نعم للزواج.. لا للغش والتدليس

السبت، 10 سبتمبر 2022 05:39 م
نعم للزواج.. لا للغش والتدليس
حمدي عبد الرحيم

طيب، ما الحل مع هؤلاء الذين يعز عليهم تمتعنا بساعة من هدوء؟
 
ما كدنا نخرج من أكذوبة وجوب دفع الزوج أجرة لزوجته التي تقوم بإرضاع ولدها فلذة كبدها، حتى جاء رجل من جب النسيان فقال: "أنا تعلمت بمدرسة أزهرية، ودرست الاسلام 16 سنة من حياتي، والمذهب الشافعي كان تخصصي، والدراسة في الأزهر قوتني في اللغة العربية جدا".
 
تمام يا سيدنا، هذا كلام كالفل لا غبار عليه.
 
ثم قال سيادته: "فيه حاجات كتير صعب أتقبلها، زي القتل باسم الدين وتعدد الزوجات، ومن يريده ينفذه، لكنه بالنسبة لي مرفوض".
 
كيف تساوي بين القتل باسم الدين وتعدد الزوجات؟
 
على أي حل سنفترض حسنة نيتك وأن الأمر هو أمر خطأ في الصياغة مع تفاخرك بأزهريتك!
 
ثم بعد أن لف ودار جاء إلى مربط الفرس فقال: "أفضل الزواج المدني، وأتزوج على حسب الشخصية نفسها أيا كانت ديانتها (إسلامي، مسيحي)، المهم يكون الشخص اللي قدامي إنسانة، ده لو أنا أتجوزت.. لأن الزواج عرف بشري اخترعوه بسبب الزراعة، ولو أنا بحب إنسانة ليه المجتمع والقوانين تدخل ما بينا؟
الأنسب أتجوز من غير عقد زي المساكنة، لأن المعظم بيتجوز عمياني مع أن الجنس جزء مهم في العلاقة، وأغلب حالات الطلاق بتحصل بسبب عدم توافق في الحياة الجنسية، فالأفضل نعيش مساكنة ونشوف ينفع نعيش مع بعض ولا لأ".
 
أذا أغمضنا أعيننا عن كل ما قاله، فتلك الفقرة لا يجوز التغاضي عنها، لأنها عمود خيمة كلامه.
 
ما معنى قوله: الزواج اختراع بشري اخترعوه بسبب الزراعة؟
 
هل قبل الزراعة لم يكن زواج؟
 
أين دليله وهو يتحدث عن أمر مضت عليه آلاف السنوات؟
 
ثم ما هي صورة المساكنة التي يفضلها سيادته ويتحمس لها؟
 
لكي لا يهرب ولا يتهرب فالمساكنة التي يتحمس لها ويفضلها هي: أن يتفق رجل وامرأة على ممارسة العلاقة الخاصة في مكان يتفقان عليه، ثم يعود كل واحد منهما إلى أهله، فلا شهود ولا توثيق ولا مهر ولا إشهار ولا أي شيء يدل على أن فلانة هذه هي زوج لفلان هذا!
 
ما علاقة هذه الصورة من العلاقات بالزواج الذي يعرفه الناس وتوافقوا عليه.
 
لا يجوز في عقل العقلاء وضع الزواج والمساكنة في سياق واحد، فهذا زواج وهذه رفقة، وما أبعد ما بين الأمرين.
 
فلان الذي تسبب في إثارة هذا الغبار، من المشاهير ، وله جمهوره وله معجبون،، وهؤلاء قد يتخذونه حجة ودليلًا على ما يريدون اقترافه من مهزلة باسم الزواج أو التعرف والتلاقي الإنساني.
 
ولهؤلاء نقرأ أولا قوله تعالى :" وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ".
 
نحن سننصح من باب "معذرة إلى ربكم".
 
ما تريدونه هو كبيرة من الكبائر، وشيوعها سيزلزل أركان المجتمع المسكين الذي لا يستطيع اسكاتكم.
 
سنقول إن إحداهن قد رضيت بالمساكنة، فماذا هي فاعلة لو حدث وحملت؟
 
هل تظن أن الذي كان يساكنها سيعترف بحملها؟
 
أي أوهام هذه، بعضهم يتهرب من أولاده الذين هم من صلبه وقد حملت المرأة بهم على فراش الزوجية، فكيف له أن يعترف بولد جاء من مساكنة ليس هناك ما يثبتها؟
 
سنلجأ إلى مشاكل التحليل والمحاكم.. 
 
لماذا نحل مشكلة بأسناننا وحلها بأيدينا سهل ميسور، بل لماذا نخلق مشكلة أصلًا؟
 
من أراد الزواج فليتزوج الزواج الذي تقره الدولة وتعترف به وتتحمل تبعاته ولكن التلاعب ببنات الناس له اسم آخر غير الزواج.
 
الزواج الذي منه تتشكل المجتمعات وتقوم الحضارة، له شروط وأركان، إن توافرت فهو زواج وإن غابت، فابحثوا لما تقترفونه عن اسم آخر.
 
فضيلة الشيخ الأستاذ عبدالرحمن عبد الخالق كتب دراسة وافيه من شروط الزواج، وقد نشرها لكي لا يقول أحد لم أكن أعلم أن للزواج شروط وأركان، ومن باب تعميم النصح سأقوم بتقديم اختصار غير مخل للدراسة.
 
أهم شروط الزواج العقد، وهو  اتفاق ما بين طرفين يلتزم كل منهما تجاهه بواجبات معينة ولكل من الطرفين حقوق لدى الطرف الآخر.
 
وللعقد ذاته شروط وهى:
 
أولاً: التراضي: عقد الزواج اختياري ولا يجوز فيه الإكراه بوجه من الوجوه وذلك أنه يتعلق بحياة الزوجين (الرجل والمرأة) ومستقبلهما وأولادهما ولذلك فلا يجوز أن يدخل طرف من طرفي العقد مكرهاً.
 
ثانياً: الولي: ولاية المرأة بنفسها عقد الزواج مستنكرة فطرة وذوقاً، وجمهور الفقهاء على هذا الرأي إلا الإمام أبو حنيفة.
 
ثالثاً: الشاهدان: لا بد لصحة العقد أن يشهد عليه شاهدان عدلان.
 
رابعاً: المهر (الصداق): اشتراط الشارع الحكيم لصحة عقد النكاح أن يكون هناك مهر مقدم من الرجل للمرأة. ولا يعنينا كثيراً البحث في فلسفة المهر وأنه عوض عن ماذا. ويهمنا الحكمة العظيمة من المهر فهو هدية للمرأة وتطييب لخاطرها، ولذلك فهو ملك لها ، ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو شيء منه لزوجها كما قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} وهذه الآية قد جمعت أحكام الصداق فهو نحلة أي هدية وعطية كما نقول نحلت فلاناً كذا وكذا أي وهبته وتنازلت له. وهي نحلة واجبة للأمر الصريح بذلك في هذه الآية، وقد جاء في السنة ما يقصد ذلك، وهو ملك للمرأة يجوز لها أن تتنازل لزوجها عن شيء منه ، ويحل لزوجها أكل ذلك دون حرج ما دام بسماح زوجته وإذنها. بعكس البيع والشراء. ولما كان المهر هدية ونحلة لم يأت في الشرع تحديد لأقله وأكثره وإنما ترك للمقدرة والأريحية وقد زوج الرسول رجلاً وامرأة من المسلمين على تعليم آيات من القرآن الكريم .
 
خامساً: الإحصان: اشترط الله سبحانه وتعالى على المسلم أن لا ينكح (يتزوج) إلا العفيفة المسلمة، والعفيفة الكتابية كما قال تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} والنكاح هنا بمعنى الزواج .
 
سادساً: الكفاءة: الكفاءة بين الزوجين شرط لصحة الزواج ومن الكفاءة أمور اعتمدها الشارع وجعلها أساساً، وأمور أخرى أهدرها الشارع، وأمور حسنها وأرشد إليها.
 
سابعاً: الصيغة: اشترط بعض العلماء وجود صيغة دالة على الإيجاب والقبول في عقد النكاح ومعنى الإيجاب: طلب الزوج من المرأة أو وكيلها الزواج ومعنى القبول: رضا الزوجة بصفة تدل على ذلك أو العكس كأن تقول المرأة أو وكيلها أرضي بك زوجاً فيقول الرجل وأنا قبلت"
 
انتهى كلام الشيخ الأستاذ، ولأن الزواج من أخطر وأهم الأمور، فهو لا يقبل أدنى درجات التلاعب والخداع والتدليس، وكلها صفات يغطي بها البعض عورة أفكاره بها.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق