دراسة: مصر تبنى واحدة من أكبر منشآت تصنيع الهيدروجين الأخضر فى إفريقيا وتخطط لإنتاج مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويا

الثلاثاء، 30 أغسطس 2022 12:23 م
دراسة: مصر تبنى واحدة من أكبر منشآت تصنيع الهيدروجين الأخضر فى إفريقيا وتخطط لإنتاج مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويا

كشفت دراسة حديثة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات، عن مساعى مصر، لفتح الباب أمام الاستثمار فى الهيدروجين الأخضر، فيما يتعلق بمصادر الطاقة، بهدف تنويع سلة مصادر الطاقة خلال السنوات الأخيرة، إذ يعتبر مجالًا واعدًا فى حالة تخطى التحديات المختلفة، حيث وقّعت الحكومة المصرية مذكرة تفاهم مع شركة الطاقة الهندية، بغرض بناء منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة 8 مليارات دولار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وأوضحت الدراسة، أنه فى ظل سعى الحكومة لتنويع سلة مصادر الطاقة خلال السنوات الأخيرة، فهى تحاول فتح الباب للاستثمارات فى الهيدروجين الأخضر، إذ يعتبر مجالًا واعدًا فى حالة تخطى التحديات المختلفة، حيث وقّعت الحكومة المصرية مذكرة تفاهم مع شركة الطاقة الهندية، وذلك بغرض بناء منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بقيمة 8 مليارات دولار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مشيرة إلى أن قيمة المرحلة الأولى من خطة التطوير للمنشأة تبلغ 710 ملايين دولار، وتغطى 600 ألف متر مربع، وتستهدف الصفقة سوق التصدير وكمية صغيرة من السوق الداخلية، حيث تخطط مصر، لإنتاج 20 ألف طن من الهيدروجين الأخضر، و100 ألف طن، من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2025، وذلك لخدمة قطاعات مختلفة يمكن تطويع مصدر الطاقة المستحدث بها، مثل قطاع النقل، كما صرحت الحكومة عقب توقيع مذكرة التفاهم، بأن الهدف النهائى هو إنتاج 220 ألف طن من الهيدروجين الأخضر، و1.1 مليار طن من الأمونيا الخضراء.

ولفتت الدراسة إلى أن الهيدروجين الأخضر هو نوع مستحدث من الطاقة المتجددة منخفضة الكربون، إذ يحتوى الهيدروجين الأخضر على انبعاثات كربون أقل بكثير من الهيدروجين الرمادى، والذى ينتج عن طريق إعادة تشكيل الغاز الطبيعى بالبخار، تم اشتقاق 99% من الهيدروجين المنتج عالميًا فى عام 2020 من مصادر الوقود الأحفورى من مصادر قائمة على الكربون، ولكن ليس الهيدروجين الأخضر، الذى مثل 1% فقط من سوق الهيدروجين، فالهيدروجين الأخضر ناتج عن التحليل الكهربائى للماء، وله فوائد بيئية واضحة فى تقليل حجم الانبعاثات الكربونية من القطاعات ذات الانبعاثات الضخمة، مثل إنتاج الصلب والأسمنت، وبالتالى المساعدة فى الحد من التغيرات المناخية، موضحة أن هذا الأمر، لا يحتاج نظريًا، إلى تطوير ضخم أو مكلف فى البنية التحتية، إذ تستخدم خطوط أنابيب الغاز الطبيعى أحيانًا لنقل الهيدروجين، لكنها لا تخلو من التحديات، حيث تحتاج العديد من خطوط الأنابيب إلى التحديث من أجل نقل الهيدروجين. وقام برنامج تجريبى فى فرنسا بخلط الهيدروجين فى شبكة الغاز فى 100 منزل، إذ يمكن تحويل محطات الطاقة التى تعمل بالغاز الطبيعى إلى حرق الهيدروجين لتوفير طاقة احتياطية خلال فترات ارتفاع الطلب.

وأشارت الدراسة إلى أن الهيدروجين الأخضر يستخدم فى النقل والتدفئة وصناعة الغاز الطبيعى، كما يمكن استخدامه لإنتاج الأمونيا الخضراء، ففى قطاع النقل، يمكن استخدام الهيدروجين كوقود لمحركات الاحتراق الداخلى. حيث لا تقتصر مركبات الهيدروجين على السيارات، بل يتم تصميم الشاحنات أيضًا للعمل به،كذلك يتم بالفعل تصميم الطائرات التى تعمل بالهيدروجين من قبل شركة إيرباص، مع إطلاق مخطط لأول طائرة تجارية بحلول عام 2035، إلا أنه لن يستخدم على نطاق واسع فى الطائرات قبل عام 2050، لافتة إلى أنه يمكن استخدام الهيدروجين للطبخ والتدفئة داخل المنازل أيضًا، حيث تم اقتراح تسخين الهيدروجين كبديل لتزويد معظم منازل المملكة المتحدة بالطاقة بحلول عام 2050، تعتزم الحكومة البريطانية إطلاق مشاريع تجريبية لإظهار كيف يمكن للوقود أن يمد المناطق التى تحتوى على مئات المنازل بالطاقة كما يستخدم الهيدروجين الأخضر لإنتاج الأمونيا الخضراء، المكون الرئيسى لإنتاج الأسمدة، وكان قد صرح مجلس الهيدروجين فى عام 2021 أن تكلفة الأمونيا الخضراء ستكون تنافسية مع الأمونيا المنتجة بشكل تقليدى بحلول عام 2030.

وأوضحت الدراسة أن المشكلة الرئيسية بالهيدروجين الأخضر تتمثل فى التكلفة العالية للإنتاج، إذ إنها العامل الرئيسى وراء انخفاض استخدامه، إلا أنه من المتوقع أن ينمو سوق الهيدروجين، حيث من المتوقع أن تنخفض تكلفة إنتاجه من 6 دولارات / كجم فى عام 2015 إلى حوالى 2 دولار / كجم بحلول عام 2025، ويعتبر هذا السعر المتوقع نقطة تحول محتملة تجعل الهيدروجين الأخضر منافسًا لمصادر الوقود الأخرى، ويُجرى البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية مناقشات مع اتحادات المطورين بشأن تمويل مشاريع الهيدروجين الأخضر. حيث يجب حشد التمويل والمنح الميسرة، على الأقل فى المرحلة الأولية، حتى يصبح الهيدروجين قابل للتطبيق تجاريًا.

وبالفعل طورت شركة سيمنز، توربينات الرياح البحرية التى تم تجهيزها لمزيج الهيدروجين، وبالتالى تساعد فى زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر، كما أعلنت عن خطط لتحويل أساطيل شاحناتها إلى طاقة الهيدروجين، فى عام 2020، واعتبارًا من نفس العام، بلغت قيمة سوق الهيدروجين العالمى 900 مليون دولار، ومن المتوقع أن يقفز سوق الهيدروجين العالمى إلى 10٪ بحلول عام 2030، قبل أن يصل إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2050 وظهرت فرص الاستثمار وزاد عددها تباعًا حتى وصلت إلى 121 جيجاوات عبر 136 مشروعًا فى عام 2021.

وأوضحت الدراسة أن الاتفاقية الموقعة بين الحكومة المصرية وشركة رينيو باور تأتى بمثابة خطوة جديدة من خطوات عدة قامت بها مصر لتنويع سلة مصادر الطاقة المتجددة المنتجة. ReNEW Power هى شركة منتجة للطاقة المتجددة مقرها فى جورجاون، الهند، حيث توصلت الشركة لاتفاق مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء (EETC)، بالإضافة إلى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCzone)، وصندوق الثروة السيادى فى مصر (TSFE)، وكذلك هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.

وفقًا لهذه الاتفاقية الأخيرة، ستقوم ReNEW ببناء وحدات قادرة على تحويل الكهرباء إلى هيدروجين بالإضافة إلى مشتقاته. تقع المنشأة فى مدينة العين السخنة الساحلية بمحافظة السويس، ومن المتوقع أن تبلغ طاقتها الإنتاجية 1.32 مليون طن سنويًا. وهو ما سيجعلها أحد أكبر مصانع الهيدروجين الأخضر فى مصر حتى الآن. كما ستصبح شركة ReNEW Power ثامن مولد للطاقة النظيفة ينتج الهيدروجين الأخضر فى خليج السويس فى مصر.

ووفقا للدراسة، سيتم إنشاء مصنع الهيدروجين الأخضر فى السخنة على عدة مراحل، تشمل المرحلة الأولى من المشروع بناء منشأة يمكنها إنتاج 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، بالإضافة إلى ذلك، ستكون المنشأة قادرة على إنتاج 20 ألف طن من الهيدروجين الأخضر بين عامى 2023 و2025، ومن ناحية أخرى، من المتوقع تنفيذ المرحلة الثانية بين عامى 2025 و2029، وتهدف تلك المرحلة إلى الحصول على طاقة إنتاجية سنوية تبلغ 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر، كما أنه من المتوقع أن تنتج مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًا بتكلفة تقديرية تبلغ 7.147 مليار دولار أمريكى.

وتحاول مصر أن تقطع خطوات واسعة نحو ريادة المنطقة فى الهيدروجين الأخضر مثلما سعت من قبل لريادتها فى قطاع الطاقة المتجددة، وذلك وسط منافسة مع دولتى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة واستثمارات عالمية بأكثر من 10 مليارات دولار من الاتفاقيات الأولية للمشاريع الموقعة مع شركاء دوليين، وإعلانات أخرى متوقعة فى COP27 لهذا العام، واستراتيجية وطنية للهيدروجين الأخضر قيد التنفيذ.

ووفقا للدراسة، تعتبر مصر متقاربة بشكل فعال مع الدول الأخرى من حيث الاستعداد لإطلاق مشاريع الهيدروجين الخضراء، كما تتمتع مصر بالعديد من المزايا فى هذا القطاع بسبب مصادرها المتجددة الرخيصة، إذ أن الدولة ليست لديها حالة من العجز من الشبكة القائمة بالفعل فى القوت الحالى، ولذلك وجهت الحكومة شركات الطاقة المتجددة التابعة للقطاع الخاص بأن يتم تغذية كل الطاقة التى تولدها مباشرة فى مشاريع الهيدروجين وتحلية المياه الخضراء، وهو ما يعطى ميزة تنافسية فعالة.

ووضعت الدولة عدة قوانين وإجراءات خلال الأعوام الثمانية الأخيرة ساعدت فى إيجاد حوافز جديدة معروضة للقطاع الخاص مصممة لتحفيز إنتاج الطاقة المتجددة. فعلى سبيل المثال، قامت الحكومة مؤخرًا بتوسيع نطاق قانون الاستثمار لعام 2017 بحيث يمكن للشركات العاملة فى إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء وتخزينها وتصديرها خصم 30 إلى 50٪ من تكاليف الاستثمار من فواتيرها الضريبية، ودفع معدل جمركى ثابت بنسبة 2٪ على الآلات المستوردة، والاستفادة من إعفاء لمدة خمس سنوات من رسوم الدمغة والتوثيق على بعض النفقات.

كما يمكن للدولة أن تستفيد من كونها مورد عالمى كبير للأسمدة، عن طريق تحويل عملائها الحاليين إلى الأمونيا المصنوعة من الهيدروجين الأخضر، وهو ما يتسق مع أهداف العديد من الدول، كالاتحاد الأوروبى، فى تخفيض الانبعاثات والوفاء بالاتفاقيات الدولية.

وقالت الدراسة أنه يبقى لمصر أن تطور إجراءات تضمن حلولًا تشاركية أسهل للقطاع العام والخاص فى هذه المشاريع، وكيفية تخصيص الأراضى لها، وذلك بهدف تحسين فرص التسعير التنافسى للكهرباء المولدة من مشاريع الهيدروجين الأخضر،كما يمكن لها الاستفادة من قمة المناخ القادمة، والمقامة بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر، لإزالة عوائق التصدير والمطالبة بتيسير اعتماد المنتجات الخضراء من الاتحاد الأوروبى وفتح مسارات أكبر للتصدير إليه.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق