انتصارات أكتوبر المجيدة.. معركة أبو عطوة: «أبطال من ذهب»

السبت، 08 أكتوبر 2022 07:00 م
انتصارات أكتوبر المجيدة.. معركة أبو عطوة: «أبطال من ذهب»

ستظل انتصارات السادس من أكتوبر نقطة مُضيئة في مسيرة التاريخ المصري الحديث، كونها تجسد صلابة رجال القوات المسلحة المصرية وتضحياتهم، حيث يقدمون أرواحهم ودماءهم دفاعا عن الوطن، ويتصدون بكل إقدام لأي خطر يُحدق بأبنائه.

والخميس الماضى احتفلت مصر والعرب بالذكرى الـ49 لانتصارات أكتوبر الخالدة في الوجدان والضمير العربى والمصرى، والتي اعادت رسم خريطة التوازنات الاستراتيجية والسياسية بالمنطقة، وكانت ولا تزال شاهدة على قوة وصلابة الإرادة المصرية.

انتصارات أكتوبر المجيدة مليئة بالقصص الملهمة
                                       
المجموعة 139 صاعقة تصدت بقوة لقوات شارون ومنعتها من دخول الإسماعيلية.. وقادة إسرائيل وصفتها بـ"فيتنام مصر"

بطل بالمعركة: تلقينا تعليمات الرئيس السادات "امنعوا العدو من دخول الإسماعيلية ولو على أجسادكم" وقلنا الموت اشرف من أن يهزمنا العدو

وصفها الإسرائيليين بـ"فيتنام مصر"، بعدما عانت القوات الإسرائيلية كثيراً امام استبسال وقوة وجسارة جنود مصر الأوفياء.. إنها معركة كمين أبو عطوة التي نفذتها "المجموعة 139 صاعقة".

معركة أبو عطوة أحد المعارك الشاهدة على قوة وإرادة الجندى المصرى، والتي فتحت باب النصر الكبير في السادس من أكتوبر 1973، فقد استطاعت "المجموعة 139 صاعقة" أن تتصدى للقوات الإسرائيلية بقيادة الجنرال أرئيل شارون، والتي كان هدفها الاستيلاء على محافظة الإسماعيلية أثناء ثغرة الدفرسوار، وما هي الا ساعات حتى حولت "المجموعة 139 صاعقة" أحلام الإسرائيليين إل تراب، ولم تستطع القوات الإسرائيلية هزيمة المجموعة ودخول الإسماعيلية.

ليلة 16 أكتوبر 1973 عبرت القوات الإسرائيلية غربي قناة السويس بـ30 دبابة برمائية وحوالي 300 مظلي من فرقه الجنرال آرييل شارون المدرعة ثم اختبأت في منطقه الدفرسوار، وكانت معركة الإسماعيلية نقطة تحول حاسمة في مسار حرب أكتوبر فقد أثبتت قوات الصاعقة والمظليين المصريين تفوقهما على سلاح المدرعات الإسرائيلي ونجحتا في ردع قوات شارون عن احتلال أو عزل المدينة، وفى كمين أبو عطوة خاض رجال القوات المسلحة معركة من أشرس وأقوى المعارك، لدرجة إن قادة إسرائيل وصفوا ما حدث بها بأنه شبيه لحرب فيتنام نظرا لضراوة المعارك وتشابهها مع ما كان يقاسيه الأمريكيين خلال حرب فيتنام.

الثلاثاء الماضى، وخلال احتفال القوات المسلحة المصرية بالذكرى 49 لانتصارات أكتوبر المجيدة، تزينت الندوة التثقيفية الـ36 بخمسة من أبطال معركة أبو عطوة، وتكريما لهؤلاء الأبطال، أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي التحية العسكرية لهم، ووجه لهم الحديث قائلا: "لا أريد أن أطيل عليكم، لكن أرجو أن تقبلوا اعتذارنا إذا لم نأخذ بالنا منكم قبل كده".

وأضاف الرئيس السيسي: "كان مهم أوي إنكم تكونوا موجودين النهارده، عشان من خلالكم نقول لكل المصريين دلوقتي شوفوا تمن الكرامة بيتعمل إزاي، لأنه مش بيتعمل بالكلام ولا بالشعارات، لأ بالدم والتضحيات، ولما اتعمل بالدم والتضحيات ظل باقيا حتى الآن".

اللواء ماجد شحاته، أحد أبطال المجموعة 139 صاعقة بحرب أكتوبر، وأحد أبطال معركة "أبو عطوة"، قال إن الكتيبة 103 في سيناء كانت تربط على المحور الشمالي القريبة من بورفؤاد، وكانت محاصرة من قبل العدو الإسرائيلي، إلى أن سقطت مع فك الاشتباك وحدثت بها خسائر كبيرة جدا بحرب أكتوبر، مشيراً إلى أن الفرقة الإسرائيلية التي كان يقودها شارون بحرب أكتوبر، كانت على قدر كبير من الكفاءة على مستوى العالم كله، ولكن تم التصدي لها ببسالة من قبل القوات المصرية رغم كون قوة العدو مدرعة، متابعا: "كانت أول مهمة لي في الكتيبة مواجهة قوات شارون، وعندما دخلت أبو عطوة مع زملائي كان هناك لواء مظلي وكانت تصدر له الأوامر من الفريق الشاذلي، وأنا مشيت من أبو عطوة إلى سرابيوم واصدمنا بأول قوات شارون وراء هاويس سرابيوم، وفوجئنا بأسلحة مفزعة".

وأكمل اللواء ماجد شحاته: "استشهد أحد زملائنا في المواجهات، ولكن استطعنا جمع معلومات كبيرة عن قوات شارون الإسرائيلية ومعلومات عن أهدافه أيضا وغيره، وعندما عدنا بلغت قائد الكتيبة وبدأنا نجهز كمائن للمواجهة، وقصينا على سرية من سرايا المظلات كانت تترجل على قدميها في المنطقة، كما جهزنا كمائن أخرى لمواجهة سرايا إسرائيلية بعد ورود معلومات عن قدومها بالقرب منا".

البطل الرقيب أحمد إبراهيم، أحد أبطال المعركة، قال أن مهمتهم كانت بداخل ثغرة الدفرسوار، وكان الهدف الأساسي للمجموعة 139 صاعقة أن تمنع تقدم العدو ناحية الإسماعيلية بأوامر مباشرة من الرئيس محمد أنور السادات الذى قال لقائد الكتيبة في ذلك الوقت أحمد أسامة: "امنعوا العدو من دخول الإسماعيلية ولو على أجسادكم"، وأشار الرقيب أحمد إلى أن جملة الرئيس السادات لقائد الكتيبة أعطت دفعة معنوية كبيرة لكل المجموعة، وقال "وقتها قبلنا التحدى، وقررنا أن الموت اشرف لنا من أن يهزمنا العدو ويدخل الإسماعيلية".

وأشار البدرى إلى أن المجموعة 139 صاعقة تمكنت من التصدي للقوات الإسرائيلية التي كان يقودها شارون والمكونة من 3 لواءات مدرعة ولواء مظلات، وتم تدمير 18 دبابة إسرائيلية، بينما اخترقت 3 دبابات المجموعة وتمكنت من المرور، ولكن تم ملاحقتهم وتدميرهم قبل دخول مدينة الإسماعيلية بـ3 كيلو تقريبا، في كمين تم إعداده لهم في منقطة مقابر عزبة أبو عاصم، لافتاً إلى أنه بعد إيقاف الدبابات، تم التوصل إلى معلومات بتخفي جنود إسرائيليين في ملابس مدنيين وملابس بدوية في محاولة للعبور مع النازحين المدنيين.

وأكد الرقيب أحمد البدرى أن الكتيبة تصدت بكل قوة للعدو، واستطاعت ان تكبده الكثير من القتلى في الكمائن التي نصبتها الكتيبة لهم، وقال "دمرنا أكثر من 18 دبابة إسرائيلية في يومين، وفي ذلك اليوم اخترقتنا 3 دبابات في العمق ولكن نصبنا لهم كمينا وتم تدمير الـ 3 دبابات"، مشيراً إلى أن المجموعة كان لديها روح عالية، حتى حينما استشهد عدد من أفراد الكتيبة، فقد كنا جميعاً ندرك أننا مقبلين على معركة كبيرة، ام النصر او الشهادة، وقال "في اليوم الثانى قامت مجموعة كوماندوز إسرائيلي بعمل التفاف حول المجموعة من الخلف أثناء اقتحام الدبابات الـ 3، فقمنا بإعداد كمين عند كوبري العمدة، ومر من خلال الكمين 7 أفراد كانوا أفراد استطلاع للكوماندوز الإسرائيلى، وتم بحمد الله القضاء على الـ 7 عناصر.

وأكمل الرقيب أحمد البدرى: بعدما استطعنا القضاء على العناصر الإسرائيلية السبعة، وكنا وقتها أربعة أفراد فقط، تعرضنا لقصف شديد بالنابلم وقذائف الهاون من قبل المجموعة التي كانت خلف جنود الاستطلاع الإسرائيليين، واستشهد خلالها الشهيد فاروق والشهيد على الأسواني، وأنا تمت إصابتي بطلقة في الرقبة".
واعرب الرقيب أحمد البدرى عن شعوره بالسعادة هو وبقية أعضاء الكتيبة بتكريم الرئيس السيسى لهم، وقال أن لحظة التكريم كانت عظيمة، وأضاف "نحن كمحاربين قدماء مر علينا الزمن منذ 1973 حتى 2022 بدون تكريم، ولكن تكريم الرئيس السيسي لنا كان مؤثرا بشدة، ولم أستطع أن أتمالك دموعي وهو يعتذر عن الفترة الطويلة التي لم يتم تكريمنا فيها".

وأكد الرقيب أحمد البدرى أنه للمرة الأولى أن يقوم رئيس جمهورية بأداء التحية العسكرية لمحاربين قدماء، وقال "وقت أن قدم لنا الرئيس السيسى التحية العسكرية تملكتنا جميعا الفرحة، ولم نستطع منع انفسنا من البكاء".
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق