث تلك القضية التي تمس صلب الثقافة المصرية وتضربها في مقتل؟.
 
هل نطمح أن تتحرك الاجهزة الرقابية للبحث عن كيف خرج التراث السينمائي المصري خارج حدود الوطن؟.. هناك افتراض اعلم أنه صعب التحقق، ولكنه مرعب التصور.. ماذا لو قرر من اشترى تراث مصر المصور أن يعدمه؟.. من الذي يستطيع منعه؟.. وما الذي نستطيع فعله حينها؟.. هل تفقد مصر تلك الثروة العظيمة لأن هناك من تربح من وراء صفقة بضعة ملايين من الدولارات؟
 
هل يعقل أن تكون قضية بهذه الخطورة على هذا القدر من عدم الإهتمام؟!
 
الأمر ليس فقط أن ثروتنا القومية ليست داخل حدودنا، وليس فقط أن هناك من يكتفي بما لا يزيد عن أقل من ٥٪؜ من الأفلام التي يملكها ليعرضها ويحرمنا من باقي تراثنا، وليس فقط أن تلك الافلام تتعرض لانتهاك مقص الرقيب الخليجي بلا ضوابط، وليس فقط عدم الاهتمام بترميم الأفلام وفق تقنيات العصر…
الأمر الأخطر أننا لا نملك قوتنا الناعمة بين أيدينا ونتركها هكذا ببساطة..
الأمر أن تراثنا خرج ولم يعد..

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق