الغاز المصري ينقذ مدينة النور.. أوروبا تعول على مساعدات القاهرة

السبت، 24 سبتمبر 2022 07:00 م
الغاز المصري ينقذ مدينة النور.. أوروبا تعول على مساعدات القاهرة
محد فزاع

- باريس تلجأ إلى حزمة إجراءات احترازية لتوفير الطاقة.. وأوروبا تعول على مساعدات القاهرة
 
مدينة النور تطفئ أنوارها، عنوان تطالعه أينما وقعت يديك على زر تصفح أي من مواقع العربية والدولية، قاصدين بطبيعة الحال الحديث عن الأزمة التي تعاني منها باريس وبقية دول أوروبا، بسبب نقص إمدادات الغاز جراء الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أخسرت أوروبا الغاز الروسي، المصدر الاستراتيجي بالنسبة لهم فيما يخص مصادر الطاقة.

بداية من الأسبوع الحالي، تطبق باريس حزمة من الإجراءات الاحترازية التي من شأنها  توفير مصادر الطاقة، متمثلة في إطفاء أضواء مباني البلدية وبرج إيفل ليلا، وأعلنت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، أن إضاءة مبنى البلدية وبرج سان جاك والمتاحف البلدية وقاعات البلديات في دوائر العاصمة ستتوقف في الساعة 10 م اعتباراً من 23 سبتمبر بسبب أزمة الطاقة.

ومن بين المعالم الأكثر أهمية في العاصمة مبنى البلدية وكان يضاء  للساعة الواحدة صباحاً وكذلك سيُطفئ برج ايفل أنواره مع خروج آخر الزوار الساعة11:45 م أما الجسور في العاصمة فيمكن إطفاؤها إذا توافق ذلك مع ضرورات سلامة الملاحة النهرية، وسيتم خفض درجات الحرارة في مباني المدينة درجة واحدة خلال النهار من 19 إلى 18 درجة مئوية، باستثناء دور المسنين ودور الحضانة، وإلى 12 درجة مئوية في المساء وفي عطلات نهاية الأسبوع.

باريس جزء صغير من أوروبا التي تعتمد بشكل كبير منذ عشرات السنين على  الغاز الروسي، في مجالات صناعية وحياتية ملحة، هذا الوضع دفع الأوروبيين إلى البحث عن بدائل لإمدادهم بالطاقة، ليحجوا بما ملكوا من مال وعلاقات إلى منتدى غاز شرق المتوسط الذي تلعب فيه القاهرة دوراً محورياً، خصوصاً مع تبنّيها مشاريع ضخمة بإسالة وتصدير مخزونها الهائل من الغاز المكتشف حديثاً.

هل تصبح مصر البديل للاتحاد الأوروبي عن روسيا في مجال التزود بالغاز؟.. سؤال أجاب عنه السفير كريستيان برجر، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، الذي قال على هامش تنظيم النسخة الثانية من يوم الطاقة الأوروبى المصرى، أن البحث عن موارد بديلة للطاقة أولى الخطوات التي يتم التعامل بها لسد احتياجات أوروبا من الغاز، والعمل مع دول أخرى مثل مصر، مشيرًا إلى توقيع  مؤخرًا اتفاقية مع مصر تضمن  تسييل الغاز في مصر ثم نقله إلى الاتحاد الأوروبى.

ولفت برجر إلى أن اهتمام أوروبا الملح باستبدال مصادر الطاقة، واللجوء إلى  الحصول على الطاقة من المياه والرياح  وإنتاج الهيدروجين الأخضر، لافتًا إلى أن مصر تلعب دور كبير ومهم في ذلك وتعمل على أن تصبح مركز لإنتاج الهيدروجين في افريقيا.

وتمتلك مصر مخزون كبير من الغاز، يبلغ أكثر من ترليوني متر مكعب، فضلاً عن إمكان زيادتها باكتشافات جديدة، فهي تمتلك الإمكانات لتصبح البديل لتوفير التنوع بالنسبة للطاقة في أوروبا، كما أنها تمتلك مقومات أخرى تجعلها مصدر آمن للطاقة بالنسبة للقارة العجوز، فهي تمتلك الآن استقراراً سياسيا واقتصادياً، كما أنها باتت آمنة بشكل كامل، وتوسعت بشكل كبير، وضخّت استثمارات ضخمة في استخراج وتجديد وزيادة كفاءة حقول الغاز الطبيعي، ولديها أيضاً احتياطات 200 ترليون متر مكعب، وهو احتياطي مؤكد وهناك المزيد من الاكتشافات الأخرى، كما أن لديها أكبر بنية تحتية في المنطقة، فضلاً عن أنها تصدر بالفعل منذ بداية عام 2021 شحنات الغاز المسال إلى أوروبا.

وفي ظل بحث أوروبا عن تنويع مصادر استيراد الغاز الطبيعي، فمصر بالنسبة لها مصدر مهم حتى لو عاد الهدوء إلى العلاقات الروسية الأوروبية، ولا سيما أن هناك خط أنابيب غاز طبيعي بين مصر وقبرص، وبمجرد أن تنتهي اليونان من حفر آبارها، سيتم التوصيل إلى اليونان، ومن اليونان إلى إيطاليا، وستكون لدى مصر الأفضلية في أن تصدّر الغاز الطبيعي المُسال والغاز العادي في أنابيب الغاز الطبيعي.

بالإضافة إلى أن الغاز الروسي يغطي مقدار 37% من احتياجات أوروبا، ومع التزايد المستمر في احتياجات أوروبا، فهي تحتاج مصادر أخرى للغاز الطبيعي سواء من مصادر داخلية في أوروبا من النرويج، أو شحنات من الخارج.

وتحتل مصر مكانة مميزة بين دول العالم المنتجة للغاز، فهي تحتل المرتبة الـ 11 عالمياً بين أكبر الدول المنتجة للغاز الطبيعي، وعندما تعمل بكامل طاقتها سيصل إنتاجها من الغاز الطبيعي يومياً إلى 8 مليارات قدم مكعبة، وبالتالي ستزيح الجزائر من الترتيب العاشر عالمياً وستحتل مكانها، ولا سيما أن الجزائر التي كانت تصدر  الغاز إلى الاتحاد الأوروبي خصوصاً إلى البرتغال وإسبانيا، عن طريق الخط المغربي-الأوروبي، أعلنت الجزائر أنها لن تضخ الغاز مرة أخرى في الخط المغربي-الجزائري بسبب التوتر القائم بين البلدي، وفيما يخص الغاز النيجيري الذي كان حاضراً بقوة ضمن المعادلة الأوروبية، بات توصيله في غاية الصعوبة وباهظ التكلفة، مما يرجح كفة الغاز المصري عليه.

كما تمتلك مصر بنية تحتية قوية لتسييل الغاز الطبيعي، ولديها محطتين للتسييل في إدكو بمحافظة البحيرة ومحافظة دمياط شمالي مصر، يمكنها استيراد الغاز من دول الجوار التي تنتج الغاز ولا تملك القدرة على تسييله بكميات كبيرة، وبالتالي يمكن تصديره بعد ذلك من خلال ناقلات الغاز المسال أو خطوط الأنابيب، وبذلك تحقق مصر استفادة أكبر من تصدير انتاجها فقط.

وتستطيع كل محطة في مصر تصدير نحو 2 مليار قدم مكعب غاز يوميا، حوالي 12 مليون طن سنويا، فضلا عن عودة مصنع دمياط للتصدير بعد توقف دام لمدة 8 سنوات.

وحققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز في 2018، وسجلت نموا في صادرات الغاز المسال بنسبة 795 بالمئة تقريبا في 2021، لتسجل نحو 6.5 مليون طن مقابل 1.5 مليون طن عام 2020، كان معظمها للأسواق الأوروبية، ومنذ بداية العام هناك زيادة تقترب من 95%.

وتصدر مصر الغاز بالفعل لعدة دول أوروبية منها تركيا، بقيمة 906 مليون دولار، وحصة مصر في السوق التركية 23.28 بالمئة، وإلى إيطاليا، بقيمة 408 مليون دولار، بحصة بلغت 10.48 بالمئة من السوق الإيطالية، وكذلك إسبانيا، بقيمة 349 مليون دولار، بحصة تصل إلى 9 بالمئة، وتستورد فرنسا أيضا الغاز من مصر بقيمة 314 مليون دولار، بحصة في السوق الفرنسية بلغت 8.06 بالمئة.

استهلاك أوروبا من الغاز يتزايد سنوياً، ما يعني أن أوروبا ستأخذ من روسيا ومن مصر ومن الجزائر، ويمكن أن تشتري شحنات من الولايات المتحدة؛ فاستهلاك أوروبا من الغاز كبير جداً، وقد يصل سنوياً إلى ما يقرب من 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وبالتالي أوروبا تحتاج كل الدول المصدرة للغاز، ومن بينها مصر.


 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة